في الأحاديث الشريفة ورد أن سيدنا محمد أشار إلى أن اسرائيل هو سيدنا بعقوب، وهذا يتوافق
أيضاً مع ما هو ثابت عند اهل الكتاب. فهل هذا يتوافق مع القرآن؟
لا نجد في القرآن تأكيداً مباشراً على ذلك
ولكن هناك إشارات واضحة ودلالات، دعونا نستعرضها سويةً
أولاً، دعونا نتفق أن سيدنا يعقوب هو والد
يوسف وإخوته:
(وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ
أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي
نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(68)) سورة يوسف
وأن يوسف ورث النبوّة عن أبيه يعقوب الذي ورثها
بدوره عن إسحق ومن قبل عن
إبراهيم
(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ
مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يَشْكُرُونَ) (38) سورة يوسف
وأن يعقوب وأبناءه انتقلوا من منطقة سكنهم (البادية)
إلى مصر وبقيت ذريتهم هناك إلى حين بعثة سيدنا موسى.
((فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى
إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ
وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن
قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ
السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ
بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100))) سورة يوسف
إذاُ، بعد بعثة يوسف لم يرد هناك أي ذكر لأي
نبي، وبقي نسل يوسف وإخوته على نفس دينهم إلى بعثة سيدنا موسى، والدليل نجده في
قصة سيدنا موسى والربط بينه وبين سيدنا يوسف.
((وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ
بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا
هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ
اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ)) غافر (34)
ونجد أيضاً في القرآن أن إسرائيل هو نبي الله
وهو من ذرية سيدنا إبراهيم:
((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ
نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا
وَبُكِيًّا)) مريم (58)
والدليل هو عطف ذرية إسرائيل على سيدنا إبراهيم
(أي أن ذرية إسرائيل هي بالضرورة من ذرية سيدنا إبراهيم)
ومن مجمل السور القرآنية نستنتج أن سيدنا موسى
قد بعث لقوم محددين من نسل واحد لنبي اسمه إسرائيل وهؤلاء القوم تواجدوا في مصر
وفي الحضارة الفرعونية، وهو ما يشير بالتحديد إلى سيدنا يعقوب وأبنائه، وهو النبي الذي
استمر تواجد ذريته على أرض مصر من عهد سيدنا يوسف الى عهد سيدنا موسى.
إشارات واضحة:
·
عدد أبناء
سيدنا يعقوب اثنا عشر، يوسف وأحد عشر من إخوته بدليل (أحد عشر كوكباً)
·
في قصة
سيدنا موسى، وهب الله قوم موسى اثنتا عشر عيناً لشرب الماء وقال الله تعالى (قد
علم كل أناس مشربهم) أي أن قوم موسى ينقسمون إلى اثنتا عشر عائلة أو عشيرة معلومة
الأصل (الأسباط)، وهذا يتوافق تماماً مع عدد أبناء سيدنا يعقوب.
·
الآية
الكريمة التي تقول: (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ
مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ
قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران 93
وهذا
يعني اختصار أن أبناء يعقوب (بني إسرائيل) قد استأنسوا بما كان يعقوب عليه السلام
قد حرّمه على نفسه من الطعام (بدون تشريع موجب) فحرّموه على أنفسهم ثم انتقل هذا
الأمر الى بقية الأجيال وكل ذلك قبل أن تنزل التوراة، فاختلط هذا التحريم مع
التحريم الموجب بتشريع إلهي.
من هذا كله نستنتج ان سيدنا يعقوب هو صاحب
اسم او صفة (إسرائيل) كما ذكر الله تعالى عن سيدنا يوسف لقب (الصدّيق) وعن سيدنا
عيسى (المسيح) وعن سيدنا محمد (اسمه أحمد)، وعن سيدنا يونس (ذا النون).
ونستنتج أيضاً ان المقصود ببني إسرائيل هم
ذريّة سيدنا يعقوب (من يوسف وإخوته ونسلهم) والتي عاشت في مصر وبقيت هناك إلى حين
أخرجها سيدنا موسى إلى أرض فلسطين، لكونهم شكّلوا قوميّة واحدة في بلد غير بلدهم
الأصلية، فحافظوا من خلال تلك القومية على دينهم ولغتهم وثقافتهم رغم اختلاطهم
بغيرهم من الثقافات والحضارات ولذلك عرفوا ب (أبناء يعقوب أو بني اسرائيل)، لدرجة
أنهم احتفظوا بنسب عائلاتهم وصولاً إلى أجدادهم أبناء يعقوب الأوائل.
هذا والله أعلم
أيمن يوسف أبولبن
23-5-2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق