الخميس، 4 يناير 2018

مظاهرات إيران محاولة للفهم





هناك أكثر من 3 مليون عاطل عن العمل في إيران بمعدل بطالة 12.7% حسب تقارير البنك الدولي، ورغم الاتفاق النووي مع أمريكا ورفع الحظر جزئياً ما أدى إلى تحصيل الدولة لأموال كانت مجمدة لها في الخارج إلا أن المواطن العادي لم يطرأ عليه أي تحسن اقتصادي أو معيشي بل على العكس ازدادت الأوضاع سوءاً.
يعاني المجتمع الإيراني من مشاكل الفقر والإدمان وارتفاع نسبة الطلاق ومعدل الجرائم.
أشارت التقارير عام 2015 الى وجود نحو 15 مليون تحت خط الفقر المدقع من اجمالي 80 مليون (عدد سكان إيران)، كما تفتقد العديد من المحافظات للخدمات الأساسية ولجودة المعيشة.
في عام 2017 تشير الدراسات الى نزوح نحو 7 مليون طالب من المدرسة واللجوء الى سوق العمل بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
الشعارات التي رفعها المتظاهرون تركزت في الأساس على ارتفاع الأسعار والمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية وشملت إسقاط النظام ووقف التدخل في بلدان مثل سوريا والعراق ولبنان والتوقف عن دعم حزب الله وبشار الأسد ووصلت ذروتها بالموت لروحاني وخامنئي وإلغاء ولاية الفقيه.


وكانت هناك لائحة لمطالبات محددة تشمل:
تعديل على الدستور
اجراء انتخابات حرة ونزيهة
فصل الدين عن الدولة
إلغاء ولاية الفقيه
المساواة بين الرجل والمرأة
توزيع عادل للثروة
الحرية الدينية (الغاء الحجاب الإجباري وغيره من المظاهر)
استقلال القضاء
وأخيراً حرية الإعلام

النفط في إيران يمثل أكبر مصدر للواردات وهو أهم قطاع اقتصادي بالإضافة الى الغاز.
وقد تم اكتشاف النفط في إيران في العقد الأول من القرن الماضي، ومع الثورة الإسلامية عام 1979 قام النظام بتأميم النفط وإعطاء حقوق التنقيب والاستخراج للحكومة وشركات وطنية، ويقدّر انتاج النفط حاليا في إيران بما نسبته 5% من الإنتاج العالمي، وقد بلغت صادراتها العام 2017 الماضي 777 مليون برميل.

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

4-1-2018

الأربعاء، 3 يناير 2018

رسالة الى الشعب الايراني من مواطن عربي وطني


المطلوب أن ترضوا بظروفكم المعيشية الصعبة من أجل أن يبقى النظام الداعم لقضيتنا الجوهرية فلسطين قائماً، فلا تثوروا ولا تدعموا الثوار وتتعاطفوا معهم.

وعليكم أن لا تحاسبوا النظام عن الثروات التي يبددها في دعم الحلفاء في الخارج بدلاً من أن ينفقها لدعم اقتصاد البلد وتنمية مشاريعه الداخلية، فهذه أنانية غير مسؤولة منكم!

العالم العربي وقضية الشرق الأوسط أهم من قضاياكم الداخلية، أليس كذلك؟!

وإذا أردتم ان تخرجوا في مظاهرات لتعبروا عن غضبكم وحنقكم على أحوالكم، فلتكن الشعارات داعمة لغزة ونصرة للقدس وفلسطين والأقصى، وشتماً للشيطان الأكبر.


بمعنى آخر أنتم حالياً لا ترتبون أولوياتكم بطريقة سليمة في المظاهرات، تعلمّوا منا، فنحن نهتف للقضايا الوطنية ونشتم إسرائيل، ولكن لا نتجاوز الخطوط الحمراء!

أما أن تطالبوا بعيش كريم ووظائف جديدة وتحسين الوضع الاقتصادي وإلغاء الولاية الدينية واستبدالها بحكم مدني، فهذه شعارات خادعة المقصود منها تخريب البلاد من أجل سيادة إسرائيل على المنطقة، فحاذروا واحذروا!


ألم تشاهدوا بأم أعينكم ماذا حصل فينا بعد الربيع العربي؟!

ثم ما أدراكم من سيتولى زمام البلاد بعد الثورة إن نجحت، تأكدوا تماماً أنكم إذا تخليتم عن هذا النظام فلن يحكمكم سوى عملاء إسرائيل وأمريكا في المنطقة. ألا ترون ان ترامب أول الداعمين لثورتكم!

نحن نتمنى لكم أفضل الأحوال والازدهار الاقتصادي بالتأكيد، ولكن عالم السياسة لا يعترف بذلك، عليكم أن تصبروا وتتحينوا الفرصة المناسبة، وهذه الفرصة لن تأتي الا بعد زوال إسرائيل، وكل من يوجه بوصلته الى قِبلة غير القدس فهو خائن، حتى لو أراد الإصلاح الداخلي أو كانت مطالبه أن ينال أدنى حقوق البشر في هذا العالم!

هذه رسالة مستوحاة من تعليقات نشطاء ومواطنين عرب مخلصين وأمينين (وبفهموا في السياسة)

أيمن يوسف أبولبن

3-1-2018

الثلاثاء، 2 يناير 2018

الربيع العربي خطوة في الاتجاه الصحيح ستتبعها موجات من التغيير


الربيع العربي والتغيير القادم (2)

إن التغيير الاجتماعي يصاحبه بالضرورة، حالة مؤقتة من الاختلال وعدم التوازن، نتيجة التغير المفاجئ والحاد في المفاهيم والفرضيات، ولكن الأمور تعود للاستقرار رويداً رويداً مع كل خطوة يخطوها المجتمع في الاتجاه الصحيح. تماماً كما يحدث عندما نقوم بتغيير جهة العمل على سبيل المثال، أو الانتقال إلى مسكن جديد، حيث تكون هناك فترة انتقالية Transition Period  تختل فيها الأمور، ويساورنا فيها القلق، ثم تبدأ الشكوك بالتسّرب إلى نفوسنا، ولكن مع مرور الوقت نبدأ بجني ثمار التغيير، ونتمكن في النهاية من عبور هذه المرحلة، ثم ندرك حينها أنها كانت محطة ضرورية للوصول إلى الهدف رغم ما تحمله من قلاقل، ثم ما نلبث أن نتندّر عليها في قادم الأيام.

صحيح أن ظاهر الأشياء يوحي بأن الأوضاع في عالمنا العربي في أسوأ أحوالها بعد ثورات الربيع العربي، إلا أن من يراقب الحركة العميقة للأحداث يدرك أن القادم أفضل مما مضى، فالتاريخ ماضٍ نحو الأفضل دوماً. عبرت موجة من الانتفاضة الشعبية دون أن تحقق الأهداف المرجوّة، ولكن سيتبعها موجات إلى أن تتحقق كل مطالب الشعوب المشروعة: صون حريات الرأي والتعبير، تحقيق العدالة والمساواة، والعمل على إعلاء شأن المواطن وصون كرامته.

مع حركات الربيع العربي، ازداد إيمان الشعوب بحقوقهم، وازداد إصرارهم على تحقيق شروط العدالة الاجتماعيّة، لم يعد مُجدياً القبول بأنصاف الحلول أو الركون إلى التسويفات والكلام المعسول.
لم يكن من المعهود قبل أعوام أن نشهد مطالبات علنيّة لمحاسبة الفاسدين وملاحقتهم، أو المُجاهرة بالاختلاف مع توجّه السلطة ونقدها في العلن، ناهيك عن المطالبات بإصلاح النظام او تعديل الدستور ... الخ قائمة المطالبات.

لقد ارتفع سقف الطموحات والآمال، وارتفع سقف الحريّات، رغم كل الحالة الضبابيّة التي نراها، مساحة التعبير اتسعت، وتطوّرت أدواتها وارتقت لتواكب هذا التصاعد، أصبح هناك حوارٌ ونقاش علني وتبادل للآراء عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي والاعلامي، أصبحنا نطرح قضايا كانت تعتبر من التابوهات المحرمة. بل إن وسائل الإعلام بدأت بتخصيص برامج خاصة ومساحات واسعة لتعبير الأفراد عن آرائهم ومتابعتها للقضايا التي تشغل المنصات الاجتماعية. صحيح أن تكنولوجيا العصر قد ساهمت بذلك، ولكن الصحيح أيضاً أن المطالبات الشعبية واستغلال النشطاء لمنصات العالم الافتراضي قد فرضت هذا الأمر أو على الأقل سارعت في وتيرته.

هذه الحالة من التغييرات الإيجابية لم تكن ممكنة بدون الاحتجاجات التي حصلت والثورة في المفاهيم التي رافقتها. وللأسف فإن البعض يستخدم هذا الفضاء الجديد من الحريات ليهاجم حركات الربيع العربي، التي لولاها لاستمرت حالة الكبت وتكميم الأفواه والرقابة وعنجهية المسؤولين، على ما هي عليه!

ألا ترون معي، أن بيوتنا قد اختلفت من الداخل، وأن أساليب تربيتنا قد اختلفت، حيث بتنا نحترم الاختلاف ولا نمانعه، نتقبل النقد ونعزّز من آليات الحوار ومحاولات إثراء النقاش وإعلاء قيم الحرية الشخصية.
بل إن التغيير وصل إلى داخلنا، لقد تغيرت نظرتنا إلى الأمور وأصبحنا على يقين بأننا لا يمكن أن نستمر في العيش على هامش الحياة، ولا أن نبقى أحجاراً على رقعة شطرنج، أو مجرد أرقام في سجلات الدولة!

من فوائد الربيع العربي الأخرى أنه عرّانا امام أنفسنا، وأجبرنا على التعامل مع مشكلاتنا التي حاولنا التهرّب منها عبر السنين الماضية، وكنّا نؤجل النظر فيها لعل الزمن يتكفل بها ويريحنا من عبء حلّها!
باختصار، لقد فجّر الربيع العربي في وجهنا كل مشاكلنا المُزمنة، ولم يترك لنا سوى خيار التعامل معها، فإما أن تقضي علينا او نقضي عليها!
 أصبحنا ندرك اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن كل من يدعو للفتنة والطائفية والعصبية هو سرطان ينخر فينا من الداخل لا يقل خطورةً علينا من العدو الخارجي، وأنه لم يعد بالإمكان التساهل مع التطرّف في الفكر والتشدّد في الدين او السكوت عنه. صحيح أن الدرس كان قاسياً علينا جميعاً، ولكني أجزم أننا تعلمنا هذا الدرس جيداً، وبتنا أكثر قناعةً من أي وقت مضى بضرورة إجراء مراجعة شاملة لكل مواريثنا ومفاهيمنا المغلوطة.

ومن جهة أخرى، لقد فضحت موجات التغيير والحركات المضادة لها، المتخاذلين والمنافقين من سياسيين ومفكرين وإعلاميين ومشاهير، وكشفت لنا وجوههم القبيحة التي كانوا يخفونها تحت أقنعتهم الجميلة لعقود من الزمن، وكنّا للأسف نحتفي بهم ونصدّقهم!

يا سادة، لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، ولن يعود العالم العربي كما عرفناه قبل الربيع العربي. لقد نجحت الموجة الأولى من الربيع العربي في نقل فكرة التغيير إلى داخل كل واحد فينا، ودفعتنا للتسليم بحتميّته، بعد أن أزالت الغشاوة عن عقولنا فأدركنا حجم المأساة التي كنا نعيش!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
30-12-2017


الاثنين، 1 يناير 2018

Best Pictures 2017


اخترت لكم ثمانية صور مميزة من أحداث عام 2017


مواطنة أمريكية تحيي موكب ترامب على طريقتها
هذه المواطنة من فيرجينيا خسرت وظيفتها بعد نشر الصورة

A Virginia cyclist lost her job after raising her middle finger at Trump’s motorcade






Escape from Mosul





الأمل في عيون أطفال غزة

 Gaza preparing for dawn






 مأساة الروهينجا

Rohingya refugees crises





عجوز سوري يدخن الغليون ويستمع للموسيقى عبر مشغل اسطوانات كلاسيكي تحت انقاض منزله المدمر في حلب

The music over the ruins of Aleppo
  





عهد التميمي

القدس عاصمة فلسطين الأبدية




فتي الخليل (فوزي الجنيدي)



 آخر صورة اخترتها لكم هي رسم كاريكاتوري لليلة تنصيب ترامب رئيساً لأمريكا!

Trump Presidential eve

الجريئة والجعير!





عندما تُبدي "فنّانة" رأيها في صوت الأذان وصوت (بعض) المؤذنين وتصفه ب "الجعير" والتخلّف وسبب من أسباب عزوف السيّاح عن زيارة مصر، ومصدر إزعاج للأطفال، فاعلم أنك قد تجاوزت زمن الرويبضة.
نحن نعيش في زمن ما بعد الرويبضة!

كان من الأفضل لهذه "الفنّانة" أن تتحدث عن جعير الفن ونشاز الموسيقى الهابطة في عالمها الفنّي، أو جعير جمهور الفن الهابط وهو يُصفّر ويزمّر في المسارح ثم يغيب عن الوعي في حضور نجومه المفضلين ويسيل لعابه وراء ممثلات الإثارة، لأن مستوى كلامها واختيارها للعبارات وانتقائها للكلمات لا يصلح أن يخرج عن هذا الإطار، على رأي "عبدالعال": كل واحد وعلامُه.

يعني بالعربي الفصيح "فنّانة جريئة" زيّك شو دخلها في أصوات المؤذنين وشعائر الدين ووجه الدين الحضاري والأسطوانة المشروخة! خليك في اللي بتفهمي فيه أحسن، ولما يكون عندك ملاحظة حول هيك مواضيع وغيرانة على دينك، يا ريت تبقي تحكيها لحدا من معارفك من دعاة التوك شو اللي بيحبوا الأضواء، على الأقل عنده أسلوب في الكلام يوصل الرسالة.

والأدهى، مجموعة من يدّعون الثقافة والأدب والمعرفة، الذين أيدوا كلامها وشجّعوها على جرأتها.
أما المقلب الكبير، عندما يخرج "رجل دين"، ليؤيد ما قالته ويعتبره من باب النصح والإرشاد ولا يشير لا من قريب ولا بعيد لأسلوبها السوقي

هل غاب عنك حديث شريف واحد تسترشد فيه في هذا الموضوع، يا رجل هناك عشرات الأحاديث عن حسن القول وأدب الكلام ومخاطبة الآخرين!
بس على كل الأحوال مبروك نيولوك!

أما بالنسبة للأطفال ست شيرين، يبدو إنك غايبة طوشة، الأطفال في العالم العربي آخر همّهم نشاز أصوات المؤذنين، يا ريت تشوفي قضية تهم أطفال مصر أكثر من هيك، ممكن تستعيني بجوجل.

أيمن أبولبن
31—12-2017


 #صوت_الآذان #الجعير #شيرين_رضا

السبت، 30 ديسمبر 2017

بين الجهل والغباء والاستحمار!




الجهل هو نقص المعرفة، وهو صفة لازمة في البشر جميعاً دون استثناء ولكن بنسب متفاوتة، تختلف من شخص لآخر ومن موضوع لآخر.
ولكن "الجاهل" هو من تغلُب عليه هذه الصفة في العموم، أو أن يُقال (جاهل في كذا).
هناك مقولة قرأتها ذات يوم ((لستُ مثقفاً ولا عالماً ولكن مساحة جهلي تقل عن مساحة جهلك!))
أما الغباء، فهو عدم القدرة على تحليل المعلومة والاستفادة منها، أو سوء التحليل والربط المنطقي.
لذا فالغبي هو من تغلُب عليه هذه الصفة في العموم.
وحين يجتمع الجهل والغباء في شخص، ينطبق عليه حينئذ قول الله تعالى ((كالحمارِ يحملُ أسفاراً)) فلا هو قادرٌ على تمييز ما يملك "يحمل"، ولا الاستفادة منه!
وهذا يدفعنا للحديث عن "الاستحمار"
عندما تقرأ كتاباً أو تحليلاً أو حتى منشوراً، قد تكتشف جهلك أو جهل الطرف الآخر (الكاتب) وهذا ليس عيباً في اعتقادي أو انتقاص لأي أحد. المهم هو الاستمرار في بناء المعرفة، والعمل على إثراء معرفة الآخرين أيضاً.
وعندما تدخل في حوار أو نقاش مع أحد الأشخاص (واقعياً أو افتراضياً)، قد تكتشف أيضاً غباءك في التحليل أو بناءك الخاطئ للمعرفة، أو غباء الطرف الآخر، وهذا أيضاً ليس عيباً في نظري، طالما أنك قادرٌ على تصحيح مفاهيمك، وتوضيح خطأ الطرف الآخر.
ولكن العيب أن نفترض الجهل أو الغباء في الآخرين ونتعامل معهم على هذا الأساس، وهو ما يُعبّر عنه بالاستحمار. والملاحظ للأسف الشديد، أن مساحة الحرية والتعبير عبر وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي باتت مسرحاً كبيراً للاستحمار!
أما الخطيئة الكبرى، التي لا تُغتفر برأيي، أن نكون فريسةً سهلةً للاستحمار، بمعنى أن نكون صفحةً بيضاء يستطيع أي شخص يدّعي المعرفة، تلوينها بما يشاء وملأها بما يريد من الأفكار!
باتت وسائل امتلاك المعرفة متاحة للجميع أكثر من أي وقت مضى، وتحليل المعلومة واستخدامها مهارة أساسية، يجب تنميتها والاهتمام بها، وكذلك الاهتمام بالتعبير وايصال الفكرة وإتقان أسلوب الحوار وتبادل الأفكار والآراء.
 الاستمرار في الجهل عيب، وعدم القدرة على الاستفادة من وسائل المعرفة الحديثة رغم توفرها، عيب أكبر، وافتراض الجهل والغباء في الآخرين ومحاولة الاستحمار هي أسلوب رخيص لا يمارسه إلا شخص يعاني من اختلال في القيم الإنسانية.
أما الوقوع فريسة الاستحمار فهي خطيئة، سيدفع صاحبها الثمن قبل أن يقتص منه الزمن والتاريخ!


أيمن أبولبن
30-12-2017


الخميس، 28 ديسمبر 2017

العرب وتحالفات أمريكا وإيران في المنطقة (عدو عدوي صديقي!)



(عدو عدوي هو صديقي) مبدأ من مبادئ السياسة والتحالفات الدولية، عبر عقد تحالفات مع أطراف لها مصلحة في التصدّي لعدوٍ مشترك، على أن يتم التجاوز عن الخلافات بين هذه الأطراف لتوحيد صفوفها.
وينسب البعض هذه المقولة لوصايا سيدنا علي بقوله (عدو عدوي صديقي، وصديق عدوي عدوي).
 وضمن نفس الإطار، يقول المثل الشعبي (أنا واخوي على ابن عمي، وانا وابن عمي على الغريب!).

لو تفكّرنا قليلاً، بعيداً عن المأثورات الشعبية، والأفكار المتوارثة، لوجدنا أن هذا المبدأ، هو بالغ السطحيّة، ولا يصلح أن يكون مرجعاً تُبنى عليه سياسات الدول والتحالفات الإقليميّة، لسبب بسيط يكمن في تجاهله عاملين أساسيين: أولاً، الأسباب الرئيسية وراء العداء بين العدو المُشترك، والصديق المُقترح، والتي قد تكون آنيّة أو مرحليّة أو مفترضة ولكنها غير موجودة أساساً، وثانياً، وجود قواسم مُشتركة بيني وبين الصديق المُقترح، قابلة للبناء عليها، وعقد تحالفات مثمرة من عدمه.
بدون تحليل هذين العاملين والتوصّل لقناعة تامة بسلامة التحالف الجديد ونجاعته، وقابليته للاستمرار، يكون التعلّق بهذه النظرية، كالغريق الذي يتعلّق بقشّة!

رأينا كيف تحالف علي عبد الله صالح مؤخراً مع الحوثيين، من أجل التصدّي لمشروع اليمن الجديد وحكومة عبد ربه منصور، ومع أول انتكاسة للعلاقات بينهما، لاحقت قوات الحوثي صالح واغتالته، بل إنها أعلنت يوم مقتله عيداً وطنياً!
لقد تجاوز صالح عن المفارقات التاريخية في العلاقة بينه وبين الحوثيين، وتجاهلَ الحروب الطويلة التي خاضها ضدهم عندما كان في السلطة، والتي وصلت مداها عندما اغتال مؤسس الجماعة (الشقيق الأكبر لعبد الملك الحوثي)، وظنّ أن العداء المشترك لحكومة هادي يستطيع أن يجمع بين أعداء الأمس، فدفع حياته ثمناً لهذا التفكير السطحي.

التحالفات على هذه الشاكلة كثيرة ومتنوعة، بشكل لا يصدّقه عقل، فأمريكا مثلاً بلد الديمقراطيات والحريّات، دعمت الحكّام الديكتاتوريين في مختلف دول العالم لمواجهة المد الشيوعي، بل إنها تعاونت مع تجّار المخدرات والميليشيات المسلحة في أمريكا الجنوبية والوسطى للقضاء على الشيوعية هناك، ثم عادت للقضاء على حلفائها بعد ان استتب لها الأمر، وكذلك فعلت مع القاعدة في أفغانستان.
إيران من جهتها، تعاونت مع قنطرة الشر إسرائيل أثناء حربها ضد العراق، حين أحكم الغرب من حصاره العسكري عليها بغية الإطاحة بنظام الخميني المتشدد، وحينها لم تجد حرجاً من التعامل مع الصهاينة لتزويدها بالسلاح، فيما تدعم اليوم ما يسمى حلف المقاومة والممانعة في وجه إسرائيل!

صدق المتنبي حين قال:
وما مِن يدٍ إِلا يدُ اللهِ فوقها ... ولا ظالم إلا سيُبلى بأظلمِ

الأكثر غرابة وسوريالية، هو تاريخ التحالفات الأمريكيّة الإيرانية في المنطقة، فبعد ثورة الخميني وأحداث السفارة الأمريكية في طهران، قامت أمريكا بدعم الحلف العربي الخليجي بقيادة العراق للقضاء على حكم الخميني، ثم عادت للتعاون مع إيران نفسها لإسقاط نظام صدّام والقضاء على ترسانته، وقدّمت العراق على طبق من ذهب للطغمة الطائفية التابعة لإيران، والآن يحاول ترامب بناء تحالف عربي خليجي لمواجهة شرور إيران في المنطقة!
المفارقة، أن معظم أعضاء الإدارة الأمريكية التي خاضت حروباً ضد العراق (سواء في عهد بوش الأب أو الابن) كانوا هم أنفسهم قد ساهموا بدعم صدّام في مواجهته لإيران أثناء رئاسة ريغان!

فهل بعد كل هذه الأحداث، ما زال البعض يروّج لنظرية التحالفات على مبدأ (عدو عدوي صديقي) ويطالبنا بالخضوع لهذا المنطق السفسطائي السطحي المنافي للمنطق ولكل القيم الأخلاقية والدينية!

في هذه الأيام بالذات، وبعد الزوبعة التي أحدثها قرار ترامب حول القدس، والعُزلة السياسية التي تعاني منها أمريكا، خصوصاً بعد التصويت الأخير في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تحاول أمريكا بشتى الطرق تشتيت الانتباه عن قضية الشرق الأوسط المركزية، وتوجيه الأنظار الى الخطر الإيراني، باستخدام البروباغندا الإعلامية والاستشهاد بمعلومات مخابراتية عن دعم الحوثيين والميليشيات الطائفية في المنطقة، من أجل تخفيف الضغط عن إسرائيل، وتشكيل تحالف يضم العرب السُنّة، من باب "عدو عدوي صديقي"، ومن الطبيعي حينئذ أن تكون الأولوية هي حل مشكلة "التمدّد الإيراني"، بدلاً من قضية الشرق الأوسط وتعقيدات مسألة القدس وحل الدولتين.

وفي نفس الوقت، بدأت أذرع ما يسمى حلف المقاومة والممانعة الترويج لبناء تحالف للدفاع عن القدس والأقصى في مواجهة السياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، وخطر تهويد القدس.
وقد بدأت بالفعل تحفيز الناشطين والمؤثرين في الإعلام وشبكات التواصل للترويج لنظرية (إن حزب الله والنظام السوري هما غصّة في حلق العدو، ومن باب أولى انضمام الفصائل الفلسطينية عموماً تحت لواء هذا الحلف).

إن قضية فلسطين هي قضية مبدأية وليست قضية مصالح مرحلية او تكتلات سياسية، وعندما نناضل من أجل القدس وتحرير فلسطين سواء بالكلمة او بالعمل السياسي او بالمقاومة على الأرض، فإننا نقوم بذلك لأننا أصحاب مبدأ ولسنا أصحاب مصلحة، لذا لن نقوم ببناء استراتيجيتنا على مصالح فئوية محدودة، أو بناء تفاهمات تحت الطاولة.
إذا لم يكن عملنا الوطني مخلصاً وخالياً من حسبة المصالح المشتركة والتكتلات المبنية على الربح والخسارة، فإننا سنبقى أداة في يد القوى العظمى تستخدمنا حين الحاجة ثم تهملنا أو تنقلب علينا بعد انتهائها، تماماً كما حصل في أفغانستان والعراق وأمريكا الجنوبية...... الخ القائمة الطويلة.
فلسطين قضية جوهرية تخص العرب، مسلمين ومسيحيين، وتخص كل إنسان حر يؤمن بالقيم الإنسانية التي نزلت بها كل الرسالات السماوية، ولا يوجد متسع للمتطرفين والمتشددين، الذين يثرون النزعات الطائفية في المنطقة، ويتحالفون مع الطغاة والأنظمة الشمولية في سبيل تحقيق مصالحهم.
إن معركة فلسطين أشرف من أن تخوضها داعش وأخواتها، أو النظام الإيراني وأذرعته، ولا الأنظمة المتخاذلة المختبئة وراء شعارات المقاومة والصمود.
ومن باب أولى، الإيمان أن أمريكا لا تمد لنا يدها للمساعدة من أجل سواد عيوننا، بل لاستخدامنا وسيلةً لتحقيق أهدافها، وسرعان ما ستكشف لنا الأيام ذلك، كما كشفته من قبل، فهل نستوعب الدرس ونقلع شوكنا بأنفسنا، ونتعامل مع مشكلاتنا الإقليمية بما يضمن صلاح أحوالنا، وليس بناء على سياسات التدمير والقضاء على الغير!

صدقت الحكمة القائلة: (يستطيع الشيطان أن يكون ملاكاً، والقزم عملاقاً، والخفّاش نسراً، والظلمات نوراً. لكن أمام الحمقى والسذج فقط!)

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

28-12-2017