الجهل هو نقص المعرفة، وهو صفة لازمة في
البشر جميعاً دون استثناء ولكن بنسب متفاوتة، تختلف من شخص لآخر ومن موضوع لآخر.
ولكن "الجاهل" هو من تغلُب عليه هذه الصفة في العموم، أو أن
يُقال (جاهل في كذا).
هناك مقولة قرأتها ذات يوم ((لستُ مثقفاً ولا عالماً ولكن مساحة جهلي تقل عن مساحة
جهلك!))
أما الغباء، فهو عدم القدرة على تحليل
المعلومة والاستفادة منها، أو سوء التحليل والربط المنطقي.
لذا فالغبي هو من تغلُب عليه هذه الصفة في
العموم.
وحين يجتمع الجهل والغباء في شخص، ينطبق
عليه حينئذ قول الله تعالى ((كالحمارِ يحملُ أسفاراً)) فلا هو قادرٌ على تمييز ما يملك "يحمل"،
ولا الاستفادة منه!
وهذا يدفعنا للحديث عن "الاستحمار"
عندما تقرأ كتاباً أو تحليلاً أو حتى
منشوراً، قد تكتشف جهلك أو جهل الطرف الآخر (الكاتب) وهذا ليس عيباً في اعتقادي أو
انتقاص لأي أحد. المهم هو الاستمرار في بناء المعرفة، والعمل على إثراء معرفة
الآخرين أيضاً.
وعندما تدخل في حوار أو نقاش مع أحد
الأشخاص (واقعياً أو افتراضياً)، قد تكتشف أيضاً غباءك في التحليل أو بناءك الخاطئ
للمعرفة، أو غباء الطرف الآخر، وهذا أيضاً ليس عيباً في نظري، طالما أنك قادرٌ على
تصحيح مفاهيمك، وتوضيح خطأ الطرف الآخر.
ولكن العيب أن نفترض الجهل أو الغباء في
الآخرين ونتعامل معهم على هذا الأساس، وهو ما يُعبّر عنه بالاستحمار. والملاحظ للأسف
الشديد، أن مساحة الحرية والتعبير عبر وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل
الاجتماعي باتت مسرحاً كبيراً للاستحمار!
أما الخطيئة الكبرى، التي لا تُغتفر برأيي،
أن نكون فريسةً سهلةً للاستحمار، بمعنى أن نكون صفحةً بيضاء يستطيع أي شخص يدّعي
المعرفة، تلوينها بما يشاء وملأها بما يريد من الأفكار!
باتت وسائل امتلاك المعرفة متاحة للجميع
أكثر من أي وقت مضى، وتحليل المعلومة واستخدامها مهارة أساسية، يجب تنميتها
والاهتمام بها، وكذلك الاهتمام بالتعبير وايصال الفكرة وإتقان أسلوب الحوار وتبادل
الأفكار والآراء.
الاستمرار في الجهل عيب، وعدم القدرة على
الاستفادة من وسائل المعرفة الحديثة رغم توفرها، عيب أكبر، وافتراض الجهل والغباء
في الآخرين ومحاولة الاستحمار هي أسلوب رخيص لا يمارسه إلا شخص يعاني من اختلال في
القيم الإنسانية.
أما الوقوع فريسة الاستحمار فهي خطيئة، سيدفع
صاحبها الثمن قبل أن يقتص منه الزمن والتاريخ!
أيمن أبولبن
30-12-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق