الثلاثاء، 6 يونيو 2017

كيف تسرقُ وطناً!





قبل فترة وضمن افتتاح مهرجان "كان" السينمائي الذي يُعد حدثاُ ثقافياً عالمياً ويحظى بتغطية إعلامية واسعة، ارتدت وزيرة الثقافة الإسرائيلية "ميري ريجيف" فستاناً مزيناً بصورة لمدينة القدس بما فيها من معالم تاريخية وعلى رأسها قبة الصخرة والمسجد الأقصى، في رسالة توجهها للعالم على ما يبدو للتأكيد على يهودية القدس وأنها ستبقى عاصمة إسرائيل الأبدية.

وأكدت وزيرة الثقافة الإسرائيلية في تصريحاتها على السجادة الحمراء انها تهدف الى نشر الهوية الإسرائيلية في العالم أجمع والتأكيد على الروح الإسرائيلية وحضارتها ورموزها بمناسبة ذكرى الاستقلال (الاحتلال الإسرائيلي).

وقد قام نشطاء عرب وعالميون معادين للصهيونية، بإعادة نشر صورة الوزيرة بعد تعديل الفستان ليحمل صوراً عن جرائم إسرائيل في حق الإنسانية وأهل فلسطين مثل الجدار العازل وهدم البيوت الآمنة.
 
سرقة التاريخ ومحاولة الاستيلاء على ذاكرة الشعوب والتعدّي السافر على حقوق الآخرين هو التميمة التي تقدّسها دولة الاحتلال الصهيوني، وهذه التميمة هي التي أسّست قيام دولة إسرائيل على مبدأ "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ثم أسهمت في استمراريتها باختراع المزيد من الأكاذيب إضافة إلى تزييف الحقائق التاريخية.

قبل عدة سنوات (إبان الانتفاضة الثانية على ما أظن) انتشرت الكوفية العربية الفلسطينية في الأوساط العربية والعالمية وأصبحت رمزاً وتعبيراً للتضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته المتكررة مع الاحتلال، حينها قامت دور الأزياء الصهيونية بإطلاق كوفية إسرائيلية تتطابق مع الكوفية الفلسطينية مع اختلاف بسيط في درجة اللون الأسود بإضافة بعضاً من الزراق عليه، وسرعان ما قامت اللوبيات الصهيونية بإغراق الأسواق العالمية بهذه الكوفية ونشرها عبر وسائل الإعلام، في محاولة لمصادرة هذا التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية.

وعلى نفس المنوال قامت دور الأزياء الإسرائيلية بسرقة تصميم الثوب الفلسطيني المزركش الذي يعتبر قطعة من تاريخ أجدادنا وهويتنا العربية الفلسطينية، وعملت على نشره بين الأوساط العالمية على انه زي يهودي تاريخي!

في فيلم (قصة عن الحب والظلام) الذي أخرجته وأدّت دور البطولة فيه نجمة هوليود الاسرائيلية "نتالي بورتمان" والمأخوذ عن رواية "عاموس عوز" والتي تحمل نفس الاسم، يعرض لنا المؤلف معاناة عائلة يهودية تأتي من بولندا إلى أراضي فلسطين في محاولة للعيش في استقرار وأمان في ظل دولة يهودية، ويركز على معاناة الابن الوحيد لهذه العائلة من انتحار والدته وهو في عمر الثالثة عشرة نتيجة إصابتها بالاكتئاب. ولكن الفيلم يجعل هذه القصة واجهةً لتناول حقبة قيام دولة إسرائيل من المنظور الإسرائيلي، حيث تشعر وأنت تشاهد الفيلم أن اليهود الإسرائيليين كانوا هم الأغلبية في القدس وأنهم كانوا يقطنونها منذ الأزل، حتى أن الشوارع واللافتات والأسماء وكل شيء مكتوب باللغة العبرية، لدرجة أن بطلة الفيلم تتناول في أحد المشاهد دواءً مضاداً للكآبة وتظهر علبة الدواء وهي تحمل الاسم بالعبرية! وكأننا أمام دولة كاملة متكاملة تنتج حتى دواءها وهي بانتظار كلمة الرب فقط لتعلن استقلالها!

اللوبي الصهيوني يعمل على طمس معالم كل الجرائم الصهيونية وخلق أكذوبة لتحل محل هذه الجرائم في كتب التاريخ، تماماً كما كان يعمل بطل رواية "1948" على تزييف الأخبار في الصحف القديمة تبعاً لتغير سياسة "الأخ الأكبر".

في الحقيقة والواقع بات الفلسطينيون العرب لا يملكون أكثر من 13% من مساحة القدس اليوم بفعل التهجير القسري وبناء المستوطنات ونظام التمييز العنصري القائم هناك، وهذا مخطط صهيوني لإفشال أية تسوية سلمية مستقبلية بخصوص القدس باستحالة إقامة أي كيان عربي، وقد نجحت إسرائيل على مدى عقود من تغيير معادلة الجغرافيا والطبيعة الديمغرافية للقدس عبر هدم المنازل وتهجير السكان وإقامة المستوطنات واقتطاع الأراضي وتقطيع المناطق العربية بجدار الفصل العنصري وبناء الطرق الالتفافية لتأمين تنقل المستوطنين، وتعقيد حياة الفلسطينيين بإقامة الحواجز والإجراءات الأمنية التعسفية. وهذا كله بحاجة إلى تأصيل هذه الأغلبية اليهودية تاريخياً من خلال نشر الأكاذيب وتزييف التاريخ واستغلال السينما والأدب والإعلام من أجل ذلك.

ناهيك عن الممارسات العنصرية لإفقار العرب ودفعهم إلى هاوية العوز والفقر، وإغلاق المؤسسات الاقتصادية الوطنية وتجفيف منابع التعليم والثقافة والأدب العربي لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر والتخلّف عن الدراسة بشكل كبير في الأوساط العربية.

يجدر بنا ان نبدأ جدياً في توثيق تاريخ فلسطين ونشره عبر كل الوسائل المتاحة، واستغلال الأدب والسينما لنشر الوعي في الأوساط العربية ثم العالمية، والرد على هذا المسلسل الممنهج لسرقة أوطاننا!

عند إصدار وعد بلفور كان اليهود يمتلكون ما نسبته 1.5% من أراضي فلسطين، ولا يشكلون سوى نسبة 8% من السكان ومع إعلان قيام دولة إسرائيل كانت نسبة اليهود نحو 31% من عدد السكان بفعل الهجرة ودعم بريطانيا للكيانات الصهيونية، وخلال نكبة فلسطين تم تطهير ما يزيد عن 500 مدينة وقرية عربية وأدت عمليات التطهير الى سقوط ما بين ثلاثين إلى أربعين ألف شهيد فلسطيني وتهجير نحو 800 ألف لاجئ.

واليوم لا يشكل الفلسطينيون العرب سوى 30% من سكان دولة الاحتلال، ولا يمتلكون سوى 10% من أراضي فلسطين التاريخية!

   دولة إسرائيل العنصرية لقنت التاريخ والمؤرخين درساً في كيفية سرقة الأوطان!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
6-6-2017

الاثنين، 22 مايو 2017

لماذا خسر برشلونة بطولة الدوري وكيف فاز ريال مدريد؟


فاز ريال مدريد يوم أمس ببطولة الدوري الإسباني بفارق 3 نقاط عن غريمه التقليدي برشلونة، رغم أن فريق برشلونة تفوّق على مدريد في المواجهات المباشرة (فوز وتعادل) وتفوّق أيضاً في الأهداف المسجّلة (116 هدفاً مقابل 106) كما أنه تلقّى أهدافاً أقل من مدريد أيضاً (37 هدفاً مقابل 41). يضاف إلى ذلك تصدر ميسي وسواريز قائمة الهدافين، وهذا يدعو إلى التساؤل كيف خسر برشلونة اللقب؟



أولاً: سوء الإدارة الفنية للفريق من حيث استخدام نفس التكتيك وأسلوب اللعب المكشوف عدا فترة بسيطة من الموسم حين لجأ الى طريقة 3-4-3، بالإضافة الى عدم اختيار التشكيلة المناسبة والتخبّط في اختيار اللاعبين وعدم استغلال التبديلات بشكل مناسب

ثانياً: استهتار بعض اللاعبين في بعض المباريات التي تعتبر سهلة وإضاعة فرص سهلة للتسجيل، مع المبالغة في الألعاب الفردية (خصوصاً من قبل اللاعب نيمار) مما أثر على الأداء الفني للفريق، وهذا يثير الكثير من التساؤلات حول نجومية الفريق واعتماده على أسماء بعينها بحيث يكاد الفريق ان يكون رهناً للنجوم بدلاً من ان يتم تسخير النجوم لخدمة الفريق، ولعل عدم نضج نيمار واعتماده على الألعاب الفردية الاستعراضية، وأنانيته في الكثير من الألعاب، بالإضافة الى تعمّد الحصول على الأخطاء واستفزاز الخصم قد أثر كثيراً على وضعية الفريق في الملعب، ولكن رغم ذلك لم يجرؤ أحد على انتقاد النجم البرازيلي او الضغط عليه من أجل تغيير أسلوبه في اللعب لمصلحة الفريق.


ثالثاً: انخفاض مستوى بعض اللاعبين وعدم وجود بديل مناسب. سيرجي بوسكيتش لعب واحداً من أسوأ مواسمه، سواريز عانى كثيرا في بعض المباريات، ميسي غابت الفعالية عنه في بعض المباريات وعانى من الضغط. نيمار كان انفعاليا في مباريات كثيرة وتسبب بخسارة فريقه. والكثير من الأمثلة
الشاهد في الموضوع أن الجهاز الفني فشل في إيجاد البديل المناسب بل وفشل أيضاً في تدوير اللاعبين لتوزيع الحمل عليهم، والأهم من ذلك أنه لم يتم استغلال لاعبي الاحتياط بشكل مناسب.

رابعاً: هناك أزمة نوع في برشلونة وأزمة كم، يضاف اليها مشكلة في توزيع اللاعبين على مراكز اللعب.
·        الإخفاق الكبير في صفقات اللاعبين هذا الموسم وهذه خطيئة يتحمل مسؤوليتها المدرب والمدير الرياضي ورئيس النادي
·        سوء توظيف اللاعبين في الملعب مع تغيير في المراكز وعدم استغلال اللاعبين في المراكز المناسبة. لم يتم التعاقد مع لاعب ظهير يمين بديلاً لداني ألفيس وتم الاعتماد على لاعب الوسط الممتاز سيرجي روبيرتو الذي فشل في المركز الجديد وكان نقطة ضعف واضحة في العديد من المباريات.
ماسكيرانو الذي يلعب في مركز الوسط المتأخر في منتخب الأرجنتين وكان أفضل لاعب في هذا المركز في كأس العالم الماضية، يشغل مركز قلب الدفاع في برشلونة، ورغم انخفاض مستوى بوسكيتش الا ان المدرب لم يستطع استغلال ماسكيرانو في مركزه الأساسي في خط الوسط.
المدافع الشاب مارلون لم يأخذ حقه في اللعب رغم الأزمة الدفاعية التي يعاني منها الفريق.
·        عدم تصعيد لاعبين شباب من فريق B ربما للمرة الأولى في تاريخ برشلونة ويعود السبب الأول الى اعتماد المدرب انريكي على الأسماء والنجوم المعروفين وعدم امتلاكه روح المغامرة والشخصية القوية.
·        الفريق حالياً يعاني من عدم وجود دكة بدلاء بمستوى متميز (أزمة نوع) رغم وجود عدد كبير من اللاعبين (أزمة كم)، والأهم من ذلك أن الفريق يعاني من تخمة زائدة جداً في عدد لاعبي الوسط مقارنة مع لاعبي الدفاع والهجوم! (مشكلة في التوزيع) مع اعتماد شبه كلي على نجوم الفريق MSN الذي من النادر ان يتم استبدال أحدهم او عدم وجوده في التشكيلة الأساسية ولا يوجد لهم بديل في الفريق سوى اللاعب باكو الذي لم يثبت نفسه.
في خط الدفاع لا يوجد سوى ثلاثة لاعبين في مركز قلب الدفاع (بيكيه ماسكيرانو وأومتيتي) مع عدم استغلال مارلون كما سبق ان ذكرنا
 وهذا يفسر الضغط الهائل في عدد المباريات على الخطين الأمامي والخلفي للفريق.

خامساً: علاقة اللاعبين ببعضهم البعض وعلاقتهم بالمدرب. كانت الأجواء سلبية للغاية بين اللاعبين أنفسهم وبين اللاعبين والمدرب، واللوم هنا على المدرب والجهاز الفني الذي فشل في التواصل مع اللاعبين وفرض شخصية الفريق في الملعب.

هذه الأسباب مجتمعة أدت الى تذبذب المستوى وظهور فوارق فنية هائلة في مستويات الفريق حيث عانى النجوم من ضغط هائل في بعض المباريات مع انخفاض القدرة البدنية رافقها سوء قراءة فنية للمباريات. وإذا كانت هذه الأسباب قد حرمت برشلونة من التتويج ببطولة الدوري رغم تحقيقه ارقاماً مميزة هجومياً ودفاعياً فإنها كانت وراء تقديمه مستويات كارثية في بطولة أبطال أوروبا وتلقيه خسائر كبيرة أمام فرق لم تكن تشكل واجساً لبرشلونة قبل سنوات، ففريق باريس جيرمان الذي سحق برشلونة برباعية كان محطة عبور لبرشلونة لعدة سنوات، وفريق يوفنتوس الذي فاز على برشلونة بثلاثية هذا الموسم كان قد خسر النهائي قبل عامين أمام برشلونة بالذات بنتيجة 3-1 مع الرحمة! وهذا مؤشر على انخفاض عام في أداء الفريق وابتعاده عن مستواه المعروف قارياً للعام الثاني على التوالي.

في حين نجد ان مدريد قدم مستويات شبه ثابتة باستثناء فترة قليلة من الموسم، واعتمد كثيرا على دكة البدلاء والوجوه الشابة، وقام بإراحة اللاعبين وتدويرهم مما ساعد على توزيع الحمل البدني عليهم حيث كانوا جاهزين فنيا وبدنيا في الأوقات الحاسمة، كما استطاع زيدان رفع الروح المعنوية للفريق وبث أجواء الثقة بين اللاعبين الشباب واعطائهم الفرصة لإثبات أنفسهم مما رفع روح التنافس بين اللاعبين.


اللافت أن برشلونة لم يخسر في مواجهة فرق المقدمة خلال هذا الموسم اطلاقاً في حين أنه خسر امام فرق متوسطة المستوى، حيث خسر امام آلافيس (المركز التاسع) سيلتا فيجو (13) ريال سوسيداد (6) وملقة (11)، في حين خسر مدريد ثلاثة مباريات امام فرق قوية هي برشلونة اشبيلية وفالنسيا وتعادل في ستة مباريات ولكنه كان حاسماً في بقية المباريات مع عدم إغفال دور التوفيق والحظ الذي ابتسم للفريق في عدة مباريات.

إذا أراد برشلونة العودة الى سابق عهده، لن يكون كافياً تغيير المدرب والجهاز الفني، ولكن عليه الاستغناء عن عدد كبير من اللاعبين ما بين ستة الى ثمانية، مع عقد صفقات نوعية يتم فيها إعادة تشكيل الفريق وتوزيع اللاعبين على المراكز بشكل متوازن، ورفد الفريق باللاعبين الشباب.
وهذا يتطلب إعادة الاعتبار لمدرسة المستايا التي فقدت الكثير من بريقها في عهد رئيس النادي الحالي والمدرب إنريكي، كما يجب أيضاً تعيين مدير رياضي للنادي صاحب شخصية قوية قادرة على استكشاف المواهب من خارج النادي وقادرة ايضاً على استغلال الموارد البشرية والرياضية للنادي بالشكل الأمثل.
كما يجب على إدارة النادي النظر في الاستغناء عن أحد نجوم الفريق في حال توفر صفقة ضخمة للنادي يستطيع من خلالها إعادة تكوين الفريق وتمويل صفقاته القادمة، فالفريق لا يجب أن يكون رهناً للأسماء.

مبروك لريال مدريد تصميمه وروح الفريق التي لعب بها هذا الموسم وثبات المستوى، مبروك لمدريد استثمار المواهب الشابة واعطائها الفرصة، والى لقاء في موقعة السوبر هذا الصيف J

أيمن يوسف أبولبن

22-5-2017

الاثنين، 15 مايو 2017

متلازمة "فرق في التوقيت"!

متلازمة "فرق في التوقيت"!

يقول أحمد لصديقه سعيد وهما يرتشفان القهوة في أحد المقاهي الشعبية وسط البلد: هناك في علم النفس ما يسمى "اللحظة الفارقة" وهي تلك اللحظة التي تمر على الإنسان بمحض الصدفة أو بمعنى أدق دون تخطيط أو وعي مسبق، ولكنها تُشكّل علامة فارقة في حياته بل تكاد تُعيد تشكيل حياته من جديد، نحو الأفضل غالباً أو نحو الأسوأ إذا لم يُحسن استغلالها، أو إذا ما فوّت تلك الفرصة. لطالما شعرت أني ولدت بفارق توقيت زمني، لازمني عمري كله، بحيث بتّ أشعر أني دائماً ما أفشل في اقتناص تلك اللحظة الفارقة، وغالباً ما تفوتني في غفلة مني، كمن يفوّت موعد طائرته!
 يمكنك القول إني وجدت في الزمان الخاطئ، أو كما يحلو لي وصف حالتي، أنا أعاني من متلازمة (فرق في التوقيت!)

بدايةً، ولدت "عام النكسة"، وانضممت الى جيلٍ نُكس بمجرد ولوجه الى هذه الحياة، ولم تسمح له الظروف بشرف الولادة على أرض الوطن فولد في المهجر، وحُرم من الإشارة الى وطنه السليب على صفحته في التاريخ بالقول (مسقط رأسه!).
سافر أبي الى الكويت ليعمل سائقاً في احدى الشركات ويعيل عائلته التي تضم بالإضافة الى زوجته وأبنائه، والدته وإخوته، وكان دائم الغياب بحيث أني لم أتعرف عليه فعلياً الا بعد ان أُنهيت خدماته وأصبح عجوزاً عاطلاً عن العمل، أي في الوقت الضائع!

أحببت زميلتي في الجامعة وتعاهدنا على الزواج بعد التخرّج، وبعد حصولي على وظيفة محترمة وما أن قبضت راتب أول شهر، ذهبت الى بيت الفتاة مزهواً بسرعة تنفيذ التزامي لها، وكانت المفاجأة أن الفتاة قد خُطبت قبل أسبوع لابن عمها! طبعاً لم أقتنع وطلبت فرصة التحدث مع الفتاة على انفراد، ولكنها أكّدت الخبر وطلبت مني أن نفترق بهدوء وأن أراعي ظروفها العائلية، ثم أشارت من حيث لا تدري الى تلك المتلازمة التي لا تفارقني حين قالت (يبدو أننا التقينا في الزمان الخاطئ!)

أخبرتني جارتنا "أم حسن" المولعة في قراءة الطالع ومتابعة الأبراج والحظ، أنني تأخرت في القدوم الى هذه الحياة بضعة أيام كانت كفيلة في تغيير بُرج حظي، وأضافت أن برجي الحالي لا يتفق مع برج تلك الفتاة، فأنا هوائي وهي مائية! في حين لو أني "بكّرت" قليلاً لتطابقت معها!
تؤيدها أمي وهي تمازحني بالقول إني تأخرت أسبوعاً عن موعد الإنجاب، لأني كنت عنيداً "راسي يابس" ولو أنى التزمت بموعد ولادتي لربما تحسنت فرصي في زواجي من تلك الفتاة!

يقول سعيد في محاولة فك النحس عن صديقه: ولكن هذا لا يستدعي أن تشعر بتلك العقدة، ربما أنها مسألة قسمة ونصيب وربما حظ لا أكثر، يقاطعه أحمد: ولكن الأمور لا تقف عند هذا الحد، فثمّة وظيفةٍ أو شاغرٍ دائماً ما "يُصادف" أن يُغلق قبل أن أحصل على فرصة التقدم له، أو أن يتم تعديل قانون ما أو تعليمات خاصة بالوظيفة بحيث "يُصادف" أن لا يشملني ذلك القانون المُحسّن تبعاً لعمري او تاريخ التحاقي بالوظيفة، وعلى العكس تماماً اذا صدر تعديل ضريبي أو تعليمات يترتب عليها التزامات معينة، فإني وبقدرة قادر أكون أول من تنطبق عليه تلك الشروط الخاصة !

يسترسل أحمد في الحديث قائلاً، تخيّل أني عندما قرّرت الانضمام الى الحركات الثوريّة وذهبت للتطوّع للمشاركة في حرب لبنان عام 1982 تم رفضي بسبب صغر سني، وبعد تخرجي من الجامعة قررت الانضمام الى المنظمة لخوض النضال السياسي في الحركة، ولكن "الختيار" اختار حينها اغلاق القضية بتوقيع تفاهم مدريد تلاه اتفاقية أوسلو التي كانت بمثابة اعلان الطلاق بيني وبين كل ما يتعلق بالمنظمة والفصائل الثورية!

يتساءل سعيد: أنت لم تتزوج الى الآن، هل هو وفاء أم... ؟! يبتسم أحمد ويقول ألم أقل لك! في الحقيقة تعرضت لصدمة بعد تلك العلاقة الفاشلة، ولكني لم أحرم نفسي من خوض غمار تجارب أخرى، لقد أحببت زميلة لي في العمل تعمل معي في نفس الدائرة، وبعد علاقة حب معقدة وطويلة تبيّن لي أنها عاشت قصة حب سابقة مع أحد الناشطين الفلسطينيين الذين وقعوا في أيدي جنود الاحتلال وأستشهد تحت التعذيب. اعترفت لي أنها رغم حبها لي وتعلّقها بي إلا أنها لا ترى نفسها زوجة أحد غيره!
 تدمع عينا احمد ويقول، آخر كلامها كان (يبدو أننا التقينا في الزمان الخاطئ، ربما لو التقينا قبل عشرة أعوام لكنت أحببتك وارتبطنا، بالتأكيد كنت سأحبك!)

أُسقط في يدي سعيد، وبات حائراً فيما يقول، بل أنه هو شخصياً أصبح يميل الى الاعتقاد بصدق تلك المتلازمة التي يتحدث عنها صديقه!

وفي لحظة صمتٍ شاردة، سمعا أصواتاً قادمةً من تحت شُرفة المقهى، ورأيا تجمّعاً لافتاً للمارة ثم لاحظا انتشار قوات مكافحة الإرهاب في المكان، وفي وسط ذلك الازدحام، علا الصراخ وشاهدا أحد الأشخاص المشبوهين وهو يرتدي حزاماً ناسفاً على ما يبدو ويهدد بتفجيره محاولاً الهروب من الأمن، وفجأة ووسط كل تلك الأحداث المتسارعة انطلق ذلك الشخص هارباً وسرعان ما ارتقى درجات المقهى وأصبح على بعد طاولةٍ واحدةٍ منهما!

هرب جميع من في المقهى بمن فيهم سعيد، وحده أحمد وقف جافلاً حائراً متسمراً مكانه غير قادرٍ على الحركة، قفز المُطارَد ذو الحزام الناسف فوق الطاولة التي يشغلها أحمد، ثم صرخ ببعض الكلمات التي لا يُفهم منها سوى نيّته تفجير نفسه ويده تقبض على زر المُفجّر، وفي تلك اللحظة وقف أحمد ودون وعي أمسك بتلابيبه وقال: أضاقت عليك الدنيا وتركت كل هؤلاء البشر كي تأتي وتفجّر نفسك عند هذا العبد الغلبان؟! ووسط دهشة الإرهابي ما كان من أحمد سوى ان مدّ يده وقبض على أداة التفجير بكل تصميمٍ وصلابةٍ قائلاً (بيدي لا بيد عمرو!)؛ سقط الإرهابي على الأرض من هول المفاجأة وانقلبت الطاولة عليه، ثم أطلق ساقيه للريح وفر هارباً الى خارج المقهى وهو يصرخ ويقول مجنون! مجنون!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

15-5-2017

الأحد، 30 أبريل 2017

14 يوما على إضراب الحرية والكرامة




يواصل أكثر من 1600 أسير فلسطيني معركة الأمعاء الخاوية ضد سجانيهم في غياهب الجب الإسرائيلي بإضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الرابع عشر على التوالي.
احصائيات:
عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ 7 آلاف أسير:
·       منهم 500 أسير محكوم عليهم بالمؤبدات
·       600 اسير يقبعون في الاعتقال الإداري دون محاكمات
·        1200 أسير يعانون من أمراض مختلفة (سرطان، أمراض قلب، حالات إعاقة)
·       58 اسيرة، من بينهم 15 فتاة دون 18 عاما، فيما يبلغ اجمالي عدد الأسرى القاصرين دون سن 18 عاما 320 أسيرا
·       استشهد في سجون الاحتلال 210 أسير منذ العام 1967 من بينهم 72 اسيرا تحت التعذيب و57 اسيراً نتيجة الاهمال الطبي. و74 اسيراً استشهدوا نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة.
·       21 أسيرا مضى على أسرهم أكثر من 25 عاما (منهم 9 أسرى مضى على أسرهم أكثر من 30 عاما)



#إضراب_الكرامة

الثلاثاء، 25 أبريل 2017

اعترافات قاتل اقتصادي


المؤلف جون بيركنز
طبعة عام 2012

 ترجمه بسام ابو غزاله

واحد من أهم وأخطر الكتب التي قرأتها ليس فقط لأنه يكشف الوجه الحقيقي للسياسات الاقتصادية الأمريكية (والغرب عموماً) في دول العالم الثالث بل لأنه يقدّم تفصيلات مهمة عن كيفية تشكيل الأوضاع السياسية والاقتصادية لدول عديدة منها دول في منطقة الشرق الأوسط.
مأخذي الوحيد هو تعميم نظرية المؤامرة (الواردة في الكتاب) من قبل بعض القراء والمثقفين على أحوال عالمنا العربي اليوم رغم اختلاف الظروف الموضوعية بين الأحداث التاريخية الواردة في الكتاب والواقع اليوم ورغم اختلال ميزان القوى العالمي ورجحان كفة القرن الأمريكي. برأيي أن هناك دائماً نسبة من الحقيقة لكل وجهة نظر، ومن الخطأ بمكان تعميم وجهة نظر واحدة على كل الأحداث لمجرد أنها تطابقت مع حدث تاريخي أو سياسة قديمة لبعض الدول.
ولكن هذا لا يقلل من شأن الكتاب الذي يحتوي على العديد من المعلومات والملفات الساخنة والمثيرة والتي تستحق التفكير والبحث فيها.
بعض المقتطفات من الكتاب:

يُقدّم القتلة الاقتصاديون صنيع الخدمات، وهذه تتخذ شكل قروض لتطوير البنية التحتية، وشرط هذه القروض أن تتولى بناء هذه المشاريع شركات الهندسة والبناء من بلدنا نحن. إن معظم المال لا يغادر الولايات المتحدة مطلقاً، إنه بكل بساطة ينتقل من مكاتب البنوك في واشنطن الى مكاتب الشركات.

نحن القتلة الاقتصاديون بارعون في صنعتنا فلقد تعلمنا من التاريخ؛ إننا اليوم لا نحمل السيوف ولا نلبس الدروع، ولكن إذا فشلنا فإن سلالة أشد شراً تدخل الساحة نسميهم الواويات "أولاد آوى" الذين يكمنون في الظل وحين يظهرون يُطاح برؤساء الدول أو يموتون في حوادث غامضة، فإن لم تفلح أولاد آوى في مهمتها كما لم تفلح في أفغانستان والعراق، تظهر على السطح الأساليب القديمة، عندها يُرسل الشباب الأمريكيون ليُقتلوا وليموتوا.

الطبيعة الحقيقية للاقتصاد الكلي: إن مساعدة الاقتصاد على النمو غالبا ما تجعل تلك القلة من الناس المتربعين على أعلى قمة الهرم تزداد ثراء، بينما لا تفعل شيئا لمن هم في القاع سوى أن تدفعهم أكثر الى الأسفل، حقاً إن تعزيز الرأسمالية غالباً ما ينتج نظاماً شبيهاً بالمجتمعات الإقطاعية في القرون الوسطى

الاثنين، 17 أبريل 2017

أليس منكم رجل رشيد!


شهدت الأيام الماضية سجالاً بين النشطاء والمثقفين والمهتمين في القضايا العامة في عالمنا العربي، نتيجة الأحداث الدموية المتعاقبة والتي أرخت بظلالها على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأكّدت بما لا يدع مجالاً للشك حالة الاختلاف والشد والجذب بين تيارات فكرية متقاطعة ومتضادة، وصلت إلى حالة من القطيعة وفقدان البوصلة الإنسانية!

عندما يتعرّض المدنيون في أي بلد لمجازر وحشيّة أو هجوم بأسلحة مُحرّمة من أي طرف، يفرض المنطق أن يكون المحرك لأي نقاش أو نشاط سياسي هو التضامن مع هؤلاء المدنيين ومحاولة رفع الأذى عنهم بالاحتجاج وجذب الانتباه لمعاناتهم والتركيز على رفع شأن القيم الانسانيّة، أما تجاوز هذه المعاناة الانسانيّة والتعامل مع الحدث وكأن هؤلاء الضحايا هم قرابين بشرية يتم استغلالهم في إذكاء التطرّف وتكريس الفرقة فهو ما لا يقبله أي عقل أو منطق!

خان شيخون
عندما تصدر التصريحات الرسميّة من النظام السوري بإنكار واقعة "خان شيخون"، وعدم الإشارة من قريب أو بعيد الى معاناة الشعب السوري ليس من هذا الحدث فقط، وإنما جرّاء الحرب التي يخوضها النظام للمحافظة على السلطة لست سنوات خلت فهذا شيء مثير للاستهجان ويستحق الوقوف عنده، عندما ينكر النظام السوري دوره في المجازر التي حصلت في سوريا في الفترة الأخيرة، (مع تسليمنا بدور داعش وبعض الفصائل المتطرفة أيضاً) ويتنصّل من دوره الأساسي في تخريب البلد بالقصف العشوائي وتهجير الملايين نتيجة انعدام الأمن، وقتل مئات الألوف من شعبه بالصواريخ والأسلحة المحرمة دولياً بحجة مكافحة الإرهاب، وعندما يكرّر رواية المؤامرة وتلفيق الأحداث دون تقديم أي دليل ملموس، فهذا يوضح حالة "الشيزوفرانيا" التي يعانيها هذا النظام، ويؤكد على حالة الموت السريري التي يعيشها.

الأنكى من كل ذلك انتشار حملة من الممانعين للتذكير بالكذبة الأمريكية الكبرى لاحتلال العراق (أسلحة الدمار الشامل)، ومحاولة إسقاط هذه الكذبة على حال سوريا اليوم بالقول إن أمريكا كذبت في العراق وتكذب الآن في سوريا حول الأسلحة الكيماوية، ولكنهم يتناسون عن عمد أو جهل، أن النظام السوري الذي يدافعون عنه الآن كان جزءاً من حملة التزييف والكذب في العراق، ألا تذكرون ؟! لقد شارك نظام الأسد في المؤامرة على العراق عندما ارتبطت مصالحه مع مصالح أمريكا وإيران في المنطقة، فلماذا تذكروننا الآن بهذه الواقعة المُخزية!


اللافت أنه بعد ماراثون من النفي وفبركة سيناريوهات عديدة حول عدم مسؤولية النظام عن مجزرة شيخون، استخدمت روسيا "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بالتعاون مع تحقيق دولي حول استخدام السلاح الكيماوي، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تخشى روسيا من نتائج التحقيق؟ لا يمكن تفسير الفيتو الروسي والارتياح الذي قوبل فيهه لدى النظام ومؤيديه، سوى ازدراءً واحتقاراً لكل الدماء التي تراق على الأرض السورية!


الضربة الأمريكية والسيادة
تركيز الحديث عن سيادة البلد بعد الضربة الأمريكية وتشتيت الانتباه عن كل ما يحصل من تقتيل وتهجير للمواطنين الأبرياء في الوقت الذي يقوم فيه النظام نفسه بتدنيس كل معالم الوطنيّة والسيادة بتقديم كل مقدرات البلد عربوناً لدعم الميليشيات الإيرانية والحليف الروسي، والرضوخ لكل الإملاءات ومصادرة قراره السيادي، فهذا تناقض فاضح في المواقف، ناهيك عن انفراج أسارير الممانعين عندما كانوا يشاهدون الضربات الأمريكية تدك داعش وجبهة النصرة وحينها لم نسمع أي شكوى أو تذمر من خرق السيادة أو الاعتداء على سوريا والسوريين!.

إن الشراكة الإيرانية السورية اليوم هي أقرب ما تكون في رأيي إلى شركة الهند الشرقية التي كانت تستخدم كواجهة تجارية لإدارة المستعمرات البريطانية ولكنها في الحقيقة كانت تقدم الخدمات للتاج البريطاني بما في ذلك الاتجار بالبشر ثم أصبحت كياناً سرطانيا يقتات على نفسه، وهذا هو بالضبط حال سوريا اليوم التي قدّمها النظام قرباناً لحلفائه للبقاء في السلطة دون أي حس وطني أو قومي أو حتى ديني، لقد أصبحت السفارة الإيرانية في سوريا مركزا متوهجا لإدارة الخدمات من داخل سوريا لصالح الطغمة السياسية الإيرانية!

لا مكان للسيادة الوطنية عندما يقوم أي نظام في العالم بارتكاب مجازر وحشية في حق شعبه، أو عندما يعجز عن توفير الأمان لشعبه، فالأمر سيّان عندها إذ لا حق للسيادة دون ضمان حق العيش الكريم والآمن للمواطنين. إن أي عقد للسلطة مع الشعب يقوم على مبدأ الشراكة والالتزام بالحقوق والواجبات وأهم واجب للسلطة هو الحماية من المخاطر وتمكين الشعوب من ممارسة حقوقها، وهذا ما فشل فيه النظام السوري فشلاً ذريعاً، ولكنه رغم ذلك ما يزال مصراً على التمسك بالسلطة وتكرير الأسطوانة المشروخة عن السيادة الوطنية والممانعة والمؤامرة الكونية!
في المقابل عندما تطالب المعارضة السورية بضربات أمريكية أكثر صرامة، او عندما يهلّل بعض المثقفين المحسوبين على تيار المعارضة للضربات الأمريكية، ويطالب بالمزيد ألا يثير هذا كله شعوراً بالإحباط ويؤشر على مستوى الحضيض الذي وصلنا له، هل يُشرّفكم أن تقوم أمريكا بقلب النظام في سوريا على غرار العراق مثلا؟!

أستطيع أن أتفهّم حال السوريين المدنيين الضعفاء الذين تقطعت بهم السبل ووصلوا الى مرحلة يشعرون فيها بعدم الحرج من التحالف مع الشيطان نفسه للخروج مما يتعرضون له من قصف واعتداءات وحشية، ولكني لا أستطيع في أي من حال من الأحوال تفهم موقف المثقفين والمفكرين الذين يطالبون بدعم أمريكي!

وهذا يقودنا إلى التساؤل عن سر الغياب التام لدور الأشقاء العرب والأصدقاء بل ومؤسسات المجتمع الدولي، أين القادة العرب الذين اجتمعوا في قمة عربية مؤخراً وما هو موقفهم من الأزمة السورية ا!


تفجير الكنائس في مصر
 
ما حدث في مصر من أحداث دموية مؤسفة تحوّل مرة أخرى إلى "إخوان فوبيا!" فهذا حقوقي يتقدم بدعوى ضد الرئيس مرسي لدوره في التحريض على الكنيسة، وإعلامي آخر يحمّل الرئيس مرسي المسؤولية بسبب حملة التضامن مع الشعب السوري التي دشّنها أثناء فترة حكمه، ويقول إنها هيأت الإرهابيين ودفعتهم للقتال في سوريا، ضاربين بعرض الحائط كل التقصير الأمني والفشل الذريع للنظام المصري الحالي في إدارة البلاد اقتصاديا وسياسيا والحفاظ على أمن البلد، ثم يتطور الموضوع للهجوم على مؤسسة الأزهر، تلك المؤسسة الوسطية المعتدلة، بالقول (إن مناهج الأزهر بحاجة الى نسف!)
من سخرية القدر أن السيسي ابتدع مفهوم "مكافحة الإرهاب" ليسوّق نفسه ويروّج للانقلاب على الشرعيّة ويمهّد الطريق للقفز على السلطة، فيتحوّل هذا الإرهاب "المُفترض" إلى لعنة حقيقية تطارد مبتدعها في كل أرجاء الوطن ويقف صاحبها عاجزاً أمامها!  

 يُحكى أن عجوزاً قبيحة أمسكت مرآة ذات يوم ونظرت فيها فرأت قبحها الفاضح، فقذفت بالمرآة وحطّمتها قائلةً ما أقبح هذه المرآة! هذا هو حال الأنظمة الاستبدادية في كل مكان وزمان وحال مريديهم والمنتفعين بهم، يرون عيوبهم وقبحهم واضحاً ثم يلبسونه بخصومهم!
إن حالي اليوم وحال الكثيرين على ما أعتقد، بعد فقدان كل معاني الإنسانية وتدنّي قيمة الإنسان في وطننا العربي، هو حال سيدنا لوط حين خاطب قومه قائلاً ((أليس منكم رجل رشيد)) !! ثم أردف شاكياً ضعفه ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)) !!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
17-4-2017