فاز ريال مدريد يوم أمس ببطولة الدوري الإسباني بفارق 3 نقاط عن
غريمه التقليدي برشلونة، رغم أن فريق برشلونة تفوّق على مدريد في المواجهات
المباشرة (فوز وتعادل) وتفوّق أيضاً في الأهداف المسجّلة (116 هدفاً مقابل 106) كما
أنه تلقّى أهدافاً أقل من مدريد أيضاً (37 هدفاً مقابل 41). يضاف إلى ذلك تصدر
ميسي وسواريز قائمة الهدافين، وهذا يدعو إلى التساؤل كيف خسر برشلونة اللقب؟
أولاً: سوء الإدارة الفنية للفريق من حيث استخدام نفس التكتيك
وأسلوب اللعب المكشوف عدا فترة بسيطة من الموسم حين لجأ الى طريقة 3-4-3، بالإضافة
الى عدم اختيار التشكيلة المناسبة والتخبّط في اختيار اللاعبين وعدم استغلال
التبديلات بشكل مناسب
ثانياً: استهتار بعض اللاعبين في بعض المباريات التي تعتبر سهلة وإضاعة
فرص سهلة للتسجيل، مع المبالغة في الألعاب الفردية (خصوصاً من قبل اللاعب نيمار) مما
أثر على الأداء الفني للفريق، وهذا يثير الكثير من التساؤلات حول نجومية الفريق
واعتماده على أسماء بعينها بحيث يكاد الفريق ان يكون رهناً للنجوم بدلاً من ان يتم
تسخير النجوم لخدمة الفريق، ولعل عدم نضج نيمار واعتماده على الألعاب
الفردية الاستعراضية، وأنانيته في الكثير من الألعاب، بالإضافة الى تعمّد الحصول
على الأخطاء واستفزاز الخصم قد أثر كثيراً على وضعية الفريق في الملعب، ولكن رغم
ذلك لم يجرؤ أحد على انتقاد النجم البرازيلي او الضغط عليه من أجل تغيير أسلوبه في
اللعب لمصلحة الفريق.
ثالثاً: انخفاض مستوى بعض اللاعبين وعدم وجود بديل مناسب. سيرجي
بوسكيتش لعب واحداً من أسوأ مواسمه، سواريز عانى كثيرا في بعض المباريات، ميسي غابت
الفعالية عنه في بعض المباريات وعانى من الضغط. نيمار كان انفعاليا في مباريات كثيرة
وتسبب بخسارة فريقه. والكثير من الأمثلة
الشاهد في الموضوع أن الجهاز الفني فشل في إيجاد البديل المناسب
بل وفشل أيضاً في تدوير اللاعبين لتوزيع الحمل عليهم، والأهم من ذلك أنه لم يتم
استغلال لاعبي الاحتياط بشكل مناسب.
رابعاً: هناك أزمة نوع في برشلونة وأزمة كم، يضاف اليها مشكلة في توزيع
اللاعبين على مراكز اللعب.
·
الإخفاق
الكبير في صفقات اللاعبين هذا الموسم وهذه خطيئة يتحمل مسؤوليتها المدرب والمدير
الرياضي ورئيس النادي
·
سوء
توظيف اللاعبين في الملعب مع تغيير في المراكز وعدم استغلال اللاعبين في المراكز
المناسبة. لم يتم التعاقد مع لاعب ظهير يمين بديلاً لداني ألفيس وتم الاعتماد على
لاعب الوسط الممتاز سيرجي روبيرتو الذي فشل في المركز الجديد وكان نقطة ضعف واضحة
في العديد من المباريات.
ماسكيرانو الذي يلعب في مركز الوسط المتأخر في منتخب
الأرجنتين وكان أفضل لاعب في هذا المركز في كأس العالم الماضية، يشغل مركز قلب
الدفاع في برشلونة، ورغم انخفاض مستوى بوسكيتش الا ان المدرب لم يستطع استغلال
ماسكيرانو في مركزه الأساسي في خط الوسط.
المدافع الشاب مارلون لم يأخذ حقه في اللعب رغم الأزمة
الدفاعية التي يعاني منها الفريق.
·
عدم
تصعيد لاعبين شباب من فريق B ربما للمرة الأولى في تاريخ
برشلونة ويعود السبب الأول الى اعتماد المدرب انريكي على الأسماء والنجوم
المعروفين وعدم امتلاكه روح المغامرة والشخصية القوية.
·
الفريق
حالياً يعاني من عدم وجود دكة بدلاء بمستوى متميز (أزمة نوع) رغم وجود عدد كبير من
اللاعبين (أزمة كم)، والأهم من ذلك أن الفريق يعاني من تخمة زائدة جداً في عدد
لاعبي الوسط مقارنة مع لاعبي الدفاع والهجوم! (مشكلة في التوزيع) مع اعتماد شبه
كلي على نجوم الفريق MSN الذي من النادر ان يتم استبدال أحدهم او عدم وجوده في التشكيلة
الأساسية ولا يوجد لهم بديل في الفريق سوى اللاعب باكو الذي لم يثبت نفسه.
في خط الدفاع لا يوجد سوى ثلاثة
لاعبين في مركز قلب الدفاع (بيكيه ماسكيرانو وأومتيتي) مع عدم استغلال مارلون كما
سبق ان ذكرنا
وهذا يفسر الضغط الهائل في عدد المباريات على
الخطين الأمامي والخلفي للفريق.
خامساً: علاقة اللاعبين ببعضهم البعض وعلاقتهم بالمدرب. كانت الأجواء
سلبية للغاية بين اللاعبين أنفسهم وبين اللاعبين والمدرب، واللوم هنا على المدرب
والجهاز الفني الذي فشل في التواصل مع اللاعبين وفرض شخصية الفريق في الملعب.
هذه الأسباب مجتمعة أدت الى تذبذب المستوى وظهور فوارق فنية
هائلة في مستويات الفريق حيث عانى النجوم من ضغط هائل في بعض المباريات مع انخفاض
القدرة البدنية رافقها سوء قراءة فنية للمباريات. وإذا كانت هذه الأسباب قد حرمت
برشلونة من التتويج ببطولة الدوري رغم تحقيقه ارقاماً مميزة هجومياً ودفاعياً
فإنها كانت وراء تقديمه مستويات كارثية في بطولة أبطال أوروبا وتلقيه خسائر كبيرة
أمام فرق لم تكن تشكل واجساً لبرشلونة قبل سنوات، ففريق باريس جيرمان الذي سحق
برشلونة برباعية كان محطة عبور لبرشلونة لعدة سنوات، وفريق يوفنتوس الذي فاز على
برشلونة بثلاثية هذا الموسم كان قد خسر النهائي قبل عامين أمام برشلونة بالذات بنتيجة
3-1 مع الرحمة! وهذا مؤشر على انخفاض عام في أداء الفريق وابتعاده عن مستواه
المعروف قارياً للعام الثاني على التوالي.
في حين نجد ان مدريد قدم مستويات شبه ثابتة باستثناء فترة قليلة
من الموسم، واعتمد كثيرا على دكة البدلاء والوجوه الشابة، وقام بإراحة اللاعبين
وتدويرهم مما ساعد على توزيع الحمل البدني عليهم حيث كانوا جاهزين فنيا وبدنيا في
الأوقات الحاسمة، كما استطاع زيدان رفع الروح المعنوية للفريق وبث أجواء الثقة بين
اللاعبين الشباب واعطائهم الفرصة لإثبات أنفسهم مما رفع روح التنافس بين اللاعبين.
اللافت أن برشلونة لم يخسر في
مواجهة فرق المقدمة خلال هذا الموسم اطلاقاً في حين أنه خسر امام فرق متوسطة المستوى،
حيث خسر امام آلافيس (المركز التاسع) سيلتا فيجو (13) ريال سوسيداد (6) وملقة (11)،
في حين خسر مدريد ثلاثة مباريات امام فرق قوية هي
برشلونة اشبيلية وفالنسيا وتعادل في ستة مباريات ولكنه كان حاسماً في بقية
المباريات مع عدم إغفال دور التوفيق والحظ الذي ابتسم للفريق في عدة مباريات.
إذا أراد برشلونة العودة الى سابق عهده، لن يكون كافياً
تغيير المدرب والجهاز الفني، ولكن عليه الاستغناء عن عدد كبير من اللاعبين ما بين
ستة الى ثمانية، مع عقد صفقات نوعية يتم فيها إعادة تشكيل الفريق وتوزيع اللاعبين
على المراكز بشكل متوازن، ورفد الفريق باللاعبين الشباب.
وهذا يتطلب إعادة الاعتبار لمدرسة المستايا التي فقدت
الكثير من بريقها في عهد رئيس النادي الحالي والمدرب إنريكي، كما يجب أيضاً تعيين
مدير رياضي للنادي صاحب شخصية قوية قادرة على استكشاف المواهب من خارج النادي وقادرة
ايضاً على استغلال الموارد البشرية والرياضية للنادي بالشكل الأمثل.
كما يجب على إدارة النادي النظر في الاستغناء عن أحد نجوم
الفريق في حال توفر صفقة ضخمة للنادي يستطيع من خلالها إعادة تكوين الفريق وتمويل
صفقاته القادمة، فالفريق لا يجب أن يكون رهناً للأسماء.
مبروك لريال مدريد تصميمه وروح الفريق التي لعب بها هذا
الموسم وثبات المستوى، مبروك لمدريد استثمار المواهب الشابة واعطائها الفرصة، والى
لقاء في موقعة السوبر هذا الصيف J
أيمن يوسف أبولبن
22-5-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق