الاثنين، 11 مارس 2019

"بيل غيتس" الثري الذي أتمنى أن أكون





في عام 2006 وبينما كان “بيل غيتس“ مصنفاً كأغنى شخص في العالم بثروة تزيد عن خمسين مليار دولار، تناقلت بعض المواقع الإخبارية تصريحا صحفيا له يقول فيه إنه لن يوصي لأبنائه من بعده بأكثر من مليار دولار، في حين إنه سيوصي بباقي ثروته لمجموعة من المؤسسات الخيرية وبعض المستشفيات والمشاريع التنموية.
وحين سؤاله عن الحكمة من وراء ذلك، وإذا ما كان في هذا إجحاف في حق أبنائه، رد بالقول إنه قد جمع ثروته كلها من لا شيء، فإذا كان أبناؤه غير قادرين على النجاح وتحقيق ذواتهم بالاعتماد على هذا المبلغ "الضخم"، فإنهم على الأرجح سيضيعون ثروته لو أوصى بها لهم!
كان هذا التصريح مثار جدل، كونه يتنافى مع ما يفعله غالبية الأثرياء بل وعامة البشر، من خلال محاولتهم تعظيم ما يمكن أن يتركوه من ورائهم لعوائلهم، وخوفهم الفطري (المبالغ به) من مصير أولادهم من بعدهم. والمفارقة هنا أن معظمنا يتملّكه شعور عارم بضرورة التوفير وترك الثروات لمن يخلفنا ولو كان ذلك على حساب مستوى معيشتنا، في حين لا تجد هذه الثروات من يحفظها ويقدّر الثمن الباهظ الذي دفع فيها، فتضيع هباءً في أغلب الأحيان!
أذكر أنني تناقشت حول وصيّة “بيل غيتس“ حينها مع بعض أفراد العائلة وأبديت تأييدي لموقفه قائلاً إن أي شخص في العالم مهما تعاظمت أحلامه وطموحاته فهو لن يحتاج إلى أكثر من مليوني دولار ليعيش حياة رافهة لا يخشى بعدها الفقر، مليونٌ واحدٌ لتأسيس مستلزمات العيش، ومليون آخر للاستثمار والعمل، وأضفت مازحاً: وأنا شخصياً لا أطمح بأكثر من مليون دولار!
في عام 2016 نشر موقع تابع لجريدة سان فرانسيسكو كرونيكال، تقريراً جاء فيه أنه ليس لدى “بيل غيتس“ صندوقاً بمليار دولار ينوي توريثه لأبنائه، وأن ثروته جميعها ستكون من نصيب الجمعيات والمشاريع الخيرية، وأنه يحرص على تشجيع أبنائه على إكمال دراستهم الأكاديمية والاعتماد على أنفسهم!
من المعروف أن “بيل غيتس“ يقوم سنوياً بتقديم الدعم المادي المباشر والمعنوي لعديد من المشاريع الخيرية والتطوعية في أنحاء العالم، وخاصة في حقول الصحة والمستشفيات، والبيئة النظيفة، وخدمة المجتمع، والبحوث العلمية، كما أنه استقال مؤخراً من منصبه كمدير تنفيذي لشركة مايكروسوفت التي أسّسها، كي يتفرغ لإدارة المؤسسة الخيرية التي أنشأها رفقة زوجته، وهو يقوم وبشكل دوري بنقل حصصه من أسهم شركة مايكروسوفت لصالح المؤسسة الخيرية، بحيث أصبح لا يملك باسمه الشخصي سوى واحد بالمئة فقط من مجموع المساهمين!

 لم يتوقف مسلسل الجدل مع “بيل غيتس“، فقد أعاد الجدل مجدداً مطلع هذا العام، عندما نشر أحد العاملين في مطعم للوجبات السريعة صورته وهو يقف في طابور بانتظار شراء وجبة هامبرغر لا يتعدى ثمنها سبعة دولارات!
تخيلوا معي أعزائي أن هذا الرجل الذي تم تصنيفه أغنى رجل في العالم ستة عشر مرة خلال حياته، يقوم هو بنفسه بالنزول الى الشارع لشراء وجبة سريعة ويقف في الطابور مع عامة الشعب، دون أن يشعر بأي تقليل من احترامه أو قيمته، في حين أن من يملك جزءاً بسيطا من ثروته، يأمر أحد العاملين معه لإحضار مستلزماته أو يقوم بالاتصال بخدمة التوصيل!
والغريب أيضاً أن من يملك جزءاً ضئيلا من الثروة يعتكف في قصره ويقتصر ظهوره على الحفلات العامة والمراسم والظهور الإعلامي، معتبراً أن ظهوره بشكل علني بين عامة الشعب مُقلقٌ أو على أقل تقدير لا يحافظ على الهيبة والمكانة الاجتماعية!

صورة “بيل غيتس“ طرحت سؤالاً عميقاً، ماذا لو أصبحتَ مليونيراً أو مليارديرا؟ كيف سيؤثر هذا على سلوكك وحياتك اليومية، هل ستمارس نفس النشاطات وتحتفظ بعلاقاتك مع نفس الأشخاص والمجتمع الذي تنتمي إليه؟
هل ستحافظ على نفس عاداتك وهواياتك ومطاعمك المفضلة ونوعية الطعام الذي تفضل، والملابس التي تلبس، بالأحرى من هو الشخص الذي ستكون إذا أصبحت غنياً؟
“بيل غيتس“ وغيره من الأثرياء الحقيقيين، لم يعتبروا أنفسهم من طينة أخرى، ولم يعتكفوا المجتمع، بل استمروا في المحافظة على عاداتهم وسلوكهم المتواضع، فهم لا يجدون ضيراً من تناول وجبة في مطعم شعبي ثمنها لا يزيد عن عشرة دولارات لمجرد أنهم يستلذّون بطعمها، ولا يتعالون عن ارتداء قميص ثمنه عشرة دولارات لمجرد أنه راق لهم، وفوق ذلك فهم لا يعتبرون ثروتهم ملكاً لهم وحدهم بل ملك للمجتمع وللعالم، ويرون أن للآخرين حق في العيش الكريم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية.

وهذا يقودنا للحديث عن أثرياء عالمنا العربي، أو أثرياء العالم الثالث، ما هي المشاريع النهضوية غير الربحية التي حرصوا على إنشائها أو دعمها، ما هي المشاريع الاستراتيجية بعيدة المدى التي ترفد المجتمع والبيئة والبحث العلمي والطاقة البديلة والتعليم والصحة؟
أين هي المشاريع الاقتصادية لدعم القضايا الوطنية مثل قضية فلسطين وحصار غزة والمجاعة في الصومال، وسوء الرعاية الصحية في أفريقيا؟!

في كتابه (الأب الغني والأب الفقير)، يقول الأمريكي روبرت كيوساكي إن رجال السياسة في دول العالم الثالث فاشلون اقتصاديا لعدة أسباب (إضافة الى الفساد)، وعلى رأس تلك الأسباب أنهم لم يأتوا الى السلطة بناء على كفاءتهم وهم بالتالي ليسوا الأقدر على التخطيط للنهضة الاقتصادية ناهيك عن تنفيذ تلك الخطط.
كما أن التعليم في المدارس يفتقد لأمر غاية في الأهمية وهو (الثقافة المالية) وتعلّم كيفية الاستثمار وإدارة الثروات والتخطيط المالي، ولذلك تجد أن عامة الناس غير المتخصصين فاشلون في إدارة أموالهم عدا عن أنهم عاجزون عن خلق الفرص وجمع الثروات.
لقد وجدت في هذا التحليل إجابة لتساؤلات عدّة ليس فقط في أسباب المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها بلادنا وشعوبنا، بل وفي نوعية الأثرياء الذين تحفل بهم منطقتنا وجلّهم قد حصل على ثروته بطرق لا تمت الى الكفاءة بصلّة!

“بيل غيتس“ كان دوماً مثلي الأعلى في ريادة الأعمال، ليس فقط لريادته في عالم الحاسوب وإنشائه لشركة مايكروسوفت العملاقة، ولكن لإنسانيته التي حافظ عليها، ونجح في الاعلاء من قيمتها تماماً كما نجح في بناء ثروته.
ففي الوقت الذي يطمع غالبية البشر في الإعلاء من قيمتهم بزيادة أملاكهم وزيادة قيمة محافظهم المالية، ويعتقدون أن قيمتهم بين البشر هي انعكاس لقيمة ممتلكاتهم، فإن الأغنياء الحقيقيون يؤمنون أن قيمتهم وتقديرهم لأنفسهم هو انعكاس لمدى مشاركتهم ما يملكون مع الاخرين، وبقدر ما يعيشون ضمن إطار هذا العالم ببساطة ودون تعقيد أو أنفة!

“بيل غيتس“ لا أطمح أن أصبح مليارديرا مثلك، في الحقيقة فإني أصاب بالذعر حين أفكر بالثروات الضخمة والأصفار التي تحملها، ولكني أطمح أن أعيش إنسانيتي كما تعيشها!

 أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

9-3-2019

الثلاثاء، 19 فبراير 2019

الطغاة يعيشون إلى الأبد!



في مشهدٍ مسرحي أقرب إلى روايات الفانتازيا، يطلّ رجلٌ مُقعد، تدور مُقلتاه تائهتين أمام عدسة الكاميرا، وتطغى عليه ملامح مومياء عادت إلى الحياة، ويعلن رجلٌ على مقربة منه، أن هذا الرجل المترنح بين الموت والحياة سيستكمل مسيرة الإصلاحات وسيخوض منافسات الرئاسة الجزائرية للمرة الخامسة على التوالي، مستمراً في الحكم منذ عام 1999، مؤكداً ألاّ أحداً غيره يستطيع تأمين الاستقرار في البلاد وضمان الاستمرار في طريق الإصلاح.

بوتفليقة المدعوم من السلطة العسكرية، كان قد عمل على تعديل الدستور الجزائري الذ كان ينص على عدم جواز استمرار الرئيس في الحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين، لضمان استمراره في الحكم إلى الأبد، ورغم معاناته الصحية وتعرّضه لجلطات دماغية متلاحقة أدّت في النهاية إلى غيابه عن المشهد الإعلامي، وعدم قدرته على ممارسة شؤون الحكم والنهوض بمسؤولياته، إلا انه يبدو مصرّاً على عدم مغادرة كرسي الحكم، إلى حين دخوله القبر، أو لعلّه يبحث عن اكتشاف علمي جديد يؤهله لمواصلة الحكم عبر العوالم الخفية للموت!

وعلى نفس المنوال، يسير المشير المنقذ عبد الفتاح السيسي على نفس الخطى، بعد ان أقرّ مجلس الشعب المصري تعديل الدستور بشكل يسمح للسيسي بالاستمرار في الحكم لمد 16 عاماً قادمة على أقل تقدير، ليصل إجمالي سنوات حكمه إلى عشرين عاماً.

السيسي الذي كان قد أعلن عدم نيته للترشّح للرئاسة بعد تنفيذه انقلاب يونيو، ثم عزى رغبته في الحكم (بعد أشهر قليلة) إلى الرضوخ لرغبة الشعب!
ثم أعلن مراراً عقب ذلك أمام الملأ وعلى شاشات التلفزيون العالمية، ألاّ مكاناً لطاغية في مصر وأن الدستور فوق الجميع، وأن أحداً لن يتمكن من الاستمرار في منصب الحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين، ثم عاد مرة أخرى للقفز على كل ذلك وتمرير تعديل الدستور الذي جاء مفصّلاً وبالمقاس على مواصفات شخصه، ومرّة أخرى يسوّغ كل ذلك بالرضوخ لرغبة الشعب!

جاء في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي: ((لم يبتكر العقل البشري مكيدة أبشع من الحق والحقيقة ولست أجد انساناً في هذه الدنيا لا يدّعي حب الحق والحقيقة حتى أولئك الظلمة الذين ملأوا صفحات التاريخ بمظالمهم التي تقشعر منها الأبدان .. لا تكاد تستمع إلى أقوالهم حتى تجدها مفعمة بحب الحق والحقيقة!))

ويستمر مسلسل التطبيل والاستهبال في الاعلام المصري، في محاولة غسيل دماغ وتدجين في آن واحد، في حين كشّرت السلطة الأمنية عن أنيابها وبات واضحا وبما لا يدع مجالاً للشك، أن قبضتها الأمنية ستلاحق كل من تخوّل له نفسه معارضة التعديلات الدستورية أو الاعتراض على النهج السيساوي لحكم البلاد. يأتي ذلك مع استمرار اكتظاظ السجون بالمعارضين السياسيين، واستمرار إصدار المحاكم لقوائم الاغتيال، التي تزداد تخمةً شهراً بعد آخر.

وعلى غرار المخلّص في الجزائر، يتم الحديث وبشكل مستمر عن خلو مصر من أي كفاءة وحكمة واقتدار ووقار كتلك التي تجتمع في شخص السيسي، بل إن من يتابع الاعلام السيساوي يمر بخاطره أن هذا الرئيس هو من بواقي أثر الرسل عليهم السلام، وأنه لا ينطق عن الهوى!
 
غير بعيد عن هذا كلّه، يتأهب الرئيس بشار الأسد بطل المقاومة والممانعة للعودة الى الساحة الدولية والحظيرة العربية، بعد ان أنهى حلم السوريين في أن ينعموا بحقوقهم الانسانية الأساسية أو أن يعيشوا في بيئة ديمقراطية تمكنهم على الأقل من الاختيار بين حزب البعث "الإلهي الحكم" وبين غيره.
حيث بات من المؤكد أن الشعار الذي اتخذه شبيحة النظام إبّان الثورة السوريّة (الأسد إلى الأبد) قد أصبح حقيقة مؤكدة لا مجال للشك فيها، بل إنني أبشرّكم بأن شعار "الأسد" ليس محصوراً ببشار بل مستمر في نسله إلى أبد الآبدين، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!
وكما تم تعديل الدستورين الجزائري والمصري، فقد تم تعديل الدستور السوري كذلك من قبل مجلس الشعب بعد وفاة حافظ الأسد لتمكين نجله الدكتور بشار من الترشّح للحكم، نظراً لخلو المواطنين السوريين من الجينات السماوية التي تسمح لهم بممارسة شؤون الحكم (باستثناء آل الأسد)!

هذه الحالة من الكوميديا السوداء التي تعيشها المنطقة العربية، تفرض علينا ان نسأل أنفسنا: هل هذا حقيقةً هو ما يستحقه الشعب العربي؟ وهل تتحمّل الشعوب العربية مسؤولية ما يحدث؟
ليس أصعب من طرح هذا السؤال إلا محاولة الإجابة عليه.
لا شك أن استمرار هؤلاء الطغاة ما كان ليحصل لولا تآمر عصبة من الفاسدين والمستفيدين، وتسخيرهم لغيرهم بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، وباستغلال سذاجة شريحة كبيرة من فئات الشعب.
ولكن مما لا شك فيه أيضاً أن الأغلبية الصامتة التي توقفت عن الحراك ومحاولة التغيير والاكتفاء بما في القلوب، على اعتبار أن ذلك أضعف الايمان، هي من تمتلك الكلمة السرية ومفتاح التغيير، وهي وحدها القادرة على القول الفصل.

فهل ستستمر الأغلبية الصامتة في صمتها ويزداد الطغاة في معيشتهم السرمدية الأبدية!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
18-2-2019


الخميس، 31 يناير 2019

الشمعة الأخيرة في كانون



(1)

تحلّق الأولاد حول الطاولة المستديرة التي تتوسّط بيتهم الصغير، والتي يدعونها (طاولة الوسط) لأنها إضافة إلى كونها تتوسط صالون بيتهم المتواضع، فإنها متوسطة الارتفاع بحيث تصلح لأن يجلسوا على الأرض وتنزلق أرجلهم تحتها، بعد أن يأخذوا وضعية "الجلوس التربيعي".
كان هناك وهجٌ من نور يصدر عن صوبة "البواري" التي تمُدّهم بالدفء الممزوج بالسرور والطمأنينة، فوجود هذه المدفأة في زاوية بيتهم، يُعد ضرباً من البرجوازية، وسط بيوت لا تألف سوى صوبة "علاء الدين" التي تملأ المكان برائحة "الكاز" المُثيرة للدُوار.
كما أن لها استخدامات متعددة تبعث على السعادة، مثل عمل القهوة والشاي، وتنشيف الملابس، وتسخين الخبز، وعمل السندويشات الساخنة السريعة، قبل أن يدخل "الجريل" و "الميكرويف" قاموس معرفتهم.

وما أن أحضرت الأم الشمعة التي كانوا بانتظارها، بعد أن انقطعت الكهرباء فجأة في حيّهم، موضوعةً في منفضة سجائر، حتى بدا بيتُهم أكثر اتساعاً، وبدأت الظلال بالانتشار حولهم والتعلّق بجدران وسقف البيت.

وحدهُ “أحمد” نظر باستغراب إلى تأثير الضوء على العتمة، فيما أخذ إخوته بالتسامر، مركّزين انتباههم على مركز الغرفة هذه اللحظة، ضوءُ الشمعة الذي يمحو الظلام، ويُعطي الأمل بليلةٍ جميلة، شاعرية ودافئة.

ملأت الابتسامة وجه الأم وجلست بينهم بعد أن أفسحوا لها في المجلس، وأخذت توزّع عليهم كاسات الشاي الساخنة وقطع من البسكويت المُربّع الشكل، وبدأوا بدورهم بوضع البسكويت في الشاي ثم دلفه الى أفواههم قبل أن يتساقط بين أيديهم، من السخونة. كان هذا بالنسبة لهم ألذّ من وجبة دسمة!
تناثر الفرح برويّة وبساطة، وانتشرت السعادة بعفويّة مثلما ينتشر الهواءُ الدافئ حولهم.

اقترحت “حنان” أن يلعبوا "لعبة الصراحة"، تلك اللعبة التي يُحبّوها جميعا، باستثناء أكبرهم “خالد”، الذي يعتبر هذا النوع من "الاستجوابات" مع من هم أصغر منه عُمراً ومعرفة في الحياة، نوعاً من العقاب المعنوي.

شجّعتهم الأم وحثّت “خالد” على مشاركتهم، ولكنها قالت بصوت عالٍ أنها لن تشارك وستكتفي بمجالستهم، تعالت الأصوات الرافضة، والمتوسلة وانهمرت على مسامع الأم، التي وافقت بعد إصرار وعناد متبادل على المشاركة.

نهض "حسن" الابن الأوسط وأحضر قلم رصاص مع محّاية في عقبه، كان يخبّاه في "النمليّة" التي تفوقهم عمراً، وعاد مُسرعاً وكلّه نشاطٌ وحيوية.

دار القلم واستقر عقبه نحو “أحمد” فيما كان رأسه يشير الى “خالد”، انطلقت الضحكات سريعاً من حسن وحنان، فيما بالكاد حبست الوالدة ضحكتها، وظهر الضيق على “خالد”، كونه يعلم جيداً أن أقسى عقوبة يمكن أن يتعرّض لها في هذا البيت هو اضطراره لمجاراة أسئلة “أحمد” الصغير ذات الإجابات المفتوحة.
فرك “أحمد” يديه، وبدا مستعدا للانقضاض على خصمه، ولكنه تريّث قليلاً وظهر عليه التردّد، ثم تحدّث ببطئ وسكينة: هل تتحقّق الأحلام؟ أقصد تلك الخيالات في الأحلام؟
دقٌق “خالد” النظر في عيني “أحمد” مليّاً، كأنهما ثُقبان أسودان يؤديان الى العوالم الخفية لنفسه، ثم قال وقد رجّح أن يكون “أحمد” قلقاً من حُلْم سيء مرّ به: هي كما قلت أنت، خيالات وأفكار غريبة تمرّ علينا، ولكنها ليست واقعاً يتحقق.
بعد صمت، قال “أحمد” وهو ينظر نحو أمه، قبل أيام حلمتُ أننا نمشي وسط أناس كثيرين كأننا في سوق كبيرة، وهم يدعوننا ويُغرونا ببضاعتهم التي يعرضون، ومع مرور الوقت تفرّقنا جميعاً، ولم يبقَ سوى أنت وأنا يا أمي، فالتصقت بك وأمسكت بتلابيب ثوبك، وفي لحظة خوف، انزلقت منك وتُهتُ بين الناس، ثم لا أعلم كيف عُدت أدراجي إلى البيت، ولكني لم أجد أحداً!
 قبضت الأم على يد “أحمد” وشدّت عليها خوفاً وقلقاً، ولكنها في ذات الوقت كانت تمدّه بالطمأنينة والثقة والوعد بأنه لن ينزلق منها أبداً.

دار القلم، وهذه المرة وقف الرأس أمام الأم والعقب نحو “حنان” ، انطلقت “حنان”  بالسؤال وكأنها كانت بانتظار هذه القرعة: لماذا يتردد والدي في حسم أمر دراستي الجامعية، لماذا يُشعرني بأنه لم يحسم الأمر، في حين أني أعلم أنه راغبٌ وبشدة في أن أكمل دراستي وأستمر في تفوقي؟!
احمرت وجنتا الأم وبدا ذلك واضحا عليها رغم ضوء الشمعة المُصفرّ الخجول، ولكنها حسمت جوابها سريعاً: أبوكِ حريصٌ على مصلحتكم، ويصبو إلى الأفضل دوماً، وقد قضى عمره في خدمة هذا البيت الصغير وبيت العائلة الكبيرة. وقد زادت مسؤولياته بعد وفاة جدك، واضطراره للعمل في وظيفة إضافية، وهو ما يجعله يقضي معظم وقته خارج المنزل.
حجم المسؤوليات هذا، هو ما يدفعه للتفكير أكثر من مرة كي يطمأن إلى أنه سيكون قادراً على تغطية جميع مصاريفنا إضافةً إلى مصاريفك الجديدة.
ولكن، كوني متأكدة أنه لن يُقصّر معك في شيء، وسيفعل المستحيل من أجل تأمين دراستك، ولو بقي معي من ذهبي شيءٌ لكنت بعته من أجلك!

كاد الحديث أن يتحول لفيض من المشاعر المكتومة، وكادت الدموع أن تتقافز من عيني “حنان” ، ولكن "حسن" أخذ القلم وأداره بسرعة وهو يقول (خلص بدناش دراما هسّا!).

وهذه المرة أتت الفرصة لحسن في توجيه سؤال لشقيقه الأكبر، تأفف “خالد"، وهو يقول في نفسه (جاءك الموت يا تارك الصلاة!). ارتسمت الابتسامة الصفراء على مُحيّا "حسن"، وفكّر قليلاً ثم قال: لن أسألك عن الرسائل التي تكتبها في الغرفة عندما تغلقها على نفسك، ولا عن رائحة السجائر التي أشمّها عابقةً في ثيابك بعد عودتك من الجامعة، ولكني أريد أن أعرف لماذا لا تدعني أسهر معك أنت وحنان على المسلسلات الأجنبية على قنال 6؟
- لأنها تأتي متأخرة، تبدأ الساعة العاشرة والربع مساء، في حين أنه لديك دوام في اليوم التالي.
- ولكن أصحابي في المدرسة يتابعون تلك المسلسلات، فلماذا لا أتابعها أنا؟! في كل يوم يسخروا مني حين يتحدثون عن أحداث المسلسل ويقولوا لي إنك تنام مبكراً كالأطفال!

أحس “خالد” ولأول مرة بالإحراج وشعر بمرارة حسن، رغم أنه لم يكن يستمع له سابقاً، بل كان يقمعه مع بداية أي نقاش.
كانت الأم تتابع بشغف ولكنها منعت نفسها من التدخل، راجيةً أن يتصرف “خالد” بشيء من العاطفة والتفهّم.
قال “خالد”: حسناً لك أن تختار أحد المسلسلات وتتابعها بشرط أن تراعي أوقات الاستيقاظ الصباحية، صرخ "حسن" بل اثنان، ابتسم “خالد” وقال فليكن!
قبّلت الأم رأس “خالد”، وصاح “أحمد” و "حنان" مبتهجين.

ساد السكون بعد هذا الحوار، ولكن الشيء الوحيد المؤكد كان شعور كل واحد فيهم، بالحب والامتنان لتلك اللحظة التي جمعتهم على ضوء شمعةٍ في كانون.

عادت الكهرباء، وانبعث الضوء مجدداً الى الغرفة قادماً من خارج النوافذ، ولكن أحداً منهم لم يغادر موقعه، ولم يطفئ الشمعة، وكأنهم تمنّوا ألا تعود الكهرباء، أو الأصح انهم تمنّوا ألا تنطفئ الشمعة وألا تنتهي جلستهم تلك!

(2)

دار “أحمد” وسط البيت مشدوهاً، ووقف في ذات المكان الذي جمعتهم فيه "طاولة الوسط" تلك الليلة، ثم نظر إلى جدران الغرفة، مستغربا من مساحتها الضيقة، والتي كان يتصورها واسعةً فسيحة. كان ذلك قبل أربعين عاماً!
ثم هبط وجلس أرضاً في تلك البقعة، محاولاً استرجاع تلك الصورة البعيدة-القريبة، واستشعار ذلك الدفء الذي كان يلف المكان في كانون.

قطع سكونَه، صوتٌ من داخل غرفة النوم؛ كان قد نسي صديقه الذي يرافقه في تلك الزيارة أو لعلّه تناساه، وتناسى الغرض الذي جاء بهما.
ثم تعالى الصوت وصاحبُه يقترب منه، يا أبا يوسف، لقد اشتريتُ، ووافقتُ على السعر الذي طلبتَه.

رفع “أحمد” رأسه قليلاً، وشرد فكرهُ، وهو يتمعّن في وجه صاحبه ومعالمه المُستبشرة، ثم قال وهو غارق في شعور نوستاليجي يفيض بالحنين إلى الماضي: وهل الثمن يشملُ الشمعة أيضاً؟!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

30-1-2019

الثلاثاء، 22 يناير 2019

26 شخصاً يمتلكون نصف ما تمتلكه البشرية جميعها




حسب بيانات مجلة «فوربس»، فإن 26 شخصاً يملكون ما يملكه 3،8 مليار نسمة هم الأكثر فقرًا في العالم، بعدما كان عدد أغنياء العالم 42 عام 2017.


كما أن ثروة أصحاب المليارات في العالم ازدادت بمقدار 900 مليار دولار العام الماضي، بوتيرة 2،5 مليار دولار في اليوم، بينما تراجع ما يملكه النصف الأفقر من سكان العالم بنسبة 11 بالمئة.


وأظهر التقرير تضاعف عدد أصحاب المليارات منذ الأزمة المالية عام 2008، مشيراً إلى أن «الأثرياء لا ينعمون بثروة متزايدة فحسب، بل كذلك بنسب ضرائب هي الأدنى منذ عقود».


يذكر أن أغنى رجل في العالم هو رئيس «أمازون» جيف بيزوس بثروة تقدر ب 112 مليار دولار «تعادل ميزانية الصحة في إثيوبيا واحد بالمئة من ثروته».


يأتي هذا في الوقت الذي يموت فيه عشرة ألاف فقير في العالم "يوميا" بسبب عدم الرعاية الصحية!


المعادلة التي نستنتجها:
*كلما اشتد الوضع الاقتصادي صعوبة، زاد الفقر وزاد الأغنياء غنىً، يموت الفقراء وتتضخم جيوب الأثرياء!*


#الفقر #أغنياء_العالم

أيمن يوسف أبولبن
22-1-2019


الاثنين، 14 يناير 2019

نظرية الأرض المسطحة، عودٌ على بدء



بعد نشر مقالي حول نظرية الأرض المسطحة، كانت هناك العديد من النقاشات والردود حول تلك النظرية.
لا شك بأن فكرة الأرض المسطحة متأصلة في التاريخ وفي علوم الدين، وان هناك العديد من الشكوك التي تحوم حول غزو الفضاء، وهبوط الإنسان على سطح القمر، إضافة إلى عدّة تساؤلات حول ما تخفيه قارة انتاركتيكا، وهو ما غذّى الشكوك حول كروية الأرض ودفع بفكرة الأرض المسطحة للبروز الى السطح مجدداً.

الفكرة التي دفعتني لكتابة ذلك المقال، وعرض تلك النظرية والدعوة إلى نقاشها، كانت بسبب تحوّل فكرة كرويّة الأرض إلى واحدة من المُسلّمات غير القابلة للنقاش، ونتيجة لذلك توقفت عقولنا عن مجرّد التفكير بها أو تأمّلها.  وفوق هذا فلقد توقفنا عن محاولة فهم القوانين المتعلقة بها وتأثيراتها على حياتنا اليومية المعتادة.

والدليل على ذلك، أن معظم الذين هاجموا المقال، واعترضوا عليه، ومعظم الذين دخلت معهم في حوار وجدال، لم يكونوا يملكون أدنى فكرة عن الموضوع "علمياً"، ولم يقوموا بإجراء أي نشاط (عملي أو ذهني) لإثبات أو نفي تلك النظرية.

والدافع الثاني للكتابة، كان إقحام الدين بشكل مبتذل ومسيء في هذه القضية. لقد تفاجأت حقيقةً، عندما بدأت في البحث في هذه المسألة من كم المحاضرات الدينية والفيديوهات والكتب التي تؤيد هذه النظرية أو تلك، وكل معسكر يحاول جاهداً إثبات أن فهمه لكتاب الله هو الفهم الصحيح، ويتهم المعسكر الآخر بالتخلّف والحياد عن الحق، دون الالتفات الى الصورة الكاملة، والتي كانت تسيء للدين عموماً بغض النظر عن صحة أو عدم صحة نظريته، ففي النهاية كان الدين هو الخاسر الأكبر!

من خلال مقالي اليوم أود التحدث عن بعض القوانين والحقائق التي نتأثر بها بشكل شبه يومي، وتؤكد كروية الأرض، ولتجديد القول إنه مهما ارتقت الشكوك حول صحة معلومات ناسا وغزو الفضاء والوصول الى سطح القمر وتوثيق التسجيلات لهبوط أول إنسان على سطح القمر، فأنها لا ترقى إلى مرحلة الثبوت القطعي (علمياً على الأقل) ، كما انها لا تستطيع دحض حقيقة كروية الأرض، رغم وجود بعض الأسئلة التي تبقى عالقة.

حركة النجوم حول المحور


هناك محورين للأرض (القطب الشمالي والقطب الجنوبي) وحول كل من هذه المحاور أو الأقطاب تدور مجموعة مختلفة من النجوم، حيث تتميز النجوم في القطب الشمالي عنها في القطب الجنوبي، فمن يراقب حركة الأقمار في الجنوب سيشاهد مجموعة معينة من النجوم تدور حول مركز القطب الجنوبي، والتي تختلف اختلافا تاما عن النجوم التي تدور حول القطب الشمالي، وهذا يُثبت أن هناك محورين للأرض، ويتطابق هذا مع كروية الأرض.

إثبات حركة النجوم في القطب الجنوبي

دوران القمر ودوران الأرض


قامت الصبن مؤخراً بإطلاق مسبار قمري لاستكشاف الجانب المظلم من القمر، وكانت الصين قد أطلقت قمراً صناعياً في شهر أيار من العام الماضي ليكون حلقة وصل بين كوكب الأرض والمسبار الذي تم اطلاقه حديثاً.
ومن المعروف أنه بسبب كروية الأرض ودوران القمر حولها، ودوران كلا الكوكبين حول نفسيهما فإن وجه القمر المقابل للأرض يبقى هو نفسه، فيما لا يظهر الوجه الأخر للقمر (الوجه المظلم).
وقد سبق لدول أخرى الوصول الى الجانب المظلم للقمر، ولكن دون الهبوط عليه. ومن خلال الصور والأبحاث فقد بدا الوجه المظلم للقمر مختلفاً تماما في بنيته عن الوجه الظاهر لنا، مما يؤكد مرة أخرى دوران الأرض، وبالتالي كرويتها.

خطوط الطيران


من المواضيع التي كانت مثار شك من القائمين على نظرية الأرض المسطحة، مسار الطائرات الذي يأخذ اتجاهاً أقرب الى الأرض المسطحة.
والحقيقة ان هناك ما يعرف بخطوط الطيران، والتي تختلف عن مسار الرحلات البرية، وقد كتب د. علي الوردي عن هذه النقطة في كتابه (مهزلة العقل البشري) وقارن بين خطوط الطيران الحديث التي تأخذ أقصر الطرق بالنظر الى كروية الأرض وتحدّبها، وبين الرحلات البرية على البعير والدواب، والتي ترتكز على المسافات الأفقية.

ومن هنا فإن مسار الطائرة يأخذ بعين الاعتبار تحدّب الأرض، ويتبع خطوط الطيران العالمية، ولا يسير وفق قاعدة الخط الأقصر بين نقطتين أفقياً، على عكس الأرض المستقيمة.

الغلاف الجوي


من الأمور الواجب الالتفات اليها، هو تأثير الغلاف الجوي للأرض على الأجسام القريبة منها، بمعنى أن كل ما يقع ضمن محيط الغلاف الجوي ينجذب للأرض ويتأثر بحركتها، ويصبح وكأنه جزء من حقل مغناطيسي عظيم تكون الأرض مركزه.
ويمتد هذا الغلاف الى مسافة 100 كم عن سطح الأرض وهو ما يعرف بخط "كرمان"، والذي يفصل بين حدود الغلاف الجوي والفضاء الخارجي.
ولذلك فإن القول (إنه لو كانت الأرض كروية وتدور حول نفسها فإن هذا يتنافى مع حركة الطائرات التي تنتقل من مكان الى آخر دون التأثر بحركة الأرض حول نفسها) هو كلام غير صحيح ومنافٍ للعلم.

والحقيقة ان الطائرات لا تخترق الغلاف الجوي للأرض لذا فإنها تبقى ضمن المجال "المغناطيسي" للأرض وتدور مع دوران الأرض، فالأرض بالنسبة لهذه الطائرات ثابتة.

المدارات والأقمار الصناعية


لكوكب الأرض مدارات جغرافية دائرية ثابتة، وأي جسم يتم تثبيته في هذه المدارات يكون في موقع جغرافي ثابت من الأرض ويتحرك بحركتها تماماً وبكل دقة.
لذا نجد أن الأقمار الصناعية غالباً ما يتم تثبيتها في هذه المدارات فوق خط الاستواء وعلى ارتفاع قريب من 35 كم. وهذا ما يفسر ثبات هذه الأقمار بالنسبة للأرض وثبات التقاط اشاراتها من المراكز الأرضية، سواء كانت لأغراض الاتصالات أو المناخ أو الأغراض العسكرية.
ومن خلال الممارسة العملية، فإننا نقوم بتثبيت اللواقط التلفزيونية على درجة معينة لتتوافق مع الموقع الجغرافي لهذا القمر الصناعي أو ذاك، وحسب المدار الذي يدور فيه.
ولعلكم تذكرون أن أول قمر فضائي عربي للاتصالات والذي تم إطلاقه في أوائل التسعينيات، لم يتم تثبيته بنجاح في المدار وتم فقدانه بعد ذلك، لأنه لم يأخذ المسار الصحيح.

ناسا تنشر فيديو للأرض من مليون ميل

في النهاية، أجدّد القول بضرورة تقبّل الآخر واحترام الاختلاف بيننا، واعتماد الحوار سبيلاً وحيداً للنقاش والتواصل وصولاً إلى تقارب في وجهات النظر، وقواعد مشتركة للفهم.
ونذكر ختاماً بالقاعدة التي تقول، إن أفكاري ومعتقداتي صحيحة تحتمل الخطأ كما ان أفكار الآخرين بالنسبة لي خاطئة ولكنها تحتمل الصواب!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

14-1-2019

السبت، 12 يناير 2019

اكتشاف الجانب المظلم من القمر




قامت الصبن مؤخراً بإطلاق مسبار قمري لاستكشاف الجانب المظلم من القمر، وكانت الصين قد أطلقت قمراً صناعياً في شهر أيار من العام الماضي ليكون حلقة وصل بين كوكب الأرض والمسبار الذي تم اطلاقه حديثاً.
وتتخوّف الدول العظمى من المشروع الصيني ونواياه الحقيقية، حيث تخشى هذه الدول من إمكانية استفادة الصين من الموارد الطبيعية وغاز الهيليوم المتوافر بكثرة في القمر.


ومن المعروف أنه بسبب كروية الأرض ودوران القمر حولها، ودوران كلا الكوكبين حول نفسيهما فإن وجه القمر المقابل للأرض يبقى هو نفسه، فيما لا يظهر الوجه الأخر للقمر (الوجه المظلم).


وقد سبق لدول أخرى الوصول الى الجانب المظلم للقمر، ولكن دون الهبوط عليه.



ومن خلال الصور والأبحاث السابقة فقد بدا الوجه المظلم للقمر مختلفاً تماما في بنيته عن الوجه الظاهر لنا، مما حثّ العلماء على ضرورة استكشافه.

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
12-1-2019

القدم الصغيرة Small Foot



إذا كنت تبحث عن فيلم عائلي، مثير ومفيد وممتع، فعليك مشاهدة فيلم القدم الصغيرة small foot
رغم أنه فيلم أنيميشن، إلا أنه يحمل أفكارا عميقة ويطرحها بشكل بسيط، لذا فهو مناسب للكبار والصغار.
تقوم فكرة الفيلم على محدودية المعرفة البشرية، والخوف من التغيير.
وتدور قصة الفيلم حول مجموعة من المخلوقات التي تعيش بمعزل عن العالم في أعلى قمة جبل فوق الغيوم، ونظرا لخوف هذه المخلوقات من البشر، يضع الجدود الأوائل تعليمات عامة للأجيال القادمة ويحفرونها على الأحجار، وتتضمن عدم وجود مخلوقات أخرى وعوالم أخرى، وتصبح هذه المعتقدات قوانين لا شك فيها، ويقوم على حفظها سدنة وكهان.
وتأتي المفاجأة بوصول طائرة وعلى متنها طيار لتلك المنطقة ولقائه أحد المخلوقات. وهنا يبدأ الصراع بين قدرة هذا المخلوق على إقناع الآخرين بصدق رؤيته ومخالفة معتقداتهم القديمة، وبين القائمين على تعليمات الأجداد وتقديمها.
وهو ما يحدث أيضا مع البشر من خلال شخصية صحفي يقع في الصدفة في مواجهة هذا المخلوق.
الفيلم رائع للغاية وممتع، ويطرح أسئلة عميقة رغم بساطة العرض.
أنصح بمشاهدته رفقة العائلة.

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

12-1-2019