الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

"الدوّار الرابع" وتجريب المُجرّب!



عادت الاعتصامات الى محيط الدوّار الرابع بعد أقل من ستة شهور على الاعتصامات السابقة التي جاءت برئيس الحكومة الحالية (د عمر الرزاز) وإقالة حكومة د هاني الملقي.
الإحباط هو الشعور الذي يتملّك قلوب الأردنيين بعد فترة وجيزة من تشكيل الحكومة الجديدة، وأدى إلى عودة الاعتصامات والمظاهرات، وتكرار ذات المطالب، لا سيما أن سقف التوقعات كان مرتفعاً هذه المرة.

من خلال متابعة ما يجري في الميادين، وكذلك لقاءات دولة الرئيس مع الناشطين والمؤثرين مؤخراً، ومع احترامي لكل تلك المشاعر والمطالب المستحقة، إلا أنها جميعها لا تعدو أن تكون سطحية ولا تعالج سوى قشور الأزمة.
الإعفاء العام، إطلاق سراح المعتقلين، سحب قانون الجرائم الالكترونية، رفض قانون الضريبة، محاسبة الفاسدين، معالجة الوضع المعيشي الصعب، أو تنحّي الحكومة، وماذا بعد!
أعلم جيداً أن الحكومة الحالية منزوعة الصلاحيات ويشوبها التقصير، بل إن تشكيلتها لم تختلف عن النهج المتبع للحكومات السابقة مع حرصها أيضاً على التوافقات مع الدولة العميقة، ولكني أعلم أيضاً أن بعض الأصوات التي تتوجه لها بالنقد والتجريح لن تكون أفضل حالاً لو تولّت زمام المسؤولية وجلست على كرسي الوزارة، وهؤلاء المنتقدون يعلمون ذلك جيدا، ولكن في النهاية، يبقى الانتقاد ورمي سهام التقصير هو أسهل ما يمكن عمله!

لقد تكرّرت مطالبات الشعب الأردني في السنوات الأخيرة، بعزل الحكومات وتحميلها مسؤولية تدهور أحوال البلاد، بدءاً من المطالبة بعزل النسور، تلا ذلك المطالبة بعزل الملقي، وها نحن الآن نطالب باستقالة الرزاز، فهل ما زلنا نأمل أن تحصل المعجزة، بتعديل حكومي آخر؟!

هناك ثلاثة أنواع من العلاجات التي يعرضها الأطباء لمرضاهم، النوع الأول هو الوصفة الجاهزة، والتي تعالج نسبة كبيرة من الأمراض الشائعة ولا تستدعي أية فحوصات أو تحليلات أو متابعة بعد العلاج.
النوع الثاني هو الاهتمام بعلاج الأعراض الملازمة للمرض للتخفيف عن المريض، أما النوع الثالث فهو طويل الأمد، ويعتمد على التحليل والفحص الدقيق للوصول إلى سبب المرض ثم علاجه، لذا فهو يتطلب جهدا طويلا ومعاناة أطول.
وبالتالي، فإننا نستسهل النوعين الأول والثاني من العلاجات، لأنها لا تحتاج إلى جهد أو فحص وتمحيص، وهذا ما ينطبق على حالنا اليوم، فنحن في الأردن ما زلنا نلهث (مسؤولين ومواطنين) وراء الوصفات الجاهزة وعلاج الأعراض وليس علاج المشكلة.

بالعودة الى الحراك الأردني عام 2012 والمرافق لأحداث الربيع العربي، وباستعراض المطالب التي أصرّ المتظاهرون في جميع مدن ومحافظات المملكة، على تحقيقها، نجد أنها كانت تشير إلى وعي وإدراك سياسي عالي بحجم المشكلة وأسبابها، فكانت المطالب واقعية وجريئة وتعالج أزمات البلد الحقيقية، حيث ركّزت على إعادة صياغة الدستور والتأكيد على مؤسّسية العمل الحزبي الذي يُفضي إلى تشكيل حكومات منتخبة بما يعني إعادة الولاية العامة الى الشعب مُمثلاًّ بالسلطتين (التنفيذية والتشريعية)، مع تفعيل دور مؤسسات الرقابة، والمؤسسات الأهلية والمدنية.
وهذا يتطلب بالضرورة قانون انتخابات عصري مُنصف بعيداً عن العشائرية وقانون الصوت الواحد.
ولكن ما الذي حصل آنذاك، مجموعة من الوعود الإصلاحية التي لم تنفذ بالكامل والإجراءات الهامشية التي لا تمس الأزمات الحقيقية، وقانون انتخابات شبيه بالصوت الواحد تمّت صياغته بحرفيّة عالية لوأد تشكيل قوى برلمانية ذات وزن في الحياة السياسية، مما أفرز في النهاية مجلس نواب غير قادر على أداء دوره التشريعي، وغير قادر على أداء دوره الرقابي ومحاسبة الحكومة، فما بالك بقدرته على تشكيل حكومة!

إن التعامي عن أسباب مشاكل البلد وسبب مرضها، أو عدم الجرأة في تلبية مطالب الإصلاح الحقيقية، لن يضر سوى بالشعب الأردني وسيطيل مدة صراعه مع المرض، وستعاود عجلة الوقت دورانها، دون تقدم حقيقي ولا تغيير جذري، فطالما لم تملك السلطة التنفيذية الولاية العامة وحرية اتخاذ القرارات بل وإعادة صياغة الاستراتيجيات العليا للبلد، واتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية للخروج من عباءة البنك الدولي وصندوق النقد ومظلة الديون الخارجية فلن يكون هناك أي تحسّن اقتصادي ملموس، وستبقى عجلة التقشف الاقتصادي تدهس أحلامنا وتطلعاتنا، وسيستمر الفساد في التفشي، مع تناقص مطرّد في القدرة على احتوائه، بينما نستمر نحن في التحدث عن الإصلاح وتحسين أحوال البلد!

إذا أردنا التغيير الحقيقي، فعلينا الانتقال من نقد الأفراد الى نقد السياسات ومن نقد القرارات الى نقد الدستور والقوانين التي تحدد الصلاحيات والمسؤوليات، ومن لعن الظروف الاقتصادية والمعيشية الى تحليل التوجهات الاقتصادية والسياسية العليا.
ومن هنا أقول، إن تغيير الحكومة لن يفيد بشيء وتجريب المُجرّب خطيئة، ولكن التحدّي الحقيقي، يكمن في كسر عقدة الخوف من المساس بالدستور أو النظام المؤسساتي القائم، والعمل على تفسير القوانين المعمول بها، وتحديد مسؤولية كل مؤسسة أو سلطة في الدولة.

باختصار، ما نريده في الأردن، هو ملكية دستورية تكون فيها مؤسسة العرش الضامن لتناغم مؤسسات الدولة المختلفة، وضمان قيام كل جهة بواجباتها دون تجاوز لصلاحياتها، والبداية تكون بانتقال الولاية العامة للشعب لتشكيل السلطات التنفيذية والتشريعية ومزاولة شؤون الحكم والمراقبة والمحاسبة والتشريع.
وهذا يتطلب أيضاً أن تنضوي الأجهزة الأمنية تحت لواء وزير دفاع يأتمر بدوره بأوامر وتوجيهات رئاسة الوزراء، وهكذا يتحمل الشعب المسؤوليات الكاملة عن إدارة شؤون البلد، ويصبح مصدراً للسلطات عملياً وليس فقط بنص الدستور.

قبل ستة شهور نزلنا الى الشوارع، وصرخنا بأعلى صوتنا (ما معناش)، فتم اعطاؤنا خافض للحرارة ومسكّن موضعي للألم، وأثناء فترة السكون تلك، تم تمرير قانون الضريبة، وتقديم قانون الجرائم الالكترونية للبرلمان، وأخشى ما أخشاه، أن تؤول المظاهرات الشعبية الحالية وهتافات الحناجر المشحونة بالغضب، وعبرات المواطنين وأنّات الفقراء ودموع البسطاء، إلى الاكتفاء بنزول زيد عن الكرسي واعتلاء عبيد!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

17-12-2018

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

إرث جورج بوش الأب من عقدة الوهن الى جريمة العصر!



يتكرر الجدل غالباً بعد رحيل إحدى الشخصيات السياسية العالمية، حول الإرث التاريخي لتلك الشخصية، ويتفاوت المقال عادة بين مؤيد للنهج مادح للنتائج، وبين مُعارض للسياسات وناقد للعقيدة السياسية.
جورج بوش الأب لم يكن استثناءً لهذا الجدل، فقد انقسمت الآراء بعد اعلان نبأ وفاته، بين من يرى انه كان جندياً شجاعاً ورئيساً "لطيفاً" خدم رؤية بلاده السياسية وساعد على نشر الديمقراطية في العالم. وبين من يرى أنه قد ساهم في تشكيل سياسة أمريكية متطرفة تتخذ من القوة أداة رئيسية لتنفيذ أجندات لوبيات الشركات العملاقة ورجال الأعمال.
ونظراً لما شهدته وسائل الاعلام الدولية والعربية من تغطية واسعة للسجل الشرفي والإنجازات التاريخية لبوش الأب، فإني أود ان ألقي الضوء على ما عاصرته من أحداث في ولاية بوش الأب، وما اتسع لي المجال من الاطلاع عليه بعد ذلك، رغبة مني في تشكيل الصورة الكاملة عنه أمام القارئ.

عُقدة الوهن عند بوش

عُرف عن جورج بوش تردّده وبلادته إن صح التعبير خلال فترة نيابته لرونالد ريغان، وحين قفز الى كرسي الرئاسة عام 1989 كان التحدي الأكبر أمامه محو تلك الصورة التي وصم بها من خلال الإعلام، خصوصاً بعد تداول مصطلح (عقدة الوهن عند بوش the Bush wimp factor).
ومع أول اختبار للقوة، تجاوز بوش كل الديبلوماسيات وشعارات (نريد أمريكا لطيفة) ليأمر بغزو دولة "بنما" الضعيفة بحجة إرساء الديمقراطية والتخلص من الطاغية الحاكم (نورييغا).

نورييغا لم يكن سوى أحد الطغاة الذين تحبهم الإدارة الأمريكية، لأنهم وحدهم قادرون على قمع اليساريين ووقف المد الشيوعي دون أدنى التفات لحقوق الانسان أو مبادئ الديمقراطية والحريات (ذات الشعارات الأمريكية)، وبسبب فسادهم وإجرامهم فإنهم يصبحون ألعوبة في أيدي المخابرات الأمريكية ويكونون أول من ينصاع ويخضع للسياسة الأمريكية، في مقابل حصولهم على الحماية وغض الطرف عن طغيانهم.

كل ما فعلته "بنما" أنها تحدّت اللوبي الحاكم في أمريكا (حفنة من السياسيين ومدراء الشركات) حينما أصرّت على حقها في بناء قناة جديده بالتعاون مع شركات يابانية، وهو ما يعتبر مساساً للقيمة الاستراتيجية العليا لقناة بنما والتي تشرف عليها شركات أمريكية.

غزو "بنما" حسب مجموعات حقوق الانسان أسفر عن مقتل ثلاثة الى خمسة آلاف بالإضافة الى تشريد نحو ربع مليون شخص، وقد أُعتقل (نورييغا) ومَثُل أمام محاكم الدولة الغازية، وحُكم عليه بالسجن أربعين سنة، تنقّل خلالها بين سجون أمريكا وفرنسا ثم "بنما"، قبل أن يلاقي حتفه عام 2017.

غزو العراق

بعد أقل من عام على غزو "بنما"، ورّط صدام حسين بلاده في غزو الجارة الكويت، وسرعان ما أمر جورج بوش الأب بتشكيل تحالف دولي لتحرير الكويت بعد أن صدر قرار مؤيد لذلك من مجلس الأمن بتأييد عربي.

لم يكن الأمر العسكري مستبعداً أو غريباً، ولكن الملفت أن تقوم أقوى دولة في العالم بإرسال نصف مليون جندي مع قوة "خارقة" جوية وبحرية لاستهداف وتدمير البنية التحتية للعراق بل وإعادته الى عصور الظلام، وتعمّد قصف المدن والمدنيين واختبار كل الأسلحة المحظورة والمحرّمة دوليا في تلك الحرب.
باختصار كانت العراق حقل تجارب حقيقي، غير أن هذه المرة كانت التجارب تجري على البشر والأحياء السكنية مباشرة!

حرب الخليج الثانية أو عاصفة الصحراء كانت أضخم حرب عسكرية يشهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، استخدمت فيها قذائف اليورانيوم والقنابل العنقودية وكل ما تحتويه مخازن الولايات المتحدة من أسلحة محرمة دوليا، وما زالت الآثار الاشعاعية ومخلفات القنابل شاهدة على تلك الحرب.
لقد دُمّرت البلد ونُهبت ثرواتها وهوى التعليم فيها من أعلى السلم العربي الى الحضيض.

للأسف، لا يوجد احصائيات رسمية لأعداد الضحايا، ولكن المنظمات الحقوقية تشير إلى مقتل نحو ربع مليون عراقي بين مدني وعسكري.

مذبحة العصر

تُعدّ (جريمة ملجأ العامرية) إحدى أكبر الشهادات على إجرام القيادة الأمريكية، التي أعطت الأوامر لقصف أحد الملاجئ المدنية، باستخدام أكثر قنابلها فتكاً حينها، معتمدين على معلومة مخابراتية تشير الى وجود صدام حسين وكبار القادة العراقيين في هذا الملجأ، فكانت الحصيلة مقتل أربعمئة مدني، منهم أكثر من ثلاثمئة طفل وامرأة.

المفارقة بين غزو بنما وغزو العراق، أن جورج بوش عاقب صدام حسين على استخدامه القوة لحل مشكلة سياسية اقتصادية مع جارته الضعيفة "الكويت" وهو ذات الذنب الذي اقترفه جورج بوش نفسه في بنما قبل عدة أشهر فقط، حينما قرر غزوها وأسر رئيسها بل ومحاكمته أمام المحاكم الأمريكية بسبب تهديدها لمصالح الأمن القومي الأمريكي!

 انتهت المعركة ولم تنته الحرب

 فرضت الإدارة الأمريكية عن طريق مجلس الأمن حصارا اقتصاديا قاسيا على العراق بعد انتهاء المعارك، حصد الأخضر واليابس فيها وخلّف أعداداً من القتلى والجوعى والمشردين قد يفوق عددهم عدد ضحايا الحرب المباشرة.
وإذا كانت الحرب قد دمرت البنية التحتية للعراق وبشكل خاص قطاع الطاقة، فإن العقوبات الاقتصادية قد رفعت من معدلات الفقر ونسب البطالة والتضخم وأدت الى تزايد وفيات الأطفال وتفشي الأمراض وسوء التغذية.
وإذا كان تدمير البنية التحتية للعراق هو أمر غير مبرر حسب جميع المحللين والخبراء خاصة ان الهدف من الحرب كان تحرير الكويت، فإن فرض حصار اقتصادي جائر على شعب بأكمله يتعدى كونه "أمراً غير مبرر"!

التمهيد لحقبة سياسية قادمة

خسر جورج بوش في انتخابات المرحلة الثانية أمام موجة التغيير التي قادها الشاب بيل كلينتون، وخرج من الباب الصغير، ولكنه في الحقيقة أسس البنيان للإدارات الجمهورية من بعده لينتهجوا نفس المنهج، ويمارسوا نفس السياسات.
لذلك نجد أن إدارة جورج بوش الابن كانت امتداداً لإدارة بوش الاب، بعد احتفاظها بذات الأسماء والشخصيات، وقد ازدادوا نفوذاً وأصبحت علاقتهم برجال الأعمال وشركات النفط والطاقة علاقة وطيدة لا تُفكّ أواصرها، لذلك لم يكن من المستغرب ان تشهد أمريكا أثناء حكم عائلة بوش الممتد الى اثني عشر عاماً، حروبا عسكرية تهدف في المقام الأول الى خدمة رجال الأعمال وشركات الطاقة وتحقيق أهداف استعمارية على المدى البعيد.
وقد اتسمت أيضاً باستخدام القوة المفرطة وارتكاب جرائم حرب ممنهجة ومخطط لها، بدءاً من ملجأ العامرية وصولاً الى سجن غوانتانامو مرورا بسجن أبو غريب.

هذه هي حقيقة سياسة بوش العميقة، دون تجميل، والتي تتعارض مع شعارات حملته الانتخابية (من أجل أمريكا لطيفة)!
وهذا هذا هو إرث جورج بوش الأب الفاعل وصاحب الأثر الحقيقي، الذي تناساه للأسف معظم السياسيين العرب أثناء تعليقهم على وفاته.

في الختام، اكرر هنا ما قلته على صفحتي تعليقا على وفاة جورج بوش الأب، (أعتقد ان الخطيئة الكبرى لجورج بوش الأب، إضافة الى جرائم حرب العراق، كانت:
إنجابه بوش الصغير!)

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

9-12-2018

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

احتجاجات فرنسا والسترات الصفراء






منذ أسبوع وفرنسا واقعة تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة عطلت الحركة في البلاد وخصوصاً في باريس
وقد أشعل ارتفاع أسعار الوقود شرارة الاحتجاجات في البداية ولكن المطالب الإصلاحية توسع مداها وشملت بعد ذلك الضرائب والبطالة والفقر وغيرها
وقد اتخذ المتظاهرون من السترات الصفراء شارة للتضامن مع المطالب الإصلاحية، لذا تم إطلاق (أصحاب السترات الصفراء) على هذه الموجة من المظاهرات.
مؤخراً تحولت المظاهرات السلمية الى أحداث عنف، ومواجهات دامية بين المتظاهرين والشرطة تخللها أعمال عنف وتحطيم لممتلكات خاصة. وتشير الأخبار الى دخول المتطرفين اليمينيين (المعارضين لماكرون) على خط الاحتجاجات وتسببهم بأحداث العنف تلك.
وكالعادة، طفت على السطح حكايات عن نظرية المؤامرة وتدخلات أجنبية أو حزبية لشيوع الفوضى في البلاد، وآخرون يتحدثون عن لعنة أصابت فرنسا بسبب تدخلاتها في المنطقة ودعمها للربيع العربي !!
كل ما هنالك، أن البلاد تمر بأزمة حقيقية، ومن حق الشعب أن يتظاهر ويطالب بإصلاحات، ومن حقه أيضاً تشكيل لجان تفاوض وحركات مدنية سواء كانت سترات صفراء أو قبعات خضراء، ومن الممكن جدا ان يركب المتطرفون موجة الاحتجاجات ويتسببون بأحداث عنف لا منهجية، ولكن الأكيد ان الشعب الواعي والذي تربى على الديمقراطية وحب الوطن الحقيقي (وليس حب المصالح الفئوية) سيكون قادراً على عبور هذه المرحلة ومعالجة الأخطاء.
ينطبق هذا على الشعب الفرنسي وكل الشعوب الواعية، بما في ذلك شعوبنا العربية أيضاً
بدلاً من التشفّي أو محاولة استشراق الدمار الذي سيحل بهذا البلد او ذاك من قبل أصحاب نظرية المؤامرة، ليتكم تتعلمون من ثقافة غيركم وتؤمنوا بان التغيير هو سنة الحياة، وأن المطالبات بالتغيير والتجديد والتعديل والإصلاح، ليست جريمة، وليست مؤامرة أيضاً!


#باريس #فرنسا #السترات_الصفراء 

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومدون من الأردن
27-11-2018

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

نريد إعادة خدمة العلم... ولكن!



شهدت الأعوام الأخيرة (لا سيما بعد أحداث الربيع العربي) مطالباتٍ شعبية ودعوات من النشطاء بإعادة العمل بالتجنيد الاجباري في الأردن، رافقتها تحذيرات من عدم وجود (قوات احتياط)، لا سيما مع عدم الاهتمام الكافي بما يعرف بالجيش الشعبي.
وقد تحدّث رئيس الوزراء مؤخراً عن إعادة العمل بخدمة العلم، مما أدّى إلى فتح الحوار مجدداً حول الجدوى من الخدمة في مقابل التكلفة التي ستتحملها الدولة.

إن الفكرة في حد ذاتها، كانت وما زالت مطلباً وطنياً مشروعاً بل وواجباً وطنياً، وكنت أحد الداعين إلى إعادة العمل بها منذ سنوات طويلة، ولكن ضمن مشروع وطني متكامل تتضافر فيه جهود مؤسسات الدولة جميعها، مع جهود المجتمع والمؤسسات الأهلية.
ولعل من المفيد التذكير هنا، بخطأ الفكرة القائمة على تغيير الجزئيات بدلاً من تغيير النظام ككل، ظناً أن تغيير عاملٍ رئيسي واحدٍ سيكون كفيلاً في تغيير الوضع الكلّي، كأن نقوم على سبيل المثال بنقل عائلة فقيرة من حي فقير، الى شقة فاخرة، معتقدين أننا بذلك نكون قد حللنا مشكلة الفقر لدى هذه العائلة.
ولكن الحقيقة أنه بعد بضع سنوات، ستتحول الشقة الفاخرة الى بيت فقير شاحب آخر، لا يختلف عن بيوت الأحياء الفقيرة، والسبب أننا غيّرنا العامل الخارجي فقط، بينما أبقينا على كافة أسباب المشكلة (الدخل، التأمين الصحي، التعليم، الثقافة والتربية...الخ)
فإذا كان تفكير الحكومة ينحصر في إعادة خدمة العلم بنفس النظام القديم، فإن الهدف الرئيس من خدمة العلم لن يتحقق، وستكون مجرد مغامرة جديدة على الورق!

بالعودة الى حديث رئيس الوزراء، أعجبني مصطلح (خدمة الوطن) الذي أطلقه على مشروع التجنيد الاجباري الجديد، وهي بالفعل كذلك، هي خدمة للوطن، والوطن غير محصور في المؤسسة العسكرية، وانطلاقا من هذا الفهم، يجب الوضع بالحسبان أن يتكامل هذا النظام بحيث يشمل ما يلي:

بناء ثقافة عسكرية للجيل الجديد

من أساسيات هذه المشروع العمل على تأهيل جيل الشباب ليكون مهيئاً من الناحية العسكرية والبدنية والنفسية، للقيام بواجب الدفاع عن الوطن وحماية مقدراته، لذا يجب أن ينطلق البرنامج بدورة عسكرية تدريبية، يتم من خلالها رفد المنتسبين بالمعلومات العسكرية والميدانية، وإكسابهم المهارات اللازمة واللياقة البدنية من خلال التدريبات العملية.
يتم بعدها توزيع الأفراد على الوحدات العسكرية المختلفة، بحيث تتخصص كل مجموعة في مجال معين (سلاح الطيران، المدفعية، المشاة...الخ).

الخدمة المدنية:

يلي فترة الخدمة العسكرية، توزيعُ المنتسبين الى المؤسسات الحكومية والمدنية المختلفة، كلٌ حسب تخصصه، وذلك بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، بحيث تكون هذه الخدمة بمثابة تدريب عملي وخبرة ميدانية للمتخرجين الشباب برواتب رمزية. في المقابل تستفيد الدولة من القوى العاملة للمنتسبين.

خدمة المجتمع:


خلال فترة الخدمة المدنية، ينخرط المشتركون في برنامج تطوعي لخدمة المجتمع من خلال المؤسسات الأهلية والخيرية المختلفة، بحيث يُشترط قضاء ساعات معينة في الخدمة التطوعية مع ترك المجال للمشترك نفسه في اختيار الخدمة والمؤسسة التي يرغب في خدمتها.
وأرى من المناسب أن تمتد فترة البرنامج لمدة سنة كاملة مقسمة على شقيها العسكري والمدني.
وبهذا يكون قد حقق البرنامج (خدمة الوطن) الأهداف المرجوة منه، ويكون اسماً على مسمّى، وسيشعر المنتسب الى هذا البرنامج أنه قد خدم وطنه ومجتمعه حقيقةً، وعاد بالفائدة على نفسه أيضاً.

ولتحقيق ذلك، نأمل من الحكومة أن تقوم بإعداد خطة متكاملة تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، وأن تطرح برنامجها الوطني بهدف رفد القوات العسكرية بعنصر الشباب من جهة، وبناء قوة احتياطية عسكرية (فاعلة ومؤثرة وليست مجرد أرقام)، مع خدمة مؤسسات الدولة المدنية ورفع مستواها، يضاف الى ذلك خدمة المجتمع وتأسيس فكرة العمل التطوّعي في نفوس الشباب.

من جهة أخرى، أجد من الضروري القول ومن واقع تجربة شخصية: على القائمين على هذا المشروع أيضاً، الأخذ بالحسبان الوعي المتزايد للشباب من جيل هذا اليوم وحاجتهم الى مدربين على مستوى عال من الثقافة العسكرية مع تقديم المعلومة بطرق حديثة، وأسلوب راق.
وهذا يتطلب هدم كل النظريات القديمة القائمة على إذلال المنتسبين وإجبارهم على التخلي عن شعورهم بالعزة والكرامة بحجة صقلهم وتخريج جيل "شديد" لا يخاف العدو!
إن التربية الوطنية لا يتم اكتسابها بالذل ولا يتم تجرّعها بالمهانة والتقليل من احترام الذات، كما أن الشجاعة في الميدان لن يتم اكتسابها بأي حال من الأحوال من جرّاء جرعات التخويف والوعيد والتهديد.
على العكس من ذلك، فالفرد الذي يتعلّم الذل والمهانة والخوف سيكون أول المغادرين لساحة المعركة حين تدق ساعة الحقيقة!

ولعلّنا نستبشر خيراً، مع وجود جامعة عسكرية متخصصة (جامعة مؤتة) وتوالي الأفواج المتخرجة منها، إذ أن من المفترض أن يؤثر ذلك إيجابياً على الكفاءات التدريبية والإشرافية في المؤسسة العسكرية، سيما أن التعامل مع جيل الحاضر من الشباب يتطلب مهارات مميزة في أسلوب التعامل وجذب انتباههم تمهيداً لانخراطهم بشكل فعال في خدمة "الوطن".

في النهاية، لا بد من تأييد هذا المشروع والشدّ على أيدي القائمين عليه، رغبةً في خدمة الوطن بشكل عملي وفعّال ومؤثر، مع اعتباره مشروعاً استثمارياً تتضافر فيه جهود المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة مع مؤسسات المجتمع، للاستثمار في القوة الشبابية الفعّالة بحيث تصب الفائدة في النهاية في مصلحة الوطن.
أما إذا كان التفكير هو مجرد عودة خدمة العلم كما كانت مع تغيير طفيف في الشكل والمسميات والمظاهر، فهي ليست سوى ذر الرماد في العيون، وهدر عمر الشباب بدون فائدة، بل على العكس إني لأظن والله اعلم أن المتخرجين من الشباب سيكونون بحاجة الى إعادة تأهيل أكاديمي للعودة الى مسارهم الطبيعي، هذا إن لم يحتاجوا إلى إعادة تأهيل نفسي واجتماعي!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

26-11-2018

الأحد، 18 نوفمبر 2018

إنفاق الأردنيين


حسب دراسة حديثة نشرتها دائرة الإحصاء العامة الأسبوع الماضي، بلغ متوسط إنفاق الأسرة الأردنية 845 دينار شهريا خلال الفترة بين 1/8/2017 الى 31/7/2018
49% من الأسر الأردنية يقل انفاقها عن 833 دينار في الشهر
40% منهم يتراوح انفاقهم بين 417 – 833 دينار فيما ال 9% المتبقيين يقل انفاقهم عن 417 دينار
يتراوح إنفاق 26% من الأسر الأردنية بين 833 دينار – 1250 دينار
يتراوح إنفاق 12.4% من الأسر بين 1250 – 1666 دينار
في حين أن 13% من الأسر الأردنية فقط يزيد انفاقها عن 1666 دينار شهريا

وكان أعلى متوسط إنفاق سنوي للأسرة في محافظة العاصمة؛ حيث بلغ 14417 دينارا (1201.4 دينار شهريا)
تلتها محافظة الزرقاء بمتوسط إنفاق 11957 دينارا (996.4 دينار شهريا)
أما محافظة الطفيلة فكانت الأقل حظا من حيث متوسط إنفاق الأسرة حيث بلغ 8689 دينار (724 دينار شهريا)


#إنفاق_الأسرة_الأردنية #الاحصاءات_العامة #الفقر_في_الأردن 

أيمن يوسف أبولبن
18-11-2018

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

البنت اللي قالت لأ!



أثناء دراستي الثانوية وخلال العطل الصيفية كنت أعمل لدى أحد محلات تأجير أشرطة الفيديو في منطقتي السكنية، فمن جهة كنت أقضي وقتا مفيدا في العمل، ومن جهة أخرى كنت مولعاً بالسينما ومشاهدة الأفلام.
وذات مساء وأثناء مراجعته لشؤون الأعمال اليومية وقوائم الحركة على الأفلام، وبّخ صاحبُ العمل الموظفَ المسؤول عن قسم الأفلام العربية، وصرخ في وجهه قائلاً: فيلم (البنت اللي قالت لأ) لم يتم استئجاره ولو لمرة واحدة منذ أن تم شراؤه منذ أكثر من سنة، ماذا تصنع!
هذا الفيلم بطبيعة الحال، كان من الأفلام الهابطة، فنياً وشعبياً وعلى مستوى شباك التذاكر وعلى صعيد كل المؤشرات التي قد تخطر على بالك!

عبد الرحمن (الموظف الذي تم لومه وتوبيخه)، كان داهية في عمله، وقد أثّرت هذه الحادثة فيه كثيراً، لذا بادر من صبيحة اليوم التالي إلى صنع عدة نسخ من الفيلم ووضعها خلف مكتبه مباشرة، وهو المكان المخصص لفئة أفلام ال VIP، ثم عمد الى تنفيذ خطة مُحكمة لترويج وتسويق الفيلم، ففي كل مرة يأتي فيها أحد الزبائن الشغوفين بالأفلام العربية، وبعد أن يختار مجموعة من الأفلام المميزة وفي اللحظة التي يهمّ بها في المحاسبة ومغادرة المحل، يبادر الى سؤاله بلهجته المصريّة: (هو انت شفت فيلم البنت اللي قالت لأ؟) بطبيعة الحال السؤال بحد ذاته يوحي أن هذا الفيلم هو نارٌ على علم، أو فيلم من أفلام الجوائز العالمية، خصوصاً أنه يحمل اسماً رناناً، وهنا تجتاح الشخص الواقع في الشرك، مجموعة من المشاعر المختلطة، فهو لم يسمع بهذا الفيلم من قبل، (إذ أنه غير موجود على خرائط الأعمال الفنية المعروفة أصلاً!)، ولكن من وحي السؤال يشعر بأنه قد فاته شيء عظيم، مع خليط من الشعور بالذنب، إذ كيف يفوت على أحد أكثر المتحمسين لمتابعة الأفلام العربية فرصة مشاهدة فيلم مهم كهذا، يتحدث عنه الناس!
وفي ظل هذا التأثير، ومع ابتسامة خبيثة مصطنعة من عبد الرحمن، يبادر الزبون بالإجابة: في الحقيقة لا، ثم يضيف بشيء من الرجاء، هو موجود؟ وهنا بالذات كنتُ ألمح في عيني عبد الرحمن نشوة الانتصار، فيجيب منتشياً، آه طبعاً، ده أكثر فيلم عندنا نسخ منه، يا سلام إزاي تفوّت الفيلم ده!
وهكذا زبون بعد آخر، إلى ان تصدّر الفيلم قائمة مبيعات المحل لذلك الشهر، حتى أن صاحب العمل أصابته الدهشة وعبثاً حاول فهم ما جرى!


بالتأكيد كان هناك بعض الزبائن الذين عادوا باللوم على عبد الرحمن لرداءة الفيلم، ولكن رد عبد الرحمن كان جاهزاً دائماً، (طبيعة الفيلم لم تناسب حضرتك) (غلطان والله، ده فيلم جوائز) (يا سيدي يعني فيلم واحد لم يعجبك من ضمن خمسة أفلام بسيطة يعني) (غريبة، الكل بيمدح في الفيلم!). ولكن كل هذا لم يكن في النهاية مهماً، فالأهم بالنسبة لعبد الرحمن أنه قام بتسويق أحد أسوأ الأفلام بشكل قياسي لم يسبق له مثيل. أما بالنسبة لصاحب المحل، فالأهم كان الربح الكثير وتعويض الخسارة المؤكدة، ولا ضير من بعض الاحتجاجات البسيطة!

ذات مساء، وبعد أن قلّ اهتمام عبد الرحمن بتسويق الفيلم، بعد تحقيقه أكثر من المتوقع من المبيعات، دخل أحد الزبائن الى المحل، وتوجّه بالسؤال دون تعيين هل أجد لديكم فيلم "البنت اللي قالت لأ"؟ وبحركة لا ارادية توجهت أنظارنا جميعاً إلى عبد الرحمن، مع صدمة ودهشة حقيقتين!
لحظات الصمت هذه شحنت الأجواء، وزادت من تعلّق الزبون بالفيلم، وبدأت نظرات الرجاء تطفو على ملامح وجهه، وبعد صمت طويل ومحاولة ادعاء أنه يبحث عن نسخة من الفيلم قال عبد الرحمن معتذراً، والله للأسف كل النسخ طالعة!، خاب أمل الزبون وخرج وهو يجر أثواب الخيبة.
سألت عبد الرحمن موبّخاً من جهة ومستفسراً بفضول من جهة أخرى، لماذا؟ ولكنه بكل ثقة ابن سوق محترف أجاب: (يا عم ده زبون طيّار وانا مش حأطلّع فيلم مطلوب في السوق لزبون مش دائم للمحل! الفيلم بقى عليه طلب!).


نعم كانت هذه هي الحقيقة التي لم أفهمها لحظتها، لقد بدأت عجلة التسويق بالدوران دون الحاجة الى أي عمل من عبد الرحمن!

لم أنسَ قصة عبد الرحمن مع هذا الفيلم بكل تفاصيلها رغم مضي أكثر من ربع قرن عليها، ليس فقط لأنها وسّعت مداركي نحو أهمية التسويق والنباهة في العمل ودراسة نفسية العميل...الخ ولكن لكونها أولاً وأخيراً درساً في تسويق الفساد والترويج الناجح للبضائع الهابطة!
في كل يوم أشاهد أمامي عبدالرحمن وفيلم البنت اللي قالت لأ، في كل اعلامي يقوم بتلميع شخصية فاسدة أو يدافع عن نظام دموي، في كل نائب عن الشعب يتاجر بصوته والأمانة التي يحملها، في كل وزير يقوم بتغيير أجندته وأقواله بعد جلوسه على كرسي السلطة، في كل مسؤول يتولى مركزا مهما وهو لا يحمل من المؤهلات سوى نسبه وحسبه، في كل موظف يمارس عمله في غش وخداع العميل ولا يراعي أخلاقيات المهنة، في كل صحافي ينفذ توجيهات عليا، رغم مخالفتها لكل قيم الصحافة، وفي كل طُغمة سياسية فاسدة تولّت الحكم في بلادنا، وتحكّمت في مصائرنا، رغم أنها هابطة ورديئة وفاشلة ومُقيتة بل ومُجرمة!

عبد الرحمن، تجسيدٌ بسيطٌ ولكنه حقيقي لكل سحّيج ومُطبّل، يمدح السلطة مقابل المال، أو ظناً منه أنه يمارس وطنيّته، ويخلط بين مفهوم الوطن والسلطة الرابضة على صدر الوطن!
فيلم البنت اللي قالت لأ، هو تجسيدٌ للفساد الذي أصبح مؤسّسيّا في مجتمعاتنا العربية، بحيث أصبح ينتج نفسه بنفسه دون الحاجة للتسويق له، بل إن محاربة الفساد في عالمنا العربي أصبحت أشبه ما تكون بمعركة "دون كيشوت" مع طواحين الهواء!

قد تكون قصة عبد الرحمن نسخةً بريئةً مقارنة بما آلت اليها الأحوال في عالمنا العربي، منذ بدء موجة ثورات الربيع العربي وما لازمها من تغييرات في تكتيكات الأنظمة القمعية، لمواكبة الأحداث وركوب موجة التأثير على المجتمعات، عبر وسائل التواصل ومنصات الاعلام المختلفة، بحيث لا يكاد يخلو يومٌ من ظهور نسخة متطورة من عبد الرحمن، في هيئة إعلامي مأجور أو سياسي فاشل أو فاسدٍ متكسّب، يمارسون نفس العمل: يطلّون برؤوسهم ناصبين شراكهم، محاولين تسويق برامجهم السياسية الفاشلة وخططهم الاقتصادية العبثية، ووعودهم الإصلاحية الكاذبة، ومستخدمين نفس الأسلوب الجذّاب ولغة الخطاب الماكرة: (هو أنتو شفتو فيلم البنت اللي قالت لأ؟!) 

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

11-11-2018

الجمعة، 2 نوفمبر 2018

*لحظة تجلي*

الأفكار والخواطر التي تستحوذ علي لحظة أن أخلد إلى النوم، تكون الأعظم في يومي الطويل، ولكني عبثا أحاول التقاطها وتدوينها.

في كل ليلة، أشعر أن وحيا أو إلهاما ما، يستحوذني، أو نافذة تفتح أمامي فأطل من خلالها إلى عالم آخر في زمن آخر، فلا تعد الكلمات كلماتي، ولا الوصف إبداعي، بل هو ما يردني من ذلك الإلهام أو ذلك العالم الآخر.

ولكن كل هذا يتلاشى مع ساعات الصباح، عبثا أحاول أن استرجع تلك الكلمات أو ذلك الشعور. ورغم يقيني السابق أن أثر هذا الإلهام لن يمّحي أبدا، فإن ظني يخيب دائما!

ذات ليلة، استعنت بقلمي في محاولة أخيرة، كي أدون لحظة بلحظة تلك التجليات، ولكن قلمي تاه بين الحقيقة والخيال، ووقف عاجزا لا يكاد بُبين!

في صبيحة اليوم التالي، استيقظت وأنا أردد العبارة التالية،:
كي تكون مبدعا، عليك أن تتحكم بعوالمك، بحيث تتنقل بين الواقع والخيال والجنون، دون أن تخضع لأي منهم!

أيمن يوسف أبولبن
23-10-2018