السبت، 8 أكتوبر 2016

سيبيريا (الموت حلاّل المشاكل)



أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية قام ستالين بإجلاء الملايين من الأقليات المتعاونة مع النازيين بالإضافة الى معارضيه السياسيين من الاتحاد السوفياتي الى سيبيريا.

وقد أختلف المؤرخون حول أعداد المُبعدين، ولكن الأرقام تُقدّر بعشرة ملايين شخص، قضى منهم نصف مليون نحبه أثناء رحلة الترحيل الطويلة، فما بالكم بالأعداد التي لقت حتفها من جراء الإقامة في المعتقلات في ظروف صحية وجوية سيئة للغاية تفتقر لأدنى شروط حقوق الانسان ؟!

يُذكر أن ستالين نفسه كان قد تم ابعاده الى سيبيريا عندما كان مُعارضا لروسيا القيصرية، وحين وصل الى الحُكم وبدلاً من تصحيح أخطاء الماضي، قام بتكرار نفس التجربة مع معارضيه، وبشكل أقسى وأشد.

يُعرف عن ستالين تبنيه فلسفة: "الموت يمكن أن يكون حلاً لكل المشاكل"!


#لينين

#الحرب_العالمية_الثانية


أيمن أبولبن

8-10-2016

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

الناخب الأردني ما زال يحلم بدولة مدنية !


بعد صدور قانون الإنتخابات الجديد بديلاً لقانون "الصوت الواحد" سيء الذكر، أدركت تماماً – ومثلي كثيرون – أن القانون الجديد لا يواكب تطلّعات القوى المدنيّة والأحزاب السياسيّة الداعية للمشاركة الفعلية في إدارة البلاد والنهوض بمسؤولياتها ومعالجة القصور في الأداء الحكومي على مدى عقود من الحكومات المتعاقبة، فالقانون الجديد لا يعالج المشاكل التي أفرزها قانون الصوت الواحد الا سطحياً، ولا يُعزّز دور الأحزاب السياسية ولا يؤسس لتشكيل لحكومة برلمانيّة كما إدّعى القائمون عليه، وجاءت نتائج الإنتخابات البرلمانية الأسبوع الفائت لتؤكد ذلك.

  القانون الجديد وإن حمل صفة العمل الحزبي باعتماده التصويت لقوائم انتخابية، ومنَحَ الناخب حق التصويت لقائمة إنتخابية ولمرشح أو أكثر ضمن نفس القائمة، إلا أنه أجهض فكرة التكتلات البرلمانيّة والعمل المؤسسي داخل البرلمان باعتماده فوز القائمة بنسبة من المقاعد تبعاً لنسبة التصويت التي حصلت عليها بدلاً من فوز القائمة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات بمقاعد الدائرة كاملةً، وبهذا توزّعت المقاعد النيابية على القوائم الفائزة بواقع مقعد واحد لكل قائمة، مما أعاد العمل بقانون الصوت الواحد ولكن بطريقة أخرى!

  وكان ملاحظاً أن القوائم الإنتخابية لم تُجهد نفسها كثيراً في تقديم برنامج إنتخابي يرقى لمستوى طموحات الناخبين لعلمهم التام بعدم قدرتهم على الإلتزام بتنفيذ هذا البرنامج لإنعدام آلية التنفيذ أصلاً! والأدهى من ذلك أن مرشحي القائمة الإنتخابية ذاتها أصبحوا يتنافسون فيما بينهم للحصول على هذا المقعد اليتيم، فكان لكل مرشح مقر إنتخابي خاص به ومؤتمرات وتصريحات خاصة وانتفى بذلك العمل المؤسسي الحزبي، باستثناء قلة قليلة من القوائم وبالأخص الإخوان المسلمون (التحالف الوطني من أجل الإصلاح).

  ومن نواقص هذا القانون أيضاً أنه لم يقدّم علاجاً للتباين الواضح بين الكثافة السكانية للمُدُن وعدد مقاعد البرلمان الممنوحة لها (وزن المقعد النيابي)، حيث يلاحظ أن المدن الرئيسية في الأردن (العاصمة عمّان،  إربد، والزرقاء) لا تحظى بتمثيل نيابي يتناسب مع عدد سكانها مُقارنةً ببقية المحافظات، مما يؤشر على إهتمام القائمين على قانون الإنتخاب بالتوزيع الديمغرافي لمقاعد البرلمان على حساب العدالة وعلى حساب العمل الحزبي، بالإضافة الى عدم اشتراط حد أدنى من التحصيل العلمي للمرشحين، في الوقت الذي أصبح من المتعارف عليه وجود حد أدنى من الدرجة العلمية والخبرة الملائمة لأي وظيفة حكوميّة، فما بالكم بنائب في البرلمان يُفترض به أن ينظر في تشريعات تُسنّ للدولة، ويمارس دوراً رقابياً على السلطة التنفيذية ؟!


كما أن القائمين على العمليّة الإنتخابيّة لم يأخذوا بعين الإعتبار ضمان مشاركة المُغتربين والأردنيين المتواجدين خارج البلاد والذين يبلغ مجموعهم أكثر من مليون مواطن حسب آخر الدراسات، وهو ما يشكل بحدود 20% من إجمالي الناخبين ! وهذا يثير الكثير من التساؤلات خصوصاً أننا نعيش في عصر التكنولوجيا ووسائل الإتصالات الحديثة والتي تجعل من عملية التصويت عبر السفارات في الخارج أو عبر تطبيقات إلكترونية مخصصة، متاحاً بيسر وقابلاً للمراقبة والتحكم.

بعد أن إنفضّ العرس الإنتخابي في الأردن وظهرت النتائج النهائية، وجد الناخب الأردني نفسه في مواجهة الحقيقة المٌرّة، فبالنظر الى توزيع مقاعد البرلمان بواقع مقعد واحد لكل قائمة وتبعثر الأحزاب السياسية وفقدانها بالتالي الفرصة لتشكيل نواة عمل مؤسسي داخل البرلمان، يبدو من المؤكد أن هذا البرلمان لن يختلف عن سابقيه وسيكون ذا نزعة خدماتيّة، وفاقداً لكل الأدوات اللازمة لممارسة دوره التشريعي ودوره الرقابي على أداء الحكومة، ناهيك عن المشاركة في الحُكم !

هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
 دون شك فإن هناك عدّة إقتراحات وأفكار لتبنّي وتنظيم قانون إنتخابات عصري يُؤسس لمشاركة حقيقية بين القوى الوطنية المدنية، ويساعد على توفير الأجواء لتنشيط العمل الحزبي والدفع باتجاه "مأسَسَة" الدولة، وذلك بالإعتماد على قوائم حزبية تضم عدداً من المرشحين مساوياً لعدد مقاعد الدائرة الإنتخابيّة بحيث تعمل كل قائمة تحت مظلة حزبية واحدة ويكون لها أجندة وبرنامج إنتخابي ثابت ومُعلن، تعرضه على الناخب لنيل ثقته، وتفوز القائمة التي تحصل على أعلى عدد من الأصوات بمقاعد تلك الدائرة "كاملةً". وبالنظر الى إمكانية أن تقوم الأحزاب بإعداد وتسجيل قوائمها الإنتخابية في جميع محافظات البلاد، تصبح الفرصة متاحة للأحزاب الرئيسية في البلد لتشكيل البرلمان ونيل الحق في تشكيل الحكومة، ثم العمل بعد ذلك على تنفيذ وعودها الإنتخابيّة.

أما بالنسبة للكوتا المعمول بها حالياً، فالأجدى استبدالها بتخصيص رُبْع مقاعد البرلمان للمرشحين المستقلين خارج قوائم الإحزاب، في منافسة مفتوحة عبر جميع المحافظات، بحيث يكون لكل ناخب الحق في التصويت لقائمة انتخابية ضمن دائرته ومرشح مستقل آخر دون الإلتزام بدائرة معينة، مما يعطي للقوى الشبابية والمرأة وباقي الأقليات فرصة أكبر للفوز والإحتكاك بالعمل المؤسساتي تمهيداً لإنخراطهم في العمل الحزبي في المستقبل.

رغم ثقتي الكبيرة أن العمل بهذه الإقتراحات سيكون له دورٌ كبير في تحقيق ما يصبو اليه الشارع الأردني من تحقيق الخطوة الأولى لبناء دولتهم المدنية الحديثة في ظل الملكية الدستورية المنشودة، إلا أني أعتقد جازماً أن هذه الإقتراحات وغيرها، لا يخفى على القائمين على القانون الإنتخابي، وأن صُنّاع القرار في الأردن لا يُحبّذون قيام دولة مدنيّة لها مؤسسات دستورية قادرة على إدارة البلاد ضمن منظومة ديمقراطيّة متكاملة، حيث يظن هؤلاء أنهم أوصياء على هذا البلد وعلى شعبه وأن بمقدورهم هم وحدهم إدارة البلاد بما يضمن مصلحة الوطن والمواطن، متناسين أن هذه العقليّة هي ذاتها التي أدّت إلى خراب الدول المجاورة وغرقها في مستنقع الفوضى، وأن لا بديل عن المشاركة الحقيقية الفاعلة والكاملة لجميع القوى المدنية والسياسية في البلاد، لتحقيق الغاية الدستورية (الشعب مصدر السلطات)، فمتى تصل هذه الرسالة ؟!


أيمن يوسف أبولبن
26-9-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن

للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

عن اغتيال ناهض حتر



إلقاء اللوم على الفكر الداعشي "لوحده" بالتسبّب بالعنف والوقوف وراء التصفية الجسدية (ناهض حتر مثالاً) ليس دقيقاً

·        التطرّف اليساري والتحريض على قتل المدنيين في سوريا والعراق وباقي الدول بحجة مكافحة الإرهاب، هو جزء من المشكلة
·        كل من يهاجم أو يسخر من رموز الإسلام ومعتقداته، من اليساريين والعلمانيين بحجة مكافحة التطرف أو الحريّة الشخصية، هو سبب في المشكلة (الفرق شاسع بين النقد الإيجابي وبين التهجم والسخرية)، وهو لا يقل عن خطورة مهاجمة المتشددين الإسلاميين للأديان الأخرى
·        كل من يجمع المعارضين للنظام السوري في سلّة واحدة ويدمغها بالإرهاب والتطرّف والعمالة ويحرّض على القضاء عليها وسحقها هو سبب رئيسي في إذكاء العنف والتطرّف 
·        كل من يعتقد بداخله أن الإسلام هو داعش ويتعامل مع المسلمين على هذا الأساس فهو جزء من المشكلة
·        كل من يفرّق بين الأردنيين (أو أي شعب آخر) بناءً على دينهم أو انتمائهم السياسي أو أصولهم، فهو شريك في العنف
·        كل من يجاهر بدعمه للطغاة العرب ووقوفه ضد المطالبات الشعبية "الشرعية" بنيل الحرية والعدالة والمساواة هو سبب رئيسي في العنف
·        وكل من يقوم بإقصاء الآخر ويمنعه من المشاركة في الحياة السياسية، هو مشارك بشكل أو بآخر في تحوّل هؤلاء الى دواعش ( من اليمين واليسار)

باختصار: كل من يعتقد أن فكره ومبادئه هي المبادئ الصحيحة المطلقة وأنه على حق والبقية على ضلال، فهو داعشي بامتياز وإن اختلفت الضفة التي يقف عليها  !


أيمن يوسف أبولبن

26-9-2016

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

ولنا في البرازيل عِبْرة


في البلاد التي تحتكم لنظام ديمقراطي، وتمتلك مؤسسات دولة مستقلة، تعمل جنباً إلى جنب لخدمة المجتمع والمواطن وتحقيق مصلحة الوطن على حد سواء، تكون الكلمة العليا للقانون والأنظمة والتشريعات، التي تنظم العلاقة بين مؤسسات الدولة بعضها ببعض وبين تنظيمات المجتمع المختلفة وتخضع لها مؤسسات الدولة ومسؤوليها وأفرادها، فتنعدم بالتالي سُبُل خرق هذه القوانين والأنظمة لأيٍ كان، بما في ذلك "أكبر راس في البلد".

   تمثّل لنا هذا النموذج قبل يومين في "البرازيل" حيث تم إقالة رئيسة البلاد "ديلما روسيف" من منصبها بطريقة قانونية وعن طريق تفعيل دَوْر مؤسسات الدولة، دون تشنّجات ولا ردّات فعل غاضبة، رغم إنقسام البلاد بين مؤيد ومعارض، علماً بأن الجُرْم الذي اقترفته لا يتعدى إخفاء معلومات عن قروض دولية وعدم الإفصاح عن موازنة الدولة الحقيقية (عدم الشفافيّة فيما يتعلق بالمصاريف والمديونيّة). وكانت روسيف قد تعرّضت لإنتقادات شديدة بالرغم من إعادة انتخابها عام 2014 وذلك بسبب فشلها في إنهاء الأزمة الإقتصادية في البلاد مع أنها حقّقت نجاحات قياسية في هذا المجال خلال فترة حكمها.

التيار المؤيد لروسيف يقول أن ثمّة مؤامرة سياسيّة تقف خلفها المُعارضة وتؤيدها بعض الدوائر الفاسدة في مؤسسات الدولة نجحت في "الإنقلاب السلمي" على رئيسة البلاد، ولكن الشاهد في الموضوع أن ثمّ نظام سياسي قانوني يخضع له الجميع ويلتزم بقوانينه، وأن هذا القانون يعلو ولا يُعلى عليه.

 في هذه الدول، يأتي رئيس البلاد لخدمة البلد والمواطن لفترة مُحدّدة ومعلومة يلتزم خلالها بالقانون دون أن يحصل على استثناءات أو معاملة خاصة، ويكون عُرضةً للمُساءلة والمُحاججة بل والمُثول أمام القضاء إذا إقتضت الحاجة، ثم يغادر منصبه بعد أن تنتهي ولايته ليعود إلى صفوف المواطنين العاديين، متساوياً في الحقوق والواجبات مع باقي فئات الشعب، في حين يتم تسخير كل مؤسسات الدولة في عالمنا العربي لخدمة السلطة وحاشيتها وتنفيذ مشاريعها الخاصة على حساب مُقدّرات البلاد، وتصبح الدولة بما فيها مُلكاً لشخص ما أو جماعة تتحكم في مصائر البشر عملاً بالقول المأثور "أنت ومالِكَ لأبيك" ويتم تفصيل القوانين والدساتير بشكلٍ مرن وقابل لاستيعاب كل الخروقات والتجاوزات "الشرعيّة" وهو ما يُعرف اصطلاحاً في شارعنا العربي بالقوانين "المطّاطة". المُضحك المُبكي أن الطبقة الحاكمة هذه تتمتع بحصانة ضد النقد والإختلاف في الرأي وكأنها معصومة عن الخطأ !. 


المُفارقة فيما جرى في البرازيل مؤخراً، أن هذه التهم التي تسببت بإقالة رئيسة البلاد بعد أن تم عزلها ومنعها من ممارسة صلاحياتها في أيار الماضي، لا تصلح لمجرد النقاش في المؤسسات القضائية واللجان المُختصّة في دولنا العربية، ولو حاولنا تخيّل هذا المشهد البرازيلي في أحد بلداننا العربية لكان أشبه بالكوميديا السوداء، فالذين وصلوا الى سدّة الحكم على ظهور الدبابات يعيشون في بلادنا آمنين سالمين وتلهج ألسنة الإعلام لهم بالتلبية والفداء ليلاً نهاراً، ناهيك عمّن يذبح أبناء شعبه قرباناً لكرسي الحكم، ومن نهب خيرات البلاد بحُجّة الخصخصة وجلب الإستثمارات..... الخ القائمة الطويلة من خطايا حكامنا ومسؤولينا، فيما تبدو هذه التهم من أنواع الترف السياسي المُبالغ فيه والذي لا يليق بنا !

البرازيل تلك الدولة القابعة في أمريكا الجنوبية التي تعاني الفقر وما زالت تُصنّف من ضمن الدول النامية رغم انها من البلاد الصناعيّة الصاعدة، استطاعت رغم كل الظروف الإقتصادية والسياسية الصعبة، المحافظة على التعددية الفكرية والحزبيّة، وارساء قواعد للعيش المشترك رغم تعدّد العقائد والأعراق لأكثر من 200 مليون نسمة يقطنون البلاد ويعيشون ضمن 27 ولاية مختلفة، فيما ضاقت بنا بلادنا، وعجزنا عن استيعاب إختلافاتنا البسيطة وتناسينا القواسم المشتركة العُظمى التي تجمعنا، فهنيئاً للشعب البرازيلي.

عندما نقول أننا نحلمُ بوطنٍ يقوم على التعدّدية الفكرية ويحقق الحرية لمواطنيه ويضمن المساواة والعدالة لكافة فئات الشعب؛ عندما نقول أننا نحلمُ بدولة مؤسّساتيّة تُعنى بتعزيز النظام الديمقراطي وضمان عدم تجاوز أي مؤسسة لصلاحياتها المنصوص عليها في الدستور، حتى لو كانت هذه المؤسسة هي أعلى هرم في السلطة، وضمان عدم تجاوز أي فرد للقانون حتى لو كان هذا الفرد هو الحاكم ذاته، فنحن لا نطمح في الحقيقة بأكثر مما حققته شعوب دول العالم الثالث خارج منطقتنا الإقليمية، وليس أكثر مما ورد في الأديان السماوية وما وصّى به الأنبياء وبشّر به الفلاسفة وعظماء التاريخ. هذا الحُلم ليس خارجاً عن المألوف وما هو ببدعة، ولا يتطلب منا سوى الإيمان به وبأنفسنا وقدرتنا على تحقيقه.

مارتن لوثر كينج قال ذات يوم ( لدي حُلْم( I have a dream ! ، أحلم أن أرى أبناء هذا البلد من سودٍ وبيض يتشاركون العيش بحرية ومساواة وتجانس. إغتيل مارتن لوثر كينج ولكن حُلْمه لم يُغتال، بل عاش وتحقّق وأصبح واقعاً ملموساً.
شعوبنا العربية قالت ذات يوم أن لديها حُلْماً، ( حرية عدالة ومساواة ) شكّك البعض في الحُلْم وشكّك البعض الآخر في الشعوب نفسها ولم تؤمن سوى فئة قليلة بنفسها وبالحُلْم، وشعارها (إذا أردت أن تأخذ شيئاً فعليك أن تأخذه بذراعيك وكفّيك وأصابعك).

 هذا الحلم سيعيش وسيتحقق، رُغم تشكيك المُشكّكين ورغم تآمر المتآمرين، ورُغم أنف الفاسدين، ولو بعد حين، كونوا واثقين. 

أيمن يوسف أبولبن
4-9-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الاثنين، 8 أغسطس 2016

خرائط جوجل وجدليّة الدولة الفلسطينيّة


انتشر خبر حذف إسم "فلسطين" من خرائط "جوجل" في مواقع شبكات التواصل الإجتماعيّة في عالمنا العربي كالنار في الهشيم وأثار استياءً واسعاً، بعد أن تم وضع اسم "اسرائيل" على كامل خريطة فلسطين دون أي إشارة إلى الوطن المحتل أو الضفة الغربيّة أو على الأقل أراضي السلطة الفلسطينيّة.
وتم تداول هاشتاج بعنوان "القدس عاصمة فلسطين" للتنديد بما حصل، ومحاولة الضغط على الشركة لإعادة الإسم والإشارة الى دولة فلسطين، وكان من الطبيعي إنطلاق شرارة الحديث عن المؤامرة الصهيونيّة العالميّة وتواطؤ "جوجل" معها.
  وصلني الخبر قبل عدّة أيام على إيميلي الشخصي مع دعوة للمشاركة في نشر الهاشتاج وتعميم الخبر، وكي أكون صادقاً معكم فقد عزمت على مشاركة الخبر ثم تردّدت لوهلة، ثم لم ألبث أن تراجعت، ولم أبدِ أي رغبة في مشاركة الهاشتاج ونقل الخبر، رغم كل الإخلاص الذي أحمله في داخلي لوطني الأصلي الذي حُرمت منه، وهاجرت عائلتي منه قسراً، إلاّ أن الموضوع بالنسبة لي قد أخذ بعداً آخر قد يكون أقرب إلى النظرة الفلسفية للأمور، سأطلعكم عليه عبر السطور القادمة. وبعد عدّة أيام تردّد الخبر في وسائل الإعلام وأخذ بعداً إضافياً، تمثل في الدعوة لمقاطعة شركة "جوجل" عبر هاشتاج "مقاطعة جوجل". قمت بالدخول على موقع الخرائط الخاص بمحرّك البحث "جوجل" وبحثت عن "فلسطين" بالعربية ثم Palestine وظهرت لي صورة خريطة فلسطين تحمل اسم "Israel" مع وصف مختصر لدولة فلسطين ورئيسها الحالي محمود عبّاس ورئيس وزرائها رامي الحمدلله مع صورة للمسجد الأقصى، أي أن الشيء الوحيد الذي تغير هو عدم ظهور اسم فلسطين على الخارطة.

بعيداً عن الغصّة التي أحدثها هذا الخبر وعن الوجع العاطفي للفلسطينيين والعرب عموماً، فإني لا أرى أيّة حجة منطقيّة أو قانونيّة تفرض على شركة "جوجل" وضع اسم فلسطين على خرائطها. إذا كانت الأمم المتحدة نفسها لم تصبغ على السلطة الفلسطينية صفة الدولة المستقلة ولا توجد الى الآن أي أتفاقية دولية تشير الى الدولة الفلسطينية وحدودها، باستثناء الشكل الهزلي لسلطة الحكم الذاتي الحاليّة، فيما تحظى دولة الإحتلال بإعتراف دولي بل وعربي عبر اتفاقيات دولية موثقة في الأمم المتحدة مع خلاف بسيط حول حدودها التي تنكمش وتتوسع تبعاً للمزاج الصهيوني والضعف العربي. فبأي حق نطالب بوضع اسم فلسطين على خريطة سُلبت منا كما سُلب منا الوطن نفسه ؟!

في الحقيقة مشكلتنا ليست مع "جوجل" بل مع الكيان السرطاني الذي طفح على السطح فجأة وصبغ وطننا الأخضر بلونه الأزرق الشاحب. مشكلتنا مع أنظمتنا العربية التي سمحت لهذا الكيان بالتمدّد ثم هادنته وصالحته. مشكلتنا الحقيقية هي عجزنا عن الدفاع عن قضيتنا الأساسيّة وعن حقنا الواضح وضوح الشمس. "جوجل" لم تفعل شيئاً سوى أن عكست عجزنا في مرايانا وكشفت عن سوءاتنا.

في روايته القصيرة " عائد إلى حيفا" يتحدث غسان كنفاني الأديب الفلسطيني المعروف عبر احدى الشخصيات عن أحد الفلسطينيين الذين أُجبروا على مغادرة وطنهم وتم مصادرة كافة ممتلكاتهم لصالح الوكالة الصهيونيّة ومن ثم إلى المهاجرين اليهود الذين جاؤوا لتحقيق "نبوءة الرب" في نيل الأرض الموعودة، إلا أن الحنين يقود هذا الفلسطيني للعودة إلى قريته كي يتفقّد بيت العائلة، زائراً أقرب ما يكون الى السائح الذي يدفع المال كي يشاهد ماضيه ثم لا يلبث الماضي أن يلفظ صاحبه، يدق باب البيت متوقعاً أن يخوض حرباً جداليّةً طويلةً مع المالك اليهودي الجديد ولكنه يتفاجأ أن الذي يسكن بيته هو فلسطيني آخر غلبانٌ مثله، استأجر البيت من مالكه اليهودي ولكنه أبقى البيت على ما هو عليه، بأثاثه وطلاء جدرانه حتى أنه أبقى الصور المعلقة على جدرانه، فكان أن طلب صاحب البيت الأصلي أن يأخذ معه صورةٌ معلّقةً على الحائط تعود لأخيه الشهيد، ويأخذها بالفعل ولكنه لا يجد لها مكاناً ملائماً في بيته الجديد ولا يستطيع النوم تلك الليلة لشعوره أن الصورة ما كان لها أن تغادر بيت العائلة، وما ان تشق خيوط الشمس طريقها نحو العيون الناعسة حتى يسارع بالعودة الى منزله القديم ويقول للمستأجر لقد أخطأتُ بسؤالك اللوحة، فمكانها هنا، يرد عليه وانا أخطأتُ بإعطائك إياها، هذه الصورة ثمنها بندقية ! والوسيلة الوحيدة لإستعادتها هي الحرب والمقاومة وليس السؤال !

إذا أردنا وضع إسم فلسطين على خرائط "جوجل" فلنصنع هذا الإسم ونحفره على أرض الوطن أولاً، فلندع خلافاتنا الحزبيّة جانباً ونحقق الشعارات التي تربينا عليها (فلسطين من البحر الى النهر)، (الخط الأحمر الوحيد أنه ليس من حق أكبر راس أن يوقع وثيقة استسلام وتنازل لاسرائيل). لماذا رضينا بكانتونات ممزقة ووطناً مبعثراً لا يشبه الوطن بشيء، ثم أخذتنا العزّة لأننا نسينا أن نمحو اسم اسرائيل عنه !

أيمن يوسف أبولبن
7-8-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

نحن لا ننسى أحزاننا !



نحن لا ننسى أحزاننا، بل نحاول أن نُخفيها ونُبقيها بعيداً عن رادارات إحساسنا. نُغطّي عيوننا كي نحجبها عنّا، وندور في فلك حياتنا اليوميّة كمن يُدير حجر الرحى كي يُبقي لحياته معنىً، ولكننا نفشل في المحافظة على إيقاعنا، ثم ما نلبث أن نفقد التوازن ونترنح فينكشف الغطاء عن عيوننا؛ نسترجع الذكريات ونجد أنفسنا في مواجهة الحقيقة التي نحاول الهروب منها !

نحن لا ننسى الحزن، ولكنّا نحاول إلتقاط الفرح، متى إستطعنا إليه سبيلاً.


أيمن أبولبن
2-8-2016

الاثنين، 18 يوليو 2016

تحيا تركيا !


   فشلت محاولة الإنقلاب العسكري في تركيا بفضل وعي الشعب التركي وبفضل ديمقراطية الدولة المؤسساتية، فبعد أن تفاجأ العالم بتحركات بعض فصائل العسكر لبسط سيطرتهم على البلاد تحت غطاء إعلامي حاول إيهام الأتراك بسقوط الحكومة التركية ومغادرة المسؤولين البلاد، سحب الرئيس "أردوغان" البساط من تحت أقدام الإنقلابيين باحتكامه الى الشعب "مصدر السلطات" ومطالبته الجماهير بالنزول الى الميادين العامة للمحافظة على مكتسباتهم الديمقراطية وعلى مؤسسات الدولة، فكان له ما أراد حيث أكّد الشعب التركي على عمق إيمانه بالديمقراطيّة وعلى تمسكّه بحقّه في تقرير مصيره بالطرق السلمية الديمقراطية ورفض مصادرة حريته أو المتاجرة بها من قبل العسكر في سبيل الوصول الى الحكم.

  أشد ما لفت إنتباهي هو موقف أحزاب المعارضة التركيّة التي استنكرت محاولة الإنقلاب العسكري ودعت الى إحترام مؤسسات الدولة الديمقراطيّة ولم تحاول الصيد في الماء العكر أو استغلال الظروف لمصالحها الحزبيّة الضيّقة بل آثرت مصلحة الوطن والحفاظ على مكتسبات الدولة المدنيّة العلمانيّة، ورفضت تبرير استخدام القوة العسكرية لفرض وجهة نظرها السياسيّة.

  السيناريو التركي الليلة الماضية أعاد الى الأذهان الإنقلاب العسكري في مصر عام 2013 أو ما بات يطلق عليه "ثورة يونيو"، ففي الوقت الذي أصدر فيه الإنقلابيون العسكريون في تركيا بياناً أكدوا فيه أن الدافع لعملهم العسكري هو المحافظة على الديمقراطيّة وعلمانيّة الدولة، حمل البيان الإنقلابي في مصر نفس الحجّة (الحفاظ على مكتسبات ثورة يناير وتصحيح مسارها والمحافظة على مدنيّة الدولة) ولكن هذا التشابه في السناريو تبعه إختلاف جوهري في النتائج حيث وقف الشعب التركي موقفاً حاسماً ضد العسكر، واختارت أحزاب المعارضة التركيّة الحفاظ على مكتسبات الديمقراطية في البلاد والإنحياز للحكومة الديمقراطية المنتخبة، في حين استطاعت الدولة العميقة للنظام المصري السابق تشكيل جبهة موحدة ضد الثورة المصرية (وأقصد بها ثورة يناير 2011) وما نتج عنها من مؤسسات شرعيّة، وشكّلت إئتلافاً مع أحزاب المعارضة اليساريّة التي أدركت أن السبيل الوحيد للمزاحمة على السلطة هو انضمامها تحت لواء الدولة العميقة ومطالبة العسكر بحسم الموقف بالقوة ضاربة عرض الحائط بكل شعاراتها الحزبية ومبادىء الثورة المصرية التي ركبت موجتها، ليس هذا فحسب بل استطاعت اللعب على وتر لقمة عيش المواطن وهمومه اليوميّة ومشاكل البلاد الإقتصادية لتأليب مشاعره ضد الثورة والربيع العربي وضد النظام الحاكم !

  من المؤسف القول أنه ثبت بما لا يدع مجالاً للشك ضحالة وعي شعوبنا العربية، وعدم امتلاكها قواعد راسخة في العمل السياسي وممارسة الديمقراطيّة والإيمان الكافي بمؤسسات الدولة، وثبت أيضاّ طغيان المصالح الفئوية والحزبية على الأفراد والأحزاب والمؤسسات المدنيّة في عالمنا العربي مما أدى الى فشل مشروع النهضة العربية ووأد ثورات الربيع العربي في مهدها دون أن تحقق مبتغاها، بل وفتح الباب على مصراعيه للصراع العسكري على السلطة والإقتتال الطائفي المُقيت.

الفرق شاسع بين وعي الشعب التركي والتفافه حول مؤسسات الدولة وبين وعي شعوبنا العربية التي تساند العسكر والطغاة وتهلّل للقمع ومصادرة حريات الآخرين. شتّان بين أحزاب تمتلك رؤية استراتيجية راسخة وتؤمن بالعمل السياسي وبين أحزاب تستغل أوجاع الشعوب لتمرير أجندتها الخاصة. شتّان بين قيادة دولة تؤمن بشعوبها وبالديمقراطية وتلتجأ الى قواعدها الشعبية في مواجهة العسكر، وبين قيادات فاشلة تلتجأ الى الدبابات لفرض نفسها على شعوبها. شتّان بين القيادة التي تطالب الشعب بالنزول الى الشوارع للمحافظة على مؤسسات الدولة، وبين قيادات تطالب المواطنين بالنزول الى الشارع لإضفاء الشرعيّة على أعمال القمع والعنف التي تقوم بها ضد فئة أخرى من الشعب.

بين ما حصل في تركيا وما سبق أن حصل في مصر، وما زال يحصل في عالمنا العربي، تحيا تركيا، بإنتظار الموجة القادمة من الربيع العربي لعلّنا نستدرك حظنا بين الأمم قبل فوات الأوان !

أيمن يوسف أبولبن
17-7-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban