الاثنين، 27 يناير 2014

بعض الناس "خطايا فادحة"






      "المُجرمون مصيرهم الى النار"، قال خطيبُ المسجد ذات مرة، كنت ولداً صغيراً قد بدأٌ للتو حضور خطبة الجمعة بصحبة أولاد الحي. لم يكن مصطلح "المُجرم" من المفردات الدارجة ضمن قاموس لغتي الخاصة، كانت العبارة مُبهمة بالنسبة لي !! "بعد الموت، إما جنة و إما نار"، قال الشيخ ابراهيم مُدرسُّ اللّغة الانجليزية في مدرستي الابتدائية، كان شخصيةً محبوبةً عند الطلاب، يدُرّسُ اللغة الانجليزيّة ولكنه شيخٌ وداعية في الأساس، أسلوبه لطيف ومُحبّب في التدريس، ولكن مواعظه كانت حادّةً في بعض الأحيان.

      كنت صغيراً غضاً، ولمّا تعتركني الحياةٌ بعد، لأدركَ أن هناك ظلماً وجرائم في هذه الدنيا يستحق فاعلُها مصير النار، لم أكن أتخيل أن أحد هؤلاء البشر الذين أعرفهم واتعامل معهم قد يدخل النار !! كنت أنظر حولي كلما سمعتُ  مثل هذه العبارات، وأتمعّنُ في الأشخاص الذين يحيطون بي، وأدعو ببراءة الأطفال لهم جميعاً بأن لا يكونوا من أصحاب النار، ألتمس لهم العذر ان قصّروا في أدائهم لواجباتهم الدينية، وأقول في داخلي طالما أنهم يؤمنون بالله فلا خوفٌ عليهم، لأن الله غفورٌ رحيم.

   كنت اتمنى السلامةَ للجميع، للقريب وللبعيد، بما فيهم أولئك "الأولادُ المشاغبون" ولو أساؤوا التصرف معي. كنتُ أفكرُ مليّا عند سماعي لخبر وفاة أحد الأقارب أوالمعارف؛ تُرى كيف سيكون مصيره وكيف سيلاقي ربه؟! أفكر مليّاً وأدعو له بالرحمة.

   مرّت الأعوامُ؛ دخلتُ المرحلة الاعداديّة، وأطل علينا صيفُ عام 82، حاملاً معه أخبار الاجتياح الاسرائيلي للبنان، بهدف التخلص من براثن المقاومة الفلسطينية، استعرت الحربُ وزادَ البطشُ الاسرائيلي، المدينةُ تسقطُ تلو المدينة، المخيمات تحاصرُ وتُدكّ بالقذائف، وصل الزحف الى بيروت، بيروت تحت الحصار والقصف، اسرائيل تستخدم أسلحةً مُحرّمة دولياً، الأبرياءُ والمدنيون يُقتلون أو يشرّدون، رائحة الدم  تنتشر في المكان، لا استثناءات للقتل، الاذاعاتُ تنقلُ الجرائمَ أولاً بأول، كأنها قصةٌ روائيةٌ طويلةٌ في عالم افتراضي !!

 وزاد الطين بلّة عندما انضوت بعض الميليشيات العميلة تحت لواء الجيش الاسرائيلي، وأنبرت لتصفية الفلسطينيين في المخيمات تحت حماية الجيش الاسرائيلي، كانت الميليشيات تتعمّدُ استهدافَ النساء الحوامل، والأجنّة في بطون أمهاتهم ، انها حرب "بَقْر البطون"، مصطلحٌ جديدٌ يضاف الى قاموس لغتي !!







   بدأت أدركُ مدى الفظائع التي يُمكنُ أن يفعلها الانسان في حق أخيه الانسان. وبعد أن وضعت الحربُ أوزارها، قرأتُ ديوان محمود درويش "مديح الظل العالي" الذي يؤرخُ فيه مآسي هذه الحرب، أذكر مطلع القصيدة جيداَ :
                                



بحرٌ لأيلولَ الجديدِ

خريفُنا يدنو من الأبوابِ

 آه ، خريفنا يدنو من الأبواب، وربيع عمري لم يبدأ بعد !! لم يكن عقلي أو حتى خيالي يتصورُ أن تقع كل هذه الفظائع والمآسي في يوم من الأيام، وها هي تحدثُ على مرأى ومسمع الجميع،  ولكن لا حياةَ لمن تُنادي، كان عليّ أن أتعود على شعور الضحيّة هذا، لأنه سيلازمني طويلاً !

   برز حينها اسم "ارييل شارون" وزير الدفاع الاسرائيلي، "السفّاح" ، عرّاب حرب لبنان، والمُنسّق العام لكافة الفظائع والجرائم التي شهدتها هذه الحرب. أصبحت هذه الشخصية بالنسبة لي رمزاً للاجرام والشر، أصبح الأنموذج الذي أقيس به فظاعةَ الآخرين وقُبحهم، حتى أن أسمه قد أشتُقّ من كلمة "الشر". كلما أقترب شخصٌ ما من بشاعة شارون، كلما أدركتُ سوادَ قلب هذا الشخص، وقُربه من المصير الذي حذّرنا منه خطيب الجمعة ذات مرة.





   لاحقاً قمتُ بالبحث عن تاريخ شارون لأجد أنه مجرمُ حرب باقتدار غير مسبوق، فمن "قبية" مروراً بحرب أكتوبر وقتل الأسرى في سيناء، الى صبرا وشاتيلا. لم يرفّ لهذا المُجرم جفن، وكأنه يُقرّبُ قرباناً الى الآلهة كي ترضى عنه وعن شعبه، كان يقوم بكل هذه الأفعال وهو يظن في داخله أنه يعملُ عملاَ وطن
ياً يستحق عليه أن ينال الأوسمة !! قال له رؤساؤه عندما كان ضابطاً صغيراً : " لا تُرهق نفسك بالقراءة، فأنت لا تنفع الا للقتل" !!


  
رويداً رويداً بدأتُ أدركُ أن النار مصيرٌ حتميّ لكثير منا، وأنها جزاءٌ طبيعي لأفعال كثير من الناس، تماماَ كضرورة الجنة والنعيم للأبرياء والمظلومين.

   ومرت السنين، وكنتُ شاهداَ مرة أخرى على جرائم متتالية موقعّة باسم شارون؛ قمع انتفاضة الأقصى التي دججها هو بنفسه، وما تضمنها من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها مجزرة "جنين"، وانتهاءَ بآخر جرائمه "على ما أذكر" اغتيال الشيخ أحمد ياسين، بعد الافراج عنه والتعهد بعدم استهدافه، ولكن لا عهد مع اسرائيل، كما يعترفُ شارون نفسه. كانت صور اغتيال الشيخ ياسين قاسية للغاية، شيخٌ مُقعَد يتم استهدافه وهو خارجٌ من المسجد بعد صلاة الفجر، بصاروخ جو أرض من طائرة هليوكبتر مقاتلة، لكم أن تتخيلوا المشهد !!

  "بعض الناس خطايا فادحة"، قال مظفر النواب في احدى قصائده، للوهلة الأولى، لم أستطع أن أهضم هذه العبارة القاسية، رأيت فيها خروجاً عن سياق الانسانيّة، واصرارٌ على  جلد الذات البشريّة. ولكني أصبحتُ اليوم "وللأسف" أدركُ أكثر من أي وقت مضى، أن بعض الناس خطايا فادحة في حق البشرية!!

قبل أيام قليلة، استرجعتُ وبشكل عفوي، هذه العبارة، بمجرد سماعي خبر وفاة ارييل شارون.

ارييل شارون الى جهنم وبئس المصير.




أيمن أبولبن
14-1-2014


 

السبت، 18 يناير 2014

الفن وأشياء أخرى

الفن وأشياء أخرى

   قديماً، كان الفن وسيلة للرقي بالمجتمعات ، كان للفن رسالة ذات قيمة. كان الفنان يعمل جاهداً لايصال رسالته الى الجمهور من خلال أعماله الفنية، سواءً من على خشبة المسرح او من خلال شاشات السينما او من خلال الموسيقى أو عبر لوحة فنية او كلمات تحتضنها قصيدة شعرية، وفي المقابل كان المُتَلقّي يشعر بأن الفن  ينقله من حياته الضيّقة الى أفق واسع لا حدود له، سوى حدود خياله هو، كلما توغل المُتَلقّي عميقاً في خياله وأطلق العنان لأفكاره ومشاعره، كلما استطاع أن يبلغ مدىً أوسع وأعمق من التأملات، والوصول الى حالة سامية من نشوة العقل والروح، هذه الحالة من السمو لا تتحقق الا اذا تلاقى الفنان مع المُتَلقّي من خلال فن راق وجميل، كما تلتقي الأرض مع السماء في يوم شتاء دافىء، لتُعانق أمطار الخير حبّات التراب، ويرتسم قوس قزح في الأفق، في لوحة فنية خلاّبة.

  الفن الجميل هو رسالةٌ تحمل فكرة ما، يرسلها الفنان ويتلقاها المستمع أو المشاهد، وكلما ارتقى الفنان بفنه وبرسالته، كلما ارتقى المجتمع، والعكس صحيح، فكلما تردّى الفن تردّت المجتمعات وانحدر المستوى الثقافي العام فيها. وما الفنون الا واجهة او انعكاس حقيقي لثقافات الشعوب، من موسيقى وأدب وفنون سينمائية ومسرحية .... الخ

  أذكر أني كنت في ندوة شعرية للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، ومنذ اللحظة الأولى التي اعتلى فيها خشبة المسرح، وخيّم السكون فيها على المكان، وبدأت الكلمات والصور الشعرية تنساب من بين شفتيه، وتنتشر في أرجاء المسرح، انتقلتُ لحظتها من حدود المكان والزمان وسافرتُ بعيداً الى "اللامكان" .  حالة النشوة هذه وصلت الى قمتها مع اختتام الندوة والقائه قصيدته الشهيرة "الجدارية"

هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
من خُطَايَ ِ … لي
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي . ولي
شَبَحي وصاحبُهُ . وآنيةُ النحاس
وآيةُ الكرسيّ ، والمفتاحُ لي
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي



 غادرتُ الندوة، وانتقلت بجسدي الى خارج القاعة وتوجهت عائداً الى المنزل، ولكن شيئاً ما في داخلي كان ما زال عالقاً هناك في "اللامكان". أحسست باضطراب ولم أستطع أن أخرج من حالة النشوة هذه، وأمضيت بقية الليل شارد
 الذهن، تائهاً بين المكان واللامكان .

   الحقيقة انه عند بداية متابتعتي للشعر وللفن التشكيلي في صغري، كنت أجد صعوبة في استيعاب المعنى المختبىء بين السطور، أو استنباط جمالية الصور الشعرية ومراد الشاعر، وكان هذا دافعاً بالنسبة لي الى مزيد من القراءة والبحث والسؤال، أما الفن التشكيلي فكان لغزاً مُحيّراً بالنسبة لي، لم أدرك جماليته، الا بعد دخول أخي لكلية الفنون الجميلة، حيث ساعدني ذلك في التعرف على أساسيات الفن التشكيلي و تذوق هذا النوع من الفنون. ما أريد قوله أن هناك حاجة الى أن نرقى بانفسنا كي نستوعب مختلف أنواع الفنون، ونتحاور معها داخلياً، فتؤثر فينا، ونؤثر فيها، وهذا هو المقصد الرئيسي من الفن "من وجهة نظري".

   فما بال حال الفن في أيامنا هذه ؟! لم يعد الفنان يسعى للرُقيّ بالمُتَلقّي، بل أصبح همّهُ الوصول الى المُتَلقّي بأسهل وأسرع الطرق، لجمع أكبر عدد ممكن من المعجبين والمتابعين. ضاعت الرسالة وضاعت القيم الجميلة للفن، الا من فئة قليلة ومحدودة من الفنانين المُلتزمين. أصبح الهم الوحيد للفنان هو "النزول" بفنه الى مستوى عامة الناس كي يضمن أكبر عدد من المشاهدات والمتابعات واللايكات على صفحات التواصل الاجتماعي. أصبح شعار الفنان هذه الأيام للأسف "بَسّط حياتك وخليك كوول" !!
   الفن في أيامنا هذه أصبح يجاري الموضة، فهو فن خفيف أو "دايت" خوفاً من أن يُثقلَ على الجمهور، قهوة بدون كافيين ان جاز التعبير، أو وجبة خفيفة خالية من "الدسم"، أغاني أيام الزمن الجميل كانت تداعب عقولنا قبل أن تداعب قلوبنا ومشاعرنا، أما أغاني هذه الأيام فهي تداعب خصورنا وأقدامنا ، وقس على ذلك باقي الفنون !!

   حتى ان لغة المذيعين ولغة الحوارات الاعلاميّة، أقتربت من اللغة العامية الدارجة، وقليلةٌ جداً تلك البرامج الحواريّة التي تستدعي منك أن تُشنّفَ آذانك أو أن تتسمّرَ في مكانك خوفاً من ان تضيع منك كلمة في الزحام أو تغفل عن مصطلح ما أستخدمه المحاور، أو تعبير مجازي أستخدمه الضيف.

  نحن نعيش في مجتمعات وصل فيها الفساد الى منابت الفن، واذا أردنا ان نرتقي بمجتمعاتنا وبثقافاتنا من جديد، علينا أن نبدأ رحلة عكسيّةَ هذه المرة، علينا جميعا أن نحارب الفن الهابط والفاسد، علينا أن نمتنع عن المتابعة والترويج لكل أنواع الفن الهابط،علينا ان نشجّع ونهتم بالمسرح الجاد ومهرجانات المسرح التي تنظمها النقابات الفنية، علينا أن نعيد الاهتمام الى المسرح الجامعي، وبالحركات الثقافية داخل الجامعات، علينا الاهتمام بالمواهب الشابة المُثقفة والتي تحمل رؤية ثقافية بعيدة عن الفن التجاري،علينا ان نهتم بالقراءة ومتابعة المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب، باختصار علينا ان نوصل رسالة للقائمين على الفنون في مجتمعاتنا نقول فيها احترموا عقولنا، وقدموا لنا فنّاً يرقى بنا لا فنّاً ينحدر بكم وبنا .   
 

أيمن أبولبن
10-1-2014
ayman_abulaban@yahoo.com

فيديو يوضح تدهور الأغاني العاطفية 


الاثنين، 6 يناير 2014

مفهوم المسؤولية "بالعربي"


مفهوم المسؤولية "بالعربي"

   في علم الادارة يوجد عدة تصنيفات للمدراء، فهناك مدير يستمد القوة من المنصب الذي يشغله والصلاحيات الممنوحة له، دون  أن تتوافر لديه المهارات اﻻدارية اللازمة للنجاح، وهناك بعض المدراء المتميزين ولكنهم يفتقدون للكاريزما ولصفات القائد ، وهؤلاء يفرضون الأوامر فرضاً ويلوّحون بالعصا والجزرة (سياسة الثواب والعقاب) لتنفيذ برامجهم. أما المدير الناجح فهو من يستطيع أن يجمع بين صفات القائد المُلهم والالمام بكافة الجوانب الفنيّة والمعلوماتيّة ضمن نطاق مسؤولياته، بالاضافة الى الالتزام ،وهذه الوصفة تُعرف ب Lead By Example .

  محدودة هذه الفئة من المدراء الى أبعد مدى ، ولذلك نجد العلاقة شائكة بين الموظفين والمدراء وتبدو خالية من الكيمياء الجاذبة ، وعلى اﻷغلب يشعر الموظفون بفجوة بينهم وبين مسؤوليهم ويظهر هذا واضحاً في الشكوى والتذمر الدائمين للموظفين بشكل عام .

   في حياتنا اليومية، وخارج النطاق المهني ، نحن نعمل تحت ادارة مدراء أيضاً ولكن من نوع آخر فهؤﻻء يديرون  شؤون حياتنا ويقودون مجتمعاتنا ومؤسسات الدولة، انهم القادة السياسيون والمسؤولون الرسميون ، وهم يمارسون الادارة ولكن بمفهوم أشمل وأعم .

   في دول العالم المتقدمة، نجد أن معظم الذين يتولون المناصب العامة بشكل أو بآخر هم خبراء في مجالهم، والأهم من ذلك أنهم يتحلّون بروح المسؤولية ويتخذون من مناصبهم وسيلة لتحقيق أهداف مجتمعاتهم والرُقي ببلادهم وهو ما يجعلهم محط احترام وتقدير الناس والمجتمع . لذلك نجد أن أي مسؤول يشغل منصباُ عاماً في هذه الدول ، يكون لديه أهدافاً واضحةً ومحددة ، وخارطة طريق لتحقيق هذه الأهداف خلال فترة زمنية محددة ومعروفة، ويتم الحُكم على هؤلاء المسؤولين بمقدار نجاحهم في تطبيق الخطة الموضوعة والوصول الى الأهداف المرجوّة منهم.

   بناءً على هذه المُعطيات، من الطبيعي أن نسمع في نشرات الأخبار اليومية عن استقالة مسؤول رفيع من منصبه "طوعاً" لعدم تمكنه من ادارة أزمة ألمّت بالبلاد، أو أن رئيس وزراء بلد ما دعى الى انتخابات مُبكّرة لانخفاض شعبيّة حكومته، أو أن مسؤولاً "طلّق" الحياة السياسية وآثر الانزواء الى حياته الخاصة بعد أن ثارت حوله شبهات فساد مالي أو اداري. في بعض الثقافات قد لا يكون الفشل مقبولاً في أي حال من الأحوال، ففي اليابان على سبيل المثال يكون الانتحار هو الخيار الأنسب بدﻻً من تحمل "عار" الفشل أو الفساد والرشوة.

  أما في بلادنا العربية فمفهوم المسؤولية مختلف تماماً ، فنحن العرب لنا خصوصية في كافة مفاهيمنا كما تعلمون، فنحن ننظر إلى المسؤولية والمنصب  من باب الجاه والوجاهة و المنافع التي تجلبها لنا ، بالاضافة الى العوائد المالية والصلاحيات والتسهيلات التي توفرها  . فالسياسات العامة لمجتمعاتنا غائبة والشفافيّة مفقودة.

   المسؤولية عندنا تعني أن يكون لديك القدرة على تجاوز القانون والحصول على منافع شخصية " بحماية القانون" ، أما نجاح المسؤول فيُقاس بمدى النجاح في استغلال المنصب والخروج غانماُ سالماً معافى !!! الا من رحم ربي .
 
   الغريب أنه اذا انخفضت شعبية مسؤول ما، ارتفعت أسهمه في "سوق المناصب" وارتقى عالياً في سلّم المناصب العليا، وكلما ثارت حوله شبهات فساد اذا به يتوسّع في الصلاحيات والنفوذ، وبمجرّد دخوله الى عضوية نادي المسؤولين فليس من الوارد مغادرته طالما بقي على قيد الحياة !! الفجوة بين المواطن والمسؤول أصبحت عظيمة جداً ﻻ تقارن بالتوتر والحساسية التي تشهده علاقة الموظف بمديره ويمكن تصور مدى اتساع هذه الفجوة من خلال الحملات الشعبية للمواطنين الغلابة  والتي تحمل شعارات تعكس نظرة المواطن للمسؤول، وآخر هذه الحملات تحمل شعار لماذا يكرهوننا ؟!

      لم يكن من المُستغرب اذاً أن تشهد بلادنا موجات متلاحقة من الثورات العربية في السنوات الأخيرة، بالنظر الى أحوال المسؤولين في بلادنا، ولكنه بالتأكيد من سابع المستحيلات ان تشهد دولة مثل اليابان أو سويسرا، أو السويد مثلاً ثورات مُشابهة، حتى ولو بفعل مؤامرة كونية حقيقية !!
 
 يراودني حُلمٌ بين الحين والآخر، أن مسؤولاً في بلادنا استقال من منصبه لعدم تحقيقه الأهداف المأمولة منه ، أو أن مسؤولاً عقد مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أنه مُصابٌ بمرض عضال يمنعه من مزاولة مهنته ، أو أن أحد المسؤولين رمى بنفسه من سطح أحد البنايات الشاهقة لثبوت تعاطيه رشوة ولتورطه في قضايا فساد عامة ، لا أدري أن كان حلماً قابلاً للتطبيق ؟!

   قرأت ذات يوم مقولة منسوبة إلى  هتلر يقول فيها " لا توجد أعذار، اذا كنت ناجحاً فلست بحاجة الى أعذار، أما اذا فشلت فالأفضل أن لا تكون موجوداً كي لا تختلق الأعذار"  عندما ما سقطت برلين انتحر هتلر ومعه ثُلّة من قادة الجيش وعائلاتهم ، هرباً من الفشل ومواجهة مصير الخاسر، وعندما ألقى امبراطور اليابان خطاب الاستسلام في نهاية الحرب العالمية الثانية ، انتحر عدد كبير من جنرالات الجيش لشعورهم بالفشل ، وعجزهم عن حماية بلادهم ، ولكم أن تستعيدوا من ذاكرتكم ما حصل في بلادنا العربية بعد خسارتنا لمعارك فاصلة في تاريخنا لتعرفوا معنى المسؤولية "بالعربي" !!!
   


أيمن أبولبن
1-1-2014
ayman_abulaban@yahoo.com





الجمعة، 27 ديسمبر 2013

الفن والمناكفات السياسيّة

   

   في اﻻسبوع الماضي تم افتتاح عرض فيلم "ملك الرمال" من إخراج وإنتاج الفنان السوري نجدة انزور، الذي يستعرض فيه رحلة 50 عاماً من عمر المملكة العربية السعودية والملك المؤسس ، في محاولة لكشف العيوب والدعوة لتصحيحها -على حد تعبيره- . الفيلم يمكن تصنيفه انه فيلم عالمي تشترك في تنفيذه وتقديمه عدة جنسيات دولية وسيتم عرضه قريباً في دور السينما العالمية وعلى رأسها الوﻻيات المتحدة .

   من المعروف للجميع مدى توتر العلاقات بين دول الخليج وسوريا ، وبخاصة السعودية ، حيث وصل التوتر الى حد الحشد والحشد المضاد بين البلدين، وما هذا الفيلم الا حلقة من حلقات الصراع الدائر بين البلدين وما هو ببعيد عن هذا السياق.

   ﻻ نستطيع الحكم على الفيلم قبل مشاهدته، ولكن من حقنا مناقشة الفكرة نفسها ونقدها واﻻعتراض عليها، هل عجز انزور عن التحقيق في تاريخ سوريا على مدى الخمسين عاماً الماضية وهوالذي وُلد في حلب من أصول شركسيّة ؟ الم يجد في جراحات الشعب السوري ما يستحق التوثيق ومحاولة استنباط الدروس منه ، الم تستوقفه هزيمة النكسة وضياع الجوﻻن ، ثم هزيمة 73 وما تلاها من دخول الجيش السوري ﻻراضي لبنان وبسط نفوذه هناك لما يقارب 30 عاماً، مروراً بأحداث حماة وتدمُر وانتهاءً بسجن صيدنايا، الم تتحرك مشاعره لكل هذه المآسي وهو الفنان المرهف الإحساس ؟!

   كنّا نتمنى من أنزور أن يأخذ موقفاً ايجابياَ من الثورة السورية وينحاز الى الجهة الأضعف التي تحتاج الى كل فنّان وكل مُبدع لايصال رسالتها الى العالم ، كنا نتمنى على أنزور أن يقدم جزءاً يسيراً من الحقيقة دون الحاجة ﻻضافة توابل سينمائية أو بهرجات ، ولكنه اختار أن يبحث في صحراء الربع الخالي عن تاريخ قديم يخدم مصالح النظام في البروباغاندا الداعمة لنظرية المؤامرة التي يتبناها.

   قبل ما يزيد على عشرة أعوام تابعتُ حواراٌ تلفزيونياٌ مطوﻻٌ بين نجدة أنزور والكاتب المصري أسامة أنور عكاشة ، وكلاهما كان  في قمة تألقه وعطائه ، وبدلاٌ من أن يكون الحوار ايجابياٌ وبنّاءٌ ، تحوّل الى حوار نقدي متبادل ، ومحاولة لاظهار سلبيات الطرف الآخر ، وهذه عادات معظم برامجنا الحوارية اجمالاٌ !! ما لفت انتباهي وجعلني استرجع شريط هذه المقابلة عند متابعتي للأخبار المتعلقة بالعمل السينمائي الأخير لنجدة أنزور، هو أحد الأسئلة التي طُرحت على أنزور وتتعلق بتقصيره في تقديم عمل يصل إلى مستوى العالمية ويطرح قضايانا المهمة في المنطقة ، لماذا ﻻ يقدّم عملاٌ عن صلاح الدين اﻷيوبي مثلاٌ ويسقطه على واقع القضية الفلسطينية ؟!

   احتدّ أنزور في الاجابة ، وتعلّلَ بعدم وجود ميزانية ، بالاضافة الى عدم وجود جهات راعية أو داعمة لمشروع كهذا، ثم بدأ بنقد شخصيات فنية معروفة على الساحة ، بل وذكر أسماء معينة وقال ان هؤلاء يملكون المال الكافي ، لماذا ﻻ ينتجون عملاٌ ضخماٌ من مالهم الخاص ؟! سبحان مَغيّر اﻷحوال، عندما امتلك نجدة انزور المال الكافي كرّسه للمناكفات السياسية بدﻻ من خدمة القضايا التي تهم شعوب المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

 اﻻ يحق لنا كمثققين أن نتساءل عن هذه اﻷموال واﻻمكانيات الفنية التي يتم تكريسها لمناكفات ومناوشات جانبية هنا وهناك لخدمة أنظمة بعينها ، وفي ذات الوقت يتم تجاهل قضايانا نحن شعوب المنطقة ؟!

  وفي النهاية ، يبقى العدو الصهيوني مطمئناٌ مستكيناٌ ، اذ ﻻ مناكف له !! وتبقى قضية فلسطين المحوريّة في انتظار الميزانية، فإن حضرت الميزانية غابت اﻻمكانيات الفنية، وأن اجتمعت كل الأسباب، غاب القرار السياسي واﻻرادة الحرّة!!.

   بانتظار حلقة جديدة من مسلسل المناكفات السياسية في المنطقة ، والتي تدور أحداثه على الساحة الفنية هذه المرة.




أيمن أبولبن
14-12-2013
Ayman_abulaban@yahoo.com


الاثنين، 9 ديسمبر 2013

مكيافيلي و القيَم المُطلقة


 

        من الدروس المفيدة التي تعلمناها على مقاعد الدراسة، تلك المفاهيم المتعلقة بالقيم المطلقة والقيم النسبية والفرق بينهما، بالاضافة الى تعرّفنا على مفهوم "القانون" واختلافه عن "النظرية" وكيفية الاستفادة من كليهما في التطبيق، فهناك توابت في حياتنا المادية لا تتغير، مثل قوانين الطبيعة التي تحكمنا والكون المحيط بنا، وهناك نظريات لم تثبت علمياً وهي حقائق نسبية قابلة للتعديل والاجتهاد.

   لو تمعنّا قليلاً لوجدنا أن بالامكان اسقاط هذه المفاهيم على واقعنا الحياتيّ، وعلى القيم والمبادىء الانسانية الخاصة بنا، ولخلصنا الى نتيجة مفادها أن لكل منّا قيم ثابتة ومتغيرة.
   هناك قيم انسانية سامية متعارف عليها، ومبادىء ثابتة في دواخلنا لا تتغير وان اختلفت من شخص الى آخر تبعاً لمنهج الحياة الخاص بذات الشخص، منها على سبيل المثال قيم المحبة والعدالة ، الحق ونصرة المظلوم ، العدل والمساواة .... الخ، وهناك متغيرات تحيط بنا، كالظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، العلاقات الانسانية وحسابات الشد والجذب، وغيرها من المتغيرات الاقليمية والدولية، والتكتلات السياسية المختلفة.

  القوانين المادية ثابتة، والمبادىء الانسانية ثابتة كذلك، أما النظريات العلمية فهي متغيرة، حالها حال الاعتقادات الخاصة بكل فرد، أو وجهات النظر الخاصة بنا، وتبقى الثوابت هي الأصل وليست المتغيرات ، القوانين وليست النظريات ، فالثوابت في حياتنا تُمكننا من قياس الأشياء حولنا واتخاذ المواقف التي تتناسب مع هذه الثوابت، باختصار فان مرجعيتنا في الحياة هي ثوابتنا، ومن الخطأ –علمياً- ترجيح كفّة النظريات على القوانين ، فما بالكم بمن يقدّم المتغيرات على ثوابته ومبادئه ؟!

  مع بدء حركات الربيع العربي في منطقتنا، أختلف الناس في تقييم هذه الحركات، فمنهم من أيّد ومنهم من تحفّظ، ومنهم من عارض. ومع بدء الثورة السورية تعمّق الانقسام في أوساط المثقفين، حيث انحازت فئة ليست بالقليلة لصالح النظام السوري في مواجهة ما سمّوه ب"المؤامرة" معتمدين بشكل كبير على قراءة خارطة التحالفات السياسية في المنطقة، ومن منطلق متابعتهم الحثيثة للعبة الكراسي وتوزيع الأدوار.

   طائفة كبيرة من المثقفين والوطنيين وضعوا كل مبادئهم الانسانية وثوابتهم وراء ظهورهم وبرّروا وقوفهم مع النظام السوري بوجود مؤامرة تشترك بها امريكا مع دول الخليج للتخلص من ايران، والنيل من حلف المقاومة والممانعة في المنطقة، وبناءً على نظريتهم هذه تناقضوا مع أنفسهم ومواقفهم السابقة "المُعلنة"  بالوقوف ضد الطغيان والقمع والظلم ، وناصروا نظاماً عنصرياً دموياً لم يقدم للأمة العربية أو الاسلامية أي خدمة تذكر على مدى 40 عاماً.
    في النتيجة اضطرت هذه الفئة للتغاضي عن أبشع الجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوري، بحجة التصدي لتهادي احجار الدومينو المعارضة للسياسة الامريكية في المنطقة –على حد تعبيرهم- .


   لو عدنا خطوة الى الوراء، واسترجعنا ما تعلمناه في صغرنا عن الثوابت والمتغيرات، لوجدنا أن هذه الفئة قد وقعت في المحظور، وخلطت بين المفاهيم ، هؤلاء حكموا على ثوابتهم من منظور المتغيرات ، جعلوا ثوابتهم رهناً لحسابات اقليمية تتغير تبعاً للمصالح ولحسابات لا تشكل الانسانية جزءاً صغيراً منها، الا يعلم هؤلاء أن التحالفات السياسية والاقليمية تتغير في يوم وليلة ، وأن صديق اليوم قد يصبح عدو الغد ؟!  ها هي ايران تنفتح على الغرب ، وتبدأ بالفعل عملية تغيير حقيقية في المواقف والتحالفات في المنطقة ، عملية التقارب هذه شهدت لقاءات ثنائية سرية بين الطرفين، ولم يعد مستبعداً أن القضية السورية برمتها ستُحلّ لمصلحة النظام السوري -ولا أقصد استمرار بشار بالضرورة- وبمباركة امريكا وايران .

   قالوا لنا أن التيارات الاسلامية المتشددة والقاعدة ستصل الى الحكم في سوريا ولن تجلب للمنطقة سوى الدمار ، وها هي الميليشيات الايرانية والروسية ، بالاضافة الى الحوثيين وحزب الله يسرحون ويمرحون في دمشق ، ومهرجانات اللطم والجلد تقام على مرأى ومسمع الجميع ، لماذا ننسى أن أمريكا قد سلّمت العراق لايران على طبق من ذهب قبل نحو 10 أعوام ، وأن سوريا مجرد خطوة أخرى للأمام ؟!

    لربما تخسر الثورة السورية المعركة، وأغلب الظن أنها ستخسر، كما خسرت الثورة الاسبانية وثورات أخريات من قبل ، ولكن الخاسر الحقيقي هو ذلك الانسان الذي غيّب ضميره ، وتجاهل كل مبادىء الانسانية من أجل شعارات وطنية رنّانة ولكنها زائفة، ونظريات بالية وأسطوانات مشروخة تلوّث الأسماع.
    الخاسر الحقيقي من تبنّى مبادىء مكيافيلي ، ورفع شعار "الغاية تبرر الوسيلة"، وتغاضى في النتيجة عن أحقيّة الشعب السوري في حرية التعبيروالاختيار، و العدل والمساواة،  وفي محاولة يائسة لارضاء الضمير ، والتخلص من معاناة اللوم ، اتجه الى انكار الواقع ، مردداً أكذوبات النظام " كل ما يحصل هو تمثيل في تمثيل"!!


    تعساً لكل من ربط توابته في الحياة بمتغيراتها، و خاب كل من ربط قيمه ومبادئه بنظريات وهميّة، بغض النظر عن المسميات.

أيمن أبولبن
7-12-2013


السبت، 12 أكتوبر 2013

متجر الكمبيوتر وخدمة ما بعد البيع


قصص من الواقع (2)

متجر الكمبيوتر وخدمة ما بعد البيع

      ما زلت أذكر أول جهاز كمبيوتر محمول أقتنيته عندما كنت شاباً ، حين أشار علي بعض الزملاء ، ونصحوني أن أشتري الجهاز من أحد المعارض المعروفة ، ونزولاً عند نصائحهم ، توجهت الى هذا المعرض والذي قيل لي أنه يمتاز ب "خدمة ما بعد البيع" .

   استقبلني أحد المشرفين ببشاشة ، وأعطاني فكرة عامة عن المعرض ومواصفات الأجهزة ، وبعد أن أستقر رأيي على أحد الأجهزة ، قلت له - محاولا استدراجه للحصول على مميزات اضافية - :
أخبرني بصراحة ، لماذا لا أشتري هذا الجهاز من أي متجر صغير وبسعر أقل من هذا السعر ؟ قال لي مبتسماً ، سأحدثك بصراحة وشفافية ، نحن نقدم أفضل خدمات ما بعد البيع
قاطعته بالقول: لقد سمعت كثيرا عنكم وعن خدمة ما بعد البيع ، هل لك أن تعطيني تفاصيل أكثر؟

   أخذني من يدي ، وأجلسني في مكتبه وقال لي سأحدثك عن خدماتنا بالتفصيل.

   أولا نحن نعطي كفالة صيانة غير محدودة  لأجهزتنا ، كما أن أجهزتنا تحتوي على برنامج خاص يقوم باعادة ترتيب ملفات الكمبيوتر وفلترتها ، والمحافظة عليها ، ما على المستخدم سوى تشغيل هذا البرنامج يوميا في أوقات معينة ، وهذا كفيل بالمحافظة على الجهاز وتطبيقاته من أي عيب تقني.

  عدا عن هذا نقوم أسبوعيا بفتح معارضنا لاستقبال الزوار ، وعمل صيانة مجانية سريعة للأجهزة وبدون مقابل ، وبالاضافة الى هذا ، هناك ورشة عمل نعقدها سنويا لمدة شهر كامل ، تكون فيها الصيانة وقطع الغيار مجانية .

  اذا لاحظت معي ، نحن نهتم بالجهاز على مدار الساعة ، صيانة يومية وأسبوعية ، وشهر كامل نتيح فيه الفرصة لعملائنا  لتغيير القطع المعطوبة ، فما رأيك في هذه الخدمة ؟

   قلت له وأنا مندهش ، هل فعلا تقدمون كل هذه الخدمات مجاناً !!
 قال لي وسأخبرك بشيء أفضل من كل هذا ، كما تعلم ، أن أي جهاز بعد فترة طويلة من الاستخدام ، يصيبه العطب أو تتراكم فيه بعض المشاكل الفنية ويصبح من الصعب أن يستمر أداؤه كالمعهود
 قلت له نعم بالطبع
 قال لي هل تعلم أن ادارة المعرض تمنح الفرصة لعملائها باستبدال الجهاز القديم بجهاز جديد تماما وبأفضل المواصفات ؟!  قلت له وعلامات الدهشة بادية على ملامحي هل فعلا تفعلون ذلك ، قال لي نعم ، وهذا العرض متاح لكل عملائنا ولمرة واحدة فقط ، حيث نشتري منه جهازه القديم بنفس المبلغ الذي دفعه ، وبغض النظر عن حالة الجهاز ، ونبيعه جهاز جديد " بالكرتونة" ونحسب فرق السعر فقط.

  غادرت مكتبه وصافحته بحرارة ، وقلت له أنا من هذا اليوم سأصبح واحدا من عملائكم ، وسأقوم بكل جهدي للتعريف بكم ، وبخدماتكم المميزة .

   اشتريت جهاز الكمبيوتر ، وتأكدت من وجود تطبيق الصيانة فيه ، وأخذت جدولاً بالخطوات الواجب اتباعها يوميا لصيانة الجهاز والمحافظة عليه ، وتزودت بقائمة لجميع فروع المعرض التي تقدم خدمة الصيانة الأسبوعية ، وجدولاً آخراً بورشة العمل التي تقدم الصيانة المجانية لشهر كامل سنويا ، وقبل أن أغادر المعرض ، عدت مجدداً الى مكتب المسؤول ، وقلت له باسماً:
لدي طلب أو سؤال أخير
رد قائلاً : بالطيع تفضل
قلت له وددت لو أنكم لا تحصرون استبدال الجهاز بمرة واحدة في العمر
ضحك كثيرا ، وكأنه يقول " لا تكن طماعاً لهذه الدرجة" ، ثم قال : قل لي بكل أمانة ، بعد كل هذه الخدمات التي نقدمها ، من ارشادات ونصائح ، وتطبيقات للصيانة ، وورشات صيانة مجانية ، واستبدال الجهاز القديم بجهاز جديد ، الا تعتقد ان على المشتري ان يتحمل بعض المسؤولية ويحافظ على جهازه الجديد ؟!
اذا لم يستطع الشخص ان يستغل هذه الفرصة ، ويحافظ على جهازه الجديد ، فما نفع اعطائه فرصة أخرى ؟! وهل سيحافظ على أي جهاز بعد هذا ؟!
تلعثمت ولم استطع الاجابة ، ثم أردف قائلاً ، للمعلومية فقط ، فان ادارة المعرض ، لم تقم برفض أي طلب استبدال لعملائنا ، حتى لو كان قد استبدل جهازه من قبل.

 -------------------------

  مرت سنين طويلة على اقتنائي لجهاز الكمبيوتر هذا ، واليوم وبعد كل هذه السنين تبين لي أن جهازي القديم بجاجة للتجديد ، أنا ذاهب اليوم لاداء مناسك الحج ، فقد قررت أن أستبدل جهازي القديم بجهاز جديد " على الزيرو" .

  سامحوني ان أخطأت بحقكم ، وادعولي بالتوفيق


أيمن أبولبن 
12-10-2013