الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

احتجاجات فرنسا والسترات الصفراء






منذ أسبوع وفرنسا واقعة تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة عطلت الحركة في البلاد وخصوصاً في باريس
وقد أشعل ارتفاع أسعار الوقود شرارة الاحتجاجات في البداية ولكن المطالب الإصلاحية توسع مداها وشملت بعد ذلك الضرائب والبطالة والفقر وغيرها
وقد اتخذ المتظاهرون من السترات الصفراء شارة للتضامن مع المطالب الإصلاحية، لذا تم إطلاق (أصحاب السترات الصفراء) على هذه الموجة من المظاهرات.
مؤخراً تحولت المظاهرات السلمية الى أحداث عنف، ومواجهات دامية بين المتظاهرين والشرطة تخللها أعمال عنف وتحطيم لممتلكات خاصة. وتشير الأخبار الى دخول المتطرفين اليمينيين (المعارضين لماكرون) على خط الاحتجاجات وتسببهم بأحداث العنف تلك.
وكالعادة، طفت على السطح حكايات عن نظرية المؤامرة وتدخلات أجنبية أو حزبية لشيوع الفوضى في البلاد، وآخرون يتحدثون عن لعنة أصابت فرنسا بسبب تدخلاتها في المنطقة ودعمها للربيع العربي !!
كل ما هنالك، أن البلاد تمر بأزمة حقيقية، ومن حق الشعب أن يتظاهر ويطالب بإصلاحات، ومن حقه أيضاً تشكيل لجان تفاوض وحركات مدنية سواء كانت سترات صفراء أو قبعات خضراء، ومن الممكن جدا ان يركب المتطرفون موجة الاحتجاجات ويتسببون بأحداث عنف لا منهجية، ولكن الأكيد ان الشعب الواعي والذي تربى على الديمقراطية وحب الوطن الحقيقي (وليس حب المصالح الفئوية) سيكون قادراً على عبور هذه المرحلة ومعالجة الأخطاء.
ينطبق هذا على الشعب الفرنسي وكل الشعوب الواعية، بما في ذلك شعوبنا العربية أيضاً
بدلاً من التشفّي أو محاولة استشراق الدمار الذي سيحل بهذا البلد او ذاك من قبل أصحاب نظرية المؤامرة، ليتكم تتعلمون من ثقافة غيركم وتؤمنوا بان التغيير هو سنة الحياة، وأن المطالبات بالتغيير والتجديد والتعديل والإصلاح، ليست جريمة، وليست مؤامرة أيضاً!


#باريس #فرنسا #السترات_الصفراء 

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومدون من الأردن
27-11-2018

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

نريد إعادة خدمة العلم... ولكن!



شهدت الأعوام الأخيرة (لا سيما بعد أحداث الربيع العربي) مطالباتٍ شعبية ودعوات من النشطاء بإعادة العمل بالتجنيد الاجباري في الأردن، رافقتها تحذيرات من عدم وجود (قوات احتياط)، لا سيما مع عدم الاهتمام الكافي بما يعرف بالجيش الشعبي.
وقد تحدّث رئيس الوزراء مؤخراً عن إعادة العمل بخدمة العلم، مما أدّى إلى فتح الحوار مجدداً حول الجدوى من الخدمة في مقابل التكلفة التي ستتحملها الدولة.

إن الفكرة في حد ذاتها، كانت وما زالت مطلباً وطنياً مشروعاً بل وواجباً وطنياً، وكنت أحد الداعين إلى إعادة العمل بها منذ سنوات طويلة، ولكن ضمن مشروع وطني متكامل تتضافر فيه جهود مؤسسات الدولة جميعها، مع جهود المجتمع والمؤسسات الأهلية.
ولعل من المفيد التذكير هنا، بخطأ الفكرة القائمة على تغيير الجزئيات بدلاً من تغيير النظام ككل، ظناً أن تغيير عاملٍ رئيسي واحدٍ سيكون كفيلاً في تغيير الوضع الكلّي، كأن نقوم على سبيل المثال بنقل عائلة فقيرة من حي فقير، الى شقة فاخرة، معتقدين أننا بذلك نكون قد حللنا مشكلة الفقر لدى هذه العائلة.
ولكن الحقيقة أنه بعد بضع سنوات، ستتحول الشقة الفاخرة الى بيت فقير شاحب آخر، لا يختلف عن بيوت الأحياء الفقيرة، والسبب أننا غيّرنا العامل الخارجي فقط، بينما أبقينا على كافة أسباب المشكلة (الدخل، التأمين الصحي، التعليم، الثقافة والتربية...الخ)
فإذا كان تفكير الحكومة ينحصر في إعادة خدمة العلم بنفس النظام القديم، فإن الهدف الرئيس من خدمة العلم لن يتحقق، وستكون مجرد مغامرة جديدة على الورق!

بالعودة الى حديث رئيس الوزراء، أعجبني مصطلح (خدمة الوطن) الذي أطلقه على مشروع التجنيد الاجباري الجديد، وهي بالفعل كذلك، هي خدمة للوطن، والوطن غير محصور في المؤسسة العسكرية، وانطلاقا من هذا الفهم، يجب الوضع بالحسبان أن يتكامل هذا النظام بحيث يشمل ما يلي:

بناء ثقافة عسكرية للجيل الجديد

من أساسيات هذه المشروع العمل على تأهيل جيل الشباب ليكون مهيئاً من الناحية العسكرية والبدنية والنفسية، للقيام بواجب الدفاع عن الوطن وحماية مقدراته، لذا يجب أن ينطلق البرنامج بدورة عسكرية تدريبية، يتم من خلالها رفد المنتسبين بالمعلومات العسكرية والميدانية، وإكسابهم المهارات اللازمة واللياقة البدنية من خلال التدريبات العملية.
يتم بعدها توزيع الأفراد على الوحدات العسكرية المختلفة، بحيث تتخصص كل مجموعة في مجال معين (سلاح الطيران، المدفعية، المشاة...الخ).

الخدمة المدنية:

يلي فترة الخدمة العسكرية، توزيعُ المنتسبين الى المؤسسات الحكومية والمدنية المختلفة، كلٌ حسب تخصصه، وذلك بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، بحيث تكون هذه الخدمة بمثابة تدريب عملي وخبرة ميدانية للمتخرجين الشباب برواتب رمزية. في المقابل تستفيد الدولة من القوى العاملة للمنتسبين.

خدمة المجتمع:


خلال فترة الخدمة المدنية، ينخرط المشتركون في برنامج تطوعي لخدمة المجتمع من خلال المؤسسات الأهلية والخيرية المختلفة، بحيث يُشترط قضاء ساعات معينة في الخدمة التطوعية مع ترك المجال للمشترك نفسه في اختيار الخدمة والمؤسسة التي يرغب في خدمتها.
وأرى من المناسب أن تمتد فترة البرنامج لمدة سنة كاملة مقسمة على شقيها العسكري والمدني.
وبهذا يكون قد حقق البرنامج (خدمة الوطن) الأهداف المرجوة منه، ويكون اسماً على مسمّى، وسيشعر المنتسب الى هذا البرنامج أنه قد خدم وطنه ومجتمعه حقيقةً، وعاد بالفائدة على نفسه أيضاً.

ولتحقيق ذلك، نأمل من الحكومة أن تقوم بإعداد خطة متكاملة تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، وأن تطرح برنامجها الوطني بهدف رفد القوات العسكرية بعنصر الشباب من جهة، وبناء قوة احتياطية عسكرية (فاعلة ومؤثرة وليست مجرد أرقام)، مع خدمة مؤسسات الدولة المدنية ورفع مستواها، يضاف الى ذلك خدمة المجتمع وتأسيس فكرة العمل التطوّعي في نفوس الشباب.

من جهة أخرى، أجد من الضروري القول ومن واقع تجربة شخصية: على القائمين على هذا المشروع أيضاً، الأخذ بالحسبان الوعي المتزايد للشباب من جيل هذا اليوم وحاجتهم الى مدربين على مستوى عال من الثقافة العسكرية مع تقديم المعلومة بطرق حديثة، وأسلوب راق.
وهذا يتطلب هدم كل النظريات القديمة القائمة على إذلال المنتسبين وإجبارهم على التخلي عن شعورهم بالعزة والكرامة بحجة صقلهم وتخريج جيل "شديد" لا يخاف العدو!
إن التربية الوطنية لا يتم اكتسابها بالذل ولا يتم تجرّعها بالمهانة والتقليل من احترام الذات، كما أن الشجاعة في الميدان لن يتم اكتسابها بأي حال من الأحوال من جرّاء جرعات التخويف والوعيد والتهديد.
على العكس من ذلك، فالفرد الذي يتعلّم الذل والمهانة والخوف سيكون أول المغادرين لساحة المعركة حين تدق ساعة الحقيقة!

ولعلّنا نستبشر خيراً، مع وجود جامعة عسكرية متخصصة (جامعة مؤتة) وتوالي الأفواج المتخرجة منها، إذ أن من المفترض أن يؤثر ذلك إيجابياً على الكفاءات التدريبية والإشرافية في المؤسسة العسكرية، سيما أن التعامل مع جيل الحاضر من الشباب يتطلب مهارات مميزة في أسلوب التعامل وجذب انتباههم تمهيداً لانخراطهم بشكل فعال في خدمة "الوطن".

في النهاية، لا بد من تأييد هذا المشروع والشدّ على أيدي القائمين عليه، رغبةً في خدمة الوطن بشكل عملي وفعّال ومؤثر، مع اعتباره مشروعاً استثمارياً تتضافر فيه جهود المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة مع مؤسسات المجتمع، للاستثمار في القوة الشبابية الفعّالة بحيث تصب الفائدة في النهاية في مصلحة الوطن.
أما إذا كان التفكير هو مجرد عودة خدمة العلم كما كانت مع تغيير طفيف في الشكل والمسميات والمظاهر، فهي ليست سوى ذر الرماد في العيون، وهدر عمر الشباب بدون فائدة، بل على العكس إني لأظن والله اعلم أن المتخرجين من الشباب سيكونون بحاجة الى إعادة تأهيل أكاديمي للعودة الى مسارهم الطبيعي، هذا إن لم يحتاجوا إلى إعادة تأهيل نفسي واجتماعي!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

26-11-2018

الأحد، 18 نوفمبر 2018

إنفاق الأردنيين


حسب دراسة حديثة نشرتها دائرة الإحصاء العامة الأسبوع الماضي، بلغ متوسط إنفاق الأسرة الأردنية 845 دينار شهريا خلال الفترة بين 1/8/2017 الى 31/7/2018
49% من الأسر الأردنية يقل انفاقها عن 833 دينار في الشهر
40% منهم يتراوح انفاقهم بين 417 – 833 دينار فيما ال 9% المتبقيين يقل انفاقهم عن 417 دينار
يتراوح إنفاق 26% من الأسر الأردنية بين 833 دينار – 1250 دينار
يتراوح إنفاق 12.4% من الأسر بين 1250 – 1666 دينار
في حين أن 13% من الأسر الأردنية فقط يزيد انفاقها عن 1666 دينار شهريا

وكان أعلى متوسط إنفاق سنوي للأسرة في محافظة العاصمة؛ حيث بلغ 14417 دينارا (1201.4 دينار شهريا)
تلتها محافظة الزرقاء بمتوسط إنفاق 11957 دينارا (996.4 دينار شهريا)
أما محافظة الطفيلة فكانت الأقل حظا من حيث متوسط إنفاق الأسرة حيث بلغ 8689 دينار (724 دينار شهريا)


#إنفاق_الأسرة_الأردنية #الاحصاءات_العامة #الفقر_في_الأردن 

أيمن يوسف أبولبن
18-11-2018

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

البنت اللي قالت لأ!



أثناء دراستي الثانوية وخلال العطل الصيفية كنت أعمل لدى أحد محلات تأجير أشرطة الفيديو في منطقتي السكنية، فمن جهة كنت أقضي وقتا مفيدا في العمل، ومن جهة أخرى كنت مولعاً بالسينما ومشاهدة الأفلام.
وذات مساء وأثناء مراجعته لشؤون الأعمال اليومية وقوائم الحركة على الأفلام، وبّخ صاحبُ العمل الموظفَ المسؤول عن قسم الأفلام العربية، وصرخ في وجهه قائلاً: فيلم (البنت اللي قالت لأ) لم يتم استئجاره ولو لمرة واحدة منذ أن تم شراؤه منذ أكثر من سنة، ماذا تصنع!
هذا الفيلم بطبيعة الحال، كان من الأفلام الهابطة، فنياً وشعبياً وعلى مستوى شباك التذاكر وعلى صعيد كل المؤشرات التي قد تخطر على بالك!

عبد الرحمن (الموظف الذي تم لومه وتوبيخه)، كان داهية في عمله، وقد أثّرت هذه الحادثة فيه كثيراً، لذا بادر من صبيحة اليوم التالي إلى صنع عدة نسخ من الفيلم ووضعها خلف مكتبه مباشرة، وهو المكان المخصص لفئة أفلام ال VIP، ثم عمد الى تنفيذ خطة مُحكمة لترويج وتسويق الفيلم، ففي كل مرة يأتي فيها أحد الزبائن الشغوفين بالأفلام العربية، وبعد أن يختار مجموعة من الأفلام المميزة وفي اللحظة التي يهمّ بها في المحاسبة ومغادرة المحل، يبادر الى سؤاله بلهجته المصريّة: (هو انت شفت فيلم البنت اللي قالت لأ؟) بطبيعة الحال السؤال بحد ذاته يوحي أن هذا الفيلم هو نارٌ على علم، أو فيلم من أفلام الجوائز العالمية، خصوصاً أنه يحمل اسماً رناناً، وهنا تجتاح الشخص الواقع في الشرك، مجموعة من المشاعر المختلطة، فهو لم يسمع بهذا الفيلم من قبل، (إذ أنه غير موجود على خرائط الأعمال الفنية المعروفة أصلاً!)، ولكن من وحي السؤال يشعر بأنه قد فاته شيء عظيم، مع خليط من الشعور بالذنب، إذ كيف يفوت على أحد أكثر المتحمسين لمتابعة الأفلام العربية فرصة مشاهدة فيلم مهم كهذا، يتحدث عنه الناس!
وفي ظل هذا التأثير، ومع ابتسامة خبيثة مصطنعة من عبد الرحمن، يبادر الزبون بالإجابة: في الحقيقة لا، ثم يضيف بشيء من الرجاء، هو موجود؟ وهنا بالذات كنتُ ألمح في عيني عبد الرحمن نشوة الانتصار، فيجيب منتشياً، آه طبعاً، ده أكثر فيلم عندنا نسخ منه، يا سلام إزاي تفوّت الفيلم ده!
وهكذا زبون بعد آخر، إلى ان تصدّر الفيلم قائمة مبيعات المحل لذلك الشهر، حتى أن صاحب العمل أصابته الدهشة وعبثاً حاول فهم ما جرى!


بالتأكيد كان هناك بعض الزبائن الذين عادوا باللوم على عبد الرحمن لرداءة الفيلم، ولكن رد عبد الرحمن كان جاهزاً دائماً، (طبيعة الفيلم لم تناسب حضرتك) (غلطان والله، ده فيلم جوائز) (يا سيدي يعني فيلم واحد لم يعجبك من ضمن خمسة أفلام بسيطة يعني) (غريبة، الكل بيمدح في الفيلم!). ولكن كل هذا لم يكن في النهاية مهماً، فالأهم بالنسبة لعبد الرحمن أنه قام بتسويق أحد أسوأ الأفلام بشكل قياسي لم يسبق له مثيل. أما بالنسبة لصاحب المحل، فالأهم كان الربح الكثير وتعويض الخسارة المؤكدة، ولا ضير من بعض الاحتجاجات البسيطة!

ذات مساء، وبعد أن قلّ اهتمام عبد الرحمن بتسويق الفيلم، بعد تحقيقه أكثر من المتوقع من المبيعات، دخل أحد الزبائن الى المحل، وتوجّه بالسؤال دون تعيين هل أجد لديكم فيلم "البنت اللي قالت لأ"؟ وبحركة لا ارادية توجهت أنظارنا جميعاً إلى عبد الرحمن، مع صدمة ودهشة حقيقتين!
لحظات الصمت هذه شحنت الأجواء، وزادت من تعلّق الزبون بالفيلم، وبدأت نظرات الرجاء تطفو على ملامح وجهه، وبعد صمت طويل ومحاولة ادعاء أنه يبحث عن نسخة من الفيلم قال عبد الرحمن معتذراً، والله للأسف كل النسخ طالعة!، خاب أمل الزبون وخرج وهو يجر أثواب الخيبة.
سألت عبد الرحمن موبّخاً من جهة ومستفسراً بفضول من جهة أخرى، لماذا؟ ولكنه بكل ثقة ابن سوق محترف أجاب: (يا عم ده زبون طيّار وانا مش حأطلّع فيلم مطلوب في السوق لزبون مش دائم للمحل! الفيلم بقى عليه طلب!).


نعم كانت هذه هي الحقيقة التي لم أفهمها لحظتها، لقد بدأت عجلة التسويق بالدوران دون الحاجة الى أي عمل من عبد الرحمن!

لم أنسَ قصة عبد الرحمن مع هذا الفيلم بكل تفاصيلها رغم مضي أكثر من ربع قرن عليها، ليس فقط لأنها وسّعت مداركي نحو أهمية التسويق والنباهة في العمل ودراسة نفسية العميل...الخ ولكن لكونها أولاً وأخيراً درساً في تسويق الفساد والترويج الناجح للبضائع الهابطة!
في كل يوم أشاهد أمامي عبدالرحمن وفيلم البنت اللي قالت لأ، في كل اعلامي يقوم بتلميع شخصية فاسدة أو يدافع عن نظام دموي، في كل نائب عن الشعب يتاجر بصوته والأمانة التي يحملها، في كل وزير يقوم بتغيير أجندته وأقواله بعد جلوسه على كرسي السلطة، في كل مسؤول يتولى مركزا مهما وهو لا يحمل من المؤهلات سوى نسبه وحسبه، في كل موظف يمارس عمله في غش وخداع العميل ولا يراعي أخلاقيات المهنة، في كل صحافي ينفذ توجيهات عليا، رغم مخالفتها لكل قيم الصحافة، وفي كل طُغمة سياسية فاسدة تولّت الحكم في بلادنا، وتحكّمت في مصائرنا، رغم أنها هابطة ورديئة وفاشلة ومُقيتة بل ومُجرمة!

عبد الرحمن، تجسيدٌ بسيطٌ ولكنه حقيقي لكل سحّيج ومُطبّل، يمدح السلطة مقابل المال، أو ظناً منه أنه يمارس وطنيّته، ويخلط بين مفهوم الوطن والسلطة الرابضة على صدر الوطن!
فيلم البنت اللي قالت لأ، هو تجسيدٌ للفساد الذي أصبح مؤسّسيّا في مجتمعاتنا العربية، بحيث أصبح ينتج نفسه بنفسه دون الحاجة للتسويق له، بل إن محاربة الفساد في عالمنا العربي أصبحت أشبه ما تكون بمعركة "دون كيشوت" مع طواحين الهواء!

قد تكون قصة عبد الرحمن نسخةً بريئةً مقارنة بما آلت اليها الأحوال في عالمنا العربي، منذ بدء موجة ثورات الربيع العربي وما لازمها من تغييرات في تكتيكات الأنظمة القمعية، لمواكبة الأحداث وركوب موجة التأثير على المجتمعات، عبر وسائل التواصل ومنصات الاعلام المختلفة، بحيث لا يكاد يخلو يومٌ من ظهور نسخة متطورة من عبد الرحمن، في هيئة إعلامي مأجور أو سياسي فاشل أو فاسدٍ متكسّب، يمارسون نفس العمل: يطلّون برؤوسهم ناصبين شراكهم، محاولين تسويق برامجهم السياسية الفاشلة وخططهم الاقتصادية العبثية، ووعودهم الإصلاحية الكاذبة، ومستخدمين نفس الأسلوب الجذّاب ولغة الخطاب الماكرة: (هو أنتو شفتو فيلم البنت اللي قالت لأ؟!) 

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

11-11-2018

الجمعة، 2 نوفمبر 2018

*لحظة تجلي*

الأفكار والخواطر التي تستحوذ علي لحظة أن أخلد إلى النوم، تكون الأعظم في يومي الطويل، ولكني عبثا أحاول التقاطها وتدوينها.

في كل ليلة، أشعر أن وحيا أو إلهاما ما، يستحوذني، أو نافذة تفتح أمامي فأطل من خلالها إلى عالم آخر في زمن آخر، فلا تعد الكلمات كلماتي، ولا الوصف إبداعي، بل هو ما يردني من ذلك الإلهام أو ذلك العالم الآخر.

ولكن كل هذا يتلاشى مع ساعات الصباح، عبثا أحاول أن استرجع تلك الكلمات أو ذلك الشعور. ورغم يقيني السابق أن أثر هذا الإلهام لن يمّحي أبدا، فإن ظني يخيب دائما!

ذات ليلة، استعنت بقلمي في محاولة أخيرة، كي أدون لحظة بلحظة تلك التجليات، ولكن قلمي تاه بين الحقيقة والخيال، ووقف عاجزا لا يكاد بُبين!

في صبيحة اليوم التالي، استيقظت وأنا أردد العبارة التالية،:
كي تكون مبدعا، عليك أن تتحكم بعوالمك، بحيث تتنقل بين الواقع والخيال والجنون، دون أن تخضع لأي منهم!

أيمن يوسف أبولبن
23-10-2018