الاثنين، 3 يونيو 2019

*آيات استوقفتني (13) لا يمسّه إلا المُطهّرون*




((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (80))) سورة الواقعة.

من المتوارث لدينا حسب الموروث الديني أنه لا يجوز لمس المصحف إلا في حالة الطهارة، فهل هذا هو المعنى المستنبط من هذه الآية؟

في البداية لقد عرّف الله سبحانه وتعالى الطهارة الجسدية في القرآن بما يلي:

أولاً، الطهارة من الجنابة بالغسل:

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ)) النساء 43

ثانياً، الغسل من الحيض للمرأة:

((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ)) البقرة 222

ثالثاً، الطهارة من النجاسة:
((وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)) المزمل
((وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا)) سورة المائدة

فهل يحظر على هذه الحالات لمس المصحف؟

من التدبّر في هذه الآية يتضح ما يلي:
الحديث هنا عن القرآن الكريم وليس عن نسخة المصحف الورقية الموجودة لدينا، بل عن النسخة المحفوظة بالرعاية الإلهية (كتاب مكنون)
لا يمسه إلا المطهرون، ال (لا) هنا ليست لا الناهية فهي لا تنهى عن امر، بل هي (لا) النافية، أي أنها تنفي أن يكون هذا الكتاب المكنون متاحاً لغير الملائكة.

لاحظوا معي لفظ (*المُطهّرون*) أي أن الطهارة هنا من صنع الخالق، وليس من صنع المخلوق، فالملائكة خلقوا على هيئة طهارة جسدية لا تتغير ولا ينتقلون من مرحلة الطهارة الى غيرها مثل باقي البشر، فهم منزهون عن حالات عدم الطهارة الجسدية التي ذكرتها آنفاً.

أما في حالة البشر، فقد قال الله تعالى:

((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))  

لاحظوا هنا كلمة *المُتطهّرين* أي الذين يحافظون على طهارتهم بفعلهم وإرادتهم.

ومن هنا نقول إن لمس المصحف في حالة الطهارة فقط هي من الآداب العامة، وليست من النواهي الإلهية كما هو شائع في تراثنا. وأن هذه الآية التي يُستدل بها على غير ذلك، لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالمصحف الذي بين أيدينا، ولا بنا نحن البشر.



هذا والله أعلم

أيمن يوسف أبولبن
3-6-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق