الأربعاء، 8 مارس 2017

قصة كتاب -مذكرات الأرقش لميخائيل نعيمة

اعتاد ميخائيل نعيمة أن يرتاد أحد المقاهي البسيطة والمتناثرة في بيروت العتيقة
لم يكن يهتم بفخامة المكان ولم يكن يأبه لشريحة مرتاديه فهو المكان الذي ارتاده لأول مرة وألفه واصبحت عادة لا يمكن الفكاك منها
لايوجد شيء غريب أو مخالف للعادة أو التصور في هذا المقهى الشعبي
فقد كان كغيره من المقاهي.. مايمكن أن تلاحظه بعد عدة زيارات متكرره وتستغربه هو النادل
فلم يكن ينطق بكلمة واحدة.. بل ينفذ فقط
وبعد عدة زيارات ينفذ قبل أن تطلب منه حتى ظن ميخائيل أن هذا النادل مخبول طيلة الأربع سنوات التي كان يرى بها هذا النادل حتى أنه سأل صاحب المقهى عنه بعد أن أكله الفضول
فأخبره صاحب المقهى بأنه لايذكر أنه سمع صوته ولايذكر إلا أنه حضر يوما ليعمل لديه ومن ذلك اليوم وهو يعمل.. ولايذكر أنه سأله عن أجره يوما حتى وأن تأخر بل أنه لم يطلب يوما زيادة أو يلمح لها
الأدهى أنه لايذكر أنه تذمر من العمل في يوم
*******
في يوم زار ميخائيل المقهى كعادته وتفاجئ لعدم وجود هذا النادل أو الأرقش كما أطلقوا عليه
وذهب يسأل صاحب المقهى عنه ليجده حزينا ومهموما
فقد رحل الأرقش فجأة كما حضر
*******
ذهب ميخائيل ليفتش عن الأرقش وفي نهاية رحلة بحثه وصل إلى الغرفة التي كان يقطن بها
وهناك تفاجئ حين فضحت له الغرفة أمر الأرقش
فقد وجد مذكرات دونها الأرقش بيده ووجده قد كتب بعدة لغات لايعرف منها ميخائيل إلا واحدة
لقد كان الأرقش شخص غير مخبول.. بل شخص يقرأ ويتكلم ويكتب
*******
بعد سنوات أصدر ميخائيل كتابا بعنوان: مذكرات الأرقش
وهي الأوراق التي دونها الأرقش وتركها في غرفته بعد رحيله
كانت هذه المدونات البسيطة أبواب واسعة في الفلسفة لم ولن يستطيع ميخائيل فهمها
في أحدها يقول الأرقش: جميع الناس يتحدثون.. بسبب أو دون سبب.. إنهم يتحدثون بكل شيء ولكل شيء ولأي شيء.. إنهم يتحدثون في الشارع وفي المقهى وفي العمل وقبل النوم وبعده.. ولا أعلم من منهم يستمع.. من منهم لايتحدث..
أنا سوف أصمت رغبة مني وهربا من هذا العالم.. لم تعد لدي رغبة بالحديث والجميع يتحدث
------------------
مقتطفات من الكتاب
الناس قسمان : متكلمون وساكتون
انا قسم الانسانية الساكت و مابقي فمتكلمون
الناس يدعون المكان الذي يولدون فيه وطناً .. وهذه الكلمة مقدسة في عرفهم . فهم يذرفون الدمع لفراق اوطانهم ويذوبون حنيناً اليها ولماذا ؟ لانهم الفوها فالوطن ليس اكثر من عادة و البشر عبيد عاداتهم ولانهم عبيد عاداتهم تراهم قسموا الارض الى مناطق صغيرة يدعونها اوطانهم
ليس العبد من يباع و يشرى في سوق النخاسة . انما العبد من قلبه سوق للنخاسة
اربعة هم الناس : انسان جله بهيمة و بعضه انسان , و انسان نصفه بهيمة ونصفه انسان , وانسان جله انسان وبعضه بهيمة و انسان كله انسان , اما الاول فما لفكرة الكمال اقل سلطان عليه , و اما الثاني فيحلم بالكمال ولكنه لا يسعى اليه , و اما الثالث فيحلم ويفكر ويؤمن ويشتاق ويسعى بكل واسطة لديه , واما الرابع فقد وصل الى ما وراء الحلم والفكر والايمان والشوق و السعي فلا يغريه تصفيق ولا يؤذيه تصفير
اتكون للناس نعمة العمل الخلاق ويتمنون لو كانوا لا يعملون ؟ اما عرفوا انها النعمة المثلى التي خص بها الانسان دون باقي الكائنات و انها السلم التي بها يرقى الانسان الى الله

أيمن أبولبن
8-3-2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق