الثلاثاء، 18 يوليو 2017

الغساسنة والمناذرة في كهف أفلاطون





"الغساسنة" قبيلة عربية سكنت بلاد الشام قبل مجيء الإسلام، واتخذت مدينة "بُصرى الشام" عاصمةً لها، تحالفت مع إمبراطورية الروم (البيزنطيين) التي كانت تسيطر آنذاك على منطقة الشرق الأوسط والتي استعملتهم في حروبها ضد الفُرس.
حسب المراجع التاريخية فإن الغساسنة قد تنصّروا ليصبحوا على دين حليفتهم العظمى (الأرثوذكسيّة الشرقيّة) وبقوا كذلك إلى أن تحالفوا مع المسلمين بعد انتصارهم في معركة اليرموك.

في المقابل حَكَمَت قبيلة "المناذرة" بلاد الرافدين واتخذت "الحيرة" عاصمة لها، وامتد حكمهم إلى تخوم الشام وصولا إلى عُمان في الجنوب، وكانت بلاد المناذرة على مذهب كنيسة المشرق التي تعادي المسيحية الأرثوذكسيّة. تحالف المناذرة مع الفرس (الإمبراطورية الساسانية) التي كانت تسيطر على ما يعرف بإيران الآن. وكما فعل الروم، قام الفرس باستعمال المناذرة في حروبهم ضد الروم!

ونتيجة لذلك خاض الغساسنة والمناذرة حروباً طويلة وداميةً ضد بعضهم البعض في سبيل خدمة القوى العظمى ومشاريعهم الاستعماريّة في المنطقة. الأدهى من ذلك أن حرباً من نوع آخر دارت بين هاتين القبيلتين، حيث تبارى الشعراء وأصحاب الكلمة كلٌ في الدفاع عن حقوق قبيلته كما يراها من وجهة نظره، واتهام الطرف الآخر بالخيانة والعمالة، وعلى رأي المثل (كل ما دقّ الكوز في الجرّة) بين الفرس والروم، اشتعلت المنابر بين الغساسنة والمناذرة وصهلت الخيل واستُلّت السيوف، وهكذا دخلوا التاريخ كمضرب مثل للتناحر بين أبناء العمومة لحساب "القوى العظمى"!

عندما كنت في الصفوف الإعدادية، حدثنا أحد المعلمين عن قصة الغساسنة والمناذرة، وحيث أنى كنت على سجيّتي ولمّا أتعرف إلى خبايا الدول وعوالم السياسة "غير البريئة" فقد صدمتني تلك الوقائع وسألت المعلّم مُستنكراً: لماذا كانوا يفعلون ذلك؟! وبدا أن سؤالي لا إجابة له، فقال لي المعلم من باب تقريب المسألة: نحن حالياً نعيش في عالم يتنافس فيه الأمريكان والروس (كان هذا قبل انهيار جدار برلين) وكما تعلم فإن دولنا العربيّة ضعيفة ولا شأن لها، لذا فإنها تطمح بالولاء لإحدى هاتين القوتين في مقابل الحماية والرعاية وضمان المساعدات، وهذا ما حصل! ولكن ما يهمنا هو العبرة. نعم، العبرة التي استخلصتها من كلامه ولم ينطق بها لسانه (إياكم أن تكونوا أداةً في أيدي أحد مهما دعتكم الحاجة وبرّرت لكم الظروف!).

منذ انطلاق شرارة الربيع العربي، ظهر جليّا وواضحاً أن الشارع العربي كان متقدماً على صالونات المثقفين والمُفكرين وبالتأكيد السياسيين العرب، مما أثار الشكوك حول قيادة "خفيّة" تدير الأمور من وراء الستار، وبدلاً من أن تلحق الأحزاب والسياسيون وكذلك المفكرون والمثقفون بركب الشارع وتقوده نحو ثورة حقيقية في المفاهيم والأفكار، وتساعده على قلب الموازين وتحقيق قفزة نوعية في التأسيس للحريات العامة وبناء دول مؤسسات حقيقية، تخاذلوا جميعاً وانقسموا فيما بينهم، وأصبح كل واحد فيهم يقيس الأمور من باب المصالح الفئوية، ومصالح المعسكر الذي ينتمي إليه، أو الاكتفاء بالوقوف ضد أي شيء تثار حوله الشبهات من قريب أو بعيد بصلته بالمعسكر الذي يقف ضده!.

لقد وضعنا جانباً قيمنا الإنسانية، وشيمنا العربية، ووصايا ديننا الحنيف، فخلطنا الحقيقة بالوهم والحق بالباطل وتطوّعنا بكل جسارة كي نكون أدوات تخدم الآخرين (كل الآخرين) سوى أنفسنا، فتفرّقنا وتناحرنا وتقاتلنا وخضنا حرباً بالوكالة على أراضينا، فما نلنا غير الدمار والقتل والتشريد والتنكيل ببعضنا، وأورثنا أنفسنا جراحاً يستعصي شفاؤها على الزمن!

من سخرية القدر، أن بعض مثقفينا الثوريين المحسوبين على التوجه اليساري وقفوا ضد ثورات الشعوب (التي كانوا هم أنفسهم يبشّرون وينظّرون لها) بحجّة أنها تخدم المشروع الأمريكي في المنطقة، فانحازوا إلى الأنظمة السلطويّة. في المقابل وضع بعض المُعارضين يده في يد الغرب من أجل خلاصهم من الأنظمة الديكتاتوريّة، وعلى رأي المثل (ما أسخم من سيدي إلا ستي) !لقد أصبحت بلادنا العربيّة اليوم منقسمة على نفسها خدمةً لمشاريع كل الدول الطامعة في المنطقة، بدءاً من إيران وإسرائيل، وانتهاءً بروسيا وأمريكا!

عقلية نمطية غير قادرة على التفكير خارج الصندوق، ما تزال تعتقد أن حسابات السياسة السليمة مبنية على تحالفات المصالح (عدو عدوي هو صديقي) وموازين القوى (على الضعيف أن يجد ظهراً يحميه)، وهم بهذا لا يختلفون عن أجدادهم الغساسنة والمناذرة، من حيث المبدأ على الأقل.

هذه العقليّة بالذات، تذكّرني بالقصة الرمزية " سكان الكهف " لأفلاطون، وهي تتحدث عن مجموعة من البشر يقضون حياتهم مُقيّدين في كهف لا يرون فيه سوى ظل الأشياء التي تنعكس بفعل ضوء الشمس (الداخل إليهم من الخارج) على جدار الكهف فيعتقدون أن الظل هو الحقيقة وليس مجرد انعكاس الأشياء، وعندما يتحرّر أحدهم ويخرج إلى العالم الخارجي، يُدرك حقيقة الأشياء وأن انعكاس الضوء هو الظل وليس حقيقة الأشياء، فيعود إليهم مُحاولاً نقل المعرفة وكشف الحقيقة لهم، ولكنهم يتهمونه بالجنون ولا يقبلون تحرير قيودهم والخروج إلى العالم الحقيقي، ويصرّون على أن ما يرونه (الظل) هو الحقيقة.

إن جزءاً غير يسير من أصحاب القرارات السياسية في عالمنا العربي، ومن يدور في فلكهم من مُفكرين ومثقفين وإعلاميين لديهم "كهفهم" الخاص الذي نشأوا على أفكاره وأهدافه المحدودة، فتأسّست لديهم حسبة المصالح والتحالفات الدولية والمؤامرات السياسية، فخلطوا بين حقيقة الأشياء وظلّها، وعندما اندلعت ثورة الشارع العربي العفويّة، رفضوا أفكارها فاتهموها بالجنون تارة، وبالعمالة تارة أخرى، بدلاً من النهوض من غياهب كهفهم، ورؤية الأمور على حقيقتها.

الحقيقة المرّة أن المثقف الغسّاني في القرن الواحد والعشرين ما زال ينعت المثقف المُنذري بالخيانة والعمالة، فقط لأنه يظن أنه يخدم سيداً غير سيده والعكس صحيح، وما زال كل واحد فينا يتباهى بهذا الزعيم او ذاك، ويلعن كل من يتباهى بغيره. لقد تناسينا أن هدفنا هو مصلحة الوطن وليس مصلحة أي جهة كانت، وأن الأصل هو إعلاء قيم الانسان وليس إعلاء الرموز التي اتخذناها، وأن الظلم ظلم مهما كانت هوية الظالم، وأن نصرة المظلوم واجبة حتى لو كان المظلوم نقيضي في الفكر، وما لا أقبله لنفسي لا أقبله لغيري!

لن يذكر التاريخ من بطولاتنا المزعومة شيئاً، سوى تناحرنا وتسابقنا في قتل بعضنا البعض في سبيل إثبات أن الظل هو الأصل وليس الأشياء، وأننا متنا وفي داخل كل واحد فينا وشيجةَ قلبٍ غسّاني أو مُنذري!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
15-7-2017


النسخ واللصق" المهارة الأسهل تعلماً والأكثر شيوعاً

للأسف الشديد ألاحظ من متابعتي لشبكات التواصل الاجتماعي في بلادنا العربية عدم إيلاء أي نوع من الاحترام للملكية الفكرية وحق الكاتب أو الناشر الأصلي للمادة

معظم النشطاء لا يكترثون بنسخ بوست كامل أو تغريدة أو مدوّنة ووضعها على صفحته، والأدهى من ذلك أنه يدخل في نقاشات مع المتابعين بصفته صاحب البوست أو الفكرة! بل لعلّه يشعر بالفخر لأنه نقل هذه المعلومة عن طريق "النسخ واللصق"! كنت قد وضّحت من قبل أنه عند نقل أي مادة يجدر ذكر المصدر والمؤلف، أو "نقلاً عن صفحة فلان" أو المدوّنة الفلانية .... الخ ولك أن تقول "منقول بتصرف" في حال أنك أدخلت تعديلات "جوهرية" على النص.
وعند الاقتباس، بمعنى عندما تكتب نصاً وتستشهد بمقولة أو تقتبس نصاً ليس لك، عليك أن تضعه بين قوسين، وتشير إلى القائل

عند نقل حكمة أو مقولة على صفحتك (أو حادثة طريفة لم تحدث معك)، يجب أن تضعها بين قوسين كي يعلم الجميع أنها مقتبسة

معظمنا أصبح شاعراً وحكيماً وكوميدياناً وكاتباً ومتعدد المواهب في ليلة وضحاها دون جُهد يذكر، اللهم عدا القص واللصق، ما العيب أن تشير بالفضل إلى صاحب الفضل ؟! بدلاً من ادعاء ما ليس لك!

اعلم يا عزيزي أنك بمجرد أن تضع أي نص على صفحتك الشخصية (مهما كان نوع الصفحة) بدون ذكر مؤلف أو الإشارة إلى صاحبه، هذا يعني أنك صاحب النص أو على الأقل هكذا تدّعي !

إذا اتفقت مع كلامي يرجى عمل مشاركة للبوست، لعلّ وعسى
مشاركة وليس قص ولصق ! :)


أيمن أبولبن
18-7-2017



الاثنين، 10 يوليو 2017

لماذا نحب؟





لعل الحُب هو الموضوع الوحيد الذي مهما أشبعناه كلاماً ووصفاً وبحثاً وتحقيقاً فإنه لا ينفد وصفه ولا تملّ الكلمات من الغوص في أعماق بحاره والترحال عبر أراضيه الشاسعة.
الحُب الذي تصدّر صفحات التاريخ وكان سبباً للحرب والسلام وبناء الحضارات واكتشاف القارات وكان وراء الترحال والغُربة والحنين والشوق والحزن، ما زال غامضاً يُحيّرنا كل يوم، يقفُ على باب أفكارنا المسائية يُطلّ بأنفه ويُرخي النظر، يبتسم ابتسامة فرح وزهوّ لا تخلو من المداعبة والسخرية المحبّبة، ويدعونا كل يوم للتعرف إليه أكثر.

لماذا نُحب؟ كنت أسأل نفسي، بعيداً عن الغريزة وحاجاتنا الاجتماعية وكل تلك الأسباب. لماذا نُحب ونصرّ أن نتوحّد مع من نُحب حتى لو عاندتنا الظروف، لماذا نرتقي بالحُب إلى قمة أولوياتنا ونسقطُ معه إذا ما سقط، ثم نُمضي بقية عمرنا حاملين نصيبنا من الانكسار والخيبة، حملاً ثقيلاً على ظهورنا لا نضعه جانباً إلا بحبٍ نَيْسانيٍّ جديد، يعصفُ بالذكريات مُرّها وحُلوها ليحتلّ مكانها، ثم نكتشف بعد فوات الأوان أننا ازددنا حِمْلاً آخر ولم نتخلّ عن حِمْلنا الأزلي!

يقول صديقي المُشاكس (وأنا أحاوره) بعض الحُب هو حبٌ للذات، فنحن نُحب أنفسنا في الآخر، نجد أنفسنا أكثر سعادةً وألَقاً فنُحب تلك الحالة ونحرص على استمرارها وديمومتها، يصبح الارتباط بالآخر مصدراً للسعادة، والابتعاد عنه داعياً للترقّب والقلق.
في تبادل الحُب إرضاءٌ وإشباعٌ لحاجاتٍ نفسيّة كثيرة، القبول من الآخرين، الشعور بالتقدير واحترام الذات، وهلم جرّا، يصبح الحُب حينها مرآة لحُب الذات، نشعر أننا بهذا الحُب نكون أفضل!

ويضيف، بعض الحُب هو تعبير عن دوافع غريزية للتملّك، نصبح أحياناً أسرى لفكرة "الحصول" على هذا الحُب والتمتع بقصة حب فريدة من شخص مميز، يصبح الحُب "معركة" نخوضها، نزداد حباً وشوقاً ولوعةً في سعينا ورائها، لذا نضع كل طاقاتنا لكسبها.
 وفي المقابل هناك احتياج إنساني غريزي جامحٌ للآخر، يصبح مصدراً للحب في تلك اللحظة الجوهرية التي نشعر فيها أن هذا الشخص لديه قطعة تنقصنا، أننا نكتمل معاً، أو بالأحرى أننا جسدٌ واحدُ انقسم إلى نصفين، نشعر أننا لا نستطيع ان نستغني عن هذا الشخص او أن نستقل بحياتنا دونه، فنرتبط به بعلاقة انتماء ولجوء واحتياج وجوع!


وبين حب الذات وإرضاء حاجاتنا النفسيّة، ووسط مشاعر التملّك والاحتياج المُترعة داخل كل واحد فينا يا صديقي، تكمنُ كل مشاعر الحُب العاصفة!

أعدت السؤال على صديقي (الذي يصرّ دوماً على فلسفة الأمور ورؤيتها من منظور مختلف) لماذا نُحب؟ ثم أردفتُ قائلاً (كأني أحاور نفسي في حضوره) إن الحُب هو كل هذا، هو بعضٌ من النقص والاحتياج وبعضٌ من التملّك وحب الذات وبعضٌ من السعي نحو النجاح والسعادة، وبعضٌ من التميّز والبحث عن أفضل ما فينا، وبحثٌ عن الاستقرار والأمان والانتماء، ولكن ماذا نقول عمّن يُحب بصمت، عمّن يعتصر ألماً في الداخل، ويصطنع الابتسامة حتى لا يجرح من يحب، من يتوارى عن الأنظار كل ليلة ليبكي وحيداً في الظلام!
ماذا نقول إذاً، عمّن يكتب رسائل الحُب في المساء ثم يُطلقها مع الحمام الزاجل في الصباح، دون عنوان! عمّن تعتملُ الأفكار في داخله كل لحظة ثم لا يجد وسيلة للكلام!.

بماذا نصِفُ من يحرص على إسعاد الآخر دون أن يفكر في شيء بالمقابل، عمّن لا يملك في الدنيا سوى أحلامه، من أبحرَ في رحلة أسطورية وأسقط المرساة في الميناء، ماذا نقول عمّن وضع نصب أعينه أن يُحب دون أن يكترث برغباته هو أو باحتياجاته ودوافعه وكيف يكسب معاركه، من لم يخطر على باله اكتمالُ ذاته أو تقدير الآخرين له ؟!

فكّر صديقي مليّاً، نبش في أفكاره، ثم قال، وكأني بك تُذكّرني بأغنية "لحن الخلود" للموسيقار فريد الأطرش وبالذات المقطع الذي يقول فيه (الحُب من غير أمل أسمى معاني الغرام)!

صمتنا بُرهة، وسرحنا في خيالنا، ثم التفتُّ إلى صديقي من جديد، وقلت: هل انقطع هذا النوع من البشر، أم أن العالم تغيّر وتغيّرت معه طبيعة العلاقات الانسانيّة بحيث أصبحت "مُعلّبة" لا تحتمل العواطف والتأمل وتلك الشاعريّة؟! هل أصبحنا نعيش في عالم السرعة "والتيك أواي" حتى في العلاقات الانسانيّة، وبتنا لا نحتمل ديمومة المشاعر والارتباط؟!
 تبادلنا النظرات وكأن شيئاً ما أعطب لغة الكلام، تردّد صوت عباراتي في أرجاء المكان، سمعتها مجدداً وكأنها تُعاد بالسرعة البطيئة. وبعد برهة خرج صديقي عن شروده قائلاً: وكأنك لعبت معي دور سقراط الساخر كي تستدرجني للتفكير في سؤالٍ قد أعياك طويلاً يا صديقي، (لماذا لا نُحب ؟!)
   
أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
9-7-2017

الجمعة، 7 يوليو 2017

الاعجاز العلمي في القرآن – إشكالية محاضرة د زغلول النجار في نقابة المهندسين


 لا شك أن القرآن الكريم فيه من الإشارات العلمية (السابقة لعصرها) التي وضعها الله سبحانه وتعالى للتدليل على أن هذا الكتاب هو من عنده لا من عند البشر، وأن هذه الإشارات فيها من أنباء الغيب (الماضية والمستقبلية) وفيها من معلومات عن الكون والخلق ونشأة الحياة... الخ لإثبات أن هذا الكتاب هو وحي من الله، مما يزيد من إيمان المؤمنين ويهدي أصحاب العقول الى دين الله.

يقول الله تعالى (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) والنبأ هو معلومة خارج النطاق المعرفي للمتلقي كما في حالة هدهد سليمان "وجئتك من سبأ بنبأ يقين" وكما هو الحال عندما نبأ آدم الملائكة بمسميّات الأشياء "فلمّا أنبأهم بأسمائهم".
 ومستقر هذا النبأ يتحقق عندما يلتقي علم المتلقي مع تلك المعلومة فتصبح واقعاً معلوماً، والله يقول في هذه الآية إن كل معلومة وردت في كتاب الله ستتحقق وستدركونها أيها البشر.
 ويقول الله تعالى أيضاً (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين)
إذاً، كمؤمنين ومسلمين علينا أن نؤمن أن هذا الكتاب هو من عند الله خالق هذا الكون وأن هذا الكتاب يحتوي معلومات خارج الوعي الإنساني وبالتقدم العلمي والمعرفي يستطيع البشر إدراك هذه المعلومات والاستفادة منها عملاً بقوله تعالى (أفلا تتفكّرون، أفلا تعقلون، لقوم يعلمون) وهذا ما يُسمى التفسير العلمي للقرآن الكريم بمعنى تفسير "بعض آيات" القرآن الكريم (وليس الأحكام) من منظور علمي (طبي، فيزيائي، رياضي ....الخ) وهو ما يُسمى من قبل البعض تجاوزاً الاعجاز العلمي في القرآن.

رفض هذه الفكرة وردّها بمجملها والحديث عن خزعبلات وأساطير من قبل البعض مرفوض تماماً من وجهي نظري المتواضعة، وهو تسطيح للدين وتقليل من شأن كتاب الله، ولكن على نفس المنوال إن محاولة ربط كل ما جاء في كتاب الله من شريعة وفرائض وأوامر ونواهي بسبب علمي أو معجزة آلهية هو سذاجة وتحميل للأمور أكثر مما تحتمل، لا يليق بكتاب الله بل يضر به وبدينه.

كنت أتمنى ان يتم مناقشة أفكار د زغلول النجار وإثبات عدم صحة بعضها ومناقشة منهجه (أنا شخصياً أختلف معه في المنهاج الأساسي) وانتقاده وبيان خطأه بأسلوب علمي منطقي يُثري التجربة ولا يضر بها وهو نقاش حيوي وضروري، أما مهاجمة الفكرة نفسها وشخصنة الأمور، ثم محاولة منع إقامة المحاضرة فهو نوع من أنواع احتكار الحقيقة والتعدّي على حرية الرأي الذي أضرّ بكل من يعترض على أطروحات النجار بل وقدّم له خدمة لنشر أفكاره التي تحتمل ما تحتمل من الخطأ وترويجها.

أيمن أبولبن

7-7-2017