السبت، 8 أبريل 2017

ضع نفسك مكاني ثم أحكم علي

عند تناولنا لأي حدث تاريخي أو دراستنا لأي شخصية تاريخية علينا أولاً أن نحيط علماً بالعوامل الإجتماعية والإنسانية المحيطة وأن نكون مطلعين على علوم الألسنة أو اللغة الدارجة في تلك الفترة

   معظمنا يقع في المحظور عندما يحاول أن ينتقد أو يقوم بدراسة وتحليل حقبة تاريخيّة معينة، بحيث يقوم بتناولها من منطلق فكره ومعرفته الحاضرة والتي هي بعيدة كل البعد عن تلك الحقبة
وهذا يندرج أيضاً على علماء الدين السابقين، فحين نقوم بإنتقاد رأي عالم ما في قضية من القضايا أو حكم من الأحكام، نحكم عليه بالرجعيّة والتخلّف ولا نتحرّج من التفوّه بإنتقادات قاسية على العلن وكل هذا مبنيٌ على فهمنا وعلمنا وثقافتنا التي تجاوزته بعشرات أو مئات السنين، ولكننا لو قارنا علمه بالنسبة لزمانه لوجدناه سابقاً لزمانه، وفي نفس الوقت لو قسنا علمنا نسبة لزماننا لوجدنا أنفسنا متأخرين عن الركب، فمن هو المتخلّف والرجعي ؟!

ما زلت أذكر قصة قديمة ذكرها لنا مُدرّس اللغة العربية في الصفوف الإبتدائيّة، تقول أن بدوياً دخل على الخليفة العباسي المتوكل، فأنشد قصيدة، منها :

أنت كالكلب في حفاظك للود
وكالتَيْس في قِراع الخُطـوب

فقامت حاشية المتوكل تريد أن تسكته أو تضربه لتطاوله على الخليفة، ولكن المتوكل عرف مقصده وأنه ما رأى سوى ما شبّهه به فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة ، فيها بستان حسن ثم استدعاه بعد مدة، فحضر وأنشد :

عيـون المهـا بيـن الرصافـة والجـسـر
جلبنَ الهوى من حيث أدري ولا أدري

الشاهد في الموضوع : الجهل بظروف الآخرين يؤدي الى إصدارنا أحكاماً خاطئة قد تكون قاتلة أحياناً !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق