الاثنين، 8 أبريل 2019

أسطورة "أونودا" تُقلق مضاجع الاحتلال الإسرائيلي



"هيرو أونودا" كان ضابطاً في الاستخبارات العسكرية اليابانية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وقد تلقّى تدريبات مكثفة في حرب العصابات والاستطلاعات العسكرية خلف خطوط العدو، وفي خضم الحرب العالمية الثانية تم إرسال أونودا مع مجموعة من الجنود الى إحدى جزر الفلبين لتنفيذ عمليات نوعية ضد القوات الأمريكية وجنود التحالف، بمعزل عن القيادة العسكرية ودون اتصال مباشر، مع التقيّد بشرط واحد فقط (عدم الانسحاب وعدم الاستسلام أو الانتحار مهما كانت الظروف!)

توزّع الجنود إلى فرق صغيرة وانتشروا في الجزيرة التي يسيطر عليها الحلفاء وما لبثت ان انقطعت الاتصالات فيما بين تلك الفرق، وبقي أونودا معزولاً مع ثلاثة جنود آخرين.
لاحقاً قصفت الولايات المتحدة اليابان بالقنابل النووية واستسلم امبراطور اليابان، وأعلن هزيمة الجيش، ولكن أونودا وجنوده استمروا في مناوشة العدو وإسقاط القتلى.
قامت الطائرات الأمريكية بإسقاط منشورات تُعلم الجنود المتبقين على الجزيرة بانتهاء الحرب واستسلام اليابان ولكن أونودا ورفاقه لم يصدّقوا وتمسّكوا بالعقيدة التي تربّوا عليها وبالميثاق الذي أُخذ منهم (لا تراجع ولا استسلام مهما كانت الظروف!)
وبعد عام كامل من العمليات العسكرية على الجزيرة، أسقطت الطائرات الأمريكية منشورات موجهة من قيادة الجيش الياباني وبالذات القائد الذي أوكل لهم المهمة يناشدهم فيها بالاستسلام ويعلمهم بخسارة الحرب، بل قاموا أيضاً ببث تسجيلات صوتية عبر مكبرات الصوت من عائلاتهم تستجديهم فيها بالعودة، وأبداً لم يفت في عضدهم هذا الكلام، كما لم يغيّر من عقيدتهم!

 استمر هذا الوضع ثلاثين عاماً بالكمال والتمام، نعم ثلاثون عاماً مضت، لم يتبقّ بعدها على قيد الحياة سوى أونودا، الذي تحوّل إلى أسطورة في مخيّلة اليابانيين ووسائل الاعلام.
انطلقت حملات كثيفة تبنّاها ناشطون وحقوقيون للعثور على هذا الضابط الأسطورة أو تأكيد مقتله، وبالفعل نجح أحد الطلاب الجامعيين من محبي المغامرة بالعثور عليه، وإقناعه بالاستسلام والعودة الى اليابان.
في عام 1975 عاد أونودا إلى اليابان بعد أن سلّم سيفه "الساموراي" الى رئيس الفلبين، ولكن مأساة أونودا لم تتوقف عند هذا الحد، بل استمرت إثر فشله في الانسجام والتأقلم مع قيم المجتمع "الجديدة" وعدم قدرته على الانخراط في مجتمع اليابان الحديث.
غادر أونودا الى البرازيل وقام بنشر كتاب عن سيرته الشخصية، وكان مهتماً في أواخر حياته في التعليم والتبرع للمدارس في اليابان ونشر قيمه الوطنية بين أبناء الجيل الجديد، إلى أن توفي عام 2014.

يبدو أونودا وهو يقاتل وحيداً على تلك الجزيرة معزولاً عن العالم الخارجي أنه قد تحوّل إلى دون كيشوت حقيقي يصارع طواحين الهواء. نعم يبدو ذلك وصفاً دقيقاً إلى حد كبير.
عندما حدّثنا معلّم المدرسة الإعدادية عن قصة دون كيشوت لم تُثر القصة عندي (على خلاف زملائي) السخرية من البطل بقدر ما أثارت تعاطفي وإحساسي بالمأساة التي يعيش، فقد عاش دون كيشوت تناقضاً مُرّاً بين واقعه البسيط كمزارع فقير هامشي، وبين أحلامه وأفكار الفروسية العظيمة.
يمكننا القول بشكل أو بآخر، إن أونودا عاش ذات المأساة وهو يحاول الالتزام بعقيدته وعدم الحنث بولائه لوطنه رغم كل التغيّرات التي شهدها العالم من نحوه، ورغم الهزيمة التي مُنيت بها بلاده، ومأساة متجدّدة تتمثل في
العيش في واقع لا يمت بصلة لعقيدة الفرد وقناعاته ومبادئه، بشكل يدفعه إما للانخراط في المجتمع الحقيقي-المأساوي أو الاستمرار في العيش في عالمه المثالي البعيد عن الواقع!

في هذه الأيام التي نعيش، لا أبالغ إذا قلت بأن كل من يؤمن بالقضايا الوطنية وبالأخص القضية الفلسطينية إيماناً صادقاً وكاملاً، يعيش مأساة أونودا أو دون كيشوت بشكل أو بآخر، فمع ما نسمعه من دعوات للتعايش مع العدو الصهيوني والقبول بالتنازلات وإرهاصات صفقة القرن والوطن البديل، يكاد يكون كل ذلك متناقضاً وبشكل مبدئي مع كل ما تربّينا عليه من قيم وعقيدة تقضي بعدم التنازل عن ذرة تراب واحدة من الوطن، وبضرورة تحريره من البحر الى النهر.

ذاتُ القيادات العربية التي خرجت باللاءات الثلاث الشهيرة في مؤتمر الخرطوم 1967 (لا سلام لا اعتراف لا مفاوضات) إما أنها قد فاوضت أو وقّعت أو اعترفت أو أعلنت قبولها بمبادئ المفاوضات والسلام.
ومع الانقلاب المأساوي الذي أصاب منظمة التحرير الفلسطينية وأدى إلى تحوّلها من حركة ثورية إلى سلطة محلية تمارس القمع والتجسس والتعاون الأمني مع العدو الصهيوني، أصبح الفرد فينا في معزل عن هذا العالم الخارجي، وتحوّل هو الآخر، إلى دون كيشوت جديد يُصارع طواحين الهواء، أو أونودا جديد يمارس عمليات الاستطلاع بعد انتهاء الحرب!

في الأمس القريب، عندما تابعت عملية عمر أبو ليلى ربطت في ذهني بين أسطورة أونودا وبين واقع الحال في فلسطين وعالمنا العربي. عمر أبو ليلى وُلد في زمن الانبطاح، نعم زمن ما بعد أوسلو، فهو لم يولد من رحم عقيدة الثورة وشعارات العاصفة، كما أنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي (رغم محاولات التسييس الإعلامية بعد الحادثة) ولم يخضع لأي برنامج عسكري في أي فصيل، وهو أيضاً ليس من المتشددين الأصوليين.
المفترض في شاب في عمر الورود نشأ في هذه الظروف أن تكون اهتماماته مُنصبّة على ألعاب الفيديو والكرة العالمية، وأخبار النجوم، وأن يعتبر أن المفاوضات والتنازلات هي السبيل الوحيد لتأمين العيش بسلام مع جيرانه، وأن تكون أمنيته العمل لدى السلطة "الوطنية" في مكافحة "الإرهاب"، ولكن الذي حصل أن عمر أبو ليلى أثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني ما زال يؤمن بعقيدة الثورة حتى النصر ويرفض الاستسلام، وأن هذه العقيدة تنتقل بالوراثة وعن طريق الدم دون أي مجهود خاص بل إنها تنمو وتزدهر ضد كل محاولات التغيير والتهجين المستمرة، فترى الوليد يولد فلسطينيا ثوريا على الفطرة!

ما أقلق مضاجع العدو وكل من يروّج لصفقة القرن وإرهاصاتها، من عملية أبو ليلى، أن هذا الجيل الجديد، ما زال يرفض السلام والاستسلام وتسليم الراية رغم أن زعماءه قد أعلنوا خسارتهم للحرب، ورغم أن القادة الثوريين قد خلعوا لباسهم العسكري وارتدوا ملابس السهرة ووجّهوا نداءاتهم لكل المقاتلين حول العالم، أن الحرب قد انتهت، ولكن أونودا الفلسطيني يرفض أن يُسلّم بندقيته!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

7-4-2019

الاثنين، 25 مارس 2019

المُتّهمُ بريءٌ حتى يثبُت إسلامُه!



يتعامل الإعلامُ الغربي مع حوادث الإرهاب بناءً على قاعدة غير مُعلنة تقول (إن المُتّهمُ بريءٌ حتى يثبُت إسلامُه!)، فبمجرد ثبوت أن أصول منفذ الاعتداء هي شرق أوسطية أو إسلامية، يتم مباشرة إطلاق توصيف "إرهابي" به، ويتم تغطية الحدث على نطاق واسع في جميع وسائل الإعلام الغربي.
ولكن إذا ما ثبت خلافُ ذلك، فإن الحادث يعتبر حادثة "مؤسفة" قام بها أحد المرضى النفسيين أو أحد الذين يعانون من اضطرابات اجتماعية، فهو قاتل أو معتدٍ ولكنه ليس إرهابيا بأي شكل من الأشكال!

إشكالية تعريف الإرهاب، تعود في الأساس إلى حملة مكافحة الإرهاب التي أطلقها الرئيس بوش الابن في أعقاب أحداث سبتمبر، تلك الحرب المطّاطة ذات الأهداف الهُلامية، والتي تم إطلاقها تحديداً للقضاء على التطرف الإسلامي الذي أعتبر حينها عدو الحريات والعدو الأول للحضارة الغربية، ومن هنا اقترن تعريف الإرهاب بالإسلام والإسلام فقط.
المؤسف أن معظم الدول العربية والإسلامية قد انضمت الى هذا التحالف سواء عسكريا أو سياسيا أو على الأقل تضامنت معه، رغم ضبابية المشهد حينها، واستمرت في التعاون الأمني واللوجستي بناءً على هذا التعريف أيضاً، دون أن يطالب أحدٌ في المقابل أجهزة الاستخبارات الغربية بالتعاون الأمني للكشف عن العمليات الإرهابية التي يقوم بها غربيون ضد المسلمين في أنحاء العالم، وكأنهم مكتفون بمقاومة الإسلام الراديكالي الذي يعتقدون أنه يقلق بلادهم.
كما لم يطالب أحدٌ باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية المسلمين المقيمين في الغرب من التهديدات التي تهدّد حياتهم، وتقوّض من حريتهم الدينية والشخصية، بل إن مسألة لبس الحجاب باتت مسألة شائكة بالنسبة للجاليات المسلمة وقد تجلب لهم التحرّش والمضايقات والمنع من دخول المدارس والجامعات وفقدان فرص العمل.

ولعل حادثة نيوزيلندا الأخيرة قد أوضحت تلك المفارقة العجيبة في التغطية الإعلامية، فلم يجرؤ أحد في الإعلام الغربي على وصم المعتدي بأنه إرهابي إلا بعد أن قامت الحكومة النيوزيلندية نفسها بوصف العمل بانه إرهابي وأن من قام به هو إرهابي متطرف، ورغم ذلك وجدنا بعض الوسائل الإعلامية تُصرّ على تبييض صورة المعتدي من خلال نشر صورته وهو طفل بريء، لتقول إنه ولد طبيعي حنون ولطيف "مثلنا"!

في دراسة نشرت حديثاً، تؤكد نتائجها أن كثافة التغطية الإعلامية في الغرب تتعاظم بنسبة اربعمئة بالمئة حين ترتبط بمنفذين من أصول شرق أوسطية او إسلامية.

يذكرني هذا بجدلية الفُسطاطين التي ذكرها أسامة بن لادن في خطاباته، وقابلها بوش بعبارته (إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا)، وهكذا فإن الغرب ينظر الى عالمنا العربي والإسلامي من منطلق أنتم معسكر ونحن معسكر آخر، حتى لو كان هذا الكلام غير معلن أو غير معترف به، إلا أنه ينطلق من اللاشعور الغربي، فالإرهاب من وجهة نظره هو استهداف الآخرين للحضارة الغربية، والإرهابي هو ذاك الوحش "الخارجي" الذي يستهدف أمن واستقرار الحضارة الغربية، وليس أي شيء آخر، وما أكد هذا الشعور لدى الغرب هو قبولنا بذلك بل وتضامننا المعلن مع ضحاياهم وجلدنا للذات أمام ناظريهم، دون أن نكلّف أنفسنا عناء وضع معيار أخلاقي مشترك لتعريف الإرهاب.

ولعلكم تذكرون مسيرة شارلي الشهيرة تضامناً مع ضحايا الاعتداء رغم استفزاز جريدة شارلي لمشاعر المسلمين واساءتها المعلنة لرموز الإسلام ولنبي هذه الأمة، في الوقت الذي لم يجرؤ أحد على مطالبة رؤساء الدول الغربية على إبداء تضامنهم مع ضحايا نيوزيلندا ومختلف الاعتداءات التي ارتكبها غربيون ضد مسلمين وعرب!

بعدٌ آخر في التغطية الإعلامية الغربية لحادثة نيوزلندا هو أن الغرب عموماً ينظر الى البلاد الغربية على أنها مركز الكون، وكل ما يحصل فيها يستحق تغطية إعلامية كثيفة، في حين أن ما هو خارج هذا الإطار، ثانوي لا يستحق التركيز الكبير، ومن هنا كان البعد الجغرافي لنيوزيلندا سبباً في تواضع التغطية الإعلامية، إضافةَ إلى كون الضحايا هم مسلمون لا ينتمون الى الحضارة الغربية.

وهذا يقودنا للحديث عن سبب اختيار نيوزلندا مسرحاً لارتكاب الجريمة بالنظر الى أن منفذها هو استرالي، ولعل السبب في ذلك هو استقرار البلاد أمنيا وعدم التواجد الأمني الكثيف في الشوارع والأماكن العامة، مما سهّل من تنفيذ العملية دون اعتراض أمني.
يُضاف الى ذلك، ما ذكره المُنفذ في رسالته التي نشرها حين أشار الى أنه أراد توجيه رسالة للمسلمين بأنهم لن يكونوا آمنين حتى ولو في أصقاع العالم البعيدة.

ولكن هناك سبب أهم من وجهة نظري، هو معرفة القاتل بأن القانون النيوزيلندي سيضمن له عدم مواجهة حكم الإعدام، وأن العقوبة المتوقعة هي اثنتا عشرة سنةً في السجن قابلة للتخفيض، وهو ما دعاه للاستهتار بالمحاكمة وإعلان عدم حاجته لمحام!

عندما تتزاحم أقلامنا على شجب كل اعتداء يرتكبه مسلم في أنحاء العالم وإعلان التضامن مع الضحية وكأننا نحاول درأ التهمة عن أنفسنا بالقول (إحنا مش معاهم)!
 ودوام مهاجمة المتدينين منّا وتحميلهم وزر أخطاء العالم أجمع وتخلّف مجتمعاتنا دون النظر الى جرائم الآخرين في حقّنا والخطاب العنصري ضد الإسلام والمسلمين، ودون امتلاك الجرأة على المطالبة بالمعاملة بالمثل ولا الجرأة على اتهام الآخرين بالإرهاب والتطرف الديني والغلوّ، فإننا حينها لا نستحق أن يُنظر الينا كمجتمعات كفؤة تستحق التضامن بل إننا نضع أنفسنا في حظيرة مهجورة تستحق ما يحصل لها!

وعدما يتقافز مسؤولونا ليتبوؤوا صدارة المشهد في التضامن مع الغرب ومكافحة الإرهاب المرتبط بنا وبنا فقط دون الجرأة على تحديد معيار دولي لمكافحة الإرهاب، حينها لا تنتظروا أن يتعامل المسؤولون الغربيون معنا على أننا بشر أصحاب كرامة!

وعندما لا يجد المسلمون المقيمون في الغرب دعماً سياسياً أو شعبياً لنيل حقوقهم الأساسية في الحرية الدينية والدفاع عن حرية المعتقد لهم، ودرء تهم الإرهاب والتطرف عنهم، فلا تتساءلوا لماذا أصبحوا فريسةً سهلة المنال لكل متعصب يعتقد أنه سيجعل العالم أفضل بقتله لهؤلاء الغرباء!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

23-3-2019

الثلاثاء، 19 مارس 2019

*اختبار المارشيمللو*



يسرد مؤلف هذا الكتاب قصة اختبار نفسي تم اجراؤه في جامعة #ستانفورد على عدد من الأطفال في ستينيات القرن الماضي، حيث تم وضع المشاركين أمام خيارين:
إما ان يحصلوا على قطعة مارشيمللو فوراً
أو ينتظروا قليلاً ليحصلوا على قطعتين

وعلى مدى نصف قرن من الزمان، تابع مؤلف الكتاب (الدكتور والتر ميشل) المسارات الحياتية للطلاب الذين خضعوا لهذا الاختبار، وقارن بين نتائجهم في الاختبار ونجاحاتهم واخفاقاتهم في الحياة العملية والمهنية والاجتماعية.
ويستنتج الدكتور ميشل ان نتائج اختبار المارشيمللو كانت مؤشراً قوياً على النجاح في الحياة العملية من خلال السيطرة على الرغبات والشهوات والقدرة على تأجيل الاشباع الفوري الى إشباع مدروس.
ويطلق الدكتور ميشل مصطلح قوة الإرادة على تلك القدرة النفسية، ويؤكد أن الجينات البشرية تحدد جزءاً من سمات قوة الإرادة، ولكن الجزء الأعظم يأتي من خبراتنا وتجاربنا الحياتية.
وقوة الإرادة المقصودة هنا تنقسم الى قسمين:
قوة الامتناع عن الأمور الضارة رغبة في تجنب عواقب مستقبلية
قوة الإقدام والمداومة على فعل أمور مفيدة ينتج عنها نتائج إيجابية في المستقبل

ومن هنا، فإن المداومة على برامج صحية أو تمارين رياضية ينبع من قوة الإرادة، التي تجعل هذه الأمور جزءا من البرنامج اليومي، بينما الضعف والوهن يجعل الفرد غير قادر على المداومة على هذه البرامج.
كما ان ضعف الإرادة هو الذي يورط الفرد في مشاكل الإدمان والسهر ...الخ
(الفكرة الأساسية لكتابة هذا الكتاب، هي إيماني ان القدرة والمهارة النفسية على تأجيل الاشباع الفوري بناء على توقع النتائج المستقبلية لهذا الاشباع هي قدرة نفسية قابلة للاكتساب والتطوير)
وبناءً على هذه النظرية نستنتج أن قوة الإرادة التي تتحكم في رغبات النفس البشرية مرتبطة أيضاً بقوة الإرادة المسؤولة عن النشاطات الاجتماعية والشخصية والمهنية للأفراد، بمعنى أن الانسان الذي يمتلك قوة إرادة على الصعيد الشخصي مؤهل أكثر من غيره للنجاح في الحياة العملية والمهنية والاجتماعية، والعكس صحيح.

أيمن يوسف أبولبن
18-3-2019

#قوة_الإرادة  #اختبار_المارشيمللو



الأحد، 17 مارس 2019

علاج الكرامة


في إطار الرعاية الصحية لكبار السن وأصحاب الأمراض الميؤوس منها في أواخر حياتهم، قام الطبيب الكندي (هارفي تشوشينوف) بابتكار نوع من العلاج النفسي أسماه (علاج الكرامة)، بهدف رفع معنويات المرضى، والتخفيف عن شعورهم بفقدان الكرامة نتيجة فقدانهم للسيطرة على جسدهم، وفقدانهم القدرة على رعاية شؤونهم الخاصة.

ويقوم العلاج على ما يلي:

اجراء لقاءات تسجيلية مع المرضى وإلقاء الضوء على أهم إنجازاتهم، وذكرياتهم، بالإضافة إلى تسجيل وصية أخيرة، أو نصائح وحكم يتركونها لمن خلفهم.

التركيز على الأمور التي تشعر المريض بالفخر، مع إظهار التعاطف معه، وتهيئة ظروف الخصوصية وأسباب الراحة له.

لاحقا، يتم نشر هذه اللقاءات والوصايا حسب رغبة المريض، إما في وسائل الإعلام المفتوحة، أو ضمن إطار عائلي خاص.

علاج الكرامة يهدف في النهاية إلى حفظ كرامة المريض، وإعادة ثقته بنفسه ومساعدته على التعايش مع الظروف الصحية السيئة التي يعيشها.

أيمن يوسف أبولبن

13-3-2019

هجوم نيوزيلندا الإرهابي


رحمة الله على شهدائنا، والخيبة لكل أدعياء المحبة والسلام الذين لا يحاربون الإرهاب إلا إذا كان مصدره من العالم العربي أو الإسلامي.
في دراسة نشرت مؤخرا، عن تفاعل الإعلام الغربي مع تغطية حوادث الإرهاب بعد أحداث سبتمبر، تشير النتائج إلى أن كثافة التغطية الإعلامية تصل إلى نسبة 400 بالمئة إذا كان مصدرها إسلامي أو عربي.
وفي ذات الوقت، لا يتم تغطية المضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب.
حلم الحرية، والسعي نحو حياة أفضل في الغرب، تشوبه كوابيس أخرى مخيفة، لا تقل قتامة عن المشاكل الداخلية التي يهرب منها المهاجرون العرب.



#هجوم_نيوزيلندا_الإرهابي



People are remembering first victim of NZ terror attack with #HelloBrother





https://youtu.be/xVjOtO-87aw
#HelloBrother was the very last sentence of the first victim
before he was shot dead by an extremist terrorist
Hello brother was and will remain the act of religious
Muslims, while the act of real terrorists is being revealed


#NewZealandTerroristAttack


الاثنين، 11 مارس 2019

"بيل غيتس" الثري الذي أتمنى أن أكون





في عام 2006 وبينما كان “بيل غيتس“ مصنفاً كأغنى شخص في العالم بثروة تزيد عن خمسين مليار دولار، تناقلت بعض المواقع الإخبارية تصريحا صحفيا له يقول فيه إنه لن يوصي لأبنائه من بعده بأكثر من مليار دولار، في حين إنه سيوصي بباقي ثروته لمجموعة من المؤسسات الخيرية وبعض المستشفيات والمشاريع التنموية.
وحين سؤاله عن الحكمة من وراء ذلك، وإذا ما كان في هذا إجحاف في حق أبنائه، رد بالقول إنه قد جمع ثروته كلها من لا شيء، فإذا كان أبناؤه غير قادرين على النجاح وتحقيق ذواتهم بالاعتماد على هذا المبلغ "الضخم"، فإنهم على الأرجح سيضيعون ثروته لو أوصى بها لهم!
كان هذا التصريح مثار جدل، كونه يتنافى مع ما يفعله غالبية الأثرياء بل وعامة البشر، من خلال محاولتهم تعظيم ما يمكن أن يتركوه من ورائهم لعوائلهم، وخوفهم الفطري (المبالغ به) من مصير أولادهم من بعدهم. والمفارقة هنا أن معظمنا يتملّكه شعور عارم بضرورة التوفير وترك الثروات لمن يخلفنا ولو كان ذلك على حساب مستوى معيشتنا، في حين لا تجد هذه الثروات من يحفظها ويقدّر الثمن الباهظ الذي دفع فيها، فتضيع هباءً في أغلب الأحيان!
أذكر أنني تناقشت حول وصيّة “بيل غيتس“ حينها مع بعض أفراد العائلة وأبديت تأييدي لموقفه قائلاً إن أي شخص في العالم مهما تعاظمت أحلامه وطموحاته فهو لن يحتاج إلى أكثر من مليوني دولار ليعيش حياة رافهة لا يخشى بعدها الفقر، مليونٌ واحدٌ لتأسيس مستلزمات العيش، ومليون آخر للاستثمار والعمل، وأضفت مازحاً: وأنا شخصياً لا أطمح بأكثر من مليون دولار!
في عام 2016 نشر موقع تابع لجريدة سان فرانسيسكو كرونيكال، تقريراً جاء فيه أنه ليس لدى “بيل غيتس“ صندوقاً بمليار دولار ينوي توريثه لأبنائه، وأن ثروته جميعها ستكون من نصيب الجمعيات والمشاريع الخيرية، وأنه يحرص على تشجيع أبنائه على إكمال دراستهم الأكاديمية والاعتماد على أنفسهم!
من المعروف أن “بيل غيتس“ يقوم سنوياً بتقديم الدعم المادي المباشر والمعنوي لعديد من المشاريع الخيرية والتطوعية في أنحاء العالم، وخاصة في حقول الصحة والمستشفيات، والبيئة النظيفة، وخدمة المجتمع، والبحوث العلمية، كما أنه استقال مؤخراً من منصبه كمدير تنفيذي لشركة مايكروسوفت التي أسّسها، كي يتفرغ لإدارة المؤسسة الخيرية التي أنشأها رفقة زوجته، وهو يقوم وبشكل دوري بنقل حصصه من أسهم شركة مايكروسوفت لصالح المؤسسة الخيرية، بحيث أصبح لا يملك باسمه الشخصي سوى واحد بالمئة فقط من مجموع المساهمين!

 لم يتوقف مسلسل الجدل مع “بيل غيتس“، فقد أعاد الجدل مجدداً مطلع هذا العام، عندما نشر أحد العاملين في مطعم للوجبات السريعة صورته وهو يقف في طابور بانتظار شراء وجبة هامبرغر لا يتعدى ثمنها سبعة دولارات!
تخيلوا معي أعزائي أن هذا الرجل الذي تم تصنيفه أغنى رجل في العالم ستة عشر مرة خلال حياته، يقوم هو بنفسه بالنزول الى الشارع لشراء وجبة سريعة ويقف في الطابور مع عامة الشعب، دون أن يشعر بأي تقليل من احترامه أو قيمته، في حين أن من يملك جزءاً بسيطا من ثروته، يأمر أحد العاملين معه لإحضار مستلزماته أو يقوم بالاتصال بخدمة التوصيل!
والغريب أيضاً أن من يملك جزءاً ضئيلا من الثروة يعتكف في قصره ويقتصر ظهوره على الحفلات العامة والمراسم والظهور الإعلامي، معتبراً أن ظهوره بشكل علني بين عامة الشعب مُقلقٌ أو على أقل تقدير لا يحافظ على الهيبة والمكانة الاجتماعية!

صورة “بيل غيتس“ طرحت سؤالاً عميقاً، ماذا لو أصبحتَ مليونيراً أو مليارديرا؟ كيف سيؤثر هذا على سلوكك وحياتك اليومية، هل ستمارس نفس النشاطات وتحتفظ بعلاقاتك مع نفس الأشخاص والمجتمع الذي تنتمي إليه؟
هل ستحافظ على نفس عاداتك وهواياتك ومطاعمك المفضلة ونوعية الطعام الذي تفضل، والملابس التي تلبس، بالأحرى من هو الشخص الذي ستكون إذا أصبحت غنياً؟
“بيل غيتس“ وغيره من الأثرياء الحقيقيين، لم يعتبروا أنفسهم من طينة أخرى، ولم يعتكفوا المجتمع، بل استمروا في المحافظة على عاداتهم وسلوكهم المتواضع، فهم لا يجدون ضيراً من تناول وجبة في مطعم شعبي ثمنها لا يزيد عن عشرة دولارات لمجرد أنهم يستلذّون بطعمها، ولا يتعالون عن ارتداء قميص ثمنه عشرة دولارات لمجرد أنه راق لهم، وفوق ذلك فهم لا يعتبرون ثروتهم ملكاً لهم وحدهم بل ملك للمجتمع وللعالم، ويرون أن للآخرين حق في العيش الكريم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية.

وهذا يقودنا للحديث عن أثرياء عالمنا العربي، أو أثرياء العالم الثالث، ما هي المشاريع النهضوية غير الربحية التي حرصوا على إنشائها أو دعمها، ما هي المشاريع الاستراتيجية بعيدة المدى التي ترفد المجتمع والبيئة والبحث العلمي والطاقة البديلة والتعليم والصحة؟
أين هي المشاريع الاقتصادية لدعم القضايا الوطنية مثل قضية فلسطين وحصار غزة والمجاعة في الصومال، وسوء الرعاية الصحية في أفريقيا؟!

في كتابه (الأب الغني والأب الفقير)، يقول الأمريكي روبرت كيوساكي إن رجال السياسة في دول العالم الثالث فاشلون اقتصاديا لعدة أسباب (إضافة الى الفساد)، وعلى رأس تلك الأسباب أنهم لم يأتوا الى السلطة بناء على كفاءتهم وهم بالتالي ليسوا الأقدر على التخطيط للنهضة الاقتصادية ناهيك عن تنفيذ تلك الخطط.
كما أن التعليم في المدارس يفتقد لأمر غاية في الأهمية وهو (الثقافة المالية) وتعلّم كيفية الاستثمار وإدارة الثروات والتخطيط المالي، ولذلك تجد أن عامة الناس غير المتخصصين فاشلون في إدارة أموالهم عدا عن أنهم عاجزون عن خلق الفرص وجمع الثروات.
لقد وجدت في هذا التحليل إجابة لتساؤلات عدّة ليس فقط في أسباب المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها بلادنا وشعوبنا، بل وفي نوعية الأثرياء الذين تحفل بهم منطقتنا وجلّهم قد حصل على ثروته بطرق لا تمت الى الكفاءة بصلّة!

“بيل غيتس“ كان دوماً مثلي الأعلى في ريادة الأعمال، ليس فقط لريادته في عالم الحاسوب وإنشائه لشركة مايكروسوفت العملاقة، ولكن لإنسانيته التي حافظ عليها، ونجح في الاعلاء من قيمتها تماماً كما نجح في بناء ثروته.
ففي الوقت الذي يطمع غالبية البشر في الإعلاء من قيمتهم بزيادة أملاكهم وزيادة قيمة محافظهم المالية، ويعتقدون أن قيمتهم بين البشر هي انعكاس لقيمة ممتلكاتهم، فإن الأغنياء الحقيقيون يؤمنون أن قيمتهم وتقديرهم لأنفسهم هو انعكاس لمدى مشاركتهم ما يملكون مع الاخرين، وبقدر ما يعيشون ضمن إطار هذا العالم ببساطة ودون تعقيد أو أنفة!

“بيل غيتس“ لا أطمح أن أصبح مليارديرا مثلك، في الحقيقة فإني أصاب بالذعر حين أفكر بالثروات الضخمة والأصفار التي تحملها، ولكني أطمح أن أعيش إنسانيتي كما تعيشها!

 أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

9-3-2019