الثلاثاء، 7 فبراير 2017

التطرّف وقلب الحقائق التاريخيّة، طريق الشهرة والثراء في الغرب

التطرّف وقلب الحقائق التاريخيّة، طريق الشهرة والثراء في الغرب

   لم يكن وصول ترامب ذو الأفكار العنصرية المتطرفة إلى سدّة الحكم، حدثاً منفصلاً عن واقع المجتمع الأمريكي والغربي عموماً، بل جاء نتيجة تطورات سياسية اقتصادية واجتماعية، وعلى نفس المنوال نلاحظ تصاعد قوى اليمين المُتطرف في معظم أوروبا، والتي يُتوقع لها أن تزداد انتشاراً وتأثيراً في السنوات القليلة القادمة.

  بشكل موازٍ للتغييرات السياسية، نجد أن هناك ثمّة تصاعدٍ حاد في طرح الأفكار المعادية للإسلام من قبل بعض المُفكرين، عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي الندوات والمحاضرات؛ استوقفني مؤخراً حدثان منفصلان في أمريكا وبريطانيا، ألقي الضوء عليهما في السطور القادمة تباعاً.

الحدث الأول كان ندوةَ لصحافيّة أمريكيّة تُدعى (بريجيت جابرييل) تهاجم فيها الإسلام والمسلمين والعرب عموماً وتُحذّر من خطر الفكر الإسلامي على أمريكا والعالم. المُدهش أن بريجيت هي لبنانية الأصل تنتمي إلى الطائفة المارونيّة، كانت قد نشأت وترعرعت في "مرجعيون" ثم انتقلت الى إسرائيل قبل ان تهاجر الى أمريكا (فيرجينيا) وتستقر هناك.

   استطاعت جابرييل أو (نور سمعان) أن تستغل مأساة الحرب الأهلية في لبنان لتسويق كتابها الأول عام 2006 (Because They Hate) من خلال نسج مجموعة من الأكاذيب والافتراءات وتصوير الحرب اللبنانية إنها حرب عقائدية بين المسلمين (وخصوصاً الميليشيات الفلسطينية) والمسيحيين. تروي جابرييل في كتابها معاناتها وعائلتها من جرّاء استهداف المسلمين للمدنيين المسيحيين وتعمّد إبادتهم حسب قولها، ثم تنتقل إلى الحديث عن رحلة هروبها إلى إسرائيل واصفةً إياها بالدولة الإنسانية المتحضرة التي يتعامل بها الإسرائيليون بكل إنسانية مع أعدائهم العرب ويعملون على مداواة جرحاهم من المقاتلين !! ليس هذا فحسب بل إنها تدّعي في مقدمة الكتاب أن مكتب التحقيقات الفيدرالية اشترط قراءة هذا الكتاب على الجنود المتوجهين إلى الشرق الأوسط!

في محاضراتها وندواتها المنتشرة على اليوتيوب ومواقعها الرسمية، كما في كتابها الثاني (They Must be Stopped) تنسج جابرييل رواية تاريخية أحادية عن الإسلام على طريقة (المُخرج عاوز كده)، فهي تنكر بداية أنه ديانة سماويّة وتُسقط عليه تهم التطرّف والعدائية واضطهاد الديانات الأخرى، كما تعمل على تبرير الحروب الصليبية لأنها تهدف إلى تحرير المسيحيين من العنف والاضطهاد والى ضمان حرية العبادة في المدينة المقدسة (القدس)، ثم تربط ذلك بقيام دولة إسرائيل للسبب ذاته (الديمقراطية والحرية) وبعد ذلك تربط الإسلام كعقيدة بنهج أسامة بن لادن والقاعدة وأخيراً داعش، التي تقول إنها التمثيل الحقيقي لعقيدة الإسلام التي أنشأها النبي محمد (ص) والتي أدت إلى مقتل 270 مليون شخص على مر التاريخ!


تستغل جابرييل جهل عامة الشعب الأمريكي بالتاريخ، وبقضايا الشرق الأوسط، وتقدّم لهم رؤيتها مُدّعية أن وسائل الاعلام والمؤسسات الاكاديمية قد فشلت في تثقيف الأمريكان بقضايا الشرق الأوسط والإسلام وبيان مدى الخطر المُحدق بهم من الفكر الإسلامي. في الفترة الأخيرة، قامت جابرييل بدعم ترامب في قراراته العنصرية، بل والمطالبة بخطوات أكثر صرامة في حق المسلمين والدول الإسلامية عموماُ.


   هذا هو الصوت الذي بدأ يعلو في الآونة الأخيرة بدعم الإدارة الأمريكية والمسؤولين هناك وكذلك بدعم وتمويل اللوبيّات الصهيونية، التي تركز جهودها على تصوير الصراع العربي الإسرائيلي بأنه مواجهة بين قيم الديمقراطية والحرية التي تمثلها دولة إسرائيل، وقوى الظلام والرجعيّة ممثلة بالعرب.


  أما الحدث الثاني الذي لفت انتباهي في الفترة الماضية، فكان فيلماً وثائقياً بعنوان (الإسلام: القصة التي لم تروَ) للمؤرخ البريطاني (توم هولاند) ومن انتاج قناة  BBC عام 2012، ادّعى فيه أنه تتبّع بداية نشوء الإسلام باحثاً عن أدلة تاريخية "زمكانيّة" لتدعيم قصة الإسلام من منظور تاريخي، وأدّعى أيضاً (بصفته باحث تاريخي) أنه لا يمكنه الاعتماد إلا على أدلة موثوقة وماديّة لتدعيم التاريخ، وبعد أن ينقض تاريخ الإسلام ويشكّك بارتباط سيدنا محمد بنشأة الإسلام، يعود وبشكل غريب ليقول إنه قد أتاه ما يشبه "الومضة" التي ألهمته وقادته إلى الحقيقة، ليُعيد تشكيل الرواية التاريخية للإسلام ويقول إن بداية نشوء الإسلام كان في بلاد الشام القريبة من أهل لوط وليس في مكة!، ثم يبدأ بسرد روايته كما يحلو له (هو على كل الأحوال روائي معروف ويبدو أنه خلط بين الرواية والتاريخ!).



   كالعادة تهتم وسائل الاعلام الغربية بهذا الفيلم الوثائقي وتُفرد له ساعات من النقاشات التي لا تهدف الى البحث عن الحقيقة للأسف، وقد دافعت قناة (بي بي سي) عن الفيلم بالقول (إن على المسلمين التخلي عن قدسيّة الدين وفتح باب النقاش والنقد لمعتقداتهم الدينية)، ولكن مسؤولي القناة لا يعطون أية فرصة لعرض وجهة نظر المؤرخين والمفكرين الإسلاميين ويكتفون برواية هولاند التي يطرحها بكل ثقة وقوة معلناً أنه يعتمد على قراءة تاريخية وزيارات طويلة للمنطقة ولقاءات مُطوّلة وبحث تاريخي ... الخ الأسطوانة، وهو بهذا يكتسب مصداقية لدى البريطانيين مصحوبة بضمانة جهلهم بالتاريخ الإسلامي وأنهم لن يكترثوا بالبحث والتدقيق، طالما أن المعلومة الواثقة والمضمونة قد وصلتهم من خلال التلفاز، تماماً كما تفعل جابرييل في أمريكا.

من هذه النقطة تحديداً يجب التشديد على أن الرد على قلب الحقائق ومعاداة العرب والمسلمين يجب أن يكون بالحجّة والمنطق بعيداً عن التشنّج والعصبيّة، وباستخدام نفس الثوابت التي يدّعون (الاستدلال بالمصادر التاريخيّة الموثوقة والأدلة والبراهين المنطقيّة والعقلية) بالإضافة إلى استخدام كل وسائل التواصل الممكنة لنشر مبادئ الإسلام السمحة والتعايش الحضاري ونبذ العنف والتعصّب. وقد حاولت التواصل مع هولاند عبر تويتر وعبر موقعه الرسمي، وبحثت عن إيميله الشخصي دون جدوى، حتى أني تواصلت مع أحد شركائه الذي أخبرني أنه لا يملك إيميل هولاند الشخصي، وما زلت في مسعاي للتواصل معه.

يقول علماء النفس والسلوك إن البشر بطبيعتهم يميلون إلى استخدام "الإسقاط" وذلك بإسقاط صفاتهم السلوكيّة السلبية التي يريدون التخلص منها على غيرهم، لذلك تجد أن الشخص الذي يُكثر ويغالي في اتهام غيره بصفة ما، هو أكثر الأشخاص الذين يتصفون بتلك الصفة. عندما استمعت لجابرييل وهي تركز في قولها على ضرورة مراجعة التاريخ وتهاجم جهل العامة، وعندما رأيت مدى حرص هولاند على تأكيد استخدامه طرق البحث الاستقصائي العلمي المجرّد، أدركت أنهما يمارسان نوعاً من أنواع "الإسقاط" التاريخي. وهذا ينطبق أيضاً على الحضارتين الأمريكيّة والغربية، فمن المعلوم للجميع أن الحضارة الأمريكية تأسّست على أيدي مجموعة من الغزاة الذين أبادوا سكّان القارة الأصليين وسلخوا ثقافتهم من الوجود، ثم كالوا لهم كل الصفات الوحشيّة التي كانوا يتصفون بها هم أنفسهم، ناهيك عن سرقة موارد القارة وبناء "حضارتهم الجديدة" على أكتاف بل على جثث العبيد الأفارقة، وهم الآن يتبجحون بشعارات الحرية والقيم الإنسانية والعيش المشترك!

أما الحضارة الأوروبية الغربية، فلن تنسى يوماً أن الإسلام الذي انتشر في أرجاء أوروبا، حافظ على العيش المشترك مع جميع الديانات والحضارات رغم تفوقه في القوة والتقدم العلمي الحضاري، وأن حضارتهم الغربية فشلت على مر التاريخ أن تقدّم أنموذجاً في العيش المشترك وتقبّل الآخر، ولنا شاهدٌ فيما فعله القشتاليّون في غرناطة بعد سقوطها من إرغام المسلمين واليهود على تغيير دينهم أو الرحيل أو مواجهة الموت، أما في الحروب الصليبية فقد قام الجنود الفرنجة بأفظع الجرائم في كل مدينة سقطت في أيديهم، وتركوها تسبح في بركة من الدماء، في الوقت الذي أعطاهم صلاح الدين الأمان والحماية حين انتصر عليهم (بشهادة المؤرخين الأوروبيين)، بل وترك لهم ملكية ما سرقوه ونهبوه، أما المدينة المُقدّسة فلم تعرف معنى التعايش بين الأديان إلا تحت حكم المسلمين، لذا فمن الطبيعي، أن يشعر الغرب بتلك النقيصة في تاريخه، وأن يقوم لا إرادياً بوصم الآخرين بكل الصفات التي يحاول محوها من صفحات التاريخ واستبدالها بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان! 
   
أيمن يوسف أبولبن
7-2-2017
كاتب ومُدوّن من الأردن

Ayman.abulaban@outlook.com

الأربعاء، 25 يناير 2017

ثورة يناير: المواطن محمود المصري!



كانت "ثورة يناير" تجربة مفصليّة في حياة الشاب "محمود"، فلم يسبق له أن تحمّس لقضية ما، وشارك بها بوجدانه وروحه وجسده، كما فعل طوال الأيام الثماني والعشرين من عمر هذه الثورة، افترش فيها أرض ميدان التحرير والتَحفَ سماء القاهرة. في الحقيقة كانت هذه أول تجربة يخوضها عن قناعةٍ تامّة ودون توجيه السُلطة، او أحد أذرعتها، وهي أول مرة يجرؤ فيها على التمرّد على السُلطة "أية سُلطة" إذ لم يكن يجرؤ قبل ذلك أن يُعبّر عن رأيه أو عن اختلافه في الرأي، وكان يكتم سخطه وقهره في داخله، إلى أن أتت تلك اللحظة التي خرج فيها إلى ميدان التحرير مُعلناً عن رغبةٍ دفينة في أعماقه (الشعب يريد إسقاط النظام!).

بعد نجاح الثورة تنفّسَ محمودٌ الحريّة لأول مرة في حياته واستنشق هواء الوطنيّة كما لم يفعل من قبل، شَعَر بالانتماء الى تلك الأرض التي احتضنته، وشعر بالألفة مع رفاقه على اختلاف طبقاتهم وانتماءاتهم، وأحسّ لأول مرة أنه ذو قيمة في الحياة! خرج إلى الميادين ووزّع الحلوى وأقسم أنه رأى في منامه الوطن العربي الكبير مُوحّداً على شاكلة الاتحاد الأوروبي؛ ينعم بالرفاهية والعيش المشترك، وقال لأصدقائه إن هذه المرحلة التاريخية الفارقة ستصبح مادة للتدريس في جامعات العالم أجمع.
 تغيّر محمود، لم يعد ذلك الشخص المُحايد أو السلبي تجاه قضايا المجتمع، أصبح فاعلاً، مُرشداً ومُوجهاً لغيره، مُشاركاً حقيقياً في حفظ أمن الحي الذي يقطن فيه بعد غياب أجهزة الأمن، وقام بإطلاق عدة مُبادرات لتنظيف الميادين العامة، وضبط حركة المرور، ومساعدة المتضررين من الأحداث، وجمع التبرعات لأهالي الضحايا والمفقودين، تخليداً لذكرى الشهداء.

عندما جرت الإنتخابات التشريعية بعد الثورة، دعى محمود جميع أصدقائه ومعارفه عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي للتصويت والمشاركة في بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وكذلك فعل مع انطلاق الانتخابات الرئاسيّة، كان يدعوهم جميعاً بغض النظر عن توجهاتهم السياسية بالقول (لقد عشنا حياتنا تاركين مصيرنا في أيدي ثُلّة فاسدة وكانت حُجّتنا لا يوجد في اليد حيلة، أما الآن فبيدنا المساهمة في بناء مستقبلنا).
عندما أدلى محمود بصوته في الانتخابات الرئاسية شعر بالفخر، صحيح أن المرشح المفضل لديه لم يصل للمرحلة النهائية ولكنه كان سعيداً للمشاركة في أول انتخابات حقيقية في البلاد، ولأنه تأكد من أن النظام الديمقراطي أصبح حقّاً من حقوق الشعب لا يراوده عنه أحد، وأن أي رئيس قادم سيخضع للمساءلة وسيغادر منصبه بقوة صندوق الانتخابات وبالوسائل الديمقراطية. قال محمود لمذيعةٍ تلفزيونية خارج مركز الاقتراع (أشعر بالفخر اليوم لأني ولأول مرة في حياتي أشعر أن صوتي له قيمة!).

ولكن حلم محمود أصبح أقل إشعاعاً بعد قرار المحكمة الدستورية بنقض البرلمان المصري، والعودة بالثورة خطوة الى الوراء، وبدأت كرة الثلج بالتدحرج والتضخّم، أزمة اقتصادية، أزمات اجتماعية، تليها أزمات سياسية، عودة العسكر الى الواجهة من جديد، والنتيجة إنقلابٌ عسكري مدعوم من بعض القوى المدنية.
ما كان يقلق محمود أكثر من هذا كله، هو انقسام رفاقه على أنفسهم بين مؤيد للإنقلاب ورافض له، أو محايد لم يعد يرَ فائدة من كل ما حصل أو ما سيحصل "مفيش فايدة!".

شعر محمود بالإحباط ورأى ان أحلامه تحولت الى سراب وأن الثورة عادت لتأكل أبناءها وتفتك بهم، لقد ذهبت كل التضحيات هباءً وسقطت أحلامُ الثورة من علٍ!.  
عاد محمود الى الميادين ليُعبّر عن غضبه ورفضه لسياسة فرض الرأي بالقوة، نزل ليقول أنا لست إخواني ولكني مستعد لدفع حياتي ثمناً للدفاع عنهم، كان محمود على وشك تحقيق مقولته بالفعل ولكن من حسن حظه (أو لعله من سوئه!) اختارت رصاصة القنّاصة أن تستقر في صدر رفيق عمره الذي كان جسدهُ ملتصقٌ به كأنه يودّعه دون أن يدري. صعدت روح "سعيد" الى بارئها ولكنها أخذت شيئاً من روح محمود معها؛ بعدها لم يعد محمود، ذاتُ الشخص!

أُعتقل محمود بعد أن زاد من حدّة اعتراضه وأصبح عقبة في طريق مسار "تصحيح الثورة" المزعوم، اتُّهم بالخيانة والتآمر مع جهات أجنبية، وتعرّض للتعذيب والإهانة؛ فقدَ احترامه لنفسه، وتهشّم كبرياؤه، وجعل يبرطم مع نفسه "أنا مش خاين!". لقد هبط به سجّانوه إلى الحضيض وتركوه هناك، وبعد ان تأكدوا من أنه لن "يتنفس حرّية"، أطلقوا سراحه مؤكدين له أن أعينهم ستتابعه أينما كان؛ لقد رأى فيهم صورة "الأخ الكبير" ورأى نفسهُ تتجسّد صورة "ونستون" في رواية (1984)!

انكفأ محمود على نفسه، شعر بعجلة التغيير الذي كان يُمنّي النفس بدفعها الى الإمام وإذ بها تعود الى الوراء، بوتيرةٍ مُتسارعة وبعزم أقوى من ذي قبل، كان النظامُ القديم يُعيد إنتاج نفسه من جديد، وما زاد اضطرابه أن الربيع العربي الذي كان هو نفسه جزءُ فاعلٌ فيه قد تحوّل الى كابوس في العالم العربي بأجمعه، بعد أن وقفت في وجهه الأنظمة الديكتاتورية بمساعدة "المُثبّطين والمُشكّكين" والطابور الخامس من الوصوليين الذين يرتعون في البلاد بفضل غياب دولة المؤسسات.
   لم تقف مأساة محمود عند هذا الحد، فقد تنكّر له بعضُ أصدقائه ورفاقه القدامى، إما خوفاً من ارتباطهم به أو شكّاً في خيانته، لم يناقشهم ولم يعتب عليهم ولكنه أصيب بطعنة في الصميم، تلك كانت القشّة التي قصمت ظهره؛ حزم أمتعته وبقيّة مدخراته وتوجه الى حاضرة البحر، وفي طريقه أوقفته دورية شرطة محلية، تفحّص الضابطُ أوراقه وجَحَرهُ مُرتاباً، انتبه محمود إلى أنه لم ينظر في المرآة منذ ما يقارب الشهرين!، اقترب من الضابط وهمس له مُطمئِناً " أنا مش إخواني!"، ببرود أشار له الضابط بيده للمرور!

وصل محمود الى مكان لقائه بالسمسار المسؤول عن تهريبه الى أوروبا، دفع له المبلغ المتفق عليه وقام بنقله الى مكان انطلاق القارب، وفي الطريق سأله السمسارُ بفضول (ما الذي يدفع شاباً مثلك للهجرة من بلاده ؟!) صمت محمود بُرهةً مُحتاراً، كيف له أن يختزل مشوار حياته ببضع كلمات، وكيف له أن يصف حاله منذ أن كان مجرد رقم في سجلات الدولة، قبل أن يؤمن بحقّه في العيش بكرامة وحرية وعدالة، كيف له أن يصف الحالة الوجدانية التي عاشها متنقلاً فوق قمم الحرية مُستنشقاً هواءها، قبل أن يسقط الى أدنى الحضيض! طالت حيرته وتلعثم بالكلمات، ثم ازدرد ريقه وقال بنبرةٍ خافتةٍ حزينة "أنا المواطن محمود المصري!".

أيمن يوسف أبولبن
25-1-2017
كاتب ومُدوّن من الأردن


الثلاثاء، 24 يناير 2017

قائمة الروايات العربية المرشحة لجائزة البوكر 2017



1.    " رواية "فهرس" للكاتب العراقي سنان أنطون صدرت عن "منشورات الجمل"
رواية عن الحرب على العراق
2.     » رواية "السبيليات" للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، صدرت عن "نوفا بلس للنشر والتوزيع".
رواية عن الحرب العراقية الإيرانية
3.     » رواية "زرايب العبيد" للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، عن "دار الساقي".
حازت هذه الرواية من قبل على جائزة الرواية العربية في الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005، رواية عن زمن العبودية في ليبيا، في العهد العثماني.
4.     » رواية "المغاربة" للكاتب المغربي عبد الكريم جويطي، عن "المركز الثقافي العربي".
رواية حول عوالم متداخلة بين واقع المغاربة والتاريخ. 
5.    » رواية "سنة الراديو" للكاتبة اللبنانية رينيه الحايك عن "دار التنوير لبنان".
رواية عن تفاصيل يومية لسنة من حياة شابة في العشرينيات من العمر.
6.     » رواية "مذبحة الفلاسفة" للكاتب السوري تيسير خلف، عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر".
رواية تاريخية عن مدينة تدمر.
7.     » رواية "أولاد الغيتو - اسمى آدم" للكاتب اللبناني إلياس خورى عن "دار الآداب".
رواية عن “مسيرة الموت"، التي أعقبت مجزرة اللد 1948. 
8.    » رواية "مقتل بائع الكتب" للكاتب العراقي سعد محمد رحيم عن "دار ومكتبة سطور".
رواية عن معاناة المثقف العراقي.
9.     » رواية "باولو" للكاتب المصري يوسف رخا عن "دار التنوير مصر".
رواية عن الربيع العربي وثورة يناير، وهي مبنية على مدونة "الأسد على حق" التي ظهرت على الإنترنت بالتزامن مع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة 
10.» رواية "منتجع الساحرات" للكاتب السوداني أمير تاج السر عن "دار الساقي".
رواية عن مشاكل اللجوء والتغيرات في المجتمع السوداني في فترة الثمانينيات.
11.» رواية "في غرفة العنكبوت" للكاتب المصري محمد عبد النبي عن "دار العين".
رواية عن واقعة "الكوين بوت"، التي حدثت عام 2001، حينما ألقت قوات الأمن القبض على اثنين وخمسين مثليًا وقدمتهم للمحاكمة في مصر.
12. » رواية "هوت ماروك" للكاتب المغربي ياسين عدنان عن "دار العين".
رواية اجتماعية عن المغرب.
13.» رواية "موت صغير" للكاتب السعودي محمد حسن علوان عن "دار الساقي".
رواية عن حياة أحد أئمة التصوف الشيخ محيي الدين ابن عربي.

14.» رواية "غرفة واحدة لا تكفى" للكاتب الإماراتي سلطان العميمي عن "منشورات ضفاف".
رواية تخيلية عن عمليات التلصص على الآخرين.
15.» رواية "سفاستيكا" للكاتب العراقي على غدير عن "دار ومكتبة سطور".
فازت هذه الرواية بجائزة بغداد للرواية العراقية للعام 2016، تتحدث عن توظيف الأيديولوجيات السياسية الدولية والإقليمية في صناعة القادة.

16.» رواية "أيام التراب" للكاتب العراقي زهير الهيتي عن "دار التنوير تونس".
رواية عن عمليات التطهير العرقي والطائفي في العراق.


الثورة السورية -البدايات والحقيقة المطموسة (7)

تسريبات قيصر" جريمة العصر"






انشق ضابط برتبة “لواء” كان يحتل منصباً هاماً في وزارة الدفاع السورية وغادر سوريا في شهر آب من عام 2013 بعد أن قام بتهريب أسرته قبل انشقاقه.  
 ومع مطلع عام 2014 قام هذا الضابط المنشق الذي حمل الاسم الرمزي "قيصر" بتسليم ملف ضخم من الصور المسربة من سجلات النظام على أقراص ممغنطة وأقراص تخزين صغيرة الى مجموعة من المحامين الدوليين ونشطاء حقوقيين. يحتوي الملف على أكثر من 55 ألف صورة، توثق حوالي 11 ألف ضحية قضت في معتقلات ومستشفيات تابعة لنظام بشار الأسد في دمشق فقط.

بناءً على هذه التسريبات، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية تقريراً لها بتاريخ 16-12-2015 مُكوّناً من 63 صفحة ومصحوباً بفيديو بعنوان "لو تكلم الموتى If Dead Could Speak  " تكشف فيه أدلة عن تعذيب مُمنهج بما في ذلك استخدام التجويع، وعمليات قتل جماعية في المعتقلات السورية، وأشارت الى أن هذا الملف هو دليل موثق ودامغ على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا، وطالبت بالإفراج عن كل السجناء السياسيين والمُعتقلين تعسفياً، ومنح الحكومة السورية مراقبين دوليين حق الوصول الفوري إلى كل مراكز الاعتقال، وأن تكفّ أجهزة المخابرات السورية عن إخفاء المعتقلين قسراً وتعذيبهم، ودعت الى المحاسبة عن الانتهاكات ورفض مقترحات منح الحصانة لأي متورّط في جرائم ضد الانسانية.
المعتقلون السابقون الناجون قالوا في شهادتهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم غالبا ما تمنوا الموت بدلا من استمرار معاناتهم.

رابط التقرير (متوفر بالعربية والانجليزية والروسية)


تسريبات قيصر وتسريبات "ملفات الأسد" التي سأتحدث عنها في البوست القادم، تؤكد أننا حين وقفنا مع مطالب الشعب السوري ودعَمنا حقه في اختيار النظام السياسي الذي يحكمه، كنا على حق، ﻷننا نقف مع الإنسان ومع ثوابتنا الداخلية ولم نضع حسابات المصالح والتكتّلات السياسية في اولوياتنا وفَوْق قيمنا الإنسانية، ولم ندع نظرية المؤامرة تُعمي بصيرتنا. (فإنها لا تعْمى الأبصار ولكن تعْمى القلوبُ التي في الصدور)

الحكومة السورية من جهتها ردّت في بيان رسمي تقول فيه ان الصور تخص ارهابيين قضوا في سوريا، وأن بعضاً من الصور هي لضحايا قُتلوا على يد المنظمات الإرهابية. على الأقل هذا اعتراف رسمي بصحّة الصور، كنت أعتقد أن الحكومة السورية ستقول إن هذه الصور تخص مذبحة البوسنة والهرسك!!

أما من ناحية تعريف الإرهابي من وجهة نظر الحكومة السورية، فيذكّرني بقصيدة الشاعر السوري نزار قباني:

متهمون نحن بالإرهاب ... 
إذا رفعنا صوتنا 
ضد كل الشعوبيين من قادتنا ... 
وكل من قد غيّروا سروجهم ... 
وانتقلوا من وحدويين ... 
إلى سماسرة !! 
*** 
متهمون نحن بالإرهاب ... 
إن نحن دافعنا عن الأرض 
وعن كرامة التراب 
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب 
واغتصابنا ... 
إذا حمينا آخر النخيل في 
صحرائنا ... 
وآخر النجوم في سمائنا ... 
وآخر الحروف في أسمائنا ... 
وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا 
إن كان هذا ذنبنا ... 
ما أروع الإرهاب !!

اعملوا شير بنيّة تعريتهم وبيان الحقيقة ونُصْرة الضحايا الأبرياء

هذه حملة تذكير بقصة الثورة التي نجح النظام السوري وزبانيته وشبيحته بطمس معالمها واستبدالها بخدعة نظرية المؤامرة والمشروع الأمريكي الاستعماري في المنطقة.

وللحديث بقية

أيمن أبولبن
23-1-2017

#بشار_الأسد #الثورة_السورية #النظام_السوري #الشبيحة #نظرية_المؤامرة #تسريبات_قيصر #جريمة_العصر