الجمعة، 30 أبريل 2021

*آيات استوقفتني 5 (4)*

 

*رحمة الله*

 

(مَّا یَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةࣲ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا یُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ) سورة فاطر 2

 

يقول الله سبحانه وتعالى أن ما يفتح به على الناس من رحمة فلا مانع لها. والرحمة هنا واسعة تشمل جميع جوانب الحياة بدءاً من الجوانب المادية من خير ونعيم ورزق ....الخ  والمعنوية منها من فرح وسعادة ورضا وأمن داخلي، وتشمل الجوانب الروحانية والهداية الى الصراط المستقيم كذلك.

 

وما يمنعه الله سبحانه وتعالى ويمسكه من رحمته فلا يسستطيع أحد من المخلوقات تغيير أمر الله ولا أن ينال هذه الرحمة.

 

ما استوقفني في هذه الآية هو الآتي

 

يقول الله سبحانه وتعالى (مَّا یَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةࣲ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ)

 

في حالة العطاء استخدم الله سبحانه وتعالى لفظ "رحمة" الدالة على الكثرة والجمع، وجاء الجواب بصيغة المؤنث الدال على الكثرة والجمع (فلا ممسك لها)

 

ولكن حين أشار الله سبحانه وتعالى إلى قبض الرحمة ومنعها جاءت الصيغة بالمفرد، لاحظوا معي

 

(وما يمسك) أي ما يمسك من رحمته (جزء من كل)

فلا مرسل له (فلا مرسل لهذا الجزء الممنوع من الارسال)

 

(قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)

 

في حين لو أردنا صياغة هذه الآية لغويا لتثبيت معنى أن كل ما يرسله الله من رحمة فلا مانع له وكل ما يمنعه فلا موصل له (وهو المعنى الظاهري للآية) لكان وجب استخدام (لها) في كلتا الحالتين (لا ممسك لها – لا مرسل لها).

 

وهذا ما يؤكد دقة اللفظ واستخدام المفردات في كتاب الله عز وجل، وهو ما يليق بكتاب كتبه وأنزله خالق وناظم هذا الكون.

 

الله سبحانه وتعالى معطاء كريم يفتح على عباده (المؤمن منهم والكافر) بالخيرات والعطايا والرزق والموارد الطبيعية دون تقتير، وهو حريص كل الحرص على حيواتهم وشؤونهم.

 

(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)

(قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)

 

وحين يمسك لحكمة لا يعلمها إلا هو، لا يمنع سوى جزءاً بسيطاً من مجموع عطاياه

 

(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)

 

 فإذا صبر المرء واحتسب ذلك عند الله سبحانه وتعالى عوضه الله خيرا من ذلك في الدنيا وفي الآخرة.

 

 

من فطنة المرء المؤمن الايمان المطلق برحمة الله في الكون وأنه هو المدبر وهو من يصرف الأمور، وأن الكون وأحداثه ليست عبثية وإنما جاءت على قدر، والمطلوب في كلتا الحالتين (العطاء او الامساك) هو شكر النعمة وصونها والصبر على فقدها، فالله سبحانه وتعالى هو المعطي وهو المانع.

 

 

 

 أيمن يوسف أبولبن

30-4-2021

 

#آيات_استوقفتني_5

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق