*الفتى والفتاة*
(وَلۡیَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ
یُغۡنِیَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱلَّذِینَ یَبۡتَغُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِمَّا
مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِیهِمۡ خَیۡرࣰاۖ
وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ ءَاتَىٰكُمۡۚ وَلَا تُكۡرِهُوا۟
فَتَیَـٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَاۤءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنࣰا لِّتَبۡتَغُوا۟ عَرَضَ
ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۚ وَمَن یُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ
إِكۡرَ ٰهِهِنَّ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ)
سورة النور 33
كما ذكرنا سابقا وكما هو موضح في المنهجية التي
نتبعها فإن التنزيل
الحكيم يستخدم كل مفردة بمعنى خاص ومميز لها بحيث تنفرد كل مفردة في القران الكريم
بمعناها الذي لا يتشابه مع غيرها من المفردات.
واليوم
نتحدث عن مفردة الفتى والفتاة وجمعهما الفتيان والفتيات. ونذكر بالأخص الآية موضوع
منشورنا هذا اليوم (ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء)
للوهلة الأولى قد يظن البعض ان الفتيات هنا
بمعنى البنات وبهذا يكون تفسير الآية ولا تكرهوا بناتكم على البغاء. وهو تفسير
غريب و شاذ ولا ينسجم مع واقع الايات ولا مع واقع التنزيل الحكيم. وقد ورد في
التفاسير القديمة أن المقصود هنا هو الإماء (أنثى العبد).
ولو دققنا في مجمل ايات القران الكريم بحثاً
عن مفردة فتى وفتاة لوجدنا الاتي:
(وإذ قال موسى لفتاه)
(وقالت نسوة في المدينة إمرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه)
إذاً هنا وبدلالة النص الفتيان و الفتيات هم
العاملون في وظائف خدماتية، حيث يقتضي عملهم أن يكون مقابل أجرة أو مقابل خدمات
معيشية (إقامة ومأوى وطعام) ويعني أيضا الالتزام بالصحبة او بالمكان او الرفقه بينهم
وبين صاحب العمل اي ان هناك اتصال بين هؤلاء العمال وبين رب العمل. فالمقصود هنا
هي العمالة التي تعمل مباشره لخدمتكم، وبمعنى العصر (العمالة الوافدة).
لاحظوا معي جمال وتناسق التنزيل الحكيم، في
سورة يوسف تبدأ الآية بالقول (ودخل معه السجن فتيان) ويبدو
ظاهر القول بأن الفتيان هنا تدل على مرحلة عمرية أي بمعنى شابّان، ولكن انظر عندما
أجاب سيدنا يوسف على سؤالهما:
(أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً) لاحظ
معي كيف يتناسق الرد مع كون هذين الشخصين هما من العمالة التي تعمل لدى مرؤوسين
وأصحاب أعمال، وهذه الاشاره لم ترد تفصيلاً في سابق الآيات إلا أننا ومن واقع
فهمنا لمفردة فتى ومن واقع جواب سيدنا يوسف نفهم أن رفيقيه في السجن هما أجيران يعملان
بالأجرة أو بالسُخرة.
وفي نفس السورة عندما أصبح يوسف عزيزاً لمصر
جاءت الآية (وقال
لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) ويقصد هنا بالحديث الخدم أو
العمّال الذين يعملون عنده.
وبهذا يستسيغ القول: بما أن طبقة أصحاب العمل
تمتلك السلطة على طبقة العمالة التي تعمل لديها فهي تمتلك سلطة الإكراه ومن هنا تأتي
فرصة إجبار "العاملات" على ممارسة الفاحشة إما بالمباشرة الجنسية مع
صاحب العمل أو على الممارسة مقابل المال (البغاء)، وهو ما لا يتفق مع التعاليم الدينية
ولا الفطرة الانسانية، لهذا جاء هذا النهي مفصلاً في هذه الآيات، فهو يدخل في باب الاكراه
على الفاحشة ويدخل أيصاً في باب الترويج للمحرمات حتى لو كان دون مشاركة صاحبه.
إذاً هذه الآية موجهة للناس الذين ينساقون
وراء شهواتهم (إما شهواتهم الجنسيه أو شهوة جني المال من وراء الاستعباد) وتسوّل
لهم أنفسهم تسخير هذه العمالة المستضعفه التي لا تملك من امرها شيئاً في أمور غير
أخلاقية.
ملاحظة: وردت في القرآن الكريم مفردة "فتية"
في سورة الكهف للدلالة على الشباب المؤمن الصالح، وتم تمييزها عن (فتيان و فتيات)
(إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم وزدناهم هدى).
هذا
والله أعلم
أيمن يوسف أبولبن
3-5-2021
#آيات_استوقفتني_5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق