* أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ
مُبِين ( 18) الزخرفٍ*
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ۚ إِنَّ الْإِنْسَانَ
لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ
بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي
الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف 18
للأسف الشديد فقد قام المفسرون الأوائل
بتفسير هذه الآية على ان المقصود بها هي المرأة بقولهم ان المرأة تنشأ في الزينة
والحلي ويصبح هذا هو جل اهتمامها فتفقد القدرة على المحاججة والمنطق، وهم بهذا
يؤكدون فهمهم أن المرأة (ناقصة عقل ودين).
دعونا نستعرض الآيات سريعاً، قال العرب إن
الله اتخذ بناتاً له (الملائكة) وجعلوا الملائكة من المعبودات، فالله سبحانه
وتعالى يرد عليهم باستفهام إنكاري: أتخذ من خلقه جنس البنات وأصفاكم بجنس الذكور؟
ولو بُشّر أحدكم بما وصف الله به (اتخاذ البنات) لظل وجهه مسوّداً ولامتلأ قلبه
بالغيظ والغضب وهو يحاول كتم غضبه.
إذاً المعضلة هنا ليست في الأنثى كأنثى ولكن
المشكلة أن يتخذ الله جزءاً من عباده سواءّ كان ذكراً أم أنثى (لاحظوا الآية
الأولى) سبحان الله عن ذلك فالله ليس كالمخلوقات يتخذ أولاداً أو بناتاً، وما
الملائكة إلا مخلوق من مخلوقات الله.
والمشكلة الثانية أن هؤلاء الكفار يريدون
الذكور لهم والبنات لغيرهم، ويتقوّلون على الله بغير علم وبما يكرهون لأنفسهم!
وهنا تتضح الآية موضوع النقاش وهي تقريع لمن
يتقوّل على الله بغير علم، فالله سبحانه وتعالى يقول موبخاً أبعد أن أنعمنا عليك
وأغدقنا عليك من نعمنا وموفور الصحة والخلقة تتقوّل على الله بغير علم ولا تستطيع
رد الحجة بالحجة ولا تملك أي دليل عقلي أو منطقي على ما تقول!
(أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ
فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين)
فكأن الله تعالى يقول (أمن يقول هذا عني هو
عبدي الذي صورته وحسّنت خلقه)
(الحِلْيَة من الرجل: صِفَته وخِلقتُه وصورته) معجم
المعاني
ولو كان الكلام عن المرأة لوجب التأنيث (أفمن
تنشأ، وهي في الخصام) ولكن على العكس تماماً فالكلام هنا للذكوريين الذين يتباهون
بذكورتهم ويفضلون الأولاد على البنات وينظرون للبنات على أنهن أدنى من الذكور،
وإذا رزقهم الله ببنت إما أن يقبلها على مضض ويكظم غيظه أو أن يدسها في التراب.
( يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ
أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ)
وعلى عكس فهم المفسرين الأوائل فهذه الآية هي
تقريع للذكوريين ولا تنتقص من قدر المرأة، وهذا الفهم المتجانس مع ترتيب الآيات
والمعنى الكلي المستخرج منها والمتوافق مع قواعد اللغة ومعاجمها.
هذا والله أعلم
أيمن يوسف أبولبن
12-5-2021
#آيات_استوقفتني_5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق