الاثنين، 26 أبريل 2021

*آيات استوقفتني 5 (2) الروح*

 

*الروح*

 

سبق لنا الحديث عن الموت والوفاة، وعن النفس والجسد، فما هي الروح؟.

 

قلنا من قبل أن التي تموت هي النفس، بينما الجسد يفنى ويتحلل، وأن الجسد مجرد وعاء للنفس، التي تحيا وتموت بأمر الله، فيحيا الجسد بها ويمارس نشاطاته، أو يتوقف عن الحياة ويفنى. فما هي الروح؟

 

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ الحجر: 29

 

الروح هي باختصار إكسير الحياة، هي سر الحياة الذي يمد الجسد بالطاقة اللازمة لممارسة حياته، وبدونها يتوقف الجسد عن العمل.

 

فالوفاة تحدث حين تنقطع هذه الروح عن الجسد وقد يحدث هذا قضاءً وقدراَ أو بفعل فاعل (القتل والحوادث) التي يتعطل فيها الجسد ولا يعود قادراً على العمل وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة موت النفس ومفارقتها للجسد، الذي يصبح بلا حياة فيتحلل ويفنى.

 

ومصدر هذه الطاقة وإكسير الحياة الغامض فهو بلا شك الله سبحانه وتعالى أما الكيفية التي تعمل بها فهي ما زالت في علم الغيب بالنسبة لنا. ولكن هذه الطاقة او الروح ليست متفردة لكل شخص، ففي حين ان المرء يتميز بجسده وصفته الخلقية، كما يتميز بنفسه التي تختلف حسب طبيعة خلقه  وحسن إيمانه أو عدمه

(ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)

 

إلا أن الروح التي تمدنا بالحياة لا تصطبغ بشخصيتنا لأنها من الله وقد نسبها الله إليه وليس لأي أحد من خلقه.

 

(ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ) التحريم : 12

 

لاحظوا معي (من روحي) (من روحنا)

وفي علوم الفيزياء وحسب قانون حفظ الطاقة فإن الطاقة لا يمكن استحداثها من العدم ولا تنعدم ولكن يمكن تحويلها من شكل لآخر. فالروح مصدرها الله سبحانه وتعالى وهي لا تنضب ولا تنعدم ولا تنقص، وقطعها أو فصلها عن أي مخلوق يعني موته، فنحن نحيا بروح الله.

 

لذا كان حقا قوله تعالى (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)

 

وهذا يقودنا إلى القول بأن جميع المخلوقات وكافة أشكال الحياة تستمد أسباب حياتها من روح الله، فإذا انقطعت هذه الروح بأمر الله انتهت الحياة، ، فالكون كله يحيا بروح الله.

وما يميز الجنس البشري عن بقية المخلوقات ليست الروح بل النفس، فالنفس هي مستقر الارادة الانسانية وحرية القرار التي حملت على اكتافها الرسالة السماوية.

 

 (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)

 

 

لذلك كان حقا قوله تعالى (ومن قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا) فالقتل يكون للنفس وليس للجسد ولا للروح، لاحظوا كيف استخدم القتل للنفس ثم جمعها على الناس، ولو كانت عقوبة القتل على قتل الأحياء أو الأجساد لتساوت باقي المخلوقات مع البشر في الحكم. لاحظوا معي دقة البيان والوصف واستخدام المفردات.

 

وفي المنشور القادم سنتكلم إن شاء الله عن لفظ *الروح* *روحنا* *روح القُدُس*

 

هذا والله أعلم   

 

 

أيمن يوسف أبولبن

26-4-2021

 

 

 #آيات_استوقفتني_5

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق