أخاف من الوحدة
عشرُ دقائقَ من الوحدة، كافيةٌ كي تُفتحَ أبواب ذكريات الماضي وتُعيد إلينا كلَّ ذلك الحنين الذي إفتقدناه، لتتدفّقَ الذكرياتُ كسيلٍ عارمٍ فتغطي الوجود وتطمس معالم الزمان والمكان، فنتوه ونغرق في أعماق الذكريات الموجعة والأليمة والمحزنة معاً.
عشر
دقائق أمضيها في غرفة إنتظار الطبيب أو لحظة غياب شاردة من ضجيج العمل في وقت
الذروة من النهار، أو تلك الدقائق القليلة التي تسبق النوم، كافيةٌ كي أستعيد شوقي
ولهفي وحنيني لمن فقدتهم من الأحبّة ولم أتصالحُ بعدُ مع قَدَر الغياب فيهم، رغم
إيماني ورغم قناعتي بأن عجلة الحياة لا بُدّ وأن تدور، ولكن النفس لتحزن رغم أنف
القناعات الداخليّة ، والعين لتدمع ، والقلب يكادُ يتوقف في لحظةٍ هاربةٍ من الزمن
، كطفلة تلاحق الفراشات في الحقل، وتطلق العنان لشعرها ليداعب نسيم الهواء ، وهي
تتماهى مع جناحي الفراشة.
ومضاتٌ قليلة تأتينا كأنها إتصالٌ طارىء من عالمٍ خارجي غامض، يسرقنا من
لحظتنا الراهنة ثم ما يلبث أن يعيدنا لها ثانية، دون ان يقطع خط الإتصال، فنبقى
مُعلّقين بين الوجود واللاوجود.
لم
يكن التعذيب الجسدي هو الكابوس الذي يخشاه المساجين، بل كانت العُزلة هي أعظم
كوابيسهم، فالعُزلة قاتلةٌ كما يقولون، فهي تفتكُ بكل ما هو إنسانيٌ فينا، وتلاحق
الطُمأنينة فينا كمن يُطارد اّلأشباح.
كم عاش سيدنا آدم قبل خلق حواء ؟! ليس مُهماً أن
نعرف، فالتاريخ البشري بدأ بإجتماع آدم وحواء، وأما العُزلةُ فلا تُحسبُ من أعمارنا،
لأنها تُنقصها ولا تزيدها.
أخاف
من العُزلة، وأخاف من الوحدة ولو للحظات.
أيمن أبولبن
9-11-2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق