لم يكن من الصعب على الحركة الصهيونية العالمية
تزييف الحقائق وقلب الوقائع فيما يخص قضية فلسطين لأسباب عديدة من أهمها امتلاكها
لوبي صهيوني قوي قادر على التأثير على دوائر إتخاذ القرار بالإضافة الى سيطرتها
على وسائل الاعلام الغربية، ولعل الكذبة الكبرى التي إستفادت منها الحركة
الصهيونية العالمية بعد تمكنها من انشاء دولة يهودية على أرض فلسطين هي اعادة أستخدام
تُهمة "معاداة
الساميّة" وحَصر العرق السامي
بمعتنقي الديانة اليهودية، فما هي الساميّة وما هو العرق السامي ؟
تم استخدام عبارة "معاداة الساميّة" لأول مرة في أوروبا في القرن التاسع عشر
أبان الاضطهاد الأوروبي لليهود، والساميّة تُنسب الى "سام ابن نوح عليه السلام" ، وتنقسم المجموعات الساميّة الى
مجموعتين، تضم الأولى الآشوريين والفينيقيين والعبريين، وتضم المجموعة الثانية
العرب والذين يُعتبرون الأكثر عدداً في العرق السامي، فكيف يمكن لعاقل أن يُطلق
صفة الجنس العرقيّ على متبعي دين معين ؟!
لو بحثنا قليلاً في تاريخ اليهود لوجدنا أن هناك
نسبة كبيرة من اليهود "الخَزَر" والذي يعود أصلهم الى الشعوب الوثنية التي استقرت في أوروبا
الشرقية ثم اعتنقت اليهودية وعاشوا ضمن الامبراطورية الروسية، عدا عن الييهود
الأفارقة واليهود القادمين من الجزيرة العربية، فكيف نجمع كل هؤلاء في مجموعة
عرقية واحدة؟! والأنكى من ذلك أن يتم استثناء العرب من العرق السامي وهم يشكلون
الأغلبية ممن ينحدرون من نسل سام !
بعد أن استطاعت البروبوغاندا الصهيونية من حَصر
العرق السامي في معتنقي الديانة اليهودية رغماً عن المنطق والتاريخ، تمكنت من نَصب
المشانق والنيل من كل من تسوّل له نفسه إنتقاد أو مخالفة المخطط الصهيوني بتهمة
"معاداة الساميّة" وهي تهمة تشير الى التمييز العنصري
والتفرقة بين البشر على أساس العرق أو الدين، مستغلين بذلك عقدة التمييز العنصري
في العالم الغربي، والعزف على وتر الظلم والقهر والتعسّف الذي تعرض له اليهود في
أوروبا واجلائهم منها بالقوة، عدا عن المذابح النازيّة.
صحيح
أن البحوث التاريخية تشير الى أن يهود أوروبا قد عاثوا في الأرض الفساد ونشروا
الرذيلة وكانوا أول من نشر الربا، وهم من أنشأوا السوق السوداء الى آخر القائمة من
الأفعال غير الأخلاقية، إلا أن هذا كله توارى عن الأنظار وتم التركيز على أحقيّة
اليهود في انشاء وطن قومي لهم في فلسطين وتحصينهم من أي نقد أو لوم أو حتى التشكيك
في صحة ما يدّعون،
ولعل أهم من أُتهم بمعاداة الساميّة في العصر
الحديث هو السياسي والكاتب الفرنسي "روجيه غارودي" الذي أعلن إسلامه بعد أن كان مُنتسباً
للحزب الشيوعي الفرنسي وكان مولعاً بالماركسيّة، وقد كذّب غارودي الرواية
الصهيونية للمحرقة النازية لليهود "الهولوكوست" وشكّكَ في أرقام الضحايا وبيّن أن اليهود لم
يكونوا وحدهم من تعرّض للتعذيب والقتل بأفران الغاز النازية، كما نشر العديد من
الكتب التي تحارب الفكر الصهيوني وخصوصاً بعد مجازر إسرائيل في حرب لبنان عام 82
ونتيجة لذلك تعرّض غارودي للعديد من المشاكل والمتاعب وتم الحكم عليه بالسجن مع
وقف التنفيذ ، كما تم منعه من دخول بعض البلاد والتنقل بحرية بين دول أوروبا
وتعرّض لحظر عام في وسائل الإعلام الغربية.
أما من فئة الفنانين والممثلين، فقد تعرّض
الممثل والمخرج الأمريكي "ميل جيبسون" للعديد من المضايقات وتم إتهامه بمعاداة السامية بالنظر الى
تصريحاته المثيرة للجدل عن اليهود، وأستعرت الحملة الصهيونية ضده بعد إنتاجه وإخراجه
لفيلم "آلام
المسيح" الذي يُوثّق
المؤامرة اليهودية لقتل المسيح وما تعرض له السيد المسيح من تعذيب وصلب، وإن كُنّا
نختلف مع رواية قتل وصلب المسيح إلا أننا نتفق تماماً مع المؤامرة اليهودية لقتل
المسيح عليه السلام.
أذكر أن الممثل ىالأمريكي المعروف "مارلون براندو" صاحب دور العرّاب الأكثر شهرة في تاريخ
السينما الأمريكية قال ذات مرّة في لحظة صدق عابرة أن اليهود يسيطرون على عالم
السينما في هوليود وأنهم يستغلون صناعة الأفلام و يحتكرون الفن وأن كل من يعمل في
هذا المجال يجب أن يكون من "المرضي عنه" حتى ينجح. هزّت هذه التصريحات أركان
هوليود وتردّد صداها في العالم أجمع، ولم تمض أربعٌ وعشرون ساعة حتى دعى مارلون
براندو الى مؤتمر صحفي وقدّم اعتذاره عن هذه التصريحات، وبكى بكاءً شديداً وهو
يُبدي ندمه على ما قال !
معاداة
الساميّة هي أكبر كذبة أعادت إنتاجها الصهيونية العالمية في العصر الحديث بهدف تحصين
اليهود من المحاسبة والملاحقة القانونية وتحليل سفك دماء من يناصبونهم العداء أو
حتى يخالفونهم فكرياً ، ويتم إستغلال هذه التهمة لوضع اليهود في منزلة فوق كل
البشر، وعلى كل انسان حر وصاحب مبدأ أن
يُعرّي كذب وزيف هذه الإدعاءات.
أيمن أبولبن
14-11-2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق