الأحد، 7 فبراير 2010

افاتار..... "لعنة الرجل الهندي"



   شاء القدر أن يقودَ كريستوفر كولومبوس الى اكتشاف "العالم الجديد" ، رغم أن هذا لم يكن في نية كولومبوس ، الذي أبحر بسفينته متجهاً نحو الغرب ، ظناً منه أنه سينتهي بجزر الهند الغربية؛ ليجد كولومبوس وفريقه الإستكشافي أنفسهم في قارة جديدة ، لم تكن البشرية يومها تعلم عن وجودها على أرضنا ، في أغرب اكتشاف شهده العالم الحديث ، إكتشاف "العالم الجديد (أمريكا) " . تفاجأ الجميع بوجود امتدادٍ للجنس البشري على هذه الارض ، مجتمعٌ معزولٌ تماماً عن هذا العالم ، برغم بعض المصادر التي تقول أن هناك اتصالاً سابقا مع القارة الاوروبية ، ولكن هذا لا ينفي حالة العُزلة التي كان يعيشها قاطنو هذه القارة ، وبما ان نيّة كولومبوس كانت استكشاف المزيد من القارة الهندية ، أطلق اسم " الهنود" على قاطني هذه القارة " الجديدة" التي حملت اسم امريكا بعدئذ ، نسبة الى مساعد كولومبوس " امريكو" الذي واصل رحلته وأكمل اكتشاف القارة ، اعلاناً لبداية حقبة جديدة في تاريخ البشرية .

   القدرُ يكون غريباً أحياناً حين يفاجأنا بأحداثه ؛ كان قدَرُ كولومبوس أن يكتشف هذه القارة المعزولة عن باقي العالم ، وكان قدَرُ " الهنود " سكان القارة الأصليين ، ان يُباد̊وا عن بَكرة أبيهم ، وُيسلخوا من تاريخ الأمم البشرية ، وكأنهم لم يكونوا على هذه الأرض أبداً ، وليسطّروا أكبر قصة إبادةٍ جماعيةٍ منظّمة ، عرفها التاريخ على يد من يدّعون الآن أنهم رُعاة الإنسانية والديمقراطية والحرية في العالم ، ورغم هذا الإدعاء الا أن دماء الهنود ما زالت تقطرُ من أيديهم ، وما زالت بدلاتهم الأنيقة مضرجةً بالدماء ، وما زال أنينُ الضحايا يخدش أصوات ضحكاتهم ، وما زالت رائحة الدم تفوح رغم أنف رائحة العطور الباريسية.

     كان قدَرُ الاووبيين الباحثين عن الثروة والمال ، والباحثين عن فرصة عيش جديدة ،وأولئك الذين لا يملكون فرصة عيش أصلاً ، أن يجدوا ضآلتهم في هذه القارة الشاسعة والمليئة بالخيرات ، وكان قدر الافريقيين البائسين ، أن يُستعبدوا ويُهجّروا عبيداً ، ليعملوا على إستصلاح هذه القارة من أجل الرجل الأبيض ، ويدخلوا التاريخ في أكبر عبوديةٍ منظمة عرفها التاريخ الحديث .
 عجيبٌ هذا القدر عندما يصوغ الأحداث لتحقيق أقدارنا !!!.

   يتحدث محمود درويش في قصيدته المشهورة "خُطبة الهندي الاحمر" عن عقدة الهندي الأحمر ، التي ستظل تُطارد الرجل الابيض أينما حلّ ، وها هي عقدة الهندي الأحمر تظهر من جديد ، في أحدث أفلام جيمس كاميرون "افاتار" الذي حطم كل الأرقام القياسية ، وما زال ، وبرغم كل ما يحتويه هذا الفيلم من إبداع فني ، وتكنولوجي ، ومن استخدامٍ راقٍ لأدوات الانتاج الفني ، الا أن محتوى الفيلم والرسالةَ التي يؤديها الفيلم تظل الأجمل والأقوى ، وتتفرّد وحيدة برُقيِّها ، لتضيف إبهاراً جديداً ، الى حالة الإبهار العامة التي يعيشها مشاهد الفيلم ، وهو يتابع هذه التحفة الفنية ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

    تدور أحداث الفيلم في عالَمٍ مفترض مستقبلي ، حيث يصل البشر الى إكتشاف كوكب غير كوكبنا الذي نعيش عليه ، ويجدون جنساً آخر يسكن هذا الكوكب ، ويحتوي هذا الكوكب على ثروات طبيعية هائلة ، يسيل لها لعاب العلماء ، كما يسيل لها لعاب الباحثين عن الثروات والمال ايضا ، ويبدأ البشر بمحاولة إستغلال هذا الكوكب والحصول على ثرواته ، ويجدون معارضة من السكان الاصليين ، الذين لا يأبهون بالثروات الموجودة ، ولا بقيمتها ، وإنما يريدون المحافظة على الطبيعة ، وعلى البيئة ، وعلى إرتباطهم بالالهة ، عبر هذه الطبيعة ، وبما أن سكان هذا الكوكب بدائيون مقارنة مع ما وصل اليه الجنس البشري ، تزداد الأطماع البشرية رويداً رويداُ ، وتدفع البشر الى استخدام القوة والسلاح للاستيلاء على هذا الكوكب ، غير آبهين بمصير السكان الأصليين ، وتبدأ الصدامات والنزاعات بين الجنسين ، فريقٌ يملك كل أنواع التكنولوجيا النوعية ، والقوة المفرطة ، وفريق ما زال يداعب أحلام الطبيعة والارتباط  بالأرض الأم ، والروحانيات ، والتعلق بكافة المخلوقات من حيوانات ونباتات.

   وكما تلاحظون ، أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين ما سبق قوله عن القارة الامريكية ، وبين أحداث هذا الفيلم ، حتى أن الصورة الخيالية المفترضة لسكان الكوكب الجديد تتشابه الى حدٍ بعيد مع الهنود الاصليين الذين عاشوا في قارة امريكا ، من حيث نطق اللغة وحركات الجسد ، واستخدام الأصوات والتعابير ، ومن حيث طبيعة العيش في جماعات قبلية ، وإلإيمان بالطبيعة والإلتصاق بها ، والعلاقة المميزة التي تجمعهم مع كل مخلوقات الطبيعة وعطفهم عليها ، وإيمانهم  بالروحانيات ، بالاضافة الى الفجوة الحضارية الهائلة بينهم وبين المستعمرين .

   ينتصر المخرج هذه المرة للطبيعة وللحق ، ضد الشر ، وضد الاستعمار ، ضد استغلال خيرات الشعوب باسم تحقيق الحرية ونشر الديمقراطية ، ضد مصادرة حقوق الآخرين ، الذين لا حول لهم ولا قوة ، ضد استعمال القوة لتحقيق الأطماع ، ضد هذا الجشع البشري ، ينتصر للطبيعة ، وللسكان الاصليين ، ويوصل لنا رسالة في غاية الأهمية " الطبيعةُ كفيلةٌ بإعادة التوازن بين الخير والشر وإن بَعُدَ الأجل " .

   عقدة الرجل الهندي ستظل تطارد كل الامريكان ، الذين صنعوا تاريخهم على جثامين الآخرين ، وبنوا بيوتهم على خراب بيوت الآخرين . وستظل هذه اللعنة ، الى أن يغير الامريكان من نظرتهم العلوية والفوقية الى الآخرين ، وأن يبدأوا هم بالتغيير ، لا أن يطالبوا غيرهم ، وستظل هذه اللعنة الى أن يعترفوا بخطاياهم ، وبأنهم أول من أعتدى وأول من جنى وأول من أباد ، واستباح أراضي الغير ، وأن تاريخهم الحديث كُتب بدم الهندي الأحمر ، وأن تاريخهم منقوص ، وان حريتهم زيف ، وأن مدينتهم الفاضلة ملعونة، عليهم أن يغيروا ما بأنفسهم ، قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي ينتصر به القدر ، وينتصر به الخير على الشر ، ولو بعد حين ، و قبل أن يحاكم الرجل الهندي الأحمر ، قاتله ، ومغتصب أرضه ، ويلقي مرافعته الأخيرة "خطبة الهندي الأحمر" .  

   افاتار فيلم يستحق المشاهدة ، أدعو جميع من يعشق أفلام الخيال العلمي ، والحركة ، والمؤثرات البصرية والسمعية ، أن يشاهدوا هذا الفيلم ويستمتعوا به ، وأذكرهم أن لا ينسوا الوقوف دقيقة صمت إجلالا لذكرى من كانوا يُسمّوا الهنود أو الهنود الحمر .

أيمن أبولبن
7-2-2010

الثلاثاء، 2 فبراير 2010

أبناء التلفزيون كيف صاروا كتبة للتاريخ !!!


قد يكون طبيعيا ان تقرأ في أحد الصحف الامريكية او الاوروبية ، مقالا لأحد الكتاب يشكك في تاريخ دولة من دول "محور الشر" كايران مثلا او يختلق قصصاً فيها اسقاطات للعديد من الشبهات حول تاريخ وأصول قادة الثورة الشيوعية ، ويتهمهم بأنهم أبناء زنى ، وقُطّاع طرق ، ومارقون ، أما أن تقرأ مقالاً لكاتبٍ مصريٍ عربي بل ومسلم ، يتهم فيه أمراء المسلمين ، ومؤسسي الدولة الآموية بانهم أبناء زنا وسفاح ، وأبناء حرام ، فهذا لعمري من عجائب القرن الذي نعيش ، وأحد ترّهات جاهلية القرن الواحد والعشرين ، وإنه لمن المخزي والمُبكي ، أن يجمعنا الزمن مع أمثال هؤلاء ، الذين يدّعون الثقافة والتمدّن ، وامتلاك كافة أدوات الرُقي والحضارة ، واحترام الآخر ، والشفافية ، التي تصل بهم الى حد نقد الذات وجلدها ، بل والاعتراف ضمناً ان دولتنا الاسلامية وتاريخنا الاسلامي انما بناه ابناء حرام وابناء زنا ، ويصلون بنا في النهاية الى هدم هذه القدسيّة عن تاريخنا الاسلامي ، ووضع كافة رموزنا في سلة واحدة ، ذات السلة المسيئة ، فمن يقول عن عمرو بن العاص انه ابن زنا ، يسهل عليه بعد بضع سنين ان يتهم احد الخلفاء الراشدين بتهم شبيهة ، وماذا يمنع ، طالما ان كل البشر خطاؤون !؟ جواب اعتقد انه جاهز عند كل هؤلاء المدّعون للثقافة والتحضر

المقارنة بين الاشخاص الذين تم الاساءة اليهم في المقال المذكور وبين كاتب المقال ، صاحب ليالي الحلمية واوبرا عايدة ورحلة ابو العلا والعديد العديد من الروايات والمسلسلات التلفزيونية ، كالمقارنة بين البدر في تمامه وبين المسافر في الصحراء على عتم ودون هدى ، هل تجوز المقارنة ؟ وهل تجدون لها أساساً ؟! ، قد يكون اسامة انورعكاشة (كاتب المقال) قد تناسى ان عمرو بن العاص هو سبب هدايته الى الاسلام ، فعمرو بن العاص فتح بلاد مصر ، وأنعم على جميع الفراعنة (الذين ما زالوا يفتخرون بهذا اللقب ) بنعمة الاسلام ، وأخرجهم بفضل الله من الظلمات الى النور ، ليدور الزمان ويخرج من بين ظهرانيهم من ينعت صاحب الفضل عليه بانه ابن زنا ، ولا يقتصر الامر على شخص بعينه ، بل انه يتهم الصحابة الذين أسّسوا الدولة الاموية وعلى رأسهم معاوية ابن ابي سفيان بذات التهمة ، حيث يقول أن هند بنت عتبة كانت تمارس الرذيلة في الجاهلية ،( هند التي اسلمت على يد رسول الله ، وقَبِل اسلامها )، ويقول في ما يقول أن العباس عم النبي قد زنى بهند ايام الجاهلية ، وان ابا سفيان نفسه ابن زنى ، حيث ان أمه صاحبة راية في الجاهلية ( حيث كانت المومس تضع راية فوق بيتها اشارة الى انه بيت دعارة ، كي تستقطب الزوار اليه ) ، ومُلخص القول ان أم المؤمنين زوجة نبينا الشريف (أم حبيبة ) تنحدر من اب ( ابن حرام ) وام داعرة !!!! هذا ما يريد ان يوصلنا اليه الكاتب ضمناً .

ومن قوله ايضا ان والي الكوفة في زمن عثمان ، كان يسكر حتى ينام في مجلسه ويُضيع صلاة الفجر ، في زمن عثمان بن عفان ، المُبشّر بالجنة ، كان يحدث هذا ، ويخبرنا به ، جهبذة التاريخ الاسلامي "اسامة انور عكاشة" ، ولا ادري ما هي المصادر التي اعتمد عليها ، حيث لم يذكر لنا مصادره ووثائقه التي تدعم أقواله ، ومن المستغرب ان الكاتب اسامة وامثاله ، لا يجدون ضيرا في التشكيك بتاريخ هذه الامة وثوابتها ، ويشككون في كتابة التاريخ نفسه ، ويدّعون أن تاريخنا مُلفّقٌ ومزيّف ، وفي الوقت نفسه ، يخرجون علينا كل يوم ، بقصص ما انزل الله بها من سلطان ، وينسبونها الى تاريخنا والى رموزنا ، ولا يجدون احداً يستوقفهم ويردعهم ، او على الاقل يطالبهم بالدليل ، غير الموجود اصلاً .

ما يحزنني هو وقوع الكثير من ابناء هذه الامة ضحيةً للتشكيك ، ويبلعون هذا الطعم بسهولة ، وكأن قدسية الاشخاص المثقفين تسمح لهم ، باملاء ارائهم علينا ، واقناعنا بما يدّعون ، لاننا نحن لسنا اصحاب ثقافة ولا نعلم الحقيقة ، ففي زماننا هذا ، اصبح اسامة عكاشة مصدراً للتاريخ ، رغم انه مجرد كاتب تلفزيوني لا تتجاوز معرفته تاريخ حواري مصر القديمة ، وذاك احد الممثلين يدلي بدلوه في السياسة ، وفي اكثر قضايا الامة حساسية وحرجا ، وتلك راقصة ، خريجة احد النوادي الليلية تعطينا درساً في الاخلاق الحميدة ، ومساعدة المحتاجين ، واقامة موائد الرحمن ، وتقول عن عملها في الفن الراقي ( الهشك بشك ) " ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه " ، وفي ليلة وضحاها يصبح هذا الكلام الذي يتفوهون به مرجعية لنا ، ويكتسب من حيث لا ندري صفة الحقيقة ، غير القابلة للتشكيك ، يا للهول !!!

ولا يخلو مقالهُ من اشارات الى تنابز بالالقاب و"تعيير" الصحابة بعضهم بعضاً بابناء الزنى ، تخيلوا !! حيث يذكر كتابا من سيدنا علي الى معاوية وخطابا بين الامام الحسن ويزيد بن معاوية ( ابن الزنا ايضا حسب الكاتب) ، بالاضافة الى الاشارة ان سيدنا محمد أمر بقتل الاسرى في معركة بدر ومنهم عقبة بن ابي معيط ( اللقيط كما يصفه الكاتب).

قد يكون اسامة عكاشة ، قد اختلط عليه الامر وهو يطالع احد روايات الف ليلة وليلة ، او احدى الاساطير الرومانية القديمة ، وقد يكون قد قرأ تاريخ هذه الأمة مكتوبا بايدي احد الغربيين المستشرقين او احد الشرقيين المستغربين ، كلاهما سواء ، فصدّقه كما هو ، لانه لا يؤمن بهذه الأمة ولا بشخوصها ولا بتاريخها ، ويريد ان يجد مخرجاً له كي يقنع نفسه ويوهمنا معه أن هذه الامة هي كذبة كبرى ، وان تاريخها صنعه بضعةُ قُطّاع طرق وداعرون ، وان شخصه هو ، أكبر من ان ينتمي الى أمة رموزها ابناء زنى !! .

لست اكتب هنا ، دفاعاً عن شُخوصٍ بأعينهم ، بل دفاعاً عن ارثنا التاريخي ، ولست في موضع من يقيّم شخصيات تاريخية ، ويقيّم حقبة باهرة من تاريخ امتنا الاسلامية شاء المشككون بها ام أبوا ، برغم ما فيها من منغصات ، ومن سقطات تاريخية ، لا تخلو منها امة من الامم ، ولكنها برغم كل شيء ، تبقى دولة عظيمة ، اقامت حضارة عظيمة ما تزال الشواهد على روعتها حتى عصرنا هذا ، دولة شامخة في تاريخ البشرية ، باعتراف الامم الاخرى ، وليس افتراءاً من عندنا ، لعل ما ساءها وما زال يسيئها هو نظرة البعض المحدودة الى البقع المظلمة في تاريخنا ونسيان ما بقي من اشراقة الثوب الابيض ، وما قدّمته هذه الامة وهذه الدولة لتاريخ البشرية .

الدولة الاموية هي صاحبة أكبر خلافة في التاريخ الإسلامي ، من حدود الصين شرقاً إلى الاندلس غربا ، وحتى مشارف باريس حيث موقعة بلاط الشهداء ، في عهدها تم انشاء أول اسطول بحري إسلامي ، وفي عهدها ايضا تم صك أول عملة إسلامية (الدينار الاموي) ، وتم اعادة اعمار المسجد الاقصى والمسجد النبوي ، وحضارة الاندلس ما تزال شاهدة عيان على حضارتنا الاسلامية ، واخيرا اختتم باعظم شهادة تمنح لبشر ، شهادة رب العزة ، المذكورة في القرآن الكريم عن فضل الصحابة في هذه الامة ، وهم أخيارنا ورموزنا :

﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا

سورة الفتح 29

وعد الله الصحابة الذين اسلموا من قبل الفتح ومن بعده ( الحسنى )

﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

سورة الحديد اية 10

﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ

سورة التوبة 117

اي اعظام واجلال من الله سبحانه وتعالى لهؤلاء !!؟؟ كفاكم ذكركم في كتاب الله ، لا يضيركم من بعده ما كُتِب عنكم .



أيمن أبولبن

02-02-2010






أبناء الزنى كيف صاروا أمراء للمسلمين 

أسامة أنور عكاشة
--------------------------------------------------------------------------------

انه ليس من الصدفة ان يبدأ الصراع في الجاهلية بين اولوا الشرف من العرب كبني هاشم ومخزوم وزهرة وغيرهم وبين من اشتهر بالعهر والزنا مثل بني عبد شمس وسلول وهذيل والذي امتد هذا الصراع الى مابعد دخول كل العرب الاسلام . 

ولم تكن من قبيل الصدفة ان اغلب من التحق بالركب الاموي كانوا ممن لهم سوابق بالزنا والبغاء، فهذه المهن تورث الكراهية والحقد لكل من يتحلى بالعفة والطهارة،اضافة الى انها لاتبقي للحياء سبيل وهي تذهب العفة وتفتح طريق الغدر والاثم.. لنرى بعض ماانجب البغاء : 

1- حمامة ام ابي سفيان وهي زوجة حرب ابن امية بن عبد شمس وهي جدة معاوية ، كانت بغياً صاحبة راية في الجاهلية . 

2- الزرقاء بنت وهب ، وهي من البغايا وذوات الاعلام ايام الجاهلية وتلقب بالزرقاء لشدة سوادها المائل للزرقة وكانت اقل البغايا اجرة ، ويعرف بنوها بنو الزرقاء وهي زوجة ابي العاص بن امية ، ام الحكم بن ابي العاص(طرده الرسول من المدينة) ، جدة مروان بن الحكم ، يقال ان الامام الحسين(رض) رد على رسول مروان بن الحكم قائلا " يابن الزرقاء الداعية الى نفسها بسوق عكاظ " . 

3- امنة بنت علقمة بن صفوان ام مروان بن الحكم جدة عبد الملك بن مروان وكانت تمارس البغاء سرا مع ابي سفيان بن الحارث بن كلدة.. وهذا مروان هو الذي اتوا به بعد ولادته الى رسول الله(ص) فقال الرسول " ابعدوه عني هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون " وهذا الذي يلعنه الرسول يصبح اميرا للمؤمنين ...!!!!! 

4- النابغة سلمى بنت حرملة وقد اشتهرت بالبغاء العلني ومن ذوات الاعلام وهي ام عمرو بن العاص بن وائل كانت امة لعبد اللة بن جدعان فاعتقها فوقع عليها في يوم واحد ابو لهب بن عبد المطلب وامية بن خلف وهشام بن المغيرة المخزومي وابو سفيان بن حرب والعاص بن وائل السهمي ، فولدت عمرو ،فادعاه كلهم لكنها الحقته بالعاص بن وائل لانه كان ينفق عليها كثيرا . 

5- سمية بنت المعطل النوبية وهي من البغايا ذوات الاعلام وكانت امة للحارث بن كلدة وتنسب اولادها ومنهم زياد مرة لزوجها عبيد بن ابي سرح الثقفي فيقال زياد بن عبيد ومرة يقال زياد ابن سمية ومرة زياد ابن ابيه ، حتى استلحقه معاوية بان احضر شهود على ان ابو سفيان قد واقع سمية وهي تحت عبيد بن ابي سرح وبعد تسعة اشهر ولدت صبيا اسموه زياد. ولم يستلحقه معاوية حبا وكرامة ولكن لان زياد بن ابيه كان عامل سيدنا علي (رض) على فارس والاهواز فاراد استمالته . 

ويستمر البغاء في انتاج رجال الرذيلة ليكونوا سادة العرب . 

6- مرجانة بنت نوف وهي امة لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت كان يصلها سفاحا العديد من الرجال من بينهم زياد ابن ابيه فباعها عبد الرحمن وهي حامل من الزنا ، فولدت عبدين هما عباد وعبيد الله ابنا مرجانة لا يعرف لهما اب ، فاستدعاهما زياد واستلحقهما به . فكان عباد والي سجستان زمن معاوية و عبيد الله بن زياد واليا على البصرة، حيث يبدو ان امة العرب قد خلت من الاشراف لتنصيبهم في هكذا مناصب، فلم يبق الا اولاد الزنا ولكن الطيور على اشكالها تقع فرجل كمعاوية لا يمكنه استعمال رجل ذو فضيلة. وبعد ان كان عبيد الله ابن زياد واليا على البصرة زمن معاوية ولاه يزيد الكوفة حيث قاتل الامام الحسين (رض)حفيد نبي الامة، حيث خاطبه الامام بالدعي ابن الدعي . 

وقيل للحسن البصري : يا ابا سعيد قتل الحسين بن علي، فبكى حتى اختلج جنباه ثم قال ( واذلاه لامة قتل ابن دعيها ابن بنت نبيها ).. 

7- قطام بنت شحنة التيمية وقد اشتهرت بالبغاء العلني في الكوفة وكانت لها قوادة عجوز اسمها لبابة هي الواسطة بينها وبين الزبائن، كان اباها شحنة بن عدي واخاها حنظلة بن شحنة من الخوارج وقد قتلا معا في معركة النهروان، فاصبحت والغل ياكل قلبها لهذا طلبت من عبد الرحمن ابن ملجم عندما جاء لخطبتها ان يضمن لها قتل سيدنا علي (رض) ويصدقها بثلاثة الاف درهم وغلام وجارية فلم يشف غليل هذه الزانية مقتل الامام بعدما سمعت بمقتل ابن ملجم ايضا لهذا بعثت الى مصر من وشى على جماعة من العلويين هناك عند الوالى عمرو ابن العاص ابن البغي سلمى بنت حرملة، ومن هؤلاء الجماعة خولة بنت عبد الله وعبد الله وسعيد ابناء عمرو بن ابي رحاب . 

8- نضلة بنت اسماء الكلبية وهي زوجة ربيعة بن عبد شمس وهي ام عتبة وشيبة اللذان قتلا يوم بدر.يذكر الاصفهاني في كتابه الاغاني ان امية بن عبد شمس جاء ذات ليلة الى دار اخيه ربيعه فلم يجده فاختلى بزوجة اخيه وواقعها. فحبلت منه بعتبة . 

ويروى ان امية هذا ذهب الى الشام وزنى هناك بامة يهودية فولدت له ولدا اسماه ذكوان ولقبه ابو عمرو وجاء به الى مكة داعيا انه مولى له حتى اذا كبر اعتقه واستلحقه، ثم زوجه امراته الصهباء، قال ابن ابي الحديد ان امية فعل في حياته ما لم يفعله احد من العرب ، زوج ابنه ابو عمرو من امراته في حياته فولدت له ابا معيط وهو جد الوليد بن عقبة بن ابي معيط الذي ولاه عثمان الكوفة حيث كان ياخذه النوم بعد ان يقضي ليلته في شرب الخمر ولا يصحو على صلاة الفجر.. هكذا كانوا ولاة امور المسلمين !!!! 

يروى ان عقبة بن ابي معيط لما اسره المسلمون يوم بدر امر الرسول (ص) بقتله فقال يا محمد ناشدتك الله والرحم فقال الرسول ما انت وذاك انما انت ابن يهودي من اهل صفوريه . 

9- هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية هي زوجة ابي سفيان ، وابنها معاوية يعزى الى اربعة نفر غير ابي سفيان، مسافر بن ابي عمرو بن امية ، عمارة بن الوليد بن المغيرة ، العباس بن عبد المطلب ، والصباح مولى مغن لعمارة بن الوليد . 

يروى ان سيدنا علي (رض) قال في كتابه الى معاوية ( .. واما قولك نحن بني عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض ...فكذلك نحن .. لكن ليس المهاجر كالطليق ولا الصريح كاللصيق..).وهي اشارة واضحة بالصاق اصول معاوية بعبد مناف . 

10- ميسون بنت بجدل الكلبية هي ام يزيد بن معاوية ، كانت تاتي الفاحشة سرا مع عبد لابيها ومنه حملت بيزيد، ويروى ان معاوية خاصم ميسون فارسلها الى اهلها بمكة وبعد فترة ارجعها الى الشام واذا هي حامل....!!!! قال يزيد للامام الحسن (رض) ( يا حسن اني ابغضك) فقال الامام( ذلك لان الشيطان شارك اباك حينما ساور امك فاختلط المائان).قال محمد الباقر (رض) ( قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقاتل الحسين ابن علي ولد زنا ولا يقتل الانبياء والاوصياء الا ابناء البغايا ). 

11- آمنه بنت علقمة بن صفوان هي ام مروان بن الحكم كانت تمارس الزنا مع ابي سفيان فولدت مروان .اخرج ابن عساكر من طريق محمد القرظي قال ( لعن رسول الله الحكم وما ولد الا الصالحين وهم قليل) وقالت السيدة عائشة (رض) لمروان ( لعن الله اباك وانت في صلبه ، فانت بعض من لعنة الله ثم قالت والشجرة الملعونة في القران ). 

هؤلاء هم الرجال الذين اسسوا الدولة الاسلامية ، فلا غرابة ان نرى الدماء تلون كل اوراق تاريخنا !! 

السبت، 23 يناير 2010

كونوا رُحَماء


بمناسبة الذكرى الاولى للحرب على غزة ،أقوم بنشر هذه التجربة الشعرية، والتي كتبتها اثناء الحرب

كونوا رُحماء
عندما تمرّون من سمائنا الجريحة
النازفةِ دماً أبيضاً
والمحترقةِ لوعةً وحسرة
وتخترقون هذه الفوضى العبثيةِ المُمعنة في الدمارِ
وتقتربون من ضحايانا ، لتقبضوا أرواحهم …….
كونوا رُحماءَ ، معهم
لعلّهم يمحون صورة الحصارِ
والدمارِ
من ذاكِرَتهم
ويستبدِلون صورةَ الوطنِ الحُلم
بوطنٍ أجملٍ وأحلى
………. لعلَّ

——————————-

عندما تصعدون بأرواحهم الى السماء
توقّفوا قليلاً ……. في سَماءِ غزّةَ
دعوهم يشتمّون عبيرَها
ويجولون بنظرهم في أرجائها
دعوهم يُلقون نظرةَ الوداعِ الأخيرةِ
ويُسدِلون الستارةَ على وطنٍ
 ماتوا دونهُ
وطنٍ ، ولِدوا فيه
وعاشوا فيه
وماتوا فيه
دون ان يَنعموا به

——————————-

هناكَ ، في ذلك المدى المفتوحِ للرحيلِ
والغيابِ
اشلاءُ طفلةٍ
فقَدَت أباها في خريفِ الانتفاضةِ
فقدت دُميتها …..وحقيبتها المدرسيةِ
تحت انقاضِ ما تبقّى من بيتها
و هناكَ ، بقايا ما تبقّى من طفلٍ حريقٍ
كان يَحلُمُ أن يكونَ ……..
انساناً …..ليس إلا
يفيقُ في الصباحِ
على صوتِ المنبّه لا صوت الإنفجاراتِ
يتناولُ إفطاره مع صِغارهِ
يطبعُ قبلةً على وجنةِ حبيبتهِ
ويتوجّهُ الى العملِ
ينفثُ دخان سيجارته ، لاعناً رئيسه
يعودُ في المساءِ منهكاً …..متعباً
يشاهدُ التلفازَ
وآخر أخبار الحربِ على جُزر الهاواي
يشعر بغُصّة …….وينام

——————————-

عندما تنتزعون روح فتاةٍ
في مُقتبل العمر
فقدت حبيبها المراهقَ قبل يومينِ
ودّعت أشلاءَه
رأسه ، وطرَفهُ الأيمنُ مع بعضِ أجزاءِ ملابسهِ
وفي المساء تدفأت على رسائلهِ الغراميةِ
بعد أن نفذَ الغاز والوقودُ
كما نفذ الهواءُ
وكلُ شيءٍ هنا
سوى صوتُ الطائراتِ
والإنفجاراتِ
وصوتُ شهقاتِ الأمواتِ
لحظة أن ………. تقبضوا أرواحهم
لم يعُد للجمالِ عندها  معنى
ولا للوقوفِ أمام المرآةِ  
معنى
ولا الوقوفُ أمام نافذةِ البيتِ المطلّةِ على واجهةِ الشارع
لهُ معنى
ولم يعُد للنظراتِ والإبتساماتِ
وتبادُل الأشعارِ 
معنى
لم يعُد هناكَ معنى لأي معنى
هو معنىً واحدٌ بقِي لهذه الفتاة
أن تموتَ
وحدَها
لا لأن جلادَها يريدُها أن تموتَ
ولكن … لأن
على هذه الأرض ….. ما يستحقُ الموتَ من أجله
كما أن
على هذه الأرض ما يستحقُ الحياة

——————————-

عندما تقبضون روح مُقاومٍ
مقاتلٍ
صامدٍ
هنا  ، على هذه الأرض
رغمَ ما صار
وما يصيرُ
وما سيصيرُ
كونوا رُحماءَ معه
قد لا يبدو لكم أنه جُنديّ نظاميٌ
فهو لا يرتدي بزّةً عسكريةً كنُظرائِه
لا يلبسُ خوذةً ولا يحملُ على ظهره حقيبةً
فوضويّ الهندامِ
لم يتلقّ دروساً في العسكريةِ
ولا نياشيناً
لكنّه رضع حبّ هذا الوطن من آهات صدرِ أمه
ومن أوجاع أهله
ومن قِصص جدّته
أتقن رميَ الحجارةَ منذ نُعومةِ أظفاره
كانت اللعبةَ الوحيدة التي أحبها في صِباه
لم يُتقن لُعب الكرة ولم يهوى لُعب الورق
قد يبدو لكم متجهّما
عابساً
مطلقاً لحيته
بلا تشذيبٍ ولا عنايةٍ
ولكنّه يحملُ بين أضلاعه قلبَ طفلٍ كبير
لم يعرف الطفولةَ بعدُ
ولم يتّسخ بأقذارِ هذه الدنيا

——————————-

قد يقاومكم
عندما تقبضون روحه
ليس خوفاً من الموتِ
ولكن لأنه
إعتاد على المُقاومة
في ما مضى
و اليوم
هو أحرصُ ما يكونُ على الحياةِ
لأنه في هذه الليلة
عندما لوّح لأمّه مُودّعاً
تلوّع قلبُ أمه
وأظهر ما كان يُخفيهِ من خوفٍ   
في هذه الليلة
كان دُعاء أمه مختلفاً
عن ايّ ليلةٍ سواها
" يجعل يومي قبل يومك ، يمّه
يجعلك تدفنّي بايديك ، يمّه
ما يدفنّي حدا غريب "

كونوا رُحماءَ معه
ما كان لروحِه أن تُطاوعكم
قبل أن يبرّ بدُعاء أمه
كي لا يكون عصيّا
——————————-
أيتها الملائكةُ
تلكَ التي تقبضُ أرواح ضحايانا
و تصعدُ بها الى
آخر آخر مُنتهاها
كونوا رُحماء
كونوا رُحماء

أيمن أبولبن
 23-1-2010


الأربعاء، 20 يناير 2010

دعوة للحب



     قبل بضعة أيام ، قرأت أحد الأخبار المنشورة في أحد المواقع العربية ، والمُترجم عن أحد الصحف الأجنبية. الخبر عن دراسة  تقوم بطرح سؤال "ما هو مفهومك للحب" لعدة أطفال من أعمار مختلفة ومن طبقات إجتماعية مختلفة ، ومن ثم يتم تجميع هذه الأجوبة وتحليلها ونشرها .

   تم خلال هذه الدراسة جمع الآف المفاهيم  حول الحب ، كانت معظمها عادية وبديهية ، ولكن البعض منها ، حمل معانيَ عميقة ، ومفاهيم قد لا يدركها أكثر العاشقين والمولعينَ في عُمرنا ، و قد لا يدركها كازانوفا هذا العصر .

   بعض الإجابات التي لفتت إنتباهي ، كانت تحمل أكبر معاني الحب ، والتي فقدناها ، وتناسيناها. تناسينا لماذا نُحب ، وكيف نحب ، وكيف نحافظ على الحب ، وماذا يعني لنا الحبيب ، تعلمنا الرتابة والروتين ، وأصبح الحب وظيفةً ، ونشاطاً نقوم به كل يوم ، دون وعي او إدراك ، تماما كما نؤدي وظيفتنا ، ونقوم بأعمالنا ، كما نستقل سيارتنا كل يوم ونصل الى مقر العمل ، وبعد ثواني معدودة ، ننسى ما حصل معنا على الطريق ، ولا ندرك ماذا فعلنا وكيف وصلنا ، لأننا تعودنا على ذلك ، كل يوم ، ولم نعد نستمتع بما نفعله .
   هل فعلاً ما زلنا نفعل ما يُحبه الطرف الآخر ، من أجل إسعاده فقط ، هل ما زلنا نضحي من أجل الحبيب ، ام أننا أصبحنا في عصرِ التفاوضِ والمساومات ، هل ما زلنا نتغاضى عن عيوب الحبيب ، ام اننا نتلقف هفواته ، وأخطائه ونتسلح بها ، هل ما زال الحبيب هو الأحلى والأجمل ، والأغلى ، هل ما زلنا قادرين على العطاء ، كما كنا من قبل ، هل ما زلنا قادرين على الصفح ، هل ما زالت قلوبنا تخفق في حضرة الحبيب ، وهل ما زلنا على الوعد !!؟؟

   في زماننا هذا ، أعتقد أننا فقدنا بوصَلتنا في الحياة ، وفقدنا الإتجاهات ، بل وفقدنا الحافز لتحقيق الهدف ، لأن الهدف لم يعد واضحاً وجلياً كما كان ، أهدافنا أصبحت هُلامية ، غير محددة ، أصبحنا كحصان اشترك في سباق السرعة والتحمل في آن واحد ، علينا أن نكون أول المتسابقين ، و أن نصل الى ذلك الهدف البعيد ، عبر رحلةٍ مضنية ، يجب علينا أن نحارب التعب ، والارهاق ، والظروف المحيطة ، وأن نحترم قوانين السباق ولوائح التعليمات ، وفوق كل هذا ، يجب علينا أن نٌمتِع المشاهد ، ونستحقّ التصفيق ، وفي خضم كل هذا ، ننسى لماذا اشتركنا في هذا السباق بدايةً !!!؟؟؟

   هناك سؤال يجب على كل واحد فينا ، أن يسرق الوقت خلسةً ، وعلى غفلةٍ ممن حوله ، ويطرحه على نفسه ، ليس من أجل الإجابة عليه ، بل لإزالة الغشاوة لبضعة لحظات عن عينيه ، من أجل أن نعود الى البدايات ، وأن ندرك حقيقة الأشياء ، لعلنا ندرك حقيقتنا ، لعلَّ.  لماذا أنا هنا الآن ، حيث أنا ؟؟ ولماذا افعل ما افعله ؟؟ وهل أنا سعيدٌ بما افعله ؟؟

أعاود طرحَ هذه الاسئلة على نفسي بين حينٍ وآخر ، وأجد ذلك مفيداً ، ليس بالضرورة أن أقوم بالتغيير ، ولكني على الأقل أعود الى حيث أنا ، وأفعل ما أفعله ، وانا اعلم أني سعيد بما أفعله .

    أيها الأطفال ، علمونا كيف نعود الى بدايات الأحلام ، وأن نعلّق أحلامنا أقماراً في سماء مهدنا ، نزهو بها كل مساء ، علمونا كيف نستعيد شبابنا وأحلام الطفولة ، علمونا كيف نستريح من دوامة الحياة ، ونتفيءُ ظلال الحب من جديد ، علمونا كيف نوقدُ شمعة الحب من جديد ، بعد ان أطفاتها ظلمةُ قلوبنا ، أيها الأطفال ، أعطونا بوصلتكم ، كي تهدينا الطريق ، علمونا كيف نحب …….. من جديد

    هذه دعوة للتأمل ، والوقوف للحظات ، في محاولة إستعادة البدايات ، والأحلام ، وإعادة صياغتها من جديد ، إعادة النظر في حياتنا اليومية وكسر روتينها ، هي دعوة لإحياء الحب من جديد ، لإعادة الألق لقلوبنا  …… دعوة للحب .

اترككم مع بعض الإجابات المثيرة لهذه الدراسة

ماهو الحب؟؟

ريبيكا – 8 سنوات

عندما اصيبت جدتي بالتهاب المفاصل لم تكن تستطيع ان تنحني لتضع الطلاء على أظافر قدميها , فكان جدي يقوم بذلك لها كل مرة على مدى عدة سنوات , حتى بعد أن أصيب هو بالتهاب المفاصل في يديه لم يتوقف عن القيام بذلك لها .. هذا هو الحب كما أراه ...'

بيلي – 4 سنوات

عندما يحبك شخص ما , فإنك تشعر بأنه ينطق اسمك بشكل مختلف عن ما ينطقه بقية الناس , انك تشعر بأن اسمك بأمان في فمه '

كارل – 5 سنوات

الحب هو عندما تضع المرأة عطرا على جسدها ويضع الرجل عطر ما بعد الحلاقة ويخرجان سوية ليشم أحدهما الآخر '

كريسي – 6 سنوات

الحب هو عندما تخرج مع أحدهم وتعطيه معظم البطاطس المقلية الخاصة بك دون أن تلزمه بأن يعطيك البطاطس الخاصة به '

تيري – 4 سنوات

' الحب هو ما يجعلك تبتسم حتى وإن كنت متعبا للغاية '

داني – 7 سنوات

الحب هو عندما تصنع أمي لأبي قهوة ثم تأخذ منها رشفة بالملعقة لتتأكد أن مذاقها لذيذ '

نيكا -6 سنوات

إذا أردت أن تتعلم عن الحب أكثر فعليك أن تبدأ بحب أصدقائك الذين تكرههم '

نويل – 7 سنوات

' الحب هو عندما تخبر شابا بأنك معجب بقميصه فيقوم بارتداء نفس القميص كل يوم لأجلك '

كلير -6 سنوات

' أمي تحبني أكثر من أي شخص آخر , إنها تقبلني في الليل حتى أغفو نائمة

إلين – 5 سنوات

الحب هو عندما تختار أمي أفضل جزء من الدجاجه وتعطيه لأبي '

كريس -7 سنوات

' الحب هو عندما ترى أمي أبي غارقا في عرقه ورائحته منتنه وتقول له أنه أكثر وسامة من روبرت ردفورد

ماري أن – 4 سنوات

الحب هو ان يركض اليك كلبك فرحا ويلعق وجهك رغم انك تركته طوال النهار بمفرده '

لورين -4 سنوات

أختي الكبرى تحبني كثيرا لدرجة أنها تعطيني ملابسها القديمة لأرتديها وتضطر هي لشراء ملابس جديدة '  

كارين - 7 سنوات

عندما تحب فإن رموش عينيك تبدأ في الصعود والنزول وتخرج نجوم صغار منك '

مارك -6 سنوات

الحب هو عندما تشاهد أمي أبي وهو جالس على كرسي الحمام ورغم ذلك لا تشعر بالتقزز '

جيسيكا -8 سنوات

لا يجب أن تقول لشخص ما انك تحبه إلا إذا كنت تعنيها فعلا , وإذا كنت تعنيها فعلا فعليك أن تقولها له كثيرررررا .. لأن الناس يعانون من النسيان ويحتاجون إلى من يذكرهم '




في النهاية اليكِ هذه القصة الراااااااااائعة التي أوردها المؤلف ليو بسكاجيا والذي طلب منه أن يكون حكما في مسابقة لاختيار أكثر الأطفال حنية ( من الحنان ) وأكثرهم اهتماما بالآخرين

يقول ' خضت المسابقة وكان الفائز الأول بلا منازع هو طفل في الرابعة من عمره وتتلخص حكاية الطفل فيما يلي :

كان الطفل جالسا في فناء البيت ولاحظ أن جارهم المسن كان جالسا في حديقة منزله ويبكي بحرقة بعد أن فقد زوجته التي توفيت وتركته وحيدا , عندما شاهد الطفل ذلك المشهد ذهب إلى الجار وجلس في حضنه , وعندما عاد بعد فترة سألته أمه ماذا صنعت مع ذلك الجار أجابها :
 ' لا شيء .. لقد ساعدته على البكاء !!'