الثلاثاء، 25 مارس 2014

الدقامسة ليس بطلاً ولكنه ضحية



   لو تجرّدنا من مشاعرنا الخاصة تجاه الصراع العربي الاسرائيلي ، وبحثنا في حادثة الباقورة بتجرّد لخلصنا الى نتيجة مفادها أن ما قام به الجندي الدقامسة لا يمكن تصنيفه من ضمن أدوار البطولة، فاطلاقُ النار على فتيات مدنيّات ليس من شيم الأبطال المغاوير وليس من شيمنا كعرب ولا من صفاتنا كمسلمين، ولكن الباحث في خلفيّات القضية لا بد وأن يقف على مجموعة من الاعتبارات والظروف المحيطة في الجريمة والتي تشير الى أن الدقامسة وان لم يكن بطلاً فانه وقع ضحيةً لهذه الظروف .

   الدقامسة كان ضحيةً للنظام السياسي في البلاد وضحيةً للنظام الديمقراطي المُوجّه، الذي أفرز نواباً لا يمثلون الشعب حقيقةً وانما يمثلون عشائرهم ومعارفهم ، هؤلاء النواب أجازوا تمرير معاهدة السلام التي رفضها وما زال أغلبية الشعب الأردني ، معاهدة السلام هذه مهّدت الظروف للتطبيع مع اسرائيل بل وفرضته على ارادة الشعب ، وكان الدقامسة أول ضحايا اتفاق السلام غير المتوازن.

   الدقامسة الذي يحمل على ساعده وشم فلسطين ،ويحمل في ذاكرته ما تعلّمه من حب الوطن ، تكوّنت لديه قناعة بأن من أغتصب الأوطان لا  يصلح الا أن يكون عدواً ونداً في المعركة وليس صديقاَ أو زائراَ مُكرّماَ ، وعندما التحق بالجيش كان هدفه أن يحمي الأوطان وأن يبذل روحه للذود عن حماه ، شاءت الأقدار أن تنتقل وحدته العسكرية الى أراضي الباقورة التي عادت الى الأردن بموجب اتفاقية السلام ، وعلى خط المواجهة مع العدو القديم -الصديق الحالي، لم يكتف القدر بهذا التناقض ، بل ان حظه العاثر وضعه في اختبار صعب في كيفية التعامل مع الغطرسة الاسرائيلية الصهيونية وجهاً لوجه ، بعد أن تعرّض لأقسى اختبارات التحمّل ، الا وهي السخرية من شعائره الدينية.  
   في خضم تجردنا وبحثنا عن الحقيقة علينا أن لا ننسى أن الفتيات الاسرائيليات جعلنَ من هذا الجندي البسيط أضحوكة ، ومن صلاته مصدر سخرية واستهزاء ، ولكن أحداً لم يوجه أصابع الاتهام الى الضيف الذي أهان مُضيفه!!

الدقامسة وقع ضحية دولة تحاكم شعبها ولا تملك الارادة لمحاكمة جلاديها ، وفي هذا مُخالفةٌ لنواميس الكون ولتعاليم الأديان السماوية كافة ، هذا اخلالٌ واضح في مبدأ العدل وتعميمه على الناس كافة .
يقول الله تعالى " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" ، ويقول أيضاً " وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ" فان حققنا العدل في جانب وأخفقنا في تحقيقه في الجانب الآخر ، اختل ميزان العدل ،

  على النقيض تماماً نرى أن العدو الاسرائيلي حريصٌ كل الحرص على أبناء جلدته فالجندي الاسرائيلي-أو لنقل المواطن الاسرائيلي- محميٌ باسم القانون ما دامت الضحية غير يهودية ، وكل ما عدا ذلك فهو مباح !!

المطالبة بالافراج عن الدقامسة تستند الى أسباب قانونية كثيرة ، صحيح أن موجة المطالبات الشعبية الأخيرة اعتمدت على العاطفة ، ويمكن اعتبارها "فزعة" لمقتل القاضي زعيتر ، ولكن بالرجوع الى أهل الاختصاص يتبين لنا أن الدقامسة قد أنهى مدة الحكم منذ عامين ، ولا أحد يجرؤ على الخوض في هذا الحديث ، بل أنه من الواضح أن القرار الذي اتخده "السيستم" يقضي بأن لا يرى الدقامسة النور ، وأن يخرج من السجن الى قبره مباشرة ،

   الحكم المؤبد الذي ناله الدقامسة ينص على امضاء 20 عاماً في السجن ، والقانون الجنائي في البلاد ينص على أن المدة القانونية للعام الواحد يتم احتسابها على أساس 9 أشهر وليس 12 شهراً ، وبحسبة بسيطة تكون المحكومية في حالة الدقامسة هي 15 عاماً ، وها هو يدخل عامه الثامن عشر !! ليس هذا فحسب ، بل ان القانون يجيز اكمال المحكومية في مكان اقامة المحكوم اذا توافرت أسباب موجبة لذلك منها الحالة الصحية على سبيل المثال،

بعيداً عن البعد القانوني للمسألة ، هناك رسالة واضحة من جميع المُطالبين بالحرية للدقامسة الى العدو الصهيوني مفادها أننا سنعاملكم بالمثل ، ان انتصرتم لضحايانا انتصرنا لضحاياكم ، والا فاننا سنعامل مُجرمينا كما تعاملوا مُجرميكم . الحرية للدقامسة ليس لأنه بطل ولكن لأنه ضحيةٌ يُشبهنا ، ولأن ما فعله كان من الممكن أن أقوم به أنا أو أنت أو أي مواطن غلبان آخر .

أيمن أبولبن
22-3-2014






الثلاثاء، 18 مارس 2014

شويّة كرامة في يوم الكرامة !

   

   تمر بنا خلال أيام ذكرى معركة الكرامة ، التي شهدت صموداً مشتركاً لقوات الجيش العربي الأردني وقوات فتح (العاصفة) أمام قوات العدو الصهيوني التي كانت تهدف الى السيطرة على الأغوار الشرقية ، أدى هذا الصمود الى دحر القوات الغازية ، واجبارها على التراجع والانسحاب تاركةً وراءها قتلاها من الجنود بعد فشل محاولاتها في سحب جثثهم ، لتكون هذه المعركة أول انتصار عسكري للجيوش العربية أمام العدو الصهيوني ، بعد هزيمتي النكبة والنكسة .

    معركة الكرامة اكتسبت اسمها من اسم القرية التي دارت بقربها المعركة ، ولكن التسمية ارتبطت في أذهاننا بمعنى الكرامة ، فأصبحت اسماً على مُسمّى ، فمعركة الكرامة جاءت لتعيد لنا الكرامة المفقودة ، وتفتح لنا باب الأمل من جديد في مقارعة العدو الغاشم والانتصار عليه رغم الفجوة الكبيرة في العدة والعتاد ، ثم لحقها انتصار أكتوبر وتدمير خط بارليف ليكون ذلك ايذاناً بقلب قواعد اللعبة وفرض اعادة ترتيب الأوراق في المنطقة بناءً على معطيات الواقع التي تقول ان ارادة الشعوب والعزيمة والاصرار على التحدي تفوق بكثير ترسانة الأسلحة الفتاكة التي يمتلكها العدو الصهيوني .

   تمر بنا ذكرى معركة الكرامة هذا العام  وفي القلب غُصّة ، وفي القلب جرحٌ نازف ، فعلى بعد كيلومترات قليلة عن قرية الكرامة ، تعرض أحد المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية الى اهانة وسوء معاملة واعتداء بالضرب من قبل الجنود الاسرائيليين في طريق عبوره من الحدود الأردنية الى أراضي السلطة الفلسطينية عبر معبر الكرامة ، وعندما انتصر لكرامته ولانسانيته ، متحدياً بجسده العاري غطرسة الجنود الاسرائيليين ، أردوه بوابل من الرصاص من فرط جُبنهم ، لتفارق روحه جسده الطاهر ، ولتغادر معها ما تبقى من ذكرى للكرامة في أذهاننا .

   لم يكن الاعتداء وحده السبب الوحيد في شعورنا بالامتهان و "قلّة القيمة" بل ان تعامل السلطات الاردنية والفلسطينية مع الحادثة يعكس مدى الذل والهوان الذي وصلت له دول المنطقة ، ومدى العار الذي الحقته بشعوبها ، لا يغرّنكم ما تسمعوه من تصريحات "عنترية" هنا وهناك ، أوشجب واستنكار ، أو اعتذارات  ، فلا قيمة للانسان العربي ولا لكرامته عند أنظمتنا العربية ، فما بالكم عند جنود العدو !!

   معبر الكرامة كان رمزاً للكرامة العربية ، المار من هناك لا بد وأن يمر من قُبالة نصب " الجندي المجهول " ليشدّه منظره حاملاً سلاحه رافعاً يده وشامخاً برأسه ، يشعر المار من هناك بالعزة والكبرياء ، ويستشعر تضحيات من قضوا في هذه المعركة ، ويستشعر صمود من قاتلوا وانتصروا ، وأبقوا باب الأمل مفتوحاً. لا أدري أهي مصادفة أم أنها حُرقة الهزيمة ، التي دفعت جنود الاحتلال لينفذوا جريمتهم قبل أيام قليلة من ذكرى المعركة !؟ أم هو القدر الذي يسخر من ضحاياه كما قال درويش ذات مرة !!

   معبر الكرامة أصبح منذ الآن ، رمزاً للهوان العربي ، للانكسار والهزيمة ، قامتنا لن تنهض من بعدك يا رائد ، وحالنا لن يختلف كثيراً عن جثتك الهامدة التي تركها جنود العدو تنزف دماً حتى جفت عروقها ، فالكرامة نزفت من عروقنا أيضاً وها هي تكاد تجف ، لا تقلق على من تركت خلفك ، فمن عاشر الرجال لن يقبل أن يعيش في كنف أشباه الرجال ، ولن يقبل أن يعيش بنصف حياة ، فلا تقلق ، دع هذا القلق لنا نحن ، فقد أنهيت حياتك كما يتمنى جميعنا انهاءها ، بعزة وكرامة وشموخ ، أما نحن فما زلنا نحاول أن نعيش بكرامة قبل أن نفكر كيف نموت بكرامة !!

 
  في أحد أفلام أحمد حلمي الذي يحمل عنوان "عسل أسود" يجسد فيه شخصية مواطن مصري يحمل جواز سفر أمريكي ويعود لزيارة أهله في مصر بعد غياب طويل ، فيختار أن يحضر جواز سفره المصري ظاناً أنه سيلاقي الاحترام الكافي من سلطات بلده ، كما كان يلقى الاحترام من السلطات الامريكية باعتباره مواطناً امريكياً ، وعندما يكتشف الفارق الكبير في المعاملة ، بل لنقل سوء المعاملة التي يتلقاها المواطن المصري في بلده (والمواطن العربي اجمالاً) يقرر أن يحضر جواز سفره الامريكي ويستخدمه بدلا من المصري ، وبقدرة قادر تختلف معاملته 180 درجة مما يؤدي به في النهاية الى قذف جواز سفره المصري في قاع النيل !! بالله عليكم لو كان الشهيد رائد زعيتر يحمل جنسية أمريكية أو غربية ، هل كان سيتعرض لما تعرض له ، ولو فرضنا جدلا أن ذلك قد حصل هل ستكون ردة فعل بلاده كما كانت ردة فعل الحكومة الاردنية ؟! هل بتنا بحاجة الى بضعة أوراق مختومة ومزيّنة بشعار حكومة غربية لتحسبوا حسابنا !؟

   لا نطالبكم بالكثير ، ان كنتم لا تستطيعون طرد السفير الاسرائيلي ، والغاء معاهدات السلام ، أو اطلاق سراح الجندي الدقامسة ، فعلى أقل تقدير نريد اعترافاً صريحاً من حكومة العدو بالجريمة والكف عن تلفيق التهم واطلاق الكذبات السخيفة حول ملابسات الجريمة ، نريد محاكمةً عادلة لكل الجنود الذين تورطوا في الجريمة ، اليس هذا أقل ما يمكن المطالبة به ؟! نريد أن يأتي رأس الهرم في نظام العدو ليقدم الاعتذار لأهل الضحية ، أسوة بالملك الحسين الراحل الذي قدّم تعازيه واعتذاره لضحايا الباقورة ، أتستكثرون هذا علينا !؟ نريد لجنة متابعة لشؤون المواطنين المسافرين الى الأراضي الفلسطينية لضمان تلقيهم الرعاية الكافية ، والمعاملة الانسانية الحسنة ، أليس من مسؤولياتكم رعاية حقوق مواطنيكم !؟  فان لم تقدروا على تحقيق أدنى متطلباتنا ، فعليكم أن تسدلوا الستارة السوداء على نصب الجندي المجهول ، فالأسود يليق بكم ، ولتذهبوا الى البنك الدولي وتستجدوا منه بعض الكرامة في يوم الكرامة ، على أن تصرفوا لنا كوبونات دعم "بدل كرامة" منذ اليوم وحتى يأذن المولى باستعادة كرامتنا المسلوبة.

أيمن أبولبن
15-3-2014



الاثنين، 10 مارس 2014

عيد الحب بين الخرافة وعقدة الخواجا‎

   هل تذكر أول لقاء جمع بيننا ؟

   بعد انتهاء حُمّى الفالنتاين أوما يعرف ب "عيد الحب" وتناثُر الورود الحمراء في الطرُقات بعد انتهاء فترة صلاحيتها ، دعونا نتحدث بشيء من العقل والمنطق عن هذه المناسبة التي تدق أبوابنا كل عام ، وتستحوذ على اهتمام قطاعات كبيرة من مجتمعاتنا العربية ، بعيداً عن التعصب وتبادل الاتهامات بين المؤيدين والمُعارضين للاحتفال بهذه المناسبة، كما أرجو أن لا تبدأوا بكيل الاتهامات لي قبل أن تكملوا قراءة المقال.

   خدعونا حين أسموه " عيد الحب " ، فهو في الانكليزية Valentine’s Day نسبةً الى القديس فالنتاين ، وباستخدام موقع "جوجل" للبحث عن القديس فالنتاين ، بالامكان ايجاد العديد من القصص التي يكاد بعضها يصل الى درجة الخُرافة أو الأسطورة ، التي تفتقد الى التوثيق في مُعظمها ، أستخدمت جميعها لتوثيق حادثة اعدام القديس فالنتاين يوم 14 فبراير ، ومن هنا جاءت المُناسبة.

   لسنا هنا بصدد مناقشة أصل التسمية ، ولكني فقط أود الاشارة الى ضرورة الفصل بين الذكرى الأصلية التي يقوم الغرب بتخليدها في هذا اليوم ، وبين ما أبتدعه البعض باطلاق اسم عيد الحب أو عيد العُشّاق على هذه المناسبة كي تتلاءم مع مجتمعاتنا العربية ، بالرغم من أنه لا يمت للحب بصلة ، ولا يمت لمجتمعاتنا العربية بأي صلة كذلك. محاولة ربط هذه المناسبة بالتعبير عن الحب أو عن مشاعرنا تجاه من نحب ، محاولة يشوبها العديد من الاسقاطات غير المبررة ، ناهيك عن أن جميع الرموز والرسومات التي يتم استخدامها في هذه المناسبة ترمزُ الى " كيوبيد " آله الحب لدى الرومان ، فالمناسبة مُرتبطة بواقعة رومانية قديمة تم تجميلها ومحاولة اضفاء لمسة شاعرية عليها وتحميلها ما لا تحتمل ، وبآلهة كانت تُعبد في قديم الزمان ، فما علاقتنا نحنُ في هذا كلّه ؟!.

  لا شك بأن الحب جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا البشرية ، فالحب هو فاكهة هذه الحياة ، وتاريخ البشرية بدأ بعلاقة حب جمعت بين آدم و حواء ، لا يمكن أبداً تصوّر هذا العالم بدون حب ، ولا يوجد عاقل ٌ يُنكر أهمية الحب والعواطف لنا كبشر ، كما ان جميع الأديان دعت الى الحب والمودة والرحمة ، فالسيد المسيح هو رمز للمحبة والرحمة والتسامح ، وسيدنا محمد هو أكثر الأنبياء الذين ورد عنهم وصايا بنشر المحبة بين البشر ، والحرص على تغليف الجو الأسري بالمحبة والمشاعر الايجابية ، بل ان حبّه للسيدة عائشة كان مصدر الهام لجميع المسلمين في كيفية التعبير عن مشاعرهم ، وتبادل العواطف مع شركائهم دون الاحساس بالخجل أو الشعور بأي حرج .

   محاولة حصر الحب أو التعبير عنه في هذه المناسبة بالذات غير مُبررة على الاطلاق ، ووجهة النظر التي تقول أن من لا يحتفل بهذه المناسبة لا يعترف بالحب ودوره في المجتمع ، فيها تجنّي كبير وقصر نظر ، وهذا ينطبق أيضاً على الشعور السائد بأن كل من يحتفل بهذه المناسبة هو مثال للمُحب المُخلص !

   اذا كان بالفعل مُرادنا ومقصدنا هو الاحتفال بالحب وتكريس مناسبة ما لاظهار امتناننا وحبّنا لأقرب الأشخاص الى قلوبنا ، فالمناسبات كُثُر ، منها على سبيل المثال أعياد ميلادنا ، ذكرى الزواج أو الارتباط بمن نحب ، فهذه المناسبات تُعطينا فرصةً لتبادل الهدايا والبطاقات والتعبير عن المشاعر ، واضعين بعين الاعتبار أن الحب لا يحتاج الى مناسبة بعينها لتكريسه وتخليد ذكراه .

     واذا كان لا بد من مناسبة عامة أو احتفالية عامة للمجتمع ، فلماذا لا نبحث في تاريخنا الممتد الى آلاف السنين عن مناسبة تخصنا ومرتبطة بثقافتنا بحيث نُكرّسها للحب ، فمجتمعاتنا الشرقية وأصولنا العربية والاسلامية زاخرةٌ وحافلةٌ بالعديد من الروايات والأحداث المرتبطة بالحب ، لماذا نحاول أن نقلّد الغرب بمناسباته واحتفالاته الخاصة ؟! لماذا لا نحافظ على هويتنا الثقافية ، أم أن هذا مرتبطٌ بعُقدة الخواجا المُزمنة ؟!

   مناسبة عيد الحب تحولت الى وسيلة للتبذير والتظاهر في مجتمعاتنا ، هل يُعقل أن نشتري الوردة الحمراء بثلاثة أضعاف
 سعرها للاحتفال بهذا اليوم ؟! هل يُعقل أن تُنفق الدول العربية وخاصة دول الخليج ملايين الدولارات في يوم واحد لتكريس ذكرى القديس فالنتاين ؟! هل يعقل أن يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الناس جوعاً في بلادنا ؟! أعتقد جازماً أننا لو زرنا عاصمةً اوروبية في هذا اليوم لما وجدنا مظاهر الاحتفالات والبذخ التي نشهدها في العواصم العربية.

  
   في النهاية تبقى مسألة الاحتفال من عدمه بهذه المناسبة هي قرارٌ شخصي ، من واجبنا توضيح السلبيات المرتبطة بهذه المناسبة ، ولكل فرد حرية الاقتناع بهذا الكلام أو ردّه ، ولكن المهم هو عدم تبادل التهم بين هذا الطرف وذاك ، فهذا الأمر لا يعدو كونه حرية شخصية ، ولا ينبغي أن يتحول الخلاف في الرأي الى عداءات واتهامات متبادلة ، ولكن دعونا على الأقل نبتعد عن السلبيات المُرافقة لهذه الاحتفالية ، سواءً من حيث الاصرار على شراء الوردة الحمراء بعينها رغم استغلال التجّار الواضح ، أو الاسراف والمبالغة في الاحتفالات الى آخر ما ذكرناه آنفاً.
    
 وأخيراً و بمناسبة الحديث عن الذكريات ، وعن الحب ، هل تذكر تاريخ أول لقاء جمعكَ بمن تُحب ؟ أول يوم للتعارف ؟ النظرة الأولى التي برقت فيها عينُ الحبيب ؟ ماذا عن اليوم الذي عبّرت فيه عن مشاعرك واعترفتَ لشريكك بالحب ؟ هل تذكر الهدية الأولى التي قدّمتها ؟ أعتقد أن كل هذه المناسبات آنفة الذكر أحقُّ أن تحتفل بها من ذكرى فالنتاين ، ألا تتفق معي ؟


أيمن أبولبن
21-2-2014

رابط المقال على موقع القدس العربي


Ayman_abulaban@yahoo.com