عندما
جاءت حكومة البخيت أحاطها الاعلام بهالة كبيرة من الوعود بالإصلاح والحراك السياسي
- كما هي العادة مع كل حكومة جديدة - كنت متأكداً وقتها ( وازداد يقيني الآن )
انها لن تقدم شيئا جديدا وأنها لن تضيف لواقع السياسة في الاردن أي جديد، لسبب
بسيط وواضح للجميع يتمثل في أن الإصلاح السياسي وتصويب الأوضاع وتعديل الواقع
السياسي و و و و و كلها كلمات حفظناها عن ظهر قلب، ولم تعد تُشكل أي نقلة نوعية في
الخطاب السياسي ما لم تقترن هذه الأقوال بتغييرات جذرية في النظام، فالإصلاح لا
يتم بتغيير الأسماء و بوضع زيد بدلاً من عمرو، ولكنه يتم عبر الإيمان بالإصلاح و
بتجديد القناعات، وبث دماء جديدة، وهو شيءٌ لم يتم حتى الآن ولن يتم في القريب
العاجل .
قوات الدرك التي تدربت منذ
الصغر على البطش بالمواطن وملاحقته بالأزقة وشتمه بما لم تسمعه أذن من قبل، لن يتغير
أداؤها سواءً بقي البخيت أو رحل، حالها حال باقي الأجهزة الأمنية، التطبيل
ُوالتزمير للحكومة ( أي حكومة ) وما تقوم به ( من إصلاح ) أصبح عادةً في
وسائل إعلامنا وبات من الصعب الإستغناء عنها، أما البرنامج الاقتصادي فهو نتاج
سنواتٍ طويلة من الأخطاء الاقتصادية المتوالية والتي بدأت منذ ثمانينيات القرن
الماضي بقرار تعويم الدينار، ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن ونحن نرزخ تحت وطأة العجز
الاقتصادي، رغم أننا نقرأ في كل عام عن نموٍ اقتصادي وتحسن في الأداء الاقتصادي،
وكأننا نعيش في بلد غير هذا البلد، فهل تعتقدون أننا في انتظار ان يَصلُحَ البلد
كله ويستقيم شأنه، من خلال وعود بالإصلاح أو بإقالة حكومة وتشكيل حكومة جديدة ؟!
ما الذي ستغيره هذه الحكومة
أو أي حكومة قادمة ؟ هل لرئيس الوزراء سلطة على الأجهزة الأمنية ؟ هل يملك رئيس
الوزراء أي سلطة دستورية أو قانونية تخوله إجراء إصلاحات دستورية !؟ هل يملك
الوزراء الفرصة لوضع خطة استراتيجية بعيدة المدى لخدمة البلد والمواطن ؟ ولو سلّمنا
بأن الوزير الفلاني قام بوضع هذه الخطة، هل سيستمر في عمله لحين اتمام هذه الخطة ؟
هل هناك ما يضمن تنفيذ هذه الخطة بعد رحيل الوزير أم انها ستوضع على الرف، حالها
حال أغراض الوزير ( المرحوم ) !؟
ماذا ننتظر اذاً من الحكومة
ومن الأجهزة الأمنية !؟ هل ننتظر حقا إصلاحات سياسية حقيقية !؟ أقول للحالمين
الذين يتوقعون إصلاح حال البلد بكبسة زر، وينتظرون ان يتحسن الحال وهم قاعدون،
أقول لهم آن الآوان أن تفيقوا من أحلامكم، وتبدأوا بالعمل، درب الإصلاح طويل وهو
يبدأ بكم ومن خلالكم، يقول الله سبحانه وتعالى :
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم)
وهذه الآية فيها نفيٌ ووعدٌ وفيها
شرط، النفي هو نفيٌ للتغيير بدون عمل، أما الشرط فهو البدأ بالتغيير، وأما الوعد
فهو تحقيق التغيير، هو وعدٌ ربانيٌ بالتغيير إن بدأنا به بأنفسنا .
علينا أولاً أن نؤمن بالتغيير
وبالإصلاح الذي يبدأ بتعديل الدستور وتعديل قانون الانتخاب، وحل مجلسي النواب
والاعيان، الفصل بين السلطات، وتهيأة الحريات الكاملة للنشاطات الحزبية بما يؤدي
في النهاية الى حكم الشعب لنفسه عن طريق انتخابات نزيهة، تفرز لنا برلماناً قوياً،
وتنبثق عنه حكومة منتخبة تقودها الأغلبية، وتكون تحت مساءلة ومراقبة البرلمان،
وهذا يتطلب أيضاً فك جهاز قوات الدرك، وتغيير نهج وسياسة كافة الأجهزة الأمنية
والمخابراتية، وبث الدماء الجديدة فيها بحيث يكون همها الأوحد الوطن والمواطن.
إعادة النظر في كافة
القوانين والتعليمات، بشكل يضمن المساواة والعدالة في الحقوق والواجبات لكافة
المواطنين على اختلاف أصولهم وأديانهم وميولهم السياسية، وبالأخص في التعليم والعمل
وفي التأمين الصحي وفي الوصول الى المراتب العليا في الدوائر الحكومية والأمنية.
وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل
حلولٍ عملية واستراتيجية لمشاكل البطالة والاقتصاد والمياه والتعليم والصحة،
باختصار، المطلوب هو تغيير السياسات بشكلٍ شاملٍ وجذري ، فهل أنتم مستعدون !؟
أيمن أبو لبن
12-4-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق