يتعرض الإسلام حالياً
الى عدة هجمات ، تستهدف زلزلة الإيمان بهذا الدين ، وزحزحته عن مكانة الأديان
السماوية الاخرى ، ويأتي هذا الهجوم على عدة أصعدة في وقت واحد ، بدءاً بمحاولة
تشويه القرآن ووصفه بأنه ليس كلام الله ، مروراً بلصق صفة الإرهاب والدموية الى الإسلام
، وانتهاءً بالهجوم على شخص نبينا محمد ، وقد تم تخصيص قنوات فضائية ( عربية )
تتكلم بلغتنا من أجل تحقيق هذه الأهداف والتي تتلخص بالآتي :
- محاولة
تشويه القرآن ، بهدف زعزعة الايمان بأن القرآن هو كلام الله ، والمس بقدسية هذا
الكتاب .
- وضع
الاسلام في قفص الاتهام ، والإدعاء بأن هذا الدين هو دين دموي قائم على القتل
والإرهاب ، ليكون ذلك حاجزاً لكل من يريد أن يتعرف على الإسلام .
- ثم
تأتي الهجمة الأخيرة على شخص سيدنا محمد ، لمحاولة هدم القدسية عن شخصيته ،
ومحاولة اثبات أن هذا الشخص ليس نبياً.
القرآن
الكريم ، هل هو كلام الله ؟
يدّعون
أن القرآن هو مجموعة قصصٍ موجودةٍ في التوراة والإنجيل تم إدخال بعض التعديلات
عليها ، من حيث الزيادة أو النقصان ، حيث أن محمداً تعلم التوراة والإنجيل وقام
بتأليف القرآن بناءً عليهما ، وضمّنه الكثير من العنف والدعوة الى القتال والإرهاب
.
(1)
لو أردنا أن نبحث عن كتاب سماوي يدعو الى توحيد
الذات الآلهية ، دون شريك ، فما هو هذا الكتاب ؟ لا اله الا الله وحده لا شريك له
، لا تجدها في أي كتاب سوى قرآننا الكريم. التوحيد هو أصل الديانات ، التي جاءت من
أجل تعريف البشر بربهم ، ودعوتهم الى عبادته والالتزام بأوامره ، وتجنب نواهيه ،
هذا هو ببساطة ، هدف كل دعوة سماوية ، فهل يُعقل ان يُرسل الله لنا نبياً لنعبده
دونه ، أو نُشركه في عبادته ؟!
أصل الدين هو التوحيد ، وهذا لن نجده الا في
كتابنا الكريم ، بكل وضوح وتجلٍ ، على عكس الكتب السماوية الاخرى التي تدّعي وجود
شراكة في الالوهية ، كما يعتقد المسيحيون في أن المسيح هو الله ، او هو إبن الله ،
وكما يعتقد اليهود بأن عزير هو إبن الله ، فمن يبحث عن الله ، وحده لا شريك له لن
يجده الا في القرآن ، الذي يربط العلاقة بين العبد وربه مباشرة ، دون الحاجة لاي
وسيلة توصله الى الله ، العبد ليس بحاجة الى رجل دين ، او ولي من الاولياء ، ليخاطب
الله ، نحن نكلم الله كل يوم خمس مرات ، نخاطبه وندعوه بما نشاء ، لسنا بحاجة الى
صكوك غفران ، ولا الى الاعتراف لرجل دين كي يغفر لنا الله من خلاله ، ذنوبنا التي
اقترفنا ، علاقتنا بالله علاقة خاصة ، تربطنا به وحده.
(2)
لو أردنا أن نقرأ قصص الأنبياء ، ونشعر بعظمهم
، وإجلالهم ، فأي كتاب سنختار؟ ، لن نجد سوى القرآن ، يحدثنا عن جميع الأنبياء
بمستوى يليق بهم ، دون الإساءة الى أحد منهم ، ودون إنقاصٍ لدورهم ، قد تتشابه قصص
القرآن مع قصص الأنبياء في الكتب الأخرى ، لأن المصدر واحد ، وهو مُنزل الكتب
السماوية جميعها ، ولكن الإختلاف يكمن في أن الكتب السماوية الأخرى لم تحتفظ بما
أنزله الله على انبيائه ، بل احتوت على إضافات وتعديلات من رجال الدين ، فهي تحتوي
على أساطير ، وقصص خيالية مستفيضة ، بل وتتعدى ذلك الى الاساءة الى الانبياء
والهجوم عليهم ، في كتبهم ، وهذا لا يصدقه عقل أو منطق ، أن يقوم الله سبحانه
وتعالى بتقريع انبيائه ، والهجوم عليهم في كتاب سماوي ، أو أن ينقل لنا الله
أفعالا وأحداثا غير لائقة عن أنبيائه .
(3)
الحديث عن بداية الخلق ، وعن أحوال الدنيا ،
عن الكون والكواكب والظواهر الطبيعية ، عن الحياة والموت ، عن الروح ، عن حياة
البرزخ ، والحياة بعد الموت ، عن يوم القيامة بوصف دقيق اعجازي ، تكاد تتخيله
حاضراً أمامك ، الحديث عن الحساب ، عن الجنة والنار ، والغيبيات ، مفصلاً وشاملاً
وواضحاً دون لبس ، أين تجد كل هذا سوى في القرآن الكريم ، الذي يزودك بمفهومٍ شاملٍ
للحياة ، منذ بدئها وحتى زوالها ، عن هدفك في الحياة وعن هدف البشرية في هذه
الحياة ، لا تجد هذا الحديث سوى في القرآن الكريم ، ولهذا تجد أن أصحاب الديانات الأخرى
لا يؤمنون بالغيبيات يقيناً ، ولا يمتلكون المعرفة اللازمة لها ، بل ان الشك يعتريهم
في مسألة الجنة والنار ، والحياة الآخرة ، ولا يملكون أي مرجعية شاملة ومنطقية في
هذا المجال .
(4)
لم يحصل أي كتاب سماوي على صفة "كلام
الله" سوى قرآننا ، الذي أوحاه الله الى نبينا محمد بلفظه كما هو ، وكتبه
كتبة الوحي ، وتم جمعه في زمن أبو بكر ، وما تزال النسخة الآصلية للقرآن الكريم
محفوظة في متاحف تركيا ، عدا عن تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ هذا الكتاب من أي
تحريف ، أين نجد هذا في غير القرآن !!، كم نسخة إنجيل توجد حالياً ، وكم توراة ،
وبأي لغة نزلت التوراة والانجيل ، والى أي لغة تم ترجمتها حتى وصلت الآن الى اللغة
الانجليزية ؟! كفانا فخراً بأن قرآننا عربي ، نزل بلغتنا الأم ، المحفوظة في
قلوبنا ، وأن كتابنا محفوظ من قبل الله تعالى ، لا يساوره شك .
(5)
منظومة الاقتصاد المتكامل ، لا تجدها سوى في
قرآننا الكريم ، فهناك ما يسمى بالاقتصاد الاسلامي ، ولن تجد اقتصاداً آخراً ينتمي
الى دين ، لأنه وبكل بساطة لا يوجد سوى قرآننا الكريم الذي يحتوي على منظومة
اقتصادية متكاملة ، لو اتبعناها لما وصلنا الى ما وصلنا اليه الآن من أزمات اقتصادية
. جميع الاقتصاديون الآن مهتمون بالاطلاع على الاقتصاد الإسلامي ، وعلى قوانين
الميراث ، حتى أن فرنسا تدرس إدخال بعض التعديلات على قوانين الميراث المدني لديها
بناء على دراسة قوانين الإرث الإسلامية .
(6)
القرآن الكريم الذي يساوي بين العباد ، ويدعو
الى الرحمة في التعامل مع الآخرين ، والى حفظ الأنفس والأموال ، وأن لكل امرء نصيب
من الجزاء والعقاب ، بما يفعله هو ، القرآن الكريم الذي لا يفضل أحداً على أحدٍ الا
بدرجة ايمانه ، لا فضل لابيض على اسود ، ولا لشعب على بقية الشعوب ، القرآن الذي
أنصف المرأة ، ونادى بحقوق الإنسان ، هو أحق كتاب يُتّبع .
(7)
سيدنا محمد لم يعرف القراءة ولا الكتابة ، وهذا
تدبير رباني مقصود ، لإثبات أن هذا النبي لا يتكلم على هواه وإنما هو وحيُ يوحى ،
بل أن تحدي الله للبشر في الإتيان بمثل هذا القرآن ، هو أكبر إثبات أنه كلام الله
، وأضف الى ذلك نبوءة سيدنا محمد في التوراة ، (أن آخر الانبياء يبعثه
الله ويضع كلامه في فمه ، ليعلمكم إياه) وهذه النبوءة موجودة في الكتب لغاية الآن ،
فلماذا نصم آذاننا عنها ؟! ها قد أتاكم نبينا محمد بكلام الله ، الا وهو قرآننا
الكريم ، أنزله الله بترتيب رباني ، وجمع الآيات في سورها المحددة عن طريق الوحي ،
ثم وضع ترتيب السور في القرآن ، ليكون بذلك كتاب الله الوحيد في الأرض ، الذي لا
يأتيه الباطل ، بما يحتويه من معجزات لفظية ومعنوية وحسية ، وإعجاز علمي ، وعددي
ورقمي ، من حيث تعداد الحروف والكلمات وتكرارها ، لا يدع مجالاً للشك ، في أن هذا
الكتاب لا يمكن أن يصدر عن بشر ، ناهيك عن أن يصدر من رجل لا يعرف القراءة
والكتابة .
(8)
الحديث
عن الجنين وتطوره في بطن أمه ، والتحدث عن كل مرحلة من مراحل النمو ، لم يأتِ على
ذكره أي كتاب سماوي آخر ، بل أن العلم لم يستطع معرفة هذه الآطوار ، الا حديثاً
باستخدام التقنيات الحديثة ، فمن أخبرنا بهذا قبل 1400 عام ؟!
أنا لست برجل دين ، ولم
أحصل على شهادة في الأديان ، تخولني أن أتصدى أو أقوم بحملات معاكسة ممنهجة ، توضح
طبيعة الاسلام وحقيقته ، ولكن من جهة أخرى ، أشعر كما يشعر كلُ مسلمٍ واعٍ بضرورة
إظهار الحقيقة وعدم الوقوف مكتوف اليدين ، وأنا أؤمن بأن هناك واجبٌ على كل مسلمٍ
بالتصدي لهذه الإدعاءات ، وإظهار حقيقة هذا الدين بما يستطيع وبما يملك من علم ولو
كان قليلاً ، كما أن نشر هذا الدين ، ومناصرته ، هو واجبٌ أيضاً ، ليس من باب
إثبات أن ديننا صحيح وأن دين الآخرين خطأ ، ولكن من باب حبنا لله ودين الله ، ومن
باب محبتنا للناس الآخرين الذين لا يعرفون حقيقة الإسلام ، وفوق كل هذا ، من أجل
المسلمين الذين يرتابون حيال هذا الهجوم الجارح ، ولا يدركون حقيقة ديننا الصحيح ،
وتجدهم يتأثرون بما يقرأون ويتابعون ، ولا يجدون ما يقولون ، وأكرر مجدداً أن هذا
المجهود هو مجهود شخصي ، قد يعتريه بعض النقص ، ولكني أحببت أن أقوم بالإجتهاد ،
وهذه دعوة للآخرين للإدلاء برأيهم حول هذه المواضيع ، والله الموفق.
أيمن
أبولبن
18-4-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق