الأحد، 21 مارس 2010

لا تظن أنها أمّك وحدك .......إنها أمّنا جميعاً



الى أجمل الأمهات ، الى أجملِ إمرأةٍ في حياتي ، الى أُمي الحبيبة

   في هذا اليوم يتذكرُ العالمُ ، وأنّى له أن ينسى ، دورَ الأم في حياته ، وبغض النظر عن بعض الآراء التي نسمعها من هنا وهناك ، حول هذا اليوم ، والإعتراض على شرعيته ، ولكني يا أمي ، سأحتفل بك في هذا اليوم ، لأضيفه الى باقي أيام العام ، التي تمر عليَّ ، دون أن تغيبي عن بالي ، سأحتفل هذا العام ، بشكل خاص ، سأحتفل بك وأنا بعيدٌ عنك ، بعيدٌ عن العائلة ، أحتفل معك وأنا أشعر بالتقصير في حقّك ، أشعر أني ما أوفيتك حقّك ، رغم حرصي على الوفاء لك ، إلا اني قصّرت ، مُقيماً معك ، وأقصّر الآن مغترباً عنك.
 مضى عامان يا أمي على غربتي ، كَبِرتُ يا أمي ، وبدا شعريَ الأبيض أكثر وضوحاً و انتشاراً من ذي قبل ، كَبِرتُ ، وأخذتني الحياة في آتونها ، تغرّبت ، وتجرّعت مآسي الوحدةِ والإغتراب ، وكبُر همّي بكِبَر عُمري ، في كل دقيقةٍ يدقُّ القلبُ بالحنين ، ينبضُ بالشوق لك ، ولتلك الذكريات التي عشتها معك صغيراً ، إشتقت الى طفولتي ، الى يديك تسرُّح شعري ، وتضبط لي ملابسي ، إشتقتُ الى حضنك الدافىء ، والى خبزك البيتي ، إشتقتُ لطعامك ، إشتقتُ لدلالك ، ولعطفك ، إشتقتُ لقِصَصك ، والى صوتك الذي يلهج بالدعاء مودعاً لي وانا متوجّه لإمتحاناتي المدرسية ، إشتقت لتأنيبك لي عندما أتمادى في السهر ليلاً ، أو عندما أحترق حزناً ، على خسارة  فريقي المفضل في إحدى المباريات .
  هل ما زلتُ المفضّل عندك ، وهل ما زلتُ أحتفظ في قلبك بذلك الحب الخاص ، هل ما زلتِ تذكريني عندما تأكلين "المقلوبة" ، وهل ما زلتِ تحتفظي لي بقطعتي المفضلة .
  
إزددتُ لك حباً ، عندما أنجبتُ ، وعايشتُ مشاعرَ الأبوّة ، ومصاعب التربية ، أدركت كم كان حبّك لنا عظيماً ، وأدركت كم كان قلبك كبيراً ، عندما احتوانا ، وعكف على تربيتنا ، إزددت حباً لوالدي ، وأدركت كم كان عظيماً ، و كم قصّرنا في حقه جميعاً ، أدركت أننا عجزنا أن نفهمه يوماً ، كان بعيدَ النظر ، وكنّا قصيري النظر .
   هل حقاً يكفي أن أشتريَ لك الهدايا ، وأرسل لك كلمات محبتي ، كي أحتفل بك، هل هذا يكفي؟ ، ليجعلك تشعري بالسعادة ، وترضي عنّي ، هل هناك ما يكفي في هذه الحياة ، كي أقدمه لك ، لقاءَ كل ما قدمته لي ، لقاءَ كلِّ هذا الحب والعطاء ، لقاء كلِّ التضحيات ، وسهرَ الليالي ، وتلك الصلواتِ التي صلّيتها لي في ساعات السحر ، هل هناك ما يمكن أن أقدمه لك بالمقابل.
   
أُدرك الآن أنّ كل ما يُمكن أن أفعله لك كي ترضي عني ، هو أن أكون ناجحاً ، وأن أكون متفوقاً ، كما علمتني دوماً ، وكما أحببتِ ان أكون دوماً ، أُدرك أني عندما أُحسنُ تربيتي لأولادي أكون وفيّا لك ، عندما أزرع فيهم كلَّ المعانيَ الجميلة التي حرصتِ على زرعها فينا ، أكون وفيّا لك ، عندما أنقل لهم حبّك للحياة ، وحبّك لكلِّ مَن حولكِ ، بما فيهم مَن أساءَ لكِ ، أكون وفيّا لكِ ، وأستحق رِضاك .

  في يومك يا أمي ، أهنىء كلّ الأمهاتِ ، أقرأُ الفاتحةَ على أرواحِ اؤلئك اللواتي رحلنَ عنا ، و أُرسل باقةَ وردٍ لكلّ الأمهات اللواتي ما زلنَ يُضِئن حياتنا ، وأقبّل يدَ كل أم مُحِبّة فقدت إبنها او بنتها ، وأطبع قُبلةً على جبين كلّ أم ولو لم يكتب لها القدرُ أن تُنجب ابناءً. من أجلك يا أمي أحببتُهنّ جميعاً ، لأنك أول من أحبني  ، و أول من علّمني الحب ، لأنك  نبعُ الحنان الذي يفيضُ ، ويطرح عطاءً يصل مداه الى الجميع.

    من فرط حنانك يا أمي لم تكتفِ بتربيتنا فحسب ، بل امتد حبّك ليشمل أبناءنا ، وكان حنانك يغمرهم ، ويجعلهم  يرتبطوا بك ، أكثر مما يرتبطوا بنا ، امتد حبّك ليشمل تربية العصافير التي ملأت بيتنا ،  كنتِ تعتني بهم كأبناءك ، وأصبحتُ أنا من بعدك عاشقاً لتربية العصافير ، علّمتنا تربيةَ القِطَط ، والعطفَ عليهم ، ما زلتُ أذكر أجيالاً من القِطَط ، خرجوا الى النور من بيتنا ، كنّا نبدأ برعاية القطة وهي رضيعة ، الى أن تكبر ، وتبدأ بالإنجاب ، ثم ننتقل الى الإعتناء بالأبناء ، وأبناء الأبناء ، أنت من علمتنا ذلك .
    
كان حنانك يشمل أصدقاءنا ، ومعارفنا ، أصدقائي ما زالوا يذكُرونكِ ويسألوني عنكِ ، برغم البُعد ، وبرغم الزمن الذي مرّ ، يقولون لك كل عام وانت بخير ، وما زالوا يذكِّروني بطعم " المقلوبة " التي أعددتها لنا في رحلتنا المدرسية ، و بالطعام الشهي الذي كنتِ تقدميه لنا حين أستضيفهم في بيتنا ، أحدهم قال لي ذات مرة ، " لا تظن أنها أمّك وحدك ، إنها أمّنا جميعاً "  كان شعوراً جميلاً ، ولم أستطع أن أجد من الكلمات ما أرد عليه ، كانت الابتسامةُ ، ودمعةٌ حبستها في عيوني ، أجملَ ردٍ .

   كل عام وأنت بخير ، كل عام وأنت أمي ، كل عام وانت حبيبتي .

أيمن أبو لبن
 21-3-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق