الأحد، 24 مارس 2024

رسائلُ ليلى

 



 

تتسلل ليلى خلسة إلى حقيبة الطالب المشاغب أمجد، الذي تكن له مشاعر حب مجنونة دون أن يدري، تريد أن تعبّر عن حبها المكنون، ولكنها في ذات الوقت تحاول جاهدة ألا تكشف هويتها. هي تعتقد أن هذه الرسائل هي جسر التعارف بينهما، جسر العبور إلى داخله، أو ربما هي رحلة اكتشاف الذات بالنسبة لها.

 

ليلى شابة خجولة مفعمة العواطف ذات بصيرة لا تخفى على أحد، في حين ان أمجد هو شاب أرعن ذاع صيته في الكلية الجامعية بسبب مشاكساته وازدرائه للآخرين، يقود حفنة من الشباب الذين يمارسون هوايتهم في السخرية من الطلاب الأقل حظا، ومن الفتيات تعيسات الحظ، بل ومن الهيئة التدريسية.

 

في كل يوم تزرع رسالة في حقيبته وترفقها بوردة، وتنجح بشكل لافت في ان لا تلفت انتباه أحد، وأن تبقى بعيداً عن الشبهات، تتحدث في رسائلها عن أمور الحياة، وتطلعه على دواخلها، وتناقش معه تصرفاته الطائشة، وترسم له صورة عنه مخالفة لواقعه.

في بداية الأمر، يستخف أمجد بتلك الرسائل وتلك المشاعر، ولكنه مع مرور الوقت يعتاد على نظامه الحياتي الجديد، بل إنه يسابق الزمن حتى يعود إلى غرفته ويفتح حقيبته ويبعثر أشياءها باحثاُ عن تلك الورقة الخفيّة وتلك الوردة التي يتجدد لونها وعبيرها باختلاف فصول السنة، وتجعل ليومه طعماً آخر.

 

كانت هذه الرسائل نافذة له يبصر من خلالها حقيقة ذاته، ويتفهّم من خلالها تصرفاته وهفواته وخيباته، وطبيعة مشاعره.

وكانت لها نافذة تبصر من خلالها النور، وتعبر فيها عن ذاتها، بالطريقة التي لا تجرؤ فيها أن تعبّر عنها في العلن.

وهكذا كانت هذه الرسائل هي جسر التعارف بينهما، ولهما، يفهمان من خلالها الحياة بطريقة أخرى، ويغوصان في أعماق ذاتهما أكثر وأكثر.

 

في صبيحة يوم ماطر تتعرض ليلى لمشاكسة رفاق أمجد وهي في طريقها إلى قاعة المحاضرات، يُسقطون حقيبتها ويتقاذفونها فيما بينهم، ويتبادلون الضحكات وهي تجمع أغراضها المبعثرة على الأرض المبللة، تمتد يدٌ مجهولة تعاونها، وحين ترفع عينيها تجد أمجد وهو يجثو على ركبتيه قبالتها، لم تتمالك نفسها من المفاجأة وبقيت يدها معلقة في الهواء، وما ان أكمل أمجد جمع أغراضها حتى توجه إلى رفقائه المشدوهين وانهال عليهم بكلمات التوبيخ والتقريع!

شكرته ليلى على موقفه، وهي تتلعثم خجلاً، مدّ أمجد يده لها قائلاً هل تقبليني صديقاً؟، محاولاً نجدتها من خجلها ورفع الحرج عنها.

ومنذ ذلك اليوم، افترق أمجد عن رفاقه، كانت هذه هي نقطة التحوّل في سلوك أمجد، كانت الشرارة التي طال انتظارها، كي يبدأ عملية التحوّل، من أمجد الأرعن، إلى أمجد المتعاطف والمتفهّم لمشاعره ومشاعر من حوله، كانت هذه الخطوة هي النتيجة الحتمية للرحلة التي خاضها وهو يعيد اكتشاف ذاته عبر رسائل ليلى.

 

وبدأت صفحة جديدة بين أمجد وصديقته الجديدة ليلى، بات يحدثها عن نفسه، وعن أحلامه ورحلته المتخبطة في الحياة، حدثها عن الفتاة الغامضة وعن رسائلها، حدثها عن رحلة اكتشاف الذات التي خاضها، وأخبرها بأن هذه الفتاة هي وحدها التي عرفته على حقيقته، أو بالأصح هي من قادته لفهم ذاته، هي التي أخرجت كل شيء جميل مدفون فيه، وساعدته كي يصبح شخصاً "أفضل"، قال لها بان هذه الرسائل علمته أن من يحب ليس هو الشخص الذي يقبل الآخر بنواقصه وعيوبه فقط، بل هو الشخص الذي يخرج أفضل ما فيه، ويدعوه دوماً لأن يكون جميلاً دون أن يشعر، ودون أن يطلق الأحكام، ويلقي المحاضرات، ويشعره بالنقص أو تأنيب الضمير، ودون أن يحاول تغييره رغماً عنه!

 

كانت سعادة ليلى على اتساعها، مدعاةً للأسى، وباتت تعيش في تناقض شائك لا يخلو من سخرية القدر، فعلى الرغم من سعادتها بكل تلك المشاعر التي يكنّها لها، والشعور بالعرفان والتقدير، إلا أنها في ذات الوقت، تشعر بأن هذه المشاعر لا تعنيها بشيء، بل تخص تلك الفتاة الغامضة السريّة!

تعيش ليلى في تلك الحالة المتناقضة، وتستمر في لعب دور الصديقة، والحبيبة السرية، وكأنهما شخصيتان مستقلتان تماماً!

تستمر في كتابة الرسائل ليلاً، وزرعها خلسة في حقيبته نهاراً، والاستماع إلى أمجد وانطباعاته عن تلك الرسائل، بل واسداء النصح له كصديقة محايدة!

 

سألته ذات يوم، لماذا لا تكتب لها؟ قال لا أجيد الكتابة ولا أعرف ماذا أكتب، قالت اكتب أي شيء يخطر على بالك، أكتب لها ما تقوله لي، ولكن أمجد لم يكتب شيئاً.

استمرت ليلى في خوفها من كشف حقيقتها، وعجزها عن مصارحة أمجد بمشاعرها خوفاً من ان تخسره، واستمر أمجد في الادمان على رسائل الحب، التي باتت المتنفس الوحيد له في هذه الحياة.

 

وفي أحد الأيام، أخبرها أمجد بأنه يريد ان يتكلم معها في موضوع مهم، أخبرني ما الذي حصل؟

 لقد كتبت لها رسالة مساء أمس، ولكني أريد ان أقرأها لك قبل أن أدسها في حقيبتي

تستغرب ليلى بعض الشيء وتشعر في تلك اللحظة بنوبة المتناقضات التي تغشاها كل مساء، تتحامل على نفسها وتقول كلي آذان صاغية!

يقرأ أمجد عليها رسالته التي يطلب فيها من فتاته الغامضة، بأن تتوقف عن الكتابة له، ويشكرها على كل تلك المشاعر الايجابية، وكل ذلك الحب الذي غمرته به، ويوضح لها بأنه قد قرر بأن يعيش واقعه، وأن يعيش حياته الطبيعية، خاتماً رسالته بأن قصة الحب هذه لا بد وأن تترجم إلى الواقع، وأن هذا الحب إذا كُتبت له الحياة فإنه لا بد أن تتقاطع طريقهما يوماً ما، ولا بدّ له أن يتعرّف عليها، وأن يرشده قلبه إليها!

 

اغرورقت عينا ليلى بالدموع، ولم تقو على الكلام، صمت الكون في تلك اللحظة، ولم تعد تسمع سوى شهيقها وزفيرها، تراقب شفتي أمجد وهي تتحرك بلا صوت، وترصد الأشخاص حولها، وكأنهم شخوص مسرحية صامتة!

 

يمسك أمجد بيدها، ويربّت على كتفها، ما بكِ ؟!

تصحو من حالة انعدام الوزن تلك، ترسم ابتسامة على وجنتيها المخضبتين بالدموع، هل هي دموع الفرح، أم ابتسامة الحزن، لا تدري، ولكنها تتوجه بسؤال خارج المألوف، تقول وهي تمدّ يدها له، هل تقبلني رفيقة أبديّة وصديقة صدوقةً لك؟

أدركت ليلى بفطنتها، أنها في اللحظة التي تكشف فيها لأمجد عن شخصية الفتاة الغامضة، سينهار كل شيء بينهما، فاختارت أن تكسب صداقة أمجد، وأن يبقى حبها حبيساً لدفاتر أشعارها!

يقبض أمجد على يدها، ويهزّها بشدة، بل توأم روحي!

في ذلك اليوم تسللت ليلى إلى حقيبة امجد، ولكنها هذه المرة لم تضع رسالةً له، بل التقطت رسالته وزرعتها في حقيبتها، ودسّت آخر وردة قطفتها مكانها، كتذكار أخير!

 

ينهي أمجد وليلى دراستهما الجامعية وينخرطان في حياتهما المهنيّة، ولكنهما لا يفترقان أبداً، يلتقيان ليتبادلا الحديث في كل شيء وأي شيء، يبوحان لبعضهما البعض بكل صغيرة وكبيرة في أعماقهما، وكأنهما نفسٌ واحدة تعيش في جسدين، نُفخت فيهما روح واحدة، لم يعرف أمجد هوية فتاتة السريةُ، كما أن ليلى لم تخبره بمشاعر الحب المترعة في داخلها إلى آخر حياتها، وبقي هو يحنّ إلى حبيبته الأولىى، تلك التي علّمته كيف يُحب!

 

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

1-1-2024

الجمعة، 29 ديسمبر 2023

الفلسطينيون لن يقبلوا برُبع وطن!


وضع الباحثون الاقتصاديون نظرية مفادها أن الانسان العاقل هو براغماتي في طبعه، وأنه حين يواجه خيارات اقتصادية مُحرجة تنطوي على القبول بربح آني عاجل أو خسارة كاملة، فإنه سيختار الربح القليل ولو كان غير عادل.
وقد وضعوا هذه النظرية قيد الاختبار في واحدة من أهم تجارب علم الاجتماع والسلوك الاقتصادي، حيث قاموا بتنظيم مسابقة تضم شخصين في كل مرة، حيث يُعرض على أحدهم مبلغ مائة دولار ويُطلب منه أن يقتسم المبلغ مع المشارك الآخر بأي طريقة يريدها، سواء كان بقسمتها إلى نصفين أو أخذ النصيب الأكبر.

في حين يُعرض على المتسابق الآخر حق القيام بأحد أمرين: قبول التقسيم المقترح، أو رفضه، وفي حالة الرفض فلن يحصل أحد على شيء من المبلغ!

 كانت النظريات الاقتصادية الكلاسيكية تفترض أن البشر العاقلون يعتمدون على الحسابات المنطقية، بمعنى أن المتسابق الثاني سيقبل بالحصول على عشرة دولارات ولا يقيم اعتباراً لما يحصل عليه الطرف الآخر، ففي النهاية عشرة دولارات أفضل من لاشيء!!
ولكن المفاجأة أن معظم المشاركين رفضوا القسمة غير العادلة وآثروا الخسارة على الغُبن، وحين تم سؤالهم أجابوا أنهم لا يستطيعون القبول بفكرة الضيْم، كما أنهم لا يقبلون أن يظهروا بمظهر المُغفّل!

بعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 خاض الفلسطينيون مفاوضات مباشرة لأول مرة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي سعياً للوصول إلى حل عادل وسلمي لقضية فلسطين، تُفضي في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وكان المفاوضون الفلسطينيون وعلى رأسهم د حيدر عبد الشافي و فيصل الحسيني وحنان عشراوي، يحاولون بكل جهدهم ترسيخ مبادىء الحل العادل وإقامة دولة فلسطينية حرّة بكل معنى الكلمة، ولكن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كان لها رأي آخر، فقد بدأت بخوض مسار مفاوضات سري مع الاسرائيليين برعاية نرويجية وبمعزل عن المسار الرسمي، ودون وجود أي فريق قانوني أو أكاديمي أو وطني مختص، إيماناً من هذه القيادة بأن أي شيء هو أفضل من لا شيء، تماماً كما افترض علماء السلوك الاقتصادي قبل عدة سنوات!!

ففي الوقت الذي هدمت فيه نتائج تلك التجربة كل نظريات المدارس الاقتصادية والاجتماعية الكلاسيكية وقوّضت أفكارها وساهمت في تشكيل فكر اقتصادي جديد وفهم أعمق لحاجات الانسان الاجتماعية ولطرق تفكيره، أعادت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الانسان الفلسطيني إلى صندوق الانسان البدائي العاجز المتهافت على الفتات والخانع للهزيمة، والفاقد للأمل!

لقد تحولت منظمة "التحرير" وحركة النضال المُسلّح "فتح" إلى سلطة مُهجّنة لا تتعدى مسؤولياتها حدود الحكم المحلي الذي تقوم به في العادة البلديات والسلطات القروية، وقبلت (على عكس طبيعة البشر التي أثبتتها التجارب السلوكية) بأن تظهر بمظهر "المُغفّل"، في سبيل أن تحصل على كرسي السلطة حتى ولو كان زائفاً!

إن معاناة الفلسطينيين اليوم في غزة والضفة الغربية هو نتيجة منطقية بل وحتمية للانبطاح الفلسطيني في أوسلو، وإن أي حل عادل للقضية الفلسطينية لن يتم دون نقض هذه السلطة وإسقاطها، وإلغاء اتفاقية أوسلو وجميع تبعاتها.

إن أهم ما حققته المقاومة الفلسطينية صباح السابع من أكتوبر أنها أثبتت ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية، بعد عقود من اللهاث وراء الحلول العبثية، أن العدل لا يتجزأ، وأن من يهُن يسهل الهوان عليه، وأن موت الانسان في سبيل قضية نبيلة لهو أشرف وأجلّ من أن يعيش نصف حياة أو يقبل بربع وطن، وعُشر كرامة، وبعض الفكّة من الحريّة!

إن الحل الوحيد لقضية فلسطين هو استعادة الأرض من البحر إلى النهر، فلا سلام يُرتجى من دولة احتلال عنصرية متطرفة تؤمن بأن اليهود وحدهم لهم حق الحياة والوجود على هذه الأرض، وأن الفلسطيني هو حيوان بشري يجب قتله بغض النظر عن جنسه وعمره.
ولا فائدة تُرجى من العالم الدولي العاجز حيناً والمتورط أحياناً، ولا أمل يُرجى من الدول العربية طالما بقيت قيادة السلطة الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني وهي التي لا همّ لها سوى أن تعيش بسلام في الكانتونات التي رضيت بها، وأن تكفّ أيدي المقاومين عن إزعاج الاحتلال!. 

لقد كشفت دولة الاحتلال اليوم عن حقيقتها التي استثمرت كثيراً في إخفائها، فقد نجحت في السابق بأن تخدع العالم وتقنعه بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنها الدولة الحضارية المتقدمة تكنولوجياً ومعرفياً، وأنها دولة لا تقهر عسكرياً واستخباراتياً، ولكن ما حصل بعد السابع من أكتوبر أظهر للعالم كلّه أنها دولة نازيّة دمويّة، فاشلة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وأنها قائمة على فكرة صهيونية كاذبة لا تمت للواقع بصلة، تحكمها مجموعة من المتطرفين الذين يُقصون الآخر، ولا يتحرّجون من قتله بدم بارد، دون أن يشعروا بوخزٍ في الضمير، بل على العكس يعتقدون أنهم يتقربّون إلى الله في ذلك، وأن الله قد أعطاهم رخصة القتل تلك، وأن على العالم كلّه الخضوع لإرادتهم إما بالتأييد أو الصمت!

ولعلّ هذا تدبير ربانيّ لكشف حقيقتهم أمام العالم، لأنه سيأتي اليوم الذي تنتصر فيه هذه المقاومة الفلسطينية، وتقضي على كل متعصب ومتطرف من دولة الاحتلال، وليس أمام الصهاينة حينها سوى الموت أو الاستسلام – كما يدّعي نتنياهو اليوم أن مقاتلي غزة ليس أمامهم سوى الموت أو الاستسلام – ولن يبقى على هذه الأرض الفلسطينية من اليهود سوى أؤلئك الذين يُدعون اليوم "اليهود كارهي أنفسهم" أو من يتنصّل من جرائم هذه الدولة، ويُعارض الفكر الصهيوني، ويطلب الغفران عن جرائم هذه الدولة.
(فاصبر صبراً جميلاً إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً).

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
27-12-2023

السبت، 18 نوفمبر 2023

Anti-Semitic

 



God Almighty said about the corrupt of the Children of Israel in Quran:(Whenever they kindled a fire for war, Allah extinguished it, and they strive for corruption on the earth. And Allah does not like corrupters)

And the Christ addressed the Jews who violated His teachings, saying: (Verily, my house is a house of prayer, and you have made it a den of thieves.)

In world literature, they have been portrayed as they deserve; the character "Shylock," the greedy merchant in Shakespeare's "The Merchant of Venice," the usurer who prey on the human flesh of the debtors!

The character "Scrooge" in Charles Dickens' novel “A Christmas Carol”, which has become a borrowed term in world literature, referring to every miserly person!

The gang leader "Fagin" in “Oliver Twist” novel, who kidnaps children and dedicates them to robbery and deceit!

History has witnessed what the fanatic Jews did in all the European capitals where they lived, as historical studies indicate that the Jews were the ones who created what is known as the black market, the sex trade, and usury (long-term debt with exorbitant interest).

The fanatic Jews, who later founded the Zionist movement, have always been a living example of what God Almighty described in His Noble Book, as mentioned in the introduction of this article (They strive for corruption on the earth), meaning that they aim, plan, and execute their destructive projects with determination and resolve, to spread discord, wars, and corruption in all societies, believing that God has favored them over all others and that He has created the rest of the nations only to serve the Jewish-Zionist nation.

For all these reasons, in the sixteenth century, the Europeans placed Jewish communities in cantons and popular neighborhoods called "the Ghetto" or "the Jewish quarter", where they prevented them from mixing with other members of the societies, because they realized that these fanatics were not fit for coexistence with different civilizations and nationalities. Then, in the twentieth century, they got rid of them by giving them the land of Palestine, far away from them so they could be relieved from their problems and difficulties. That's how we "Arabs" became the problem and the obstacle to world peace and security!

That is why, and still, the Jews are a closed nation unto themselves, not recognizing equal rights with others. The evidence for our statement is that the constitution of the State of Israel made citizenship the right of every "Jew", turning civic citizenship, based on equal rights and coexistence among society's various groups, and human values of "freedom, justice, and equality," into a sectarian and racial identity based on religion. Thus, the state of Israel (the state of occupation) became the only state in the world based on religious principles.

In his novel "Sons of the Ghetto" - which I recommend everyone to read - the Lebanese writer Elias Khoury talks about the details of the massacre of “Al-lid” committed by the Zionists in 1948 during their campaign to colonize Palestine and how the Zionist occupying army turned the city of Al-lid into another “Ghetto” but this time for the Palestinians! They subjected the city's original residents to all kinds of suffering and misery, reminiscent of the suffering of Jews in Europe from "Ghettos" all the way to the "Holocaust".

The occupying army assumed the persona of the European killer, in the most heinous forms, and then imposed the persona of the victim on the Palestinian Arabs. They committed the worst crimes against them, including sieges, depriving them of water, food, and baby formula, followed by mass killings and mutilations. They even forced the remaining survivors to clean the city of corpses and then set it on fire!

"Can you imagine starting your morning with the smell of burning bodies? I am over seventy years old, and this smell accompanies me. Every morning, I go out to the garden, even if the temperature is 15 degrees below zero, to breathe the air and dispel the smell ".

The State of Occupation has persistently, whether consciously or unconsciously, ingrained in the memory of every generation in this region the memory of a bloody war and massacre, and a mark of shame on humanity's forehead!

The rulers of this State insist on sowing hatred and Grudge in the hearts of successive generations, generation after generation, and I don't know if this is deliberate and determined, or it's their nature that they cannot change even if they try hard!

I will not forget what my father told me about the occupation in 1948 and the massacres of “Deir Yassin” and the village of “Tantura” and “Khan Yunis”, in addition to the catastrophe of 1967. There is also a vast amount of documentation, narratives, and archives I have read, speaking of their crimes and the horror of their actions.

Furthermore, there is the massacre of “Bahr el-Baqar” in 1970 in the Eastern Province of Egypt, and the killing of Egyptian prisoners of war in 1973, burying them in mass graves hands bounded!

As I entered the second decade of my life, I witnessed the events of the invasion of Lebanon, the “Sabra and Shatilla” massacre, followed by the “Al-Aqsa” massacre in 1990, the “Ibrahimi Mosque” massacre in 1994, “Qana” in 1996, and “Jenin” massacre in 2002.

Then the Zionist’s massacres shifted to the third generation with the successive Gaza wars, leading up to this day and the massacres at the “Al-Ma’madani” Hospital and the Greek Orthodox Church, preceded by the shelling of the UNRWA school in 2009.

The cycle of revenge passes from one generation to the next in this region, against our will!

I firmly believe that every generation in this region has a score to settle with these Zionists, as if they embedded hatred and resentment wherever they go and wherever they settle.

Unfortunately, the Zionist movement, despite its bloody history, has succeeded in distorting the facts and reversing the facts regarding the Palestinian cause by taking advantage of several factors; most notably its possession of a powerful Zionist lobby, capable of influencing decision-making circles. In addition to its control over western media and film industry.

Perhaps the biggest lie that the Zionist movement has harnessed for its benefit is the confinement of the Semitic race to Jewish religious people, and the invention of the charge of "antisemitism" in order to immunize Jewish-Zionist individuals and institutions from legal accountability and prosecution, and even the assassination of anyone who opposes them intellectually.

In other words, the western world today has agreed to place Zionist Jews in a position above all other humans!

In conclusion, I fully acknowledge, and in full possession of my senses & faculties, that I am Anti-Semitic, according to the definition by the Zionists!

Ayman Yousef Abulaban

Writer and blogger from Jordan 

27-Oct, 2023


الخميس، 9 نوفمبر 2023

"هل تُدينُ حماس؟" كيف وقع باسم يوسف في فخ "القيم الغربية"!

 

 

لعله من الملاحظ بل ومن المستنكر تكرار ذات السؤال في كل وسائل الاعلام الغربية "هل تُدينُ حماس؟" هل تُدينُ هجمات السابع من أكتوبر؟

ولعمري أن هذا السؤال هو سؤال مخادع والاجابة عليه سيفٌ ذو حدّين!

ففي حال رفض إدانة حماس والهجمات ضد المدنيين سيتم إعتبارك منحازاً وغير مُحايدٍ ولا تشارك الغرب قيمهم الانسانية! والخطورة هنا أنه سيتم إعتبار كل ما تقوله بعد ذلك -حتى لو أتيت بالحقائق الدامغة- مشكوكاً في نزاهته، ولن يعود له وقعٌ أو تأثيرٌ على المُتلقّين.

أما إذا أجبت بأنك تُدين حماس وأحداث السابع من أكتوبر، فسينتقل الحديث مباشرة إلى كيف يمكن القضاء على حماس بما أننا أتفقنا على أنها إرهابية وأن ما فعلته يستحق العقاب؟ وكيف يُمكن لاسرائيل القضاء على حماس، دون خوض حربٍ شاملة على غزة، وتحمّل أضرارها الجانبيّة؟!

وهذا هو الفخ الذي وقع فيه باسم يوسف في المقابلة الثانية، لقد ظنّ أنه سيكسب ودّ المشاهد الغربي عندما يُظهر تعاطفه مع المدنيين الاسرائيليين، ولكن الإعلامي البريطاني بيرس مورغان ورّطه بكل دهاء في إشكاليّة "تبرير سقوط الضحايا وتدمير غزة"، لأننا اتفقنا منذ البداية أن حماس منظمة إرهابية!

 


وأنا أستغرب حقيقةً، كيف وقع العديد من إعلاميّينا بل ومسؤولينا في هذا المطبّ، ولم تكن لديهم الحيلة ولا الوسيلة المُقنعة للرد على هذه الأسئلة المراوغة والمُخادعة!

 

عندما يتوجب علينا الحوار مع أناسٍ يصعب عليهم فهم تاريخ القضية الفلسطينية وانعكاساتها، بمعنى أنهم ليسوا في مكاننا ولا يمكنهم تصوّر حقيقة أوضاعنا، فإن علينا في البداية الاتفاق على قواعد عامة تحكم النقاش، ومرجعية معينة نحتكم إليها في حكمنا على الأمور، وفي حالتنا هذه فإن القرارات الدولية ذات العلاقة، والهيئات المختصة، والاتفاقيات المتعلقة بالصراع هي المرجعية.

ومن هنا نقول بأنه وحسب قرار الأمم المتحدة عام 1947 والذي يقضي بتقسيم فلسطين التاريخية بين العرب واليهود، فإن قطاع غزة بالكامل وصولا إلى أسدود شمالاً  مروراً بعسقلان هو من ضمن المناطق العربية.






 ورغم أن حل الدولتين وإتفاقية أوسلو قد اقتطعتا من المناطق العربية جزءاً من قطاع غزة، إلا أنهما قد نصّتا على سيطرة الفلسطينيين على كافة القطاع بما في ذلك مطار  غزة وميناء غزة الدوليين، ومعبر رفح البري "بالاشتراك مع مصر والأمم المتحدة "، ووجود ممر بر ي آمن يصل الضفة الغربية بالقطاع.

 

 


 

وقد تم بالفعل تشغيل مطار غزة عام 1998 قبل أن يتم إغلاقه مجدداً، كما تم الاتفاق على تشغيل الميناء عام 1999 إلا أن هذا الاتفاق لم يرَ النور، إلى أن تم بدء حصار غزة عام 2007 وقطعها عن العالم الخارجي.

 


وقد تسبّب حصار غزة في تخفيض حصة الغذاء للفرد إلى 20%، إضافة إلى تسببه في الركود الاقتصادي والبطالة، وتدهور القطاع الصحي، وتلف المزروعات نتيجة نقص الأسمدة، بل وتعمّد قوات الاحتلال رش المناطق الزراعية بالمبيدات!!

كما يعاني القطاع من عدم وجود أي منفذ جوي أو بحري، فيما يُمنع صيادو غزة من الصيد في مسافة تتجاوز الخمسة كيلومتر في البحر، بل ويتم تخصيص ساعات معينة للصيد!

كما تقوم سلطات الاحتلال بالتحكم في معبر رفح باستخدام القوة العسكرية لو لزم الأمر!

كما قامت إسرائيل بالتعدّي  على آبار الغاز قبالة ساحل غزة، والذي يعود إلى الفلسطينيين حسب القرارات الدولية، وفي ذات الوقت فإنها تقوم بتقنين استهلاك الطاقة في قطاع غزة، قبل أن تقوم بقطع كامل لكل أنواع الطاقة أثناء حربها الأخيرة على غزة!!

 


يُجمع العالم اليوم على أن الحصار الذي فرضته دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ عام 2007 هو مخالفٌ لكل القرارات الدولية، ولكل معاهدات السلام التي التزمت اسرائيل بها. وبهذا يكون قطاع غزة واقعاً حكماً وقانوناً ضمن "الاحتلال الاسرائيلي" ولا يمكن تصنيفه أنه خاضع للسلطة الفلسطينية، وهذا ما تتفق عليه الأمم المتحدة والصليب الأحمر وغيرها من المنظمات والمؤسسات الدولية.

وبالتالي فإن أي كفاح مسلح تقوم به حماس وغيرها من الفصائل من غزة، يُعتبر "مقاومة ضد الاحتلال" ولا يخضع للقوانين الدولية التي تحكم الصراعات بين الدول المستقلّة!

كما نصّت اتفاقيات جنيف لسنة 1949 على شرعيّة حركات المقاومة المنظمة وحرّمت القصف العشوائي وقصف الأماكن التي يختلط بها العسكريون مع المدنيين.

وفي عام 2016 أقر مجلس الأمن الدولي قرار رقم 2334 الذي نزع الشرعية عن المستوطنات الاسرائيلية "في الأراضي الفلسطينية" وطالب بالوقف الفوري عن بنائها. وهذا يعود بنا للقول أن أعمال حماس تقع ضمن حدود المقاومة والكفاح المسلح، ضد قوات إحتلال وفي مناطق نزاع مشتركة، ولا يتم تصنيفه ضمن الأعمال الارهابية إلا في قاموس الدولة الصهيونية وحلفائها!

 

خلاصة ما قيل، إن أحداث 7 أكتوبر لا يمكن النظر  إليها بدون وضعها في إطارها التاريخي والزمكاني، وأن التاريخ لم يبدأ يوم 7 أكتوبر، وإذا كان العالم الغربي قد نام في سبات عميق عن قضايا الشرق الأوسط، ثم أفاق يوم 7 أكتوبر على صدى هجمات حماس، صارخاً "يا إلهي، ماذا حصل! الفلسطينيون يقتلون الاسرائيليين!! ماذا علينا أن نفعل لحماية اسرائيل؟!"

فإن علينا أن نعيدهم إلى الواقع وإلى التاريخ، والاحتكام إلى القوانين الدولية، بل ومساءلتهم عن التقاعس في لجم اسرائيل وتمكين الفلسطينيين من نيل حقوقهم الأساسية بالتفاوض والحلول السلمية، بدلا من اضطرارهم للجوء إلى العنف.

 وبدلاً من طرحهم لسؤال كيف يمكن لاسرائيل التخلص من حماس دون إيقاع ضحايا مدنيين، فإن من حقّنا أن نسأل: وماذا على الفسطينيين العمل لفك حصار غزة المُخالف لكل قوانين الأرض والسماء، دون الاعتداء على الاسرائيليين واختراق هذا الحصار؟!

ولعلّ من نافلة القول أن على جميع المسؤولين ووزراء الخارجية العرب الاعتراف بحماس على أنها حركة سياسية فاعلة في المنطقة، وأن الفلسطينيين وحدهم من يحددون من يحكمهم، وإذا كنّا على خلاف في هذا، فعلى العالم معاقبة الاسرائيليين على انتخابهم لنتنياهو ، ومن سبقه من رؤساء الحكومات، بل وعلى العالم الحر معاقبة الأمريكيين على انتخابهم جورج بوش مجرم حرب العراق!

 رابط المقال على القدس العربي

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

9-11-2023

الجمعة، 3 نوفمبر 2023

مُعادٍ للساميّة!

 


 

قال الله سبحانه وتعالى عن المُفسدين من بني اسرائيل

(كلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)

وخاطب السيد المسيح اليهود الذين خالفوا تعاليمه قائلاً:

(إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ)

 

أما في الأدب العالمي، فتم تصويرهم بما يستحقون؛ شخصية "شايلوك" التاجر الجشع في رائعة "تاجر البندقية" لشكسبير، المُرابي الذي يقتصّ من المدينين لحمهم البشري!

شخصية "سكروج" في رواية تشارلز ديكنز التي أصبحت مُصطلحاً مستعاراً في الأدب العالمي، للإشارة إلى كلِّ بخيلٍ مُقيت!

رئيس العصابة "فاجن" في رواية أوليفر تويست، الذي يخطف الأولاد ويُكرّسهم لعمليات النهب والاحتيال!

 

لقد احتفظ التاريخُ بما صنعه اليهود المتعصبّون، في كل العواصم الأوروبية التي قطنوا فيها، حيث تشير الدراسات التاريخية أن اليهود هم من أنشأوا ما يُعرف بالسوق السوداء، وتجارة الجنس، والربا (الدين الآجل بفوائد باهظة)، لقد كان اليهود المتعصبون -الذين أنشأوا الحركة الصهيونية لاحقاً- على مر العصور مثالاً حياً لما وصفهم به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، وكما ذكرت في مقدمة مقالي هذا (يسعون في الأرض فسادا) أي أنهم يهدفون ويخططون وينفذون مشروعاتهم التخريبية عن سبق إصرار وعزيمة، لبث الفتنة والحروب والفساد في كل المجتمعات، منطلقين من إيمانهم بأن الله فضّلهم على العالمين، وأنه ما خلق باقي الأمم سوى لخدمة الأمة اليهودية-الصهيونيّة!

 

ومن أجل هذا كلّه، قام الأوروبيون في القرن السادس عشر بوضع الجاليات اليهودية في كانتونات ومساكن شعبية سُميّت "الغيتو" أو "الحارة اليهودية"، حيث منعوهم من الاختلاط معهم لأنهم أدركوا أن هؤلاء المتعصبين لا يصلحون للعيش المشترك مع الحضارات والقوميات المختلفة، ثم تخلصوا منهم في القرن العشرين بأن منحوهم أرضنا بعيداً عنهم كي يستريحوا من همومهم ومشاكلهم، وهكذا أصبحنا نحن "العرب" المشكلة والعائق أمام سلام وأمن العالم!

 

لهذا كان -وما زال- اليهودُ أمّة واحدة منغلقة على نفسها،  لا يعترفون بحقوق متساوية مع من سواهم، والدليل على قولنا هذا أن دستور دولة إسرائيل جعل المواطنة من حق كل "يهودي"، فتحوّلت المواطنةُ المدنيّة القائمة على الحقوق المتساوية والعيش المشترك بين فئات المجتمع، والقيم الانسانية "الحرية والعدالة والمساواة" إلى هوية طائفيّة عنصرية قائمة على الدين، وبهذا تكون دولة اسرائيل (دولة الاحتلال) الدولة الوحيدة في العالم القائمة على أصولٍ دينيّة!

 

في روايته "أبناء الغيتو"– التي أنصح الجميع بقراءتها – يتحدث الأديب اللبناني إلياس خوري عن تفاصيل مجزرة اللدّ التي ارتكبها الصهاينة عام 1948 في خضم معركتهم لاستعمار فلسطين، وكيف حوّل جيش الاحتلال الصهيوني مدينة اللدّ إلى "غيتو" آخر للفلسطينيين ومارسوا على سكان المدينة الأصليين، كل صنوف العذاب والبؤس التي تعرّض لها اليهود في أوروبا، من "الغيتو" إلى "الهولوكوست".

لقد تقمّص جيش الاحتلال شخصية الأوروبي القاتل، بأكثر صوره بشاعةً، ثم قام بإسقاط شخصية الضحيّة على العرب الفلسطينيين، فمارسوا عليهم أبشع الجرائم من حصار ٍ وحرمان من الماء والطعام وحليب الأطفال، ثم أوسعوا فيهم قتلاً وتمثيلاً، ثم أجبروا الأحياء الباقين على تنظيف المدينة من الجثث ثم حرقها!!

" هل تستطيع أن تتخيل معنى أن يبدأ صباحك برائحة الجثث المحترقة؟ صار عمري أكثر من سبعين عاماً و هذه الرائحة ترافقني، عليّ كل صباح أن اخرج إلى الحديقة حتى لو كانت الحرارة ١٥ تحت الصفر، أخرج كي أتنشق الهواء و أبدّد الرائحة"!!

 

لقدأصرّت دولة الاحتلال عن وعي أو غير وعي منها، على أن تحفر في ذاكرة كل جيلٍ من أبناء هذه المنطقة، ذكرى حربٍ ومجزرةٍ دموية، ووصمة عار ٍعلى جبين الإنسانية!

يصرّ القائمون على هذه الدولة أن يزرعوا الكراهية والحقد في صدور الأجيال المتعاقبة، جيلاً بعد جيل، ولا أعلم إن كان هذا عن عمدٍ وإصرار، أم هي طبيعتهم التي لا يستطيعون تغييرها ولو حاولوا جاهدين!

 

لن أنسى ما حييت قصص والدي عن إحتلال عام 1948 ومجازر دير ياسين وقرية الطنطورة وخان يونس، وعن نكبة 1967، عدا عن الكم الهائل من التوثيقات والروايات والأرشيفات التي قرأتها وتتحدث عن جرائمهم وبشاعة أعمالهم.

 

أضف إلى ذلك مجزرة بحر البقر عام 1970 في محافظة الشرقيّة في مصر، وقتل الجنود المصريين الأسرى عام 1973، ودفنهم في مقابر جماعية وأيديهم مكبّلة!

 

وما أن دخلت العقد الثاني من عمري، إذا بأحداث غزو لبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا تدقّان الأبواب، تلاهما مذبحة الأقصى عام 1990 والحرم الابراهيمي عام 1994، وقانا 1996 ومجزرة جنين عام 2002.

 

ثم انتقلت المجازر الصهيونية، إلى الجيل الثالث مع حروب غزة المتعاقبة وصولاً إلى يومنا هذا ومجازر المستشفى المعمداني وكنيسة الروم الأرثوذكس، وقبلها قصف مدرسة الأونروا عام 2009.

 

ينتقل الثأر بين أبناء هذه المنطقة من جيلٍ إلى جيل، رغم أنفنا!

أجزم بأن لكل جيل في هذه المنطقة تأرٌ عند هؤلاء الصهاينة، وكأنهم يزرعون الحقد والبغض أينما حلّوا وأينما أقاموا!

 

 وللأسف فقد نجحت الحركة الصهيونية -رغم تاريخها الدموي- في تزييف الحقائق وقلب الوقائع فيما يخص قضية فلسطين لأسباب عديدة من أهمها امتلاكها للوبي صهيوني قوي قادر على التأثير على دوائر إتخاذ القرار بالإضافة الى سيطرتها على وسائل الاعلام الغربية وصناعة السينما.

ولعل الكذبة الكبرى التي سخّرتها الحركة الصهيونية لمصلحتها هي حَصر العرق السامي بمعتنقي الديانة اليهودية واختراع تهمة "معاداة الساميّة" بهدف تحصين اليهود الصهاينة أفراداً ومؤسسات، من المحاسبة والملاحقة القانونية بل واغتيال شخصية كل من يخالفهم فكرياً.

بمعنى آخر لقد توافق العالم الغربي اليوم على وضع اليهود الصهاينة في منزلةٍ فوق كل البشر!

 

لهذا أقول في الختام، بأني أعترف بكامل قواي العقليّة وصحتي النفسية أني مُعادٍ للساميّة!

 

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

3-11-2023

الخميس، 19 أكتوبر 2023

عشر قواعد من حرب 7 أكتوبر

 



 

‏‏أولاً: لا سلام ولا حلٍ سلميٍ مع دولة الاحتلال

 

على كل من روّج للسلام ولمبدأ الأرض مقابل السلام، أن يقف لحظة صدق مع نفسه وأن يعترف بفشل مساعيه.

عودة اللاجئين، وتفكيك المستوطنات، والتخلّي عن القدس كلها عقبات في وجه اعتراف دولة الاحتلال ومن خلفها الغرب، بحقوق دولة فلسطين.

لقد سعى العالم العربي بأكمله منذ مؤتمر مدريد عام 1990 للسلام مع دولة الاحتلال، إلا أن جهوده كلها باءت بالفشل لانعدام الرغبة لدى الجانب الاسرائيلي، وهذا الواقع لن يتغيّر، إلا بتغيير معادلة القوّة والتفوّق العسكري.

 

ثانياً: إعرف عدوّك

 

سقط القناع عن الغرب هذه المرة، وتكالبت أمريكا وبريطانيا وفرنسا، على غزة وشعبها، دون تجميل ولا مداهنة.

ومن نافل القول أن من لا يعرف عدوّه، لن يكون قادراً على إدارة معركته وتوجيهها، بل سيكون أشبه ما يكون ب "دون كيشوت" في حربه على طواحين الهواء!

 

ثالثاً: أوهن من بيت العنكبوت

دولة الاحتلال أوهن مما نتخيل، هي هشّة من الداخل وما كتب لها الاستمرار إلى يومنا هذا، سوى بانقسامنا وتخلّفنا.

إن هزيمتها ممكنة، وتحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر ليس ضرباً من الخيال.

 

رابعاً: التخلّي عن وهم السلطة

السلطة الفلسطينية أحد عوامل استمرار دولة الاحتلال، ورجالها تخلّوا عن واجباتهم الوطنية من أجل المناصب والمصالح الفردية، أقول هذا وأنا أعتصر الماً ولكنها الحقيقة، وعلينا أن نتوقف عن خداع أنفسنا.

إن إسقاط اتفاقية أوسلو، ووقف كل تداعياتها الانهزامية، وعلى رأسها التنسيق الأمني يجب ان يكون اليوم على قمة أولويات الفصائل الفلسطينية.

 

خامساً: صدام الحضارات

التفوق التكنولوجي والاقتصادي والعسكري لدولة الاحتلال، يجب أن يواجه بمشاريع نهضوية في كل البلدان العربية، يجب أن نخوض الحرب الحضارية والمعرفية جنباً إلى جنب مع مقاومتنا ودعمنا لقضيتنا المركزية، قضية فلسطين.

أعتذر إذا ما قلت أن الحق لن ينتصر بكونه الحق فقط، ومن يعتقد ذلك هو أشبه بمن يعتقد أنه إذا كان نباتياً فإن الأسد أو الدب لن يهاجمه في الغاب!

إن كل صناعة عربية، وتفوّق تكنولوجي، وجائزة معرفية، وبراءة اختراع، وسبق تكنولوجي، واكتفاء اقتصادي، وتفوق حضاري، هو خطوة نحو القدس.

يجب علينا ان نؤمن بهذا ونعمل كل ما بوسعنا لتحقيقه، أفراداً وجماعات ومؤسسات.

 

سادساً: على الربيع العربي أن لا يتوقف

إن الطريق إلى تحرير القدس يبدأ بتحرير الدول العربية من الأنظمة السلطوية، وتحقيق الحرية والعدالة، وضمان ان تمثّل الشعوب العربية نفسها، وأن تتمكن هذه الشعوب من حكم نفسها بنفسها، وتحقيق آمالها وتحقيق أهدافها.

لأن المواقف السياسية والرسمية في البلدان العربية هي التي تصنع الفارق، ومن أجل هذا خاضت الشعوب العربية حربها ضد الطغيان والديكتاتورية خلال العقد الماضي، وقد تعرضت هذه الشعوب إلى مسلسل طويل من المؤامرات، ونظريات المؤامرة المضادة، وتكاتفٍ لكل قوى الشر من أجل ردع هذه الصحوة العربية.

هذه الصحوة يجب أن تستمر بكل الطرق السلمية الممكنة، بعيداً عن العنف والخراب، وهي سبيلنا الوحيد للتحرر ودعم قضيتنا المركزية، قضية فلسطين.

 

سابعاً: تفقد المبادىء والشعارات قيمتها إن لم يُصاحبها الصدق والحياد.

كل مبادىء الحرية والعدل والمساواة الغربية لا تساوي شيئاً عندما يقف موقفاً أعمى من قضية فلسطين، ولن يعود لها قيمة، حين يذرف المسؤولون الأمريكيون الدموع على ما "شبّه لهم"، في الوقت الذي يوجهون بارجاتهم الحربية وصواريخهم نحو صدورنا.

تفقد مبادىء المساواة شرعيتها، حين تُحرم فتاة مسلمة من ارتداء حجابها في المدرسة، وتفقد الحرية قيمتها، حين يتم تشريع قوانين المعاداة للساميّة، في حين يتم غض الطرف عن أدنى حقوق العرب، والمسلمين والفلسطينيين.

 

ثامناً: النظام العالمي المُتهالك

إن العالم اليوم بمؤسساته الدولية، ونظامه القائم عاجزٌ عن تحقيق العدل والمساواة، والدفاع عن الحريّات، إنه نظام قائم على نظام "القوي يحكم الضعيف"، وهذا هو سبب كل الصراعات في العالم؛ الحصول على القوة والسلطة لتحقيق العدالة!

 

على العالم الحر اليوم، أن يغيّر قواعد اللعبة، وينهي سيطرة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على باقي دول العالم، وعلى جميع الدول العربية إدراك أن معركتها اليوم هي معركة عالمية إقليمية، وليست قضية صراعٍ في الشرق الأوسط، وأن تحالف القوى واتخاذ خطوات عملية للتخلص من سطوة هذه الدول، هو المسمار الذي سيدق نعش "النظام العالمي الجديد".

 

تاسعاً: قضية فلسطين لن تموت وهذا الشعب سينتصر.

 

طال أمد الاحتلال أو قصر، فإن فلسطين ستعيش إلى الأبد، ولن تموت، هذا الشعب الذي يُقاوم نازفاً مضمداً جراحه، ومُخلياً منزله، سينتصر!

من حفر الأنفاق بيديه، وهز عرش جيش الاحتلال في بضع ساعات، سوف ينتصر.

 

عاشراً: ليتني شمعةٌ في الظلام

إن لوم الأنظمة العربية والندب على التخاذل الغربي لن يفيدنا بقيد أنملة، ولعن الاعلام الغربي لن يغيّر من حقيقة تفوّق الأعداء في غزونا فكرياً، ومن سيطرتهم على الإعلام العالمي، ولكن المفيد حقاً أن نسعى للتفوّق عليهم وهزيمتهم في ميدانهم.

يجب أن يكون للحق القوة للتغيير، ولهذا نقول إننا نخوض اليوم معركة الأقصى كلٌ في مكانه، هي معركة الوعي والحضارة، والقوة، والقانون والاعلام، هي معركة الكلمة والتضامن، ومعركة الدفاع عن الانسانية، ومعركة الايمان وتحقيق العدل والمساواة.

وأختم بما قال شاعرنا محمود درويش:

 

وأَنتَ تعودُ إلى البيت، بيِتكَ، فكِّرْ بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]

وأَنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّرْ بغيركَ
[ ثَمَّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام]

وأَنتَ تحرِّرُ نفسك بالاستعارات، فكِّرْ بغيركَ
[ مَنْ فَقَدُوا حَقَّهم في الكلامْ]

وأَنتَ تفكِّر بالآخرين البعيدين، فكِّرْ بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ]

 

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

18-10-2023