في اﻻسبوع الماضي تم افتتاح
عرض فيلم "ملك الرمال"
من إخراج وإنتاج الفنان السوري نجدة انزور، الذي يستعرض فيه رحلة 50 عاماً من عمر
المملكة العربية السعودية والملك المؤسس ، في محاولة لكشف العيوب والدعوة لتصحيحها
-على حد تعبيره- . الفيلم يمكن تصنيفه
انه فيلم عالمي تشترك في تنفيذه وتقديمه عدة جنسيات دولية وسيتم عرضه قريباً في
دور السينما العالمية وعلى رأسها الوﻻيات المتحدة .
من المعروف للجميع مدى
توتر العلاقات بين دول الخليج وسوريا ، وبخاصة السعودية ، حيث وصل التوتر الى حد
الحشد والحشد المضاد بين البلدين، وما هذا الفيلم الا حلقة من حلقات الصراع الدائر
بين البلدين وما هو ببعيد عن هذا السياق.
ﻻ نستطيع الحكم على
الفيلم قبل مشاهدته، ولكن من حقنا مناقشة الفكرة نفسها ونقدها واﻻعتراض عليها، هل
عجز انزور عن التحقيق في تاريخ سوريا على مدى الخمسين عاماً الماضية وهوالذي وُلد
في حلب من أصول شركسيّة ؟ الم يجد في جراحات الشعب السوري ما يستحق التوثيق ومحاولة
استنباط الدروس منه ، الم تستوقفه هزيمة النكسة وضياع الجوﻻن ، ثم هزيمة 73 وما
تلاها من دخول الجيش السوري ﻻراضي لبنان وبسط نفوذه هناك لما يقارب 30 عاماً، مروراً
بأحداث حماة وتدمُر وانتهاءً بسجن صيدنايا، الم تتحرك مشاعره لكل هذه المآسي وهو
الفنان المرهف الإحساس ؟!
كنّا نتمنى من أنزور أن
يأخذ موقفاً ايجابياَ من الثورة السورية وينحاز الى الجهة الأضعف التي تحتاج الى
كل فنّان وكل مُبدع لايصال رسالتها الى العالم ، كنا نتمنى على أنزور أن يقدم
جزءاً يسيراً من الحقيقة دون الحاجة ﻻضافة توابل سينمائية أو بهرجات ، ولكنه اختار
أن يبحث في صحراء الربع الخالي عن تاريخ قديم يخدم مصالح النظام في البروباغاندا
الداعمة لنظرية المؤامرة التي يتبناها.
قبل ما يزيد على عشرة
أعوام تابعتُ حواراٌ تلفزيونياٌ مطوﻻٌ بين نجدة أنزور والكاتب المصري أسامة أنور
عكاشة ، وكلاهما كان في قمة تألقه وعطائه
، وبدلاٌ من أن يكون الحوار ايجابياٌ وبنّاءٌ ، تحوّل الى حوار نقدي متبادل ،
ومحاولة لاظهار سلبيات الطرف الآخر ، وهذه عادات معظم برامجنا الحوارية اجمالاٌ !!
ما لفت انتباهي وجعلني استرجع شريط هذه المقابلة عند متابعتي للأخبار المتعلقة
بالعمل السينمائي الأخير لنجدة أنزور، هو أحد الأسئلة التي طُرحت على أنزور وتتعلق
بتقصيره في تقديم عمل يصل إلى مستوى العالمية ويطرح قضايانا المهمة في المنطقة ،
لماذا ﻻ يقدّم عملاٌ عن صلاح الدين اﻷيوبي مثلاٌ ويسقطه على واقع القضية
الفلسطينية ؟!
احتدّ أنزور في الاجابة
، وتعلّلَ بعدم وجود ميزانية ، بالاضافة الى عدم وجود جهات راعية أو داعمة لمشروع كهذا،
ثم بدأ بنقد شخصيات فنية معروفة على الساحة ، بل وذكر أسماء معينة وقال ان هؤلاء
يملكون المال الكافي ، لماذا ﻻ ينتجون عملاٌ ضخماٌ من مالهم الخاص ؟! سبحان مَغيّر
اﻷحوال، عندما امتلك نجدة انزور المال الكافي كرّسه للمناكفات السياسية بدﻻ من
خدمة القضايا التي تهم شعوب المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
اﻻ يحق لنا كمثققين أن نتساءل عن هذه اﻷموال واﻻمكانيات
الفنية التي يتم تكريسها لمناكفات ومناوشات جانبية هنا وهناك لخدمة أنظمة بعينها ،
وفي ذات الوقت يتم تجاهل قضايانا نحن شعوب المنطقة ؟!
وفي النهاية ، يبقى العدو الصهيوني مطمئناٌ مستكيناٌ ، اذ ﻻ
مناكف له !! وتبقى قضية فلسطين المحوريّة في انتظار الميزانية، فإن حضرت الميزانية
غابت اﻻمكانيات الفنية، وأن اجتمعت كل الأسباب، غاب القرار السياسي واﻻرادة الحرّة!!.
بانتظار حلقة جديدة من
مسلسل المناكفات السياسية في المنطقة ، والتي تدور أحداثه على الساحة الفنية هذه
المرة.
أيمن أبولبن
14-12-2013
Ayman_abulaban@yahoo.com