الاثنين، 11 فبراير 2013

أحاديث تشومسكي


تحدث "ناعوم تشومسكي" _المفكر الأمريكي المعروف_ كثيراً في الفترة الأخيرة ، عن الثورات العربية وعن الدعم الامريكي لكافة الديكتاتوريات في منطقتنا ، ليس هذا وحسب بل وفي العالم كله . وتحدث أيضا كيف تقوم امريكا ، بدعم أنظمة الحكم الديكتاتوري الحليفة لها ، ولكنها قد تضطر أحيانا ، الى استبدالها بأنظمة أخرى ، اذا ما اضطرت الى ذلك .

أنا شخصياً أرى هذا النهج واضحاً تماماً و بدون اي رتوش ، قد يفهم البعض كلام "تشومسكي" بمنحى آخر ، ويقوم باسقاط نظرية المؤامرة عليه ، ولكن الحقيقة ان أمريكا لم تدعم الثورات العربية اطلاقا ، امريكا حاولت فقط تجييرالنتائج لمصلحتها ، وحاولت التأثير على مجرى هذه الثورات ، وما حصل في مصر هو اكبر دليل على ذلك .

امريكا حاولت منذ البداية اقالة مبارك ، وتسليم الحكم الى المجلس العسكري ، وهذا ما حصل ، وبعد ذلك حاولت تلميع بعض الوجوه ، منها من كان مُعارضاً ومنها من كان أحد أركان نظام مبارك ، وبدات بالمفاضلة بينهم ، تمهيداً لاستلام الحكم ، مع استبعاد الاخوان وارضائهم بأغلبية مجلس الشعب ، والبلديات ... الخ ، ولكن السحر انقلب على الساحر ، ووصل الاخوان الى الحكم ، وما يحصل الآن في مصرهو محاولة اعادة ضبط الأمور من قبل الادارة الامريكية .

يخطىء من يظن ان امريكا سترضى يوماً بحُكم الاخوان او بحكم اي تيار اسلامي ، مهما كان هذا التيار معتدلاً او وسطياً ، ومخطىء من يظن أن امريكا تؤيد أقامة حكم ديمقراطي في بلادنا وعلى الأخص البلاد النفطية او البلاد التي لها تأثير على أمن اسرائيل.

ما يحصل من ثورة مضادة في مصر هو مخطط امريكي ، صحيح أن بعض القوى المدنية (أقول البعض منها) لها بالفعل مطالب اصلاح حقيقية لمسار الثورة ، واعتراضات منطقية على نهج الاخوان في الحكم ، ولكن التيار العام الذي يقود شحن الناس ، ويحظى بتغطية قانونية وقضائية وسياسية ، بل ويحظى بدعم رجال الأعمال هناك ، تحت غطاء اعلامي ضخم ، تم تكريسه فقط من أجل هذه الغاية ، هذا التيار لا يخدم سوى مصلحة امريكا واسرائيل في افشال الثورة المصرية والعودة الى النظام السابق ولكن بوجوه جديدة.

انا لا أقول أن الاخوان على حق في كل ما فعلوه ، أو انهم لم يخطئوا في بعض القرارات والسياسات ، ولكني اقول اننا نفتقد للمعارضة الوطنية السليمة ، وأقول أيضاً أن الأصوات التي تعلو الآن في الساحة المصرية أصوات غير بريئة ، خلطت الحابل بالنابل ، وأدت الى تغييب مبدأ الحوار بين القوى السياسية المختلفة ، وتمارس فعلياً ما يُعرف ب "ديكتاتورية الأقلية".

وعلى نفس المنوال ما يحصل في سوريا ،على ارض الواقع هناك . امريكا كانت وما تزال على ثقة تامة بأن سقوط النظام الحاكم في سوريا سيضر بمصلحتها وبمصلحة اسرائيل ، وكان المخرج الوحيد هو ايجاد نظام بديل يخدم مصالحها ، أو الابقاء على النظام الحالي مع اجراء بعض الاصلاحات التجميلية ، وتقديم بشار ككبش فداء ، وعندما فشلت امريكا في ايجاد البديل المناسب ، وعارض الحلف الروسي تنحي الأسد ، قررت امريكا (ومن يدور في فلكها) ان تضع البلاد في آتون حرب أهلية لا تُبقي ولا تذر ، بحيث تضمن ان اي نظام قادم يأتي من بعد الأسد لن يكون بمقدوره النهوض من مستنقع الوحل هذا ، وسيبقى غارقاً في مشاكل البلاد الداخلية ، و خاضعاً للغرب اقتصادياً نتيجة المديونية وبرامج اعادة الاعمار ، وبالنتيجة سيكون تابعاً لامريكا في كافة قراراته السياسية والسيادية .

هذه هي المؤامرة الحقيقية كما أراها انا .

أرى واجباً علي أن اتكلم بصوتٍ عالٍ وأستنهض همّة المثقفين "المحايدين" من أمتنا، لبلورة و تكوين وجهة نظر موحدة تخدم مصالح الشعوب . بالمختصر المفيد ، افشال الاخوان والحركات الاسلامية في بلاد الثورات العربية وباستخدام المواجهات والعنف والردح السياسي ، كما يحصل حالياً ، بدلاً من الحوار والاحتكام الى الوسائل الديمقراطية للتعبير ، لا يخدم سوى مصالح امريكا ، كما أن بقاء نظام الأسد واستمرار الحرب الأهلية هناك لا يخدم سوى مصالح امريكا واسرائيل في المنطقة.


دورنا ان ننتقد الأنظمة القائمة حاليا من خلال الوسائل الديمقراطية ومن خلال المعارضة الوطنية البناءة ، مع التشديد على استمرار نهج التغيير وتطهير مؤسسات الدولة من رموز الأنظمة البائدة في كافة بلاد الثورات العربية ، واستمرار عمليات اعادة بناء هذه المؤسسات من جديد ، وعلى رأسها أجهزة القضاء والاعلام والمؤسسة العسكرية .


أيمن أبولبن


9-2-2013



روابط ذات صلة :


http://en.wikipedia.org/wiki/Noam_Chomsky


https://www.youtube.com/watch?v=_KL9c7g3OGk



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق