السبت، 23 يناير 2010

كونوا رُحَماء


بمناسبة الذكرى الاولى للحرب على غزة ،أقوم بنشر هذه التجربة الشعرية، والتي كتبتها اثناء الحرب

كونوا رُحماء
عندما تمرّون من سمائنا الجريحة
النازفةِ دماً أبيضاً
والمحترقةِ لوعةً وحسرة
وتخترقون هذه الفوضى العبثيةِ المُمعنة في الدمارِ
وتقتربون من ضحايانا ، لتقبضوا أرواحهم …….
كونوا رُحماءَ ، معهم
لعلّهم يمحون صورة الحصارِ
والدمارِ
من ذاكِرَتهم
ويستبدِلون صورةَ الوطنِ الحُلم
بوطنٍ أجملٍ وأحلى
………. لعلَّ

——————————-

عندما تصعدون بأرواحهم الى السماء
توقّفوا قليلاً ……. في سَماءِ غزّةَ
دعوهم يشتمّون عبيرَها
ويجولون بنظرهم في أرجائها
دعوهم يُلقون نظرةَ الوداعِ الأخيرةِ
ويُسدِلون الستارةَ على وطنٍ
 ماتوا دونهُ
وطنٍ ، ولِدوا فيه
وعاشوا فيه
وماتوا فيه
دون ان يَنعموا به

——————————-

هناكَ ، في ذلك المدى المفتوحِ للرحيلِ
والغيابِ
اشلاءُ طفلةٍ
فقَدَت أباها في خريفِ الانتفاضةِ
فقدت دُميتها …..وحقيبتها المدرسيةِ
تحت انقاضِ ما تبقّى من بيتها
و هناكَ ، بقايا ما تبقّى من طفلٍ حريقٍ
كان يَحلُمُ أن يكونَ ……..
انساناً …..ليس إلا
يفيقُ في الصباحِ
على صوتِ المنبّه لا صوت الإنفجاراتِ
يتناولُ إفطاره مع صِغارهِ
يطبعُ قبلةً على وجنةِ حبيبتهِ
ويتوجّهُ الى العملِ
ينفثُ دخان سيجارته ، لاعناً رئيسه
يعودُ في المساءِ منهكاً …..متعباً
يشاهدُ التلفازَ
وآخر أخبار الحربِ على جُزر الهاواي
يشعر بغُصّة …….وينام

——————————-

عندما تنتزعون روح فتاةٍ
في مُقتبل العمر
فقدت حبيبها المراهقَ قبل يومينِ
ودّعت أشلاءَه
رأسه ، وطرَفهُ الأيمنُ مع بعضِ أجزاءِ ملابسهِ
وفي المساء تدفأت على رسائلهِ الغراميةِ
بعد أن نفذَ الغاز والوقودُ
كما نفذ الهواءُ
وكلُ شيءٍ هنا
سوى صوتُ الطائراتِ
والإنفجاراتِ
وصوتُ شهقاتِ الأمواتِ
لحظة أن ………. تقبضوا أرواحهم
لم يعُد للجمالِ عندها  معنى
ولا للوقوفِ أمام المرآةِ  
معنى
ولا الوقوفُ أمام نافذةِ البيتِ المطلّةِ على واجهةِ الشارع
لهُ معنى
ولم يعُد للنظراتِ والإبتساماتِ
وتبادُل الأشعارِ 
معنى
لم يعُد هناكَ معنى لأي معنى
هو معنىً واحدٌ بقِي لهذه الفتاة
أن تموتَ
وحدَها
لا لأن جلادَها يريدُها أن تموتَ
ولكن … لأن
على هذه الأرض ….. ما يستحقُ الموتَ من أجله
كما أن
على هذه الأرض ما يستحقُ الحياة

——————————-

عندما تقبضون روح مُقاومٍ
مقاتلٍ
صامدٍ
هنا  ، على هذه الأرض
رغمَ ما صار
وما يصيرُ
وما سيصيرُ
كونوا رُحماءَ معه
قد لا يبدو لكم أنه جُنديّ نظاميٌ
فهو لا يرتدي بزّةً عسكريةً كنُظرائِه
لا يلبسُ خوذةً ولا يحملُ على ظهره حقيبةً
فوضويّ الهندامِ
لم يتلقّ دروساً في العسكريةِ
ولا نياشيناً
لكنّه رضع حبّ هذا الوطن من آهات صدرِ أمه
ومن أوجاع أهله
ومن قِصص جدّته
أتقن رميَ الحجارةَ منذ نُعومةِ أظفاره
كانت اللعبةَ الوحيدة التي أحبها في صِباه
لم يُتقن لُعب الكرة ولم يهوى لُعب الورق
قد يبدو لكم متجهّما
عابساً
مطلقاً لحيته
بلا تشذيبٍ ولا عنايةٍ
ولكنّه يحملُ بين أضلاعه قلبَ طفلٍ كبير
لم يعرف الطفولةَ بعدُ
ولم يتّسخ بأقذارِ هذه الدنيا

——————————-

قد يقاومكم
عندما تقبضون روحه
ليس خوفاً من الموتِ
ولكن لأنه
إعتاد على المُقاومة
في ما مضى
و اليوم
هو أحرصُ ما يكونُ على الحياةِ
لأنه في هذه الليلة
عندما لوّح لأمّه مُودّعاً
تلوّع قلبُ أمه
وأظهر ما كان يُخفيهِ من خوفٍ   
في هذه الليلة
كان دُعاء أمه مختلفاً
عن ايّ ليلةٍ سواها
" يجعل يومي قبل يومك ، يمّه
يجعلك تدفنّي بايديك ، يمّه
ما يدفنّي حدا غريب "

كونوا رُحماءَ معه
ما كان لروحِه أن تُطاوعكم
قبل أن يبرّ بدُعاء أمه
كي لا يكون عصيّا
——————————-
أيتها الملائكةُ
تلكَ التي تقبضُ أرواح ضحايانا
و تصعدُ بها الى
آخر آخر مُنتهاها
كونوا رُحماء
كونوا رُحماء

أيمن أبولبن
 23-1-2010


الأربعاء، 20 يناير 2010

دعوة للحب



     قبل بضعة أيام ، قرأت أحد الأخبار المنشورة في أحد المواقع العربية ، والمُترجم عن أحد الصحف الأجنبية. الخبر عن دراسة  تقوم بطرح سؤال "ما هو مفهومك للحب" لعدة أطفال من أعمار مختلفة ومن طبقات إجتماعية مختلفة ، ومن ثم يتم تجميع هذه الأجوبة وتحليلها ونشرها .

   تم خلال هذه الدراسة جمع الآف المفاهيم  حول الحب ، كانت معظمها عادية وبديهية ، ولكن البعض منها ، حمل معانيَ عميقة ، ومفاهيم قد لا يدركها أكثر العاشقين والمولعينَ في عُمرنا ، و قد لا يدركها كازانوفا هذا العصر .

   بعض الإجابات التي لفتت إنتباهي ، كانت تحمل أكبر معاني الحب ، والتي فقدناها ، وتناسيناها. تناسينا لماذا نُحب ، وكيف نحب ، وكيف نحافظ على الحب ، وماذا يعني لنا الحبيب ، تعلمنا الرتابة والروتين ، وأصبح الحب وظيفةً ، ونشاطاً نقوم به كل يوم ، دون وعي او إدراك ، تماما كما نؤدي وظيفتنا ، ونقوم بأعمالنا ، كما نستقل سيارتنا كل يوم ونصل الى مقر العمل ، وبعد ثواني معدودة ، ننسى ما حصل معنا على الطريق ، ولا ندرك ماذا فعلنا وكيف وصلنا ، لأننا تعودنا على ذلك ، كل يوم ، ولم نعد نستمتع بما نفعله .
   هل فعلاً ما زلنا نفعل ما يُحبه الطرف الآخر ، من أجل إسعاده فقط ، هل ما زلنا نضحي من أجل الحبيب ، ام أننا أصبحنا في عصرِ التفاوضِ والمساومات ، هل ما زلنا نتغاضى عن عيوب الحبيب ، ام اننا نتلقف هفواته ، وأخطائه ونتسلح بها ، هل ما زال الحبيب هو الأحلى والأجمل ، والأغلى ، هل ما زلنا قادرين على العطاء ، كما كنا من قبل ، هل ما زلنا قادرين على الصفح ، هل ما زالت قلوبنا تخفق في حضرة الحبيب ، وهل ما زلنا على الوعد !!؟؟

   في زماننا هذا ، أعتقد أننا فقدنا بوصَلتنا في الحياة ، وفقدنا الإتجاهات ، بل وفقدنا الحافز لتحقيق الهدف ، لأن الهدف لم يعد واضحاً وجلياً كما كان ، أهدافنا أصبحت هُلامية ، غير محددة ، أصبحنا كحصان اشترك في سباق السرعة والتحمل في آن واحد ، علينا أن نكون أول المتسابقين ، و أن نصل الى ذلك الهدف البعيد ، عبر رحلةٍ مضنية ، يجب علينا أن نحارب التعب ، والارهاق ، والظروف المحيطة ، وأن نحترم قوانين السباق ولوائح التعليمات ، وفوق كل هذا ، يجب علينا أن نٌمتِع المشاهد ، ونستحقّ التصفيق ، وفي خضم كل هذا ، ننسى لماذا اشتركنا في هذا السباق بدايةً !!!؟؟؟

   هناك سؤال يجب على كل واحد فينا ، أن يسرق الوقت خلسةً ، وعلى غفلةٍ ممن حوله ، ويطرحه على نفسه ، ليس من أجل الإجابة عليه ، بل لإزالة الغشاوة لبضعة لحظات عن عينيه ، من أجل أن نعود الى البدايات ، وأن ندرك حقيقة الأشياء ، لعلنا ندرك حقيقتنا ، لعلَّ.  لماذا أنا هنا الآن ، حيث أنا ؟؟ ولماذا افعل ما افعله ؟؟ وهل أنا سعيدٌ بما افعله ؟؟

أعاود طرحَ هذه الاسئلة على نفسي بين حينٍ وآخر ، وأجد ذلك مفيداً ، ليس بالضرورة أن أقوم بالتغيير ، ولكني على الأقل أعود الى حيث أنا ، وأفعل ما أفعله ، وانا اعلم أني سعيد بما أفعله .

    أيها الأطفال ، علمونا كيف نعود الى بدايات الأحلام ، وأن نعلّق أحلامنا أقماراً في سماء مهدنا ، نزهو بها كل مساء ، علمونا كيف نستعيد شبابنا وأحلام الطفولة ، علمونا كيف نستريح من دوامة الحياة ، ونتفيءُ ظلال الحب من جديد ، علمونا كيف نوقدُ شمعة الحب من جديد ، بعد ان أطفاتها ظلمةُ قلوبنا ، أيها الأطفال ، أعطونا بوصلتكم ، كي تهدينا الطريق ، علمونا كيف نحب …….. من جديد

    هذه دعوة للتأمل ، والوقوف للحظات ، في محاولة إستعادة البدايات ، والأحلام ، وإعادة صياغتها من جديد ، إعادة النظر في حياتنا اليومية وكسر روتينها ، هي دعوة لإحياء الحب من جديد ، لإعادة الألق لقلوبنا  …… دعوة للحب .

اترككم مع بعض الإجابات المثيرة لهذه الدراسة

ماهو الحب؟؟

ريبيكا – 8 سنوات

عندما اصيبت جدتي بالتهاب المفاصل لم تكن تستطيع ان تنحني لتضع الطلاء على أظافر قدميها , فكان جدي يقوم بذلك لها كل مرة على مدى عدة سنوات , حتى بعد أن أصيب هو بالتهاب المفاصل في يديه لم يتوقف عن القيام بذلك لها .. هذا هو الحب كما أراه ...'

بيلي – 4 سنوات

عندما يحبك شخص ما , فإنك تشعر بأنه ينطق اسمك بشكل مختلف عن ما ينطقه بقية الناس , انك تشعر بأن اسمك بأمان في فمه '

كارل – 5 سنوات

الحب هو عندما تضع المرأة عطرا على جسدها ويضع الرجل عطر ما بعد الحلاقة ويخرجان سوية ليشم أحدهما الآخر '

كريسي – 6 سنوات

الحب هو عندما تخرج مع أحدهم وتعطيه معظم البطاطس المقلية الخاصة بك دون أن تلزمه بأن يعطيك البطاطس الخاصة به '

تيري – 4 سنوات

' الحب هو ما يجعلك تبتسم حتى وإن كنت متعبا للغاية '

داني – 7 سنوات

الحب هو عندما تصنع أمي لأبي قهوة ثم تأخذ منها رشفة بالملعقة لتتأكد أن مذاقها لذيذ '

نيكا -6 سنوات

إذا أردت أن تتعلم عن الحب أكثر فعليك أن تبدأ بحب أصدقائك الذين تكرههم '

نويل – 7 سنوات

' الحب هو عندما تخبر شابا بأنك معجب بقميصه فيقوم بارتداء نفس القميص كل يوم لأجلك '

كلير -6 سنوات

' أمي تحبني أكثر من أي شخص آخر , إنها تقبلني في الليل حتى أغفو نائمة

إلين – 5 سنوات

الحب هو عندما تختار أمي أفضل جزء من الدجاجه وتعطيه لأبي '

كريس -7 سنوات

' الحب هو عندما ترى أمي أبي غارقا في عرقه ورائحته منتنه وتقول له أنه أكثر وسامة من روبرت ردفورد

ماري أن – 4 سنوات

الحب هو ان يركض اليك كلبك فرحا ويلعق وجهك رغم انك تركته طوال النهار بمفرده '

لورين -4 سنوات

أختي الكبرى تحبني كثيرا لدرجة أنها تعطيني ملابسها القديمة لأرتديها وتضطر هي لشراء ملابس جديدة '  

كارين - 7 سنوات

عندما تحب فإن رموش عينيك تبدأ في الصعود والنزول وتخرج نجوم صغار منك '

مارك -6 سنوات

الحب هو عندما تشاهد أمي أبي وهو جالس على كرسي الحمام ورغم ذلك لا تشعر بالتقزز '

جيسيكا -8 سنوات

لا يجب أن تقول لشخص ما انك تحبه إلا إذا كنت تعنيها فعلا , وإذا كنت تعنيها فعلا فعليك أن تقولها له كثيرررررا .. لأن الناس يعانون من النسيان ويحتاجون إلى من يذكرهم '




في النهاية اليكِ هذه القصة الراااااااااائعة التي أوردها المؤلف ليو بسكاجيا والذي طلب منه أن يكون حكما في مسابقة لاختيار أكثر الأطفال حنية ( من الحنان ) وأكثرهم اهتماما بالآخرين

يقول ' خضت المسابقة وكان الفائز الأول بلا منازع هو طفل في الرابعة من عمره وتتلخص حكاية الطفل فيما يلي :

كان الطفل جالسا في فناء البيت ولاحظ أن جارهم المسن كان جالسا في حديقة منزله ويبكي بحرقة بعد أن فقد زوجته التي توفيت وتركته وحيدا , عندما شاهد الطفل ذلك المشهد ذهب إلى الجار وجلس في حضنه , وعندما عاد بعد فترة سألته أمه ماذا صنعت مع ذلك الجار أجابها :
 ' لا شيء .. لقد ساعدته على البكاء !!'



الأربعاء، 13 يناير 2010

كتاتيب القرن الواحد والعشرين


ردا على مقالة " كلام ربي.. كلام ربي !! "

د. صنهات بدر العتيبي

الموجودة على الرابط التالي ، وتجدونها ايضا في اسفل المقالة

http://www.islameiat.com/main/?c=54&a=3977
                                          
كتاتيب القرن الواحد والعشرين

 اعتقد ان هذا الموضوع بالذات هو اكثر المواضيع حساسية فيما يخص مجتمعاتنا الاسلامية ، لانه يعزف على وتر حساس جدا ، وتر القيم المتوارثة ، ومدى جدوى الالتزام بها بحذافيرها ، او تجديدها ، والمقالة الموجودة على الرابط اعلاه ، تمثل وجهة نظر مطروحة منذ الازل ، وهي التمسك بالثوابت وبالموروث ، والتي يتبناها المجتمع بشكل عام على السليقة او بالفطرة ، فطبيعة البشر بشكل عام ، هي الاستقرار والتعايش مع الواقع دون رغبة حقيقية في التغيير او التبديل ، وتاريخنا البشري يعلّمنا ذلك ، وكما ورد في القرآن بأن كل نبي ورسول كان يُواجه بالرفض وبالمقولة المتكررة " هذا ما وجدنا عليه آباءنا " ، هي العادة اذا ، دون الحاجة الى الخوض في أعماق هذا الموروث واخضاعه للمنطق، هل ما تعودنا على فعله منطقي وصحيح ؟؟!! هل هناك طريقة افضل من هذا الفعل لتحقيق نفس الهدف ؟؟!! 

   لقد علمتنا الادارة الحديثة اننا  اذا اخضعنا كل اعمالنا لهذين السؤالين فاننا بالتاكيد سنكون ناجحين بل ومبدعين في العمل ، وكذلك في حياتنا .

   كما هي عادة البشر في رفض كل ما هو جديد ، نحن ايضا كمسلمين لا نختلف عنهم ، فنحن نعتقد ان كل موروثوتنا من العادات التي ترتبط بالمجتمع هي موروث ديني ويجب ان نتمسك به ، والتفريط به يكون تفريطاً بالدين ، بل (قلة دين) ، ونظرا لوجود الخير فينا بالفطرة ، نقوم بحجب هذه المواضيع الحساسة والحرجة والتي تخص مجتمعاتنا عن عقولنا ، ولا نسمح لانفسنا بمجرد التفكير بها وإعمال العقل والمنطق بها ، ولعل ما يزيد الامر سوءاً هو المخططات التآمرية التي تحيط بنا من اجل النيل منا ومن عقيدتنا ، مما يدفع المسلم الى ان يزيد تمسكاً بالموروث ، كرد فعل طبيعي على هذه المؤامرات ، وهذا ما ذهب اليه الكاتب الذي ثارت حفيظته من هذه الافعال ، وذهب الى ما ذهب اليه ، فلا نحن غيرنا من أنفسنا نحو الأفضل ، ولا أصلحنا اخطاءنا ، وبقينا نراوح مكاننا متخندقين خلف الموروث .

    كل نقدٍ يوجه لنا ، يحمل وجهين ، وجه الانتقاد ، والتهجم والاساءة ، ووجه آخر ايجابي ، النقد البناء ، الذي يدفعنا الى التعلم من اخطائنا ، والتقدم نحو الافضل ، نحن فقط نحدد اي وجه نختار التعامل معه .

   اعتقد اننا كأناس مثقفين ، يجب علينا اولاً وقبل كل شيء ان ننهض بمجتمعاتنا ، وان نؤثر فيها ونقودها نحو الافضل ، وهذا لا يأتي الا بالتغيير والتجديد والاضافة ، مع المحافظة على الثوابت ، ولعل أهم معضلة تواجهنا هي تحديد ثوابتنا ، وتعريف الخطوط الحمراء التي لا يسمح بتجاوزها ، والتي هي باعتقادي الكتاب والسنة فقط ، وما عدا ذلك يجب علينا ان نطلق العنان لمفكرينا ومثقفينا ومبدعينا لكي يعملوا ويجتهدوا وينهضوا بهذه الأمة .

      بالعودة الى المجتمع السعودي وهو لب القضية في المقالة المرفقة ، فكما هو معلوم ومتداول في الاوساط المختلفة ان التنمية الحقيقية لهذا المجتمع لم تأخذ مكانها حتى الآن ، وان ميزانية الدولة الهائلة والانتعاش الاقتصادي الهائل لم يعد على البلد بأي منفعة استراتيجية بعيدة المدى ، فلا توجد هناك اي صناعة متطورة قادرة على المنافسة عالمياً ، ولا يوجد اي استثمارات مدروسة تجلب راس المال الاجنبي وتحافظ عليه ، ولا يوجد اي استثمار حقيقي في تهيئة الاجيال القادمة لأن تكون ريادية في مجالات الصناعة او البحوث العلمية او الاعمار والعقار ..... الخ ، لا يوجد تنمية حقيقية في حقول التعليم والجامعات ، لا يوجد تنمية حقيقية في مفاهيم هذا المجتمع عن الآخر ، وقبول الآخر وقبول الاختلاف مع الآخر ، والاختلاف في الاجتهاد وفي الرؤية ، لا يوجد حقوق للمرأة مقارنة مع دول اخرى في المنطقة ، العقلية النمطية التي يتبناها هذا المجتمع ورفضه للتغيير وللتجديد ، اصبحت تسيء ليس فقط لهذا المجتمع بل وللاسلام ايضا .

  ماذا بعد عصر النفط !!؟؟ الم يحن الوقت لنجيب على هذا السؤال ، ماذا سنفعل بعد ان ينتهي هذا الذهب الاسود ؟ ما هو العمر الافتراضي للبترول ، هل من اجابة ؟! ، هل من اجابة للتساؤلات التي ستتوالى بعد هذه الاجابة !!؟؟ ماذا اعددنا للجيل القادم من ديمومة لاسباب الرقي والتطور والحضارة ؟  

 التقوقع حول دراسة علوم الدين والكتاتيب لن تجعلنا نصنع صاروخاً او قمراً صناعياً ، ولا أن نقدم للبشرية اختراعاً جديداً يُحدث فارقاً ، ولن تجعلنا من صفوة الأمم ، العودة الى الكتاتيب ، لن تجعلنا نخترع كمبيوتر جديد ، او انسان آلي. اذا أردنا ان نكون من المجتمعات المتقدمة ، يجب ان نطور من أنفسنا ، لا ان نعود الى الخلف .
   
عمر بن الخطاب ، وهو أحد أهم رموز هذه الأمة ، كان مجدداً ، وقام بادخال عدة مفاهيم جديدة لمجتمعنا وعاداتنا ولديننا ايضا ، وواجه نفس الصعوبات ، ونفس المقولات ( هذا الفعل لم يأتِ به رسول الله ) ، نعم ، كان يسمع ذلك ويرد عليه بشكل عملي ويُثبت ان هذا الفعل ليس تغيير للنهج بل اضافة له للأفضل ، والامثلة على ذلك كثيرة ولكن أهمها هو جمع القرآن ، وبفضل هذا الجمع تسنّى لنا في هذا الزمن ان نقرأ القرآن دون تحريف او لغط او اختلاف في اللهجة ، وعلى يد عمر اجرى الله وعده بحفظ هذا الكتاب ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ). جمع الناس في صلاة التراويح بدلا من الصلاة النافلة ، ايقاف تنفيذ عقوبة السارق في وقت العسرة ، وايضاً ادخال الديوان الى مراكز الدولة والبريد وامثلة اخرى

     لو عدنا للمقال ، وقرأناه مرة اخرى دون ان تأخذنا الحمية ، لوجدنا أن الكاتب وبدون ان يعلم او يقصد ذلك ، يغلق الباب امام أي تطور وأي تغيير ، والحجة بذلك ان الطرف الآخر يريد النيل من ديننا وهدمه عروة عروة ، وهذا باعتقادي ليس بمكانه ( أقصد ان التغيير سيهدم الدين بالضرورة ). أعتقد اننا طالما تمترسنا خلف هذه الحجة ورفضنا اي تغيير او تجديد ، فأن حالنا لن يتغير ، وسنقوم نحن هذه المرة بلعب دور الأبله الذي وصلت له التكنولوجيا الحديثة وظن انها جان فولّى مدبراً او جمع الحشود من حوله لفك طلامسه.

   يقول غاندي ( انني لا اريد ان ترتفع الجدران حول بيتي ولا ان يُحكم اغلاق نوافذي ، أريد ان تهب ثقافة كل الارض حول بيتي لكنني ارفض ان تقتلعني ريحُها من جذوري )

مشكلتنا انه كلما هبت الرياح حول بيتنا ، قمنا فاغلقنا النافذة

أيمن أبولبن
13-1-2010


مقال من الوزن الثقيل ( كلام ربي.. كلام ربي؟!! )
د. صنهات بدر العتيبي
يُذكر أن عكرمة ابن أبي جهل (رضي الله عنه) كان إذا جاء يقرأ القرآن يـبكي ويقول "كلام ربي.. كلام ربي"!! هذا وهو الفتي الذي تسري في شرايـينه جـينات أكبر أعداء الله في تاريخ الإسلام (المدعو أبو جهل)؟! فما بال أبناء الشيوخ المؤمنين يخوضون في علوم القرآن أو يهملون القرآن أو يستهزؤون بمن يدرس القرآن أو يقللون من شأن من يحفظ كلام ربه لعل ربه يحفظه؟! يا لهذا الزمن الغريب الذي ظهر في آتونه من يقول أن تحفيظ القرآن أو تدريس العلوم الشرعية "سر" تخلفـنا عن الأمم، هكذا بدون رتوش وبدون مواربة؟! يا للجراءة على القرآن في ارض القرآن؟!
الغريب حقاً في زمن الغربة هذا أن التقليل من شأن القرآن لم يعد "فعلا" منقطعا أو "صدفة" حادثة ولكنه فعل ضمن سلسلة مخطط لها من الأفعال والأقوال والتصريحات المتلفزة لتـتوافق مع "شـنشـنة" أعرفها من جوقة الليبراليين الفاسدة؟! فقد ترددت الدعوات لمنع "ميكروفونات" الأذان لأنها قد تزعج بني رغال؟! ويطرح الآن استـفـتاء وراء استـفـتاء في صحف صفراء حول موضوع إغلاق المحلات وقت الصلاة ( هل ضيقت عليهم ربع ساعة من ذكر الله)؟! ومازال الهجوم مستمرا على خطبة الجمعة وزيارة القبور ومدارس التحفيظ والدعوة إلى الله وبطبيعة الحال ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! هناك من يقول أن كل ذلك يأتي من باب "جس النبض"؟! ولكن اعتقد أنها تأتي من منطلق " تسجيل أهداف" واستغلال فرصة الغوغاء التي حدثت في خضم الحرب العالمية على الإرهاب؟! إنها محاولات لتكسير "المقدس" تدريجياً ونزع القيم الإسلامية عروة عروة فقد قال عليه الصلاة والسلام ( ينقض الاسلام عروة عروه) وفي ذلك مصداقا لحديث المصطفى صلى الله علية وسلم حول تغريب الإسلام حيث قال ( بدأ الإسلام غريـبا وسيعود غريـبا كما بدأ فطوبى للغرباء) وزاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال (الذين يصلحون إذا فسد الناس (وفي لفظ آخر (الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي) وفي لفظ آخر (هم النزاع من القبائل) وفي لفظ آخر (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير) رواه مسلم.

هذا القران هو "الحياة" لنا والفخر لأجيالنا وقد وصفه من لا ينطق عن الهوى فقال صلى الله عليه وسلم (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم..) إلى أن قال (هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم) أخرجه الدارمي. القرآن هو معجزة الإسلام الأولى وسلاحه الأشد في الحرب والسلم به يُطلب العدو وبه تدفع الغزاة وفي باطنه جل ثـقافة الإسلام وتعاليمه. لذلك كان القرآن دائما المستهدف الأول في المعركة الأزلية بين الحق والباطل فهذا كذاب اليمامة حاول تقليد القرآن والتقليل منه ثم تولى القساوسة زمام المبادرة في التهجم على القرآن بدءً من يوحنا الدمشقي والقس البيزنطي نيكيتاس الذي فرغ حياته الكسيفه للطعن في القرآن فخاب وخسر وسقطت بيزنطة في يد الأتراك العثمانيين لأنهم كانوا يحملون القرآن وعندما بدلوه تبدلت حياتهم إلى فقر وتـشرذم وتواضع في ميزان القوة الدولي وهاهي أوروبا تضن عليهم من الدخول في الاتحاد الأوروبي؟! وعمل المستشرقون عملتهم بالتشويش والتقليل من القرآن وعملت استخبارات الانجليز النون وما يعملون من اجل السيطرة على الهند المغولية المسلمة بفصل القرآن عن حياة الناس وتفكيرهم فغدوا مثل الهندوس لا يهشون ولا ينـشون؟!
ولعل اكبر هجوم على القرآن نـشاهده الآن من الهولندي البغيض فيدلر والأمريكي المتعصب مايكل سافدج ثم في صحف الفئة التغريـبـية الضالة حيث يتم التسويق لمفهوم "العقلانية" وهي بلا شك تمثل المسمار الأول في نعش كل المفاهيم الإيمانية التي يحفل بها القرآن ويدعو إليها؟! العقلانية منهج فاسد ينفي أول ما ينفي الوحي وفي ذلك هلاك الأول والتالي من قيمنا ومنهجنا الفكري فكيف يصعد مناصرو هذه الفلسفة الخائبة على المنابر الإعلامية ويحتلوا مساحة كان من الأفضل أن تُـنشر فيها إعلانات الوفيات؟! اليوم كما نرى في صحف الوطن المعطاء، شحذ كتّاب المارينز أقلامهم ورموا عن قوس واحدة يسعون لإبدال القرآن بالفلسفة والهرطقة و"كلام نواعم"؟! وتقديم أقوال كانط وسارتر وروسو وغيرهم من حثالة الغرب على قال الله وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟! وقد تجرأ دكتور اللسانيات (قطع الله لسانه) ليقلل من شأن الإعجاز العلمي في القرآن في حين اعترف الباحثون والمتخصصون في الطب والعلوم والفلك بالإعجاز الرهيب والتحدي الكبير الموجود في كتاب الله؟! ثم جاءت الطامة بمستوى متطور عندما كتب أحدهم يدعو إلي التخفيف من حصص أو دروس القرآن والعلوم الدينية على طلاب المدارس؟! عندها تذكرت "كذاب اليمامة"؟! وعروسته الحمقاء سجاح التي امهرها بالتخفيف على الناس من الصلاة؟!
كما تهتـز الأرض تحت العيص لابد وأن تهتـز مشاعر المسلم وهو يستمع لمن يقترح التخفيف من تدريس القرآن للأجيال الصغيرة؟! ليت شعري، ماذا ندرسهم غير القرآن؟! إذا كانت الاقتراحات مقبولة وتأتي من أي كان؟ والصبـيان باتوا يتحدثون عن مجتمعنا ومشاكله (وحتى شواذ الإعلام اللبناني يناقـشون حجابنا وقيمنا ومناهجنا التعليمية على الفزاء مباشرة؟!)،
فأنا احمل دكتوراة الفلسفة في الإدارة الإستراتيجية من جامعة أمريكية معروفه لذا اقترح أن نعود اليوم وليس غدا إلى "عصر الكتاتيب" ونركز على تحفيظ القرآن للأجيال الصغيرة فذلك لهم شرف ولأمتهم رفعة ولن يأتي لهم إلا بالعزة والتمكين .. هيا بنا نـقرأ { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } ؟!
على الأقل إذا لم يستـفيدوا من النفط في بلاد الذهب الأسود فليغادروا هذه الدنيا وفي قلوبهم آيات بـينات من كتاب عظيم؟!

في عصر الكتاتيب اخترعنا الجبر وأدهشنا العالم بالخوارزميات وأرسلنا "ساعة" هدية إلى ملك ألمانيا فجمع رجاله وقال لهم " اخرجوا الجني من هذه الملعونة"؟! في عصر الكتاتيب أسر المصريون ملك فرنسا ولم يطلقوا سراحه إلا بفدية ثمينة وليتهم والله علقوه كما عُلق صدام؟! في عصر الكتاتيب دفع الروس الجزية لبـيت مال المسلمين غصب(ن) عليهم وبقي الفرنسيون على وجل لأن جيوش الحافظين وليس منتخبنا الوطني لكرة القدم تعسكر على بعد 20 كيلومتر فقط من عاصمة النور؟! ولم ينم الناس في روما قرونا عدة لأن جيوش التوحيد تسيطر على صقلية ويفصلهم معبر مائي صغير عن ارض الطليان؟! وفي عصر الكتاتيب كتب زعيمنا هارون الرشيد لزعيم الروم يقول "من هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم: الجواب ما تراه لا ما تسمعه"؟! أما اليوم فقد ولغت كلاب الروم في دماء أهل عاصمة الرشيد كما لم يفعل المغول من قبل؟! في عصر الكتاتيب إذا صفعت امرأة عربية في أي بلدة من المعمورة أصبحت بلدة مطمورة حيث تستـنفر الجيوش وتـتحرك الكتائب فتدك القلاع والحصون ( بلا أمم متحدة بلا هم)؟! أما اليوم فقد بحت أفواه الصبايا اليتم في بلداتـنا العربية ذاتها والمعتصم يتمشى في الشانزيليزية؟!

إذا أهملنا القرآن وآياته البـينات أين سنذهب؟ وماذا سنحقق؟ هل سنصل إلى المريخ (لا نريده)؟! هل سنصنع صواريخ (لا نريدها)؟ هل سندخل نادي القوى النووية (لا نريدها)؟ نحن لا نريد إلا القرآن فهو يوصلك إلى ما هو أبعد من المريخ (الله عز وجل يذكرك فيمن عنده)؟! قال صلى الله عليه وسلم (إن القوم الذين يجتمعون يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم تـنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده)، وأي شرف أكبر من هذا الشرف!! هذه الحمر المستـنفرة كأنها فرت من قسورة هل تضن علينا أن لا يذكرنا ربنا فيمن عنده؟! وقد اثبت القران انه أقوى من الصواريخ والقنابل النووية؟! فكل ما في مفاعل ديمونة من صواريخ وقنابل توازنت في الرعب والأثر مع شاب فلسطيني حافظ للقران على صدره يتجه إلى مطعم إسرائيلي يحمل لهم "هدية صغيرة" مربوطة على صدره؟ فأنسحب يهود شارون من غزة وهم صاغرون؟! والقران أقوى من الحواسيب والتـقنية فاليوم مثلا قد لا تستطيع أكثر نظم مساندة القرارات تطورا حساب قسمة الميراث ولكن القرآن حسمها في آيات معدودات تـتلى منذ أربعة عشر قرنا إلى يوم يبعثون؟!

سنظل نسمع كلامهم ونرفع اكفنا ونقول "اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، اللهم اجعله شفيعاً لنا، وشاهداً لنا لا شاهداً علينا، اللهم ألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، اللهم حبِّب أبناءنا في تلاوته وحفظه والتمسك به، واجعله نوراً على درب حياتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين، سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين".