قال
الله سبحانه وتعالى عن المُفسدين من بني اسرائيل
(كلَّمَا
أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
وخاطب
السيد المسيح اليهود الذين خالفوا تعاليمه قائلاً:
(إِنَّ
بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ)
أما
في الأدب العالمي، فتم تصويرهم بما يستحقون؛ شخصية "شايلوك" التاجر
الجشع في رائعة "تاجر البندقية" لشكسبير، المُرابي الذي يقتصّ من
المدينين لحمهم البشري!
شخصية
"سكروج" في رواية تشارلز ديكنز التي أصبحت مُصطلحاً مستعاراً في الأدب
العالمي، للإشارة إلى كلِّ بخيلٍ مُقيت!
رئيس
العصابة "فاجن" في رواية أوليفر تويست، الذي يخطف الأولاد ويُكرّسهم
لعمليات النهب والاحتيال!
لقد
احتفظ التاريخُ بما صنعه اليهود المتعصبّون، في كل العواصم الأوروبية التي قطنوا
فيها، حيث تشير الدراسات التاريخية أن اليهود هم من أنشأوا ما يُعرف بالسوق
السوداء، وتجارة الجنس، والربا (الدين الآجل بفوائد باهظة)، لقد كان اليهود
المتعصبون -الذين أنشأوا الحركة الصهيونية لاحقاً- على مر العصور مثالاً حياً لما
وصفهم به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، وكما ذكرت في مقدمة مقالي هذا
(يسعون في الأرض فسادا) أي أنهم يهدفون ويخططون وينفذون مشروعاتهم التخريبية عن
سبق إصرار وعزيمة، لبث الفتنة والحروب والفساد في كل المجتمعات، منطلقين من
إيمانهم بأن الله فضّلهم على العالمين، وأنه ما خلق باقي الأمم سوى لخدمة الأمة
اليهودية-الصهيونيّة!
ومن
أجل هذا كلّه، قام الأوروبيون في القرن السادس عشر بوضع الجاليات اليهودية في
كانتونات ومساكن شعبية سُميّت "الغيتو" أو "الحارة اليهودية"،
حيث منعوهم من الاختلاط معهم لأنهم أدركوا أن هؤلاء المتعصبين لا يصلحون للعيش
المشترك مع الحضارات والقوميات المختلفة، ثم تخلصوا منهم في القرن العشرين بأن
منحوهم أرضنا بعيداً عنهم كي يستريحوا من همومهم ومشاكلهم، وهكذا أصبحنا نحن
"العرب" المشكلة والعائق أمام سلام وأمن العالم!
لهذا
كان -وما زال- اليهودُ أمّة واحدة منغلقة على نفسها، لا يعترفون بحقوق متساوية مع من سواهم، والدليل
على قولنا هذا أن دستور دولة إسرائيل جعل المواطنة من حق كل "يهودي"، فتحوّلت
المواطنةُ المدنيّة القائمة على الحقوق المتساوية والعيش المشترك بين فئات
المجتمع، والقيم الانسانية "الحرية والعدالة والمساواة" إلى هوية
طائفيّة عنصرية قائمة على الدين، وبهذا تكون دولة اسرائيل (دولة الاحتلال) الدولة
الوحيدة في العالم القائمة على أصولٍ دينيّة!
في
روايته "أبناء الغيتو"– التي أنصح الجميع بقراءتها – يتحدث الأديب
اللبناني إلياس خوري عن تفاصيل مجزرة اللدّ التي ارتكبها الصهاينة عام 1948 في خضم
معركتهم لاستعمار فلسطين، وكيف حوّل جيش الاحتلال الصهيوني مدينة اللدّ إلى
"غيتو" آخر للفلسطينيين ومارسوا على سكان المدينة الأصليين، كل صنوف
العذاب والبؤس التي تعرّض لها اليهود في أوروبا، من "الغيتو" إلى
"الهولوكوست".
لقد
تقمّص جيش الاحتلال شخصية الأوروبي القاتل، بأكثر صوره بشاعةً، ثم قام بإسقاط
شخصية الضحيّة على العرب الفلسطينيين، فمارسوا عليهم أبشع الجرائم من حصار ٍ وحرمان
من الماء والطعام وحليب الأطفال، ثم أوسعوا فيهم قتلاً وتمثيلاً، ثم أجبروا
الأحياء الباقين على تنظيف المدينة من الجثث ثم حرقها!!
" هل
تستطيع أن تتخيل معنى أن يبدأ صباحك برائحة الجثث المحترقة؟ صار عمري أكثر من
سبعين عاماً و هذه الرائحة ترافقني، عليّ كل صباح أن اخرج إلى الحديقة حتى لو كانت
الحرارة ١٥ تحت الصفر، أخرج كي أتنشق الهواء و أبدّد الرائحة"!!
لقدأصرّت
دولة الاحتلال عن وعي أو غير وعي منها، على أن تحفر في ذاكرة كل جيلٍ من أبناء هذه
المنطقة، ذكرى
حربٍ ومجزرةٍ دموية، ووصمة عار ٍعلى جبين الإنسانية!
يصرّ
القائمون على هذه الدولة أن يزرعوا الكراهية والحقد في صدور الأجيال المتعاقبة،
جيلاً بعد جيل، ولا أعلم إن كان هذا عن عمدٍ وإصرار، أم هي طبيعتهم التي لا يستطيعون
تغييرها ولو حاولوا جاهدين!
لن
أنسى ما حييت قصص والدي عن إحتلال عام 1948 ومجازر دير ياسين وقرية الطنطورة وخان
يونس، وعن نكبة 1967، عدا عن الكم الهائل من التوثيقات والروايات والأرشيفات التي
قرأتها وتتحدث عن جرائمهم وبشاعة أعمالهم.
أضف
إلى ذلك مجزرة بحر البقر عام 1970 في محافظة الشرقيّة في مصر، وقتل الجنود
المصريين الأسرى عام 1973، ودفنهم في مقابر جماعية وأيديهم مكبّلة!
وما
أن دخلت العقد الثاني من عمري، إذا بأحداث غزو لبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا تدقّان
الأبواب، تلاهما مذبحة الأقصى عام 1990 والحرم الابراهيمي عام 1994، وقانا 1996 ومجزرة
جنين عام 2002.
ثم
انتقلت المجازر الصهيونية، إلى الجيل الثالث مع حروب غزة المتعاقبة وصولاً إلى
يومنا هذا ومجازر المستشفى المعمداني وكنيسة الروم الأرثوذكس، وقبلها قصف مدرسة
الأونروا عام 2009.
ينتقل
الثأر بين أبناء هذه المنطقة من جيلٍ إلى جيل، رغم أنفنا!
أجزم
بأن لكل جيل في هذه المنطقة تأرٌ عند هؤلاء الصهاينة، وكأنهم يزرعون الحقد والبغض
أينما حلّوا وأينما أقاموا!
وللأسف فقد نجحت
الحركة الصهيونية -رغم تاريخها الدموي- في تزييف الحقائق وقلب الوقائع فيما يخص
قضية فلسطين لأسباب عديدة من أهمها امتلاكها للوبي صهيوني قوي قادر على التأثير
على دوائر إتخاذ القرار بالإضافة الى سيطرتها على وسائل الاعلام الغربية وصناعة
السينما.
ولعل
الكذبة الكبرى التي سخّرتها الحركة الصهيونية لمصلحتها هي حَصر العرق السامي
بمعتنقي الديانة اليهودية واختراع تهمة "معاداة الساميّة" بهدف تحصين
اليهود الصهاينة أفراداً ومؤسسات، من المحاسبة والملاحقة القانونية بل واغتيال
شخصية كل من يخالفهم فكرياً.
بمعنى
آخر لقد توافق العالم الغربي اليوم على وضع اليهود الصهاينة في منزلةٍ فوق كل
البشر!
لهذا
أقول في الختام، بأني أعترف بكامل قواي العقليّة وصحتي النفسية أني مُعادٍ
للساميّة!
أيمن
يوسف أبولبن
كاتب
ومُدوّن من الأردن
3-11-2023