الناسخ و المنسوخ
يعد موضوع الناسخ والمنسوخ من أهم المواضيع التي
طرحها هذا البرنامج، وقد استغرق نقاشها عدة حلقات.
أهم ما ورد في هذه
الحلقات :
·
قضية
الناسخ و المنسوخ هي وهم وتلبيس ، ولا يوجد في القرآن ناسخ و منسوخ
·
أينما
وجدت قضية ناسخ ومنسوخ ، فهناك خطأ في التفسير
·
لا
توجد آيات قرآنية مرفوعة
·
لا
يوجد أحكام منسوخة
·
قول
الله لا يبدل
·
النسخ
يعني ان هناك اختلافا في كتاب الله وهذا لا يجوز
·
لا
يجوز أن ننسخ آية بحديث نبوي
·
لا يصح
أن نقول أسباب النزول وانما مناسبة النزول
·
تم
مناقشة القضايا التالية :
o موضوع تغيير القبلة
o قصة تحريم الخمر على مراحل
o حد الزنا هو 100 جلدة ولا يوجد نص على رجم الزاني المحصن
o القصاص
o أحكام الصوم ، وإباحة المعاشرة الزوجية بعد الإفطار
o الوصية لمن له حق في الوراثة
o الزنا ليس بحاجة الى اربعة شهود
o آية السيف ( سورة التوبة )
وهذه ملاحظاتي على هذا الموضوع
بادىء ذي بدىء،
أود التنويه الى أن هذا الموضوع هو موضوع جدلي، تم طرحه في زمن الجيل الأول، وما
زال مطروحا حتى وقتنا هذا، وسيظل هذا الموضوع مثيرا للجدل في كل زمان و مكان، ما
يهمنا هنا هو إعادة دراسة هذا الموضوع من جديد، ومناقشته نقاشا منطقيا، للوصول الى
أقرب الإجتهادات الصحيحة .
دعوني اولا أوضح
فكرة الناسخ والمنسوخ باختصار، قبل ان نناقش هذه القضية :
هناك احكام وردت
في القرآن الكريم، تم نسخها ( الغاء حكمها واستبداله بحكم جديد من خلال آية اخرى )
فتسمى الآية الأولى منسوخة، والآية التالية ناسخة لها.
الدليل على النسخ
هو الآية الكريمة في سورة البقرة :
(مَّا
يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن
يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ
مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * مَا نَنسَخْ مِنْ
آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ
أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
لمن أراد أن يتعمق في هذا الموضوع، يرجى مشاهدة الصورة المرفقة
والتي تمثل معظم مواضيع الناسخ والمنسوخ، والعلماء الذين قالوا بهذا النسخ من خلال
الجدول المبين، وقد أرفقته من باب الاستزادة في هذه المسالة.
الاستاذ الرفاعي كان
مقنعا في معظم القضايا التي طرحها، وأتفق معه في مجمل طرحه، ولكني ما زلت أختلف
معه في كيفية تأويل طرحه، وفي بعض النقاط الخلافية هنا و هناك، فوجهة نظره تعتمد
على :
1.
عدم
الأخذ بالأحاديث التي تختلف مع آيات في القرآن الكريم فيما يختص بأحكام شرعية
2.
لا
يجوز أن يكون هناك آيات في كتاب الله قد نسخت بمعنى عطلت وانتهت صلاحيتها
3.
لا
يجوز ان يختلف القرآن الكريم مع بعضه
وأنا أتفق مع هذا الطرح تماما، فقضية الناسخ والمنسوخ كما طرحت من قبل
علمائنا في الأجيال الأولى، كانت إجتهادا منهم في فهم النص القرآني، وفي فهمهم
للروايات والأحاديث التي وصلتهم، وهذا ليس حجة لنا بأن نأخذ ما قالوه على علاته ،
ونؤمن به .
أعتقد أن علينا
أن نجتهد أيضا بما توفر لنا من علم، وبما وصلنا اليه من معرفة، وتعمق في علوم
الدين وتفسير القرآن، لنتمكن من فهم آيات القرآن بشكل مختلف، مما يتيح لنا إزالة
الغموض الذي كان يساور من سبقنا من العلماء، وهذه دورة مستمرة الى يوم الساعة،
علينا الاجتهاد وترك الباب مفتوحا للأجيال القادمة ايضا .
وبناء عليه، فأنا أتفق مع الطرح الذي يقول أن لا تناقض في
القرآن الكريم، ولا توجد آيات انتهى حكمها، و لكن هذا لا يتعارض مع قضية الناسخ
والمنسوخ ( من وجهة نظري )، أقصد بذلك الطرح المعتدل لقضية الناسخ والمنسوخ،
وسأورد لكم هذه الأمثلة على تغيير القبلة، وقصة تحريم الخمر، وعقوبة الزنا .
سأبدأ بقصة تغيير
القبلة، ولكني أود أولا ان أذكر لكم شرح
آية النسخ أعلاه كما تم تفسيرها في البرنامج، حيث ان المقصود بالنسخ هنا هو نسخ
آيات وأحكام واردة في التوراة والانجيل، بأحكام جديدة ترد في القرآن الكريم، بدليل
الآية السابقة لها. ومن هنا فهذه الآية ليست دليلا على نسخ القرآن بعضه بعضا، وأنا
أضيف على هذا الشرح أنه يعني أيضا نسخ أحكام وردت للرسول عن طريق الوحي أو
اجتهادات قام بها الرسول بآيات من القرآن الكريم .
نأتي الى موضوع القبلة :
(فأينما
تولوا فثم وجه الله) البقرة 115
(فول
وجهك شطر المسجد الحرام) البقرة 150
أولا الآية الأولى
لا تشير من قريب أو بعيد الى الصلاة او التوجه الى المسجد الأقصى، وبالتالي فإن
الآية الثانية لا تعد ناسخة للأولى، لعدم وجود تناقض او تعارض بين الآيتين، فالآية
الأولى لا تتحدث عن القبلة اطلاقا، فأينما نتوجه في هذه الأرض فثم وجه الله، أما
الآية الثانية فهي محددة بالصلاة وبالتوجه الى المسجد الحرام .
ولكن نسخ أو
الغاء التوجه الى الأقصى، وارد وموجود وثابت عندنا، فالصلاة الى الأقصى استمرت
لمدة عامين تقريبا، ولا ننكر هذا، وبالتالي نحن نقول أن الآية الكريمة ( الثانية )
قد نسخت التوجيه السابق بالتوجه الى الأقصى، وهكذا تكون هذه الآية هي آية ناسخة
لأمر الوحي السابق، ولكنها لا تتعارض مع أي آية اخرى .
الأستاذ الرفاعي،
يقول بأنه لا يجوز أن تختلف الأوامر الربانية، لأن هذا يشكل جدلا كبيرا في دقة هذه
الأحكام، بمعنى لماذا تختلف الأحكام الربانية !؟ المفترض أن تكون واحدة لأنها من
عند الله العليم القادر على كل شيء، ولا يجوز أن يتغير حكمه لأن تغيير الأوامر أو
الأحكام يستدعي عدم الإحاطة بالشي ( حاشى لله ) .
طبعا هذه هي
النقطة المفصلية، التي توقف عندها الأستاذ الرفاعي، وحاول أن ينفيها، ليرفع هذه
الشبهة عن كتاب الله، مما أدى به في النهاية الى رد جميع ما طرح في قضية الناسخ
والمنسوخ، وأقول والله أعلم، أن النسخ موجود وأن تغيير الأحكام لا يستدعي عدم
العلم بالشيء، وإنما هو لحكمة اقتضاها ربنا، قد نعلم بعض هذه الحكم ونجهل بعضها،
ولكن النسخ لا يكون بأي حال من الأحوال مناقض لحكم آخر في القرآن الكريم، أو
متعارضا مع آية اخرى، وسنأتي على ذلك .
فالتوجه الى الأقصى كان عن طريق الوحي وليس عن طريق القرآن،
وليس كما يقول الأستاذ الرفاعي انه اجتهاد من الرسول، وحتى لو كان اجتهادا فالله
سبحانه وتعالى أقرّه، ولم ينزل حكما فيه، وهذه الآية هي نسخ لهذا التوجه .
مثال 2 قصة تحريم
الخمر، أدعوكم أن تستعرضوا معي هذه الآيات، وتحاولوا أن تجدوا أي تناقض بينها :
) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ
كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) البقرة
(219)
(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى
حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ(النساء (42)
(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ
وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ
وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) المائدة 90-91
لا أرى أي تعارض او اختلاف في هذه الآيات، فكل آية لوحدها
هي صحيحة وقائمة بذاتها، وكل آية على حدة صحيحة بذاتها، ولكننا عندما نستخرج
الأحكام من القرآن لا نأتي على نص واحد ونستنتج الحكم منه، بل نأتي بجميع الآيات
المتعلقة بهذا الموضوع ونستخرج الحكم منها، فالحكم النهائي المستخرج من هذه الآيات
هو تحريم الخمر على إطلاقه، وهذا ما يهمنا، أما قصة تحريم الخمر، فهي درس وعبرة
لنا جميعا، أراد الله أن يعلمنا اياها من خلال هذا التدرج في الحكم، وهذا شيء
نفتخر به، ونعلمه في مدارسنا وجامعاتنا، وهو لا يتناقض مع ما نقول به من تناسق
القرآن وعدم اختلافه او تعارضه .
أول آية نزلت في الخمر كانت الآية الأولى ( 219 البقرة )
ومنها فهم خاصة المسلمون ( الزاهدون ) أن الخمر من الإثم وبالتالي امتنعوا عن شربه
والتجارة فيه بمجرد نزول هذه الآية وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، ولكن البعض الآخر،
قال أن هذه الآية لا تقول بالتحريم فاستمروا بتعاطي الخمر، والتجارة فيه .
وعند نزول الآية
الثانية ( النساء 42 ) فهم المسلمون من هذه الآية تحريم الخمر من أذان الفجر الى
ما بعد صلاة العشاء، وأصبحت الفترة المتاحة هي ما بعد صلاة العشاء الى ما قبل صلاة
الفجر ( وليس كما قال مقدم البرنامج علاء بسيوني بانهم كانوا يتعاطوا الخمر بين
الصلوات )، وهنا ايضا فهم خاصة المسلمون من المستوى الثاني ان صح التعبير، أن
الخمر غير مرغوب فيه في الاسلام، وبما أن الفترة المتاحة هي ساعة او ساعتين في
اليوم اذا اسثنينا ساعات النوم فمن الأجدى ومن باب رضى الله ورسوله أن نقلع عن
الخمر الآن، وبالفعل بعد هذه الآية لم يتبقى سوى فئة قليلة من المسلمين تتعاطى
الخمر او تتاجر به.
هذا التدرج في
الحكم، هو قمة الرحمة الربانية بنا، وليس تناقضا في الحكم او في التنزيل .
الفئة المتبقية،
لن تستوعب المراد من حكم الله، الا بنص صريح وواضح، فنزلت الآية الثالثة والرابعة
(المائدة 90 ، 91) لتحرم الخمر نهائيا، فسالت عصائر الخمر في المدينة واصبحت مثل سيول
الامطار .
الا تفتخرون بهذا
الدرس الرباني لنا !؟ لماذا نقول انه لا يوجد تدرج في تحريم الخمر !؟
ضمن الحديث عن الخمر، يقول الاستاذ الرفاعي لماذا يقوم الله
بالتدرج في الحكم، الا يقدر ان يأمر بتحريم الخمر فيطاع، نعم يا اخي صحيح ولو أمر
لأطيع، ولكنه درس لنا، كي نتعلم منه، ساسالك سؤالا بالمقابل، اليس الله بقادر على
خلق السماء والارض والكون كله في لحظة، لماذا اخبرنا الله في كتابه العزيز انه خلق
الارض والسماء في ستة ايام !؟
اهو من باب عدم القدرة، اهو من باب عدم العلم !؟ حاشى لله،
هناك حكمة قد نفهمها الآن بما قدر الله لنا ان نفهم، ثم سياتي تأويل هذه الآية
فيما بعد، لتزول هذه الغمامة، وهكذا هو القرآن الكريم .
فآيات الخمر،
عندما نتلقاها الآن، نتلقاها على مراد الله الأزلي وهو تحريم الخمر ابتداءً، ولذلك
لا نجد فيها تناقضا ولا اختلافا، وهذا لا يتعارض مع التدرج في الحكم بالنسبة للجيل
الأول، أرجو أن أكون واضحا، وأن أكون قد تمكنت من ايصال ما اريد ايصاله لكم .
ما أود الاشارة اليه، ان الأستاذ الرفاعي في طرحه لهذه
القضية، أراد أن يكسب المعركة ضد من يقول بالنسخ، فذهب الى أشد الطروحات تطرفا، وقام
بتفنيد هذا الطرح و استعراض عضلاته – ان جاز التعبير – حيث قام على سبيل المثال
بالرد على كتاب الناسخ والمنسوخ والذي تم تأليفه قبل الف عام، وهو كتاب يحتوي على
اجتهاد عالم من العلماء في حينه، ولم يعد مرجعا الآن، ثم أتى بروايات ضعيفة ولا
تصح وعرضها وفندها أيضا، وهذا شيء مستغرب، كنت أتوقع ان يكون الطرح بهدف الوصول
الى الحقيقة وليس لكسب معركة، كان من الممكن أن يتم عرض الطرح الوسطي لهذه القضية،
والبدىء من نقاط الاتفاق وليس الاختلاف، ولكنه أراد أن يكسب المعركة كما قلت،
وأراد أن يؤثر في المتلقي، بل وتوجيه صدمة للمتلقي بتبيان الضعف الكبير في الطرح
المقابل، والبعد عن الحقيقة والمنطق في هذا الطرح، بل وتناقضه مع مبادىء الدين .
وقد كان له ما أراد، فهو كسب المعركة من جهة، وأثار الشكوك
في نفوس جميع من شاهد البرنامج، بجميع الروايات وبجميع التفاسير المتعلقة بالناسخ
والمنسوخ، وبقيت الحقيقة هي الخاسر الأكبر في هذه الجولة .
لا اعلم، ما الهدف
من جلب رواية ضعيفة ولا تصح، وبالمناسبة هي رواية وليست حديث، فلان عن فلان عن
عائشة انها قالت، فلا هي من السنة، ولا تصح ابدا ( رواية الدُويبة )، وبرغم ما كنت
اعتقده من اني واسع الإطلاع في الدين وفي الروايات والاحاديث، الا اني لم اسمع
بهذه الرواية على الإطلاق، ولو بحثنا عن اي عالم دين يذكر هذه الرواية، فلن نجد ،
فلماذا يا استاذ تاتي لنا بمثل هذه الرواية !!؟؟
طبعا أريد توضيح
هذا الموضوع الذي قد يشغل بال الكثيرين، وهو يختص باخفاء آية الرجم ( ليس هناك آية
للرجم ) ولكن دعوني انقل لكم هذه الرواية وتفسيرها :
عن ابن عباس أنه قال : من كفر
بالرجم ؛ فقد كفر بالرحمن ، وذلك قول الله : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين
لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير } ، فكان مما أخفوا آية الرجم
هذه الرواية صحيحة، وهي تتحدث عن اليهود الذين أخفوا آية
الرجم عندهم في التوراة، وهذا هو النص المرجح والمترجم عن التوراة : ( الشيخ
والشيخة إذا زنيا فارجموهما )، وهناك حديث آخر يتحدث عن قيام الرسول برجم رجل
وامراة يهوديان زنيا، فسأل الرسول اليهود ما حكم الزاني عندكم فأخفوا آية الرجم،
حتى لا ينال الرجم من الرجل والمرأة، فقال الرسول لهم قد كذبتم وأخفيتم آية الرجم
عندكم، فأعترف اليهود بذلك وتلوا نص الآية عندهم ، الشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما، وأقام الرسول عليهما الحد فرجما .
عدم فهمنا
للروايات، وعدم وعينا لما فيها من صحيح وضعيف، أوقعنا في لبس وحيرة، مما أدى الى
فهم البعض أن آية الرجم، هي من القرآن الكريم، وانه تم إخفاؤها، ولهذا اقتضى التنويه،
وان كنت أعود وأقول انه لم يكن هناك اي داعي لفتح هذا النقاش .
وضمن هذا السياق
ايضا، أود أن أشير الى أن حكم الرجم غير موجود في القرآن، والقول في أن قيام
الرسول بالرجم ينسخ آية جلد الزاني والزانية هو رأي ضعيف، وبما أن رجم الرسول لم
يثبت إن كان قبل نزول آية الجلد أو بعدها، فأنا أرجح قول الأستاذ الرفاعي في أن لا
رجم للزاني في الإسلام، والله أعلم .
أما عن قضية
الصيام في باب الناسخ والمنسوخ، فأنا لا أرى أي نسخ في هذه الآيات، والآيات واضحة
وجميعها تتحدث عن صوم شهر رمضان، وإن كان الاستاذ الرفاعي يقول أن الآيات الأولى
تتحدث عن صوم التطوع، والآيات التالية حددت شهر رمضان، ولكن هذا الكلام لا يوجد
عليه دليل، ويتناقض مع قول الله تعالى ( كتب )، فمعنى كتب انه أصبح فرضا علينا،
وهذا ينفي مبدأ صوم التطوع، أما القول بأن حكم ( الذين يطيقونه ) منسوخ، فهذا ايضا
غير صحيح، وتأويل هذه الآية كما قال العلماء، هو مختص بكبار السن وبالحامل
والمرضعة، وقوله ( من تطوع خيرا ) اي من تحامل على نفسه بالصيام بدلا من الفدية
فهو خير له، وبهذا تكون جميع آيات الصوم متناسقة، ولا يوجد فيها اي تناقض :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا
أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ
لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ
مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ
بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
أعجبني تفسير
الاستاذ الرفاعي في الآية الكريمة
(مَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ
تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ ) الأنفال
حيث أشار الى أن النهي كان عن اتخاذ الأسرى في الحروب، الى
ان يستقر النبي والمؤمنون في الأرض، وليس كما أشارت التفاسير الأخرى، الى أن
المراد هو قتل الأسرى بدلا من طلب الفداء، اذاً النهي كان عن طلب الفداء مقابل
الأسرى قبل ان يثخن النبي في الأرض ( تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ) .
أيمن
أبولبن
10-11-2010