أولاً: لا سلام ولا حلٍ سلميٍ مع دولة
الاحتلال
على كل من روّج للسلام ولمبدأ الأرض مقابل
السلام، أن يقف لحظة صدق مع نفسه وأن يعترف بفشل مساعيه.
عودة اللاجئين، وتفكيك المستوطنات،
والتخلّي عن القدس كلها عقبات في وجه اعتراف دولة الاحتلال ومن خلفها الغرب، بحقوق
دولة فلسطين.
لقد سعى العالم العربي بأكمله منذ مؤتمر
مدريد عام 1990 للسلام مع دولة الاحتلال، إلا أن جهوده كلها باءت بالفشل لانعدام
الرغبة لدى الجانب الاسرائيلي، وهذا الواقع لن يتغيّر، إلا بتغيير معادلة القوّة
والتفوّق العسكري.
ثانياً: إعرف عدوّك
سقط القناع عن الغرب هذه المرة، وتكالبت
أمريكا وبريطانيا وفرنسا، على غزة وشعبها، دون تجميل ولا مداهنة.
ومن نافل القول أن من لا يعرف عدوّه، لن
يكون قادراً على إدارة معركته وتوجيهها، بل سيكون أشبه ما يكون ب "دون كيشوت"
في حربه على طواحين الهواء!
ثالثاً: أوهن من بيت العنكبوت
دولة الاحتلال أوهن مما نتخيل، هي هشّة من
الداخل وما كتب لها الاستمرار إلى يومنا هذا، سوى بانقسامنا وتخلّفنا.
إن هزيمتها ممكنة، وتحرير فلسطين كاملة من
البحر إلى النهر ليس ضرباً من الخيال.
رابعاً: التخلّي عن وهم السلطة
السلطة الفلسطينية أحد عوامل استمرار دولة
الاحتلال، ورجالها تخلّوا عن واجباتهم الوطنية من أجل المناصب والمصالح الفردية،
أقول هذا وأنا أعتصر الماً ولكنها الحقيقة، وعلينا أن نتوقف عن خداع أنفسنا.
إن إسقاط اتفاقية أوسلو، ووقف كل
تداعياتها الانهزامية، وعلى رأسها التنسيق الأمني يجب ان يكون اليوم على قمة
أولويات الفصائل الفلسطينية.
خامساً: صدام الحضارات
التفوق التكنولوجي والاقتصادي والعسكري
لدولة الاحتلال، يجب أن يواجه بمشاريع نهضوية في كل البلدان العربية، يجب أن نخوض
الحرب الحضارية والمعرفية جنباً إلى جنب مع مقاومتنا ودعمنا لقضيتنا المركزية،
قضية فلسطين.
أعتذر إذا ما قلت أن الحق لن ينتصر بكونه
الحق فقط، ومن يعتقد ذلك هو أشبه بمن يعتقد أنه إذا كان نباتياً فإن الأسد أو الدب
لن يهاجمه في الغاب!
إن كل صناعة عربية، وتفوّق تكنولوجي،
وجائزة معرفية، وبراءة اختراع، وسبق تكنولوجي، واكتفاء اقتصادي، وتفوق حضاري، هو
خطوة نحو القدس.
يجب علينا ان نؤمن بهذا ونعمل كل ما
بوسعنا لتحقيقه، أفراداً وجماعات ومؤسسات.
سادساً: على الربيع العربي أن لا يتوقف
إن الطريق إلى تحرير القدس يبدأ بتحرير
الدول العربية من الأنظمة السلطوية، وتحقيق الحرية والعدالة، وضمان ان تمثّل
الشعوب العربية نفسها، وأن تتمكن هذه الشعوب من حكم نفسها بنفسها، وتحقيق آمالها
وتحقيق أهدافها.
لأن المواقف السياسية والرسمية في البلدان
العربية هي التي تصنع الفارق، ومن أجل هذا خاضت الشعوب العربية حربها ضد الطغيان
والديكتاتورية خلال العقد الماضي، وقد تعرضت هذه الشعوب إلى مسلسل طويل من المؤامرات،
ونظريات المؤامرة المضادة، وتكاتفٍ لكل قوى الشر من أجل ردع هذه الصحوة العربية.
هذه الصحوة يجب أن تستمر بكل الطرق
السلمية الممكنة، بعيداً عن العنف والخراب، وهي سبيلنا الوحيد للتحرر ودعم قضيتنا
المركزية، قضية فلسطين.
سابعاً: تفقد المبادىء والشعارات قيمتها
إن لم يُصاحبها الصدق والحياد.
كل مبادىء الحرية والعدل والمساواة
الغربية لا تساوي شيئاً عندما يقف موقفاً أعمى من قضية فلسطين، ولن يعود لها قيمة،
حين يذرف المسؤولون الأمريكيون الدموع على ما "شبّه لهم"، في الوقت الذي
يوجهون بارجاتهم الحربية وصواريخهم نحو صدورنا.
تفقد مبادىء المساواة شرعيتها، حين تُحرم
فتاة مسلمة من ارتداء حجابها في المدرسة، وتفقد الحرية قيمتها، حين يتم تشريع
قوانين المعاداة للساميّة، في حين يتم غض الطرف عن أدنى حقوق العرب، والمسلمين
والفلسطينيين.
ثامناً: النظام العالمي المُتهالك
إن العالم اليوم بمؤسساته الدولية، ونظامه
القائم عاجزٌ عن تحقيق العدل والمساواة، والدفاع عن الحريّات، إنه نظام قائم على
نظام "القوي يحكم الضعيف"، وهذا هو سبب كل الصراعات في العالم؛ الحصول
على القوة والسلطة لتحقيق العدالة!
على العالم الحر اليوم، أن يغيّر قواعد
اللعبة، وينهي سيطرة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على باقي دول
العالم، وعلى جميع الدول العربية إدراك أن معركتها اليوم هي معركة عالمية إقليمية،
وليست قضية صراعٍ في الشرق الأوسط، وأن تحالف القوى واتخاذ خطوات عملية للتخلص من
سطوة هذه الدول، هو المسمار الذي سيدق نعش "النظام العالمي الجديد".
تاسعاً: قضية فلسطين لن تموت وهذا الشعب
سينتصر.
طال أمد الاحتلال أو قصر، فإن فلسطين
ستعيش إلى الأبد، ولن تموت، هذا الشعب الذي يُقاوم نازفاً مضمداً جراحه، ومُخلياً
منزله، سينتصر!
من حفر الأنفاق بيديه، وهز عرش جيش
الاحتلال في بضع ساعات، سوف ينتصر.
عاشراً: ليتني شمعةٌ في الظلام
إن لوم الأنظمة العربية والندب على
التخاذل الغربي لن يفيدنا بقيد أنملة، ولعن الاعلام الغربي لن يغيّر من حقيقة
تفوّق الأعداء في غزونا فكرياً، ومن سيطرتهم على الإعلام العالمي، ولكن المفيد حقاً
أن نسعى للتفوّق عليهم وهزيمتهم في ميدانهم.
يجب أن يكون للحق القوة للتغيير، ولهذا
نقول إننا نخوض اليوم معركة الأقصى كلٌ في مكانه، هي معركة الوعي والحضارة،
والقوة، والقانون والاعلام، هي معركة الكلمة والتضامن، ومعركة الدفاع عن
الانسانية، ومعركة الايمان وتحقيق العدل والمساواة.
وأختم بما قال شاعرنا محمود درويش:
وأَنتَ تعودُ إلى البيت، بيِتكَ، فكِّرْ
بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]
وأَنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّرْ بغيركَ
[ ثَمَّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام]
وأَنتَ تحرِّرُ نفسك بالاستعارات، فكِّرْ بغيركَ
[ مَنْ فَقَدُوا حَقَّهم في الكلامْ]
وأَنتَ تفكِّر بالآخرين البعيدين، فكِّرْ بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ]
أيمن
يوسف أبولبن
كاتب
ومُدوّن من الأردن
18-10-2023