خربشات على صفحات التاريخ
خلال عام 2013 دخلت
الثورة السورية نفقاً مُظلماً مع دخول الجماعات المُتطرفة ساحة الصراع هناك قابله
أيضاً مُشاركة ميليشيات حزب الله في الصراع الى جانب القوات النظامية، ونتيجة لذلك
تضاعفت مأساة الشعب السوري حيث أمسى بين فكّي كماشة، النظام السوري من جهة، وبطش
الجماعات المّتطرفة من جهة أخرى. والرابح الوحيد من هذا المنحنى الخطير الذي
اتخذته الأحداث، كان النظام السوري.
من يقرأ الأحداث بعمق
ولا يكتفي بمتابعة ما يطفو على السطح، يسهل عليه تحليل الأحداث واستنتاج أن النظام
السوري كان يهدف منذ البداية الى جر الثورة السورية "السلميّة"
الى فخ "تسليح المُعارضة" ومن
ثم فتح الباب على مصراعيه للاقتتال الطائفي، ولا يخفى على متابعي الأحداث عن كثب، العلاقة
المشبوهة التي تربط النظام بأكبر تنظيم متطرف في المنطقة (داعش)
والذي يعيث في الأرض الفساد، وأكبر دليل على هذه العلاقة هو التنسيق الأمني الحاصل
بين الطرفين على الأرض، وعدم دخولهما في أي مواجهة مباشرة.
عدا عن الصاق تهمة
الارهاب بالمعارضة، فقد استطاع النظام السوري نقل المعركة من ساحة الصراع السياسي -التي
يعلم جيداً أنه سيفشل فيها- الى ساحة اقتتال يجيد التعامل معها جيداً، بل وبامكانه
التحكم في ادارة دفة الصراع فيها، وهذا ما مكّنه من ايهام البسطاء أن النظام
السوري على كل علاّته أرحم بكثير من هؤلاء المتطرفين وأن صموده في المعركة هو أفضل
ما يمكن أن يتمناه الشعب السوري في هذه المرحلة. بعد أن كان اسقاط النظام مطلباً شرعياً
للشعب السوري بل مطلباً جماهيرياً لمعظم الشعوب العربية.
يقول المفكر والفيلسوف
الألماني "هيغل" أن
العالم يسير الى الأفضل وأن عجلة التاريخ لن تعود أبداً الى الوراء، وهذا ما لا
يدركه النظام السوري، الذي ما زال حتى الآن يراهن على قدرته على اعادة عقارب
الساعة الى ما قبل الربيع العربي وأنه بالامكان منع احجار الدومينو من السقوط المتوالي. النظام السوري يراهن على أن
التاريخ سينبهر من وقع الأحداث اليومية المتلاحقة على الساحة السورية وسينهمك في
تغطية التفاصيل الصغيرة ويعجز بالتالي عن ادراك الحقيقة الكامنة تحت السطح، تلك
الحقيقة التي تُدين النظام السوري في كل ما يجري على الساحة السورية. وتثبت أن
علاقته بالارهاب علاقة أزلية متجدّدة.
التاريخ سيذكر –رغم أنف النظام- أن "خربشات"
أطفال على جدران درعا هزّت عرش النظام السوري فارتجف ولم يجد أمامه سوى لغة البطش
والقبضة الأمنية التي لا يُجيد غيرها، التاريخ سيذكر أن أول ضحايا المظاهرات
السلمية كان طفلاُ لا يتجاوز عمره ثلاثة عشر ربيعاً "حمزة
الخطيب" وأن الأمن السوري أراد أن يجعل منه عبرةً لمن
يعتبر فقام بالتمثيل في جثته، حيث قطع عضوه التناسلي، كما سيذكر التاريخ أيضاً حادثة
ذبح "إبراهيم قاشوش" (مُغني
الثورة السورية) واقتلاع حنجرته ثم القاء جثته في نهر العاصي، وسيذكر أيضاً كسر
أصابع علي فرزات (الرسّام المناهض للنظام)، واقتلاع عين مصور مظاهرات حمص.
فمن هو الارهابي الأول في سوريا، ومن زرع بذور الارهاب في
المنطقة، وسعى لحصد ثمارها ؟!
التاريخ سيحكم على النظام السوري ولن يجامله كما يفعل كثيرون، لن
يلتفت التاريخ الى ارهاصات نظرية المؤامرة، ولن يتمكن الفيتو الروسي ولا الدعم
الايراني ولا ميليشيات حزب الله من وقف عجلة التاريخ ولا تغيير نواميس الكون،
وأقصى ما يمكن فعله هؤلاء هو تأخير عجلة الأحداث لبعض الوقت. يقول الله تعالى : (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف
كان عاقبة المجرمين).
العالم يحكمه العقل
والمنطق والحق في النهاية، على الرغم من المظاهر الخادعة التي توحي أن الطغاة
والاقطاعيين والفاسدين يتسيّدون هذا العالم، ومن يشك في هذا، فعليه مراجعة التاريخ
جيداً والنظر بعين ثاقبة الى حركة التاريخ العميقة بعد ازالة القشور السطحيّة. عندها
سيدرك أن هؤلاء لا يَعدون كونهم
ممثلي كومبارس يؤدون أدواراً "قذرة"
كي يسطع نجم الممثل الأول الذي يلعب دور البطولة ويتصدر صفحات التاريخ.
أيمن أبولبن
25-4-2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق