يواصل
اعلامنا الرسمي، محاولاته لشق صف الحراك السياسي المعارض في البلاد، وفي هذه
الأيام بالذات بدأت الآلة الاعلامية للحكومة و"السحيجة" بمحاولة ايهامنا ان المعارضة الموجودة في الساحة هي "الحركة
الاسلامية" فقط، وان هذه الحركة لها اجندتها الخاصة، هذه الأجندة التي تتلخص
بالوصول الى الكراسي والمناصب ليس الا، وبهذا تعود حكومتنا الرشيدة الى استخدام
الاسلاميين كفزاعة لتخويفنا من التغيير .
القائمون
على النظام السياسي، ما زالوا يشددون بين الحين والآخر، على أن حركة الاصلاح
السياسي في البلاد مستمرة ولا رجوع عنها وأن عجلة الاصلاح دائرة وستظل تدور،
ولكنهم يقومون في نفس الوقت بارسال رسائل مشفرة، مفادها أن الاصلاح وحدوده وماهيته
والنتائج النهائية التي ستنبثق عنه، وصورة البلاد المستقبلية، هي ملك لهم دون
غيرهم، وعلى باقي الفئات السياسية والأحزاب وعامة الشعب، ان يقبلوا بما يقدمه
هؤلاء من حُزُم اصلاحية كما هي، دون التفكير ولو للحظة برفع سقف المطالب أو
المطالبة بتعديلات جذرية او حتى شكلية لا تتناسب وطبيعة المرحلة !!.
بمعنى آخر
وكما يقول المثل الشعبي " صحيح
لا تكسر ، ومكسر لا تاكل ، وكل لما تشبع " هذه الفئة التي تقتات على قوت عامة
الشعب، هذه الفئة التي استمرأت الفساد والخداع والغش، لا يمكن باي حال من الأحوال،
أن تسمح بأي حركة تصحيح حقيقية في البلاد، وستدافع عن مكتسباتها بكل ما تملك، وللأسف
فأنها تملك في البلاد الكثير، فهي تدير المطبخ السياسي في البلاد، وتتحكم في
مصائرنا، كما انها تسيطر على القرارات السياسية والأمنية في البلاد، بالاضافة الى
تسلحها بالاعلام والبلطجية والسحيجة أيضا، وهؤلاء لا يتركون منبرا خطابيا او موقعا
الكترونيا او برنامجا حواريا الا وشاركوا فيه وهتفوا وهللوا !!.
الرسالة واضحة وبدون اي
رتوش، اما ان تقبلوا بالثوب المرقّع الذي نقدمه لكم، واما ان تبقوا
عرايا في الشارع، نعم هي كذلك اصلاح " بس على كيفنا احنا مش على كيفكم " . الحركة الاسلامية والعديد من
الحركات الشبابية، وعدد كبير من العشائر ايضا قالوا كلمتهم، واختاروا ان يبقوا في
الشارع على ان يقبلوا بأنصاف الحلول، والكلمة الان هي لبقية الشعب .
ثمانية عشر شهرا مضت
على بدء الحراك السياسي في البلاد، قابلها وعود بالاصلاح على كافة المستويات، ولكن
لا جديد تحت الشمس حتى الآن، هل لمس اي احد منكم تغييرا ملموسا في شأن ما من شؤون
الحياة، اقتصاديا او سياسيا او اجتماعيا او أمنيا !!؟؟
للأمانة ولاحقاق الحق،
فهناك بعض التقدم الملموس في بعض الشؤون، ومن أهمها ما يلي :
1. هناك
تحسن ملحوظ في لغة الخطابة لدى المسؤولين، فهم يتحدثون بلغة لبقة وبمفردات لغوية
ومصطلحات جذابة، وهذا شيء مفيد جدا للحركة السياسية في البلاد، ولمستقبل البلاد
والأجيال القادمة بالطبع .
2. هناك
تطور ملحوظ في الأداء الأمني، وهناك مشاركة واسعة في حفظ الأمن حتى من قبل شرطة
السير والمرور، وتم في الآونة الأخيرة استخدام أدوات جديدة ايضا للحفاظ على الأمن،
وعلى رأسها الكانون الشعبي (المنقل) الذي كان يستخدم اصلا للهش والنش .
3. هناك
زيادة ملحوظة في ظهور الشخصيات السياسية في أجهزة الاعلام، وهم في كامل أناقتهم
وحليتهم ليتحدثوا عن أهمية الحرية والتعبير السلمي والاصلاحات السياسية .
4. هناك
زيادة ملحوظة في عدد الوزراء "السابقون" بشكل لافت، وهذا مؤشر جيد، حيث ان من المحتمل ان يكون هناك وزير من كل
عائلة اردنية قريبا بأذن الله، فالحكومة الحالية هي رقم 12 منذ عام 2000 وهي
الحكومة الرابعة خلال عامين !!
5. هناك
حرية كبيرة تتمتع بها القنوات الفضائية في تغطية الأخبار والحديث عن الاصلاح
وضرورة التغيير، وهذا من باب فش الغل بالطبع
6. هناك
مجال مفتوح امام الجميع لللاشتباك والعراك في الشارع وفي الجامعات وفي الأسواق وفي
كل مكان، وهذا مؤشر على رفع سقف الحرية والتعبير لدى المواطن الأردني !!
وهذا
طبعا على سبيل المثال لا الحصر .
هل
حقيقة اننا كشعب اردني تعودنا على لبس البالة القديمة والرث من الملابس،
ولم يعد يصلح لنا غير ذلك !!؟؟ وهل تكمن مشكلتنا الحقيقية في اختيار المقاس واللون
فقط !!؟؟ الا نستحق ان يكون لنا شأن بين الأمم،أن نتمتع بالحرية الحقيقية، حرية أن
ننتخب من نريد، على أسس سياسية انتخابية صحيحة، بعيداً عن العنصرية والعشائرية، هل
نرضى بهذا التباين الرهيب في التمثيل الحالي لمجلس النواب ؟!
الا يحق
لنا ان تكون الحكومة منتخبة، تنبثق من رحم الأحزاب السياسية ومجلس النواب، الا
نستحق ان تصبح لنا دولة مؤسسات حقيقية، الا نستحق ان نعيش بكرامة بعيدا عن بطش
الأجهزة الأمنية والبلطجية، اليس من حق الوطن علينا أن نحاسب كل من باع مؤسساته
وترابه في سبيل المال والمنصب !؟
تتواصل
الدعوات للتظاهر يوم الجمعة القادم في كافة ارجاء المملكة، ونحن الآن امام خيارين
لا ثالث لهما، اما ان نسكت ونرضى بملابس البالة التي تقدمها لنا الحكومة وبالفتات
التي ترميه لنا هنا وهناك، أو ان ننزل الى الشارع ونعلنها مدوية ، كفى … كفى ….
كفى، نريد اصلاحا حقيقيا جذريا لا شكليا .
أيمن أبولبن
4-10-2012