الأحد، 27 مارس 2011

دعوها فإنها مُنتنة




   لم تكن أحداث الجمعة الدامية سبباً وحيداً لشعوري بالغضب والاستياء خلال اليومين الماضيين، فما تلاها من تداعيات كان أعظمُ تأثيراً وأشد وطأة على النفس . فض الاعتصام بالقوة، وهجوم قوات الدرك على جموع المواطنين العُزّل وضربهم بالهروات و ( بالشلوت )، ومن قبل ذلك هجوم البلطجية عليهم بالحجارة، ووقوف رجال الأمن العام موقف المتفرج، كان واحداً من أسوأ السيناريوهات في قصة الاصلاح السياسي في الأردن، هذه القصة التي لم تاخذ بعد طابعاً جديا في شارعنا الأردني، فاذا كانت هذه هي سياسة جهاز الأمن العام ومن ورائه وزير الداخلية، فكيف ستكون ردة فعلهم في الجولات المقبلة، وما هي السيناريوهات التي يخبؤوها لنا !!؟؟

   أعود وأقول برغم فظاعة هذه المشاهد، الا أن ما هالني وأوقعني في حيرة من أمري، بحيث أنطبق علي القول ( كأن على رؤوسهم الطير )، هي تلك العنصرية المُقززة التي فاحت عبر المنتديات وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك الهجوم السافر على المتظاهرين والمصابين، والذي طال المُتوفّى منهم ايضا.

   هل هي خطة مُعدّة سلفاً ؟؟ للنيل من وحدة هذا الشعب، أم أن هؤلاء يعبرون بالفعل عن افكارهم وآرائهم، ولماذا يتم ربط المتظاهرين بالاردنيين من اصل فلسطيني، هل تنحصر فئة المتظاهرين في الاردنيين من أصل فلسطيني ؟ وهل هؤلاء الشباب الذين جاؤوا من شمال البلاد وجنوبها لا يمثلون بقية فئات المجتمع !! لماذا تحاول الحكومة تخويفنا من حركات الاعتصام ومن التظاهر ؟ لماذا يقوم رئيس الوزراء باتهام الاخوان المسلمين بالتحريض على المظاهرات، ويتهمهم بانهم ينفذون قرارات من بلاد خارجية !؟ هل اصبح الأخوان الفزاعة التي تستخدمها الحكومة، فيما تقوم فئات أخرى مدسوسة بتحريض الاردنيين على بعضهم البعض !؟ هل أصبحت المطالبة بالحقوق المشروعة خيانة وطنية !!؟؟
   الهذه الدرجة وصل الانحطاط بنا، هل عدنا الى عصر الجاهلية، وأصبحنا نتعامل مع الناس على أصلهم ولون بشرتهم ودينهم !؟ في الحديث الشريف عندما سمع الرسول أن رجلين تشاجرا أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين، فأخذوا بالنداء، هذا يقول يا معشر الأنصار وذاك يقول يا معشر المهاجرين، فقال صلى الله عليه وسلم : "دعوها فانها منتنة " نعم والله، دعوها فانها منتنة ، دعونا من العنصرية المبغضة  وإياكم والانجرار خلف هذه الدعوات .

   الوطن للجميع، بغض النظر عن أصولنا وعن ديننا وعن اتجاهاتنا السياسية، أردني و فلسطيني، مسلم ومسيحي، شركسي  وأرمني، والدعوة للاصلاح والتغيير هي لمصلحة الوطن اولاً وأخيراً، وليست لمصلحة فئة دون فئة .

   هل لنا ان نتعلم من الشعب الامريكي ؟ برغم كل اختلافنا مع السياسات الامريكية، والغطرسة التي ينتهجونها، ولكن انصهار فئات الشعب الامريكي في بوتقة مجتمع واحد، هو شيءٌ يستحق الاحترام والتقدير بل ويستحق البحث والدراسة ايضاً، الامريكي الابيض والاسود والاصفر، المسيحي والمسلم واليهودي، العربي و الاوروبي والاسترالي، جميعهم يقفون خلف العلم الامريكي، ولا يوجد هناك تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، لهم ما لهم جميعا، وعليهم ما عليهم جميعا، أعجزنا أن نكون مثل هؤلاء وفينا كتاب الله وسنة رسوله !!؟؟  

أيمن أبو لبن
27-3-2011