ما
أحلى نشوة الإنتصار، وما أجمل الفوز، خصوصاً عندما يقترن الفوز باللعب الجميل
والإستعراضي، هذه المعادلة الصعبة، التي لم يحققها أي نادي أو منتخب في العالم.
أبهرتنا السامبا البرازيلية عام 82 ولكنها لم تحقق كأس العالم، وأبهرتنا هولندا
بكرتها الشاملة، ولكنها وصلت الى النهائي في عدة مناسبات ولم تفز، والآن يأتي
برشلونة الذي جمع بين أسلوب الكرة الهولندية الشاملة ومهارات السامبا البرازيلية،
ليبهر العالم أجمع بأسلوبه في اللعب الذي يصل الى درجة الخيال، ويحقق الإنتصار تلو
الإنتصار، واللقب تلو اللقب، ويتربع على عرش الكرة العالمية دون منازع، و بشهادة
المنافسين جميعا .
بالإمس لقّن برشلونة خصمه العنيد "مدريد" درساً في فنون الكرة، وتلاعب به لدرجة
أنها بدت وكأنها لعبة بلاي ستيشن، كما قال عصام الشوالي معلق المباراة( هذه ليست
مباراة حقيقية، أشعر أنها مباراة بلاي ستيشن) ، ( الذي اخترع لعبة البلاي ستيشن
كان كتالونياً ) .
للأمانة لم أكن أتوقع هذه النتيجة الكبيرة، حالي حال جميع المشاهدين
والمتتبعين، ولكني لم أشك في فوز برشلونة قبل المباراة، ولم أشعر بأي خطر من فريق مورينهو " السبيشال ون " برغم التقدم
الواضح والملموس في مستوى الفريق منذ قدوم مورينهو، ولكن ثقتي في قوة البرشا،
وإقتناعي بما يقدمه، وبالثقة التي يتمتع بها أفراد الفريق، كانت عالية، وكانت في
محلها أيضا، حيث نجح الفريق في تسجيل خمسة أهداف كاملة برغم عدم وجود رأس حربة
ثابت.
غوارديولا
لم يلعب بمهاجم صريح، على الورق كان ميسي هو رأس الحربة، ولكنه عملياً كان يتأخر
الى خط الوسط، ويسمح لباقي اللاعبين ( بيدرو، فيا أو تشافي) بالتقدم الى الأمام،
وهؤلاء جميعا نجحوا في التسجيل.
برشلونة
أصبح عقدة للاعبي الريال، في الحقيقة الريال خسر بالأمس قبل ان تبدأ المباراة،
اللاعبون نزلوا الى الميدان وهم غير واثقين من أنفسهم، وبعد تسجيل الهدف الأول في
الدقائق الأولى انكشف الفريق، وبدا واضحا أنهم خسروا في قرارة أنفسهم، وأدركوا
أنهم لن يستطيعوا التسجيل، وباتت النتيجة هي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل .
محلل
الجزيرة الرياضية ونجم منتخب تونس السابق " طارق دياب " قال بالحرف
الواحد (برشلونة قدم مباراة من الخيال، هذه المباراة ليست مباراة أحلام، هذه
مباراة من الخيال، مهما حاولنا أن نحلم بأداء جميل، لن يخطر على بالنا هذا الأداء
، هذا الأداء هو أداء خيالي) .
بالفعل
، كان الأداء أداءً خيالياً، برشلونة فاز بخمسة أهداف نظيفة، سيطر على الكرة بنسبة
تقارب 70 بالمئة، تلاعب لاعبوه بخصمهم وكأنهم في حصة تدريبية، حصلوا على عدة فرص
مقابل فرصة حقيقية واحدة فقط للريال، بالاضافة الى تسديدة طائشة من رونالدو، وضربة
حرة مرت بجوار القائم، رونالدو الذي أثبت مرة أخرى أنه لاعب هاوٍ يحب الإستعراض
الذي يخدمه شخصيا، وأثبت أيضاً أنه لاعب لا يتمتع بأي قدر من الأخلاق أو الروح
الرياضية، لاعب لا يجيد اللعب الجماعي ولا يفضله، لاعب لا يهمه الفريق ولا قميص النادي
ولا حتى المنتخب، بالقدر الذي يهمه الإنجاز الشخصي، ولذلك لا يبزغ نجمه في
المباريات المهمة ولا في المباريات الحساسة، وتفتقده في الملعب عندما يواجه فريقا
قويا ومنظما .
هنيئا للبرشا ولمشجعيه، هنيئا لمحبي الكرة
الجميلة، ليكتب التاريخ أن برشلونة فاز على خصمه اللدود في آخر 5 مباريات، وبنتائج
كبيرة 6-2 و 5 – 0 وليكتب التاريخ ان غوارديولا المدرب، فاز في جميع لقاءاته ضد
الريال، وأنه فاز على أفضل مدرب في العالم - مع تحفظي على هذا التصنيف - مورينهو "السبيشال ون " 3 مرات كمدرب مقابل هزيمة وحيدة، ليسجل التاريخ
أن غوارديولا هو المدرب الوحيد في العالم الذي نال جميع الألقاب الممكنة في عام
واحد، وليكتب التاريخ ان سبعة لاعبين من فريق واحد حققوا جميع الألقاب الممكنة على
صعيد النادي والمنتخب بما في ذلك الالقاب المحلية والقارية وكأس العالم، وهذا ما
لم يحصل على الإطلاق من قبل، وهو أقوى دليل على قوة مدرسة برشلونة وعلى انها
المدرسة الكروية الأولى في العالم، والتي تخرج منها هذا المدرب الصغير في السن
والقليل في الحجم، ولكنه كبير في العطاء، أتمنى أن يبقى مدربا للبرشا مدى الحياة،
وإن رحل عن برشلونة أتمنى أن يكون مدربا للمنتخب الاسباني أو الهولندي.
وفي
النهاية ، عزيزي مدريد ، شو بالنسبة للخمسة !؟ بتتعلم العد مثلا ؟!
أيمن أبو لبن
30-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق