الاثنين، 20 يونيو 2016

إعتقال قورشه بين الشماتة والدفاع عن حرية الرأي


   تم إعتقال الداعية الإسلامي الأردني، الدكتور أمجد قورشه وحجزه تحت ذمة التحقيق، حيث سيمثل أمام محكمة أمن الدولة على خلفية إنتقاده للأجهزة العسكرية والمخابراتية لإنضمامها للتحالف الدولي ضد داعش في سوريا، حيث قال د. قورشه أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية أن نسبة كبيرة من الأردنيين يعتقدون أن الشأن الداخلي ومكافحة المخدرات وسرقة السيارات وتهريب السلاح، هو أولى من محاربة الإرهاب في الخارج، كما أضاف أن الولايات المتحدة خدعت الأجهزة الأمنية الأردنية وكذبت عليها بشأن أهدافها في سوريا حيث تبيّن أن التحالف الدولي يستهدف الجيش الحر وجبهة النصرة مما يؤدي إلى ترجيح كفّة النظام السوري في الصراع، عدا عن سقوط ضحايا مدنيين جرّاء قصف التحالف الدولي.

لست هنا بصدد مناقشة وجهة نظر د. قورشه في التحالف الدولي وتفنيدها أو تأييدها، لا سيما أن الفيديو موضوع القضية نشر عام 2014، وقد يكون د. قورشه نفسه قد غيّر من بعض قناعاته الآن ! ولكن ما يهمني هو القاء الضوء على ردة الفعل الشعبية حول إعتقاله والإنقسام الواضح في ردود الأفعال بين مؤيد ومُعارض.

   ندّد الإسلاميون بإعتقال د. قورشه بالإضافة الى العديد من الناشطين المعنيين بحرية الرأي في حين أبدى التيار اليساري بشكل عام بالإضافة الى مؤيدي العلمانية إرتياحهم لهذا الإجراء مُعتبرين أن خطاب قورشه بشكل عام هو خطاب ديني متشدّد يُحرّض على التطرّف ويسيء للطوائف الأخرى ويضر بالتالي بالوحدة الوطنيّة، ولعلّ أشد الناس بهجةً وسعادةً بإعتقال قورشه هم مؤيدو النظام السوري ومجموعة مُثقّفي "الشبيحة"، الذين أبدوا شماتتهم لإعتقال أحد أشد الدُعاة عداءً للنظام السوري وحلفائه في المنطقة.

  قد تبدو هذه المواقف للوهلة الأولى واقعية ومتوقعة الى حدٍ ما، ولكننا لو ابتعدنا عن السطحيّة وناقشنا جوهر القضية لأكتشفنا أننا أمام حالة إنفصام في الشخصية الفكرية للمجتمع، وتناقض هائل بين ما نؤمن به (أو ندّعي أننا نؤمن به) وبين ما نمارسه فعلياً على أرض الواقع، فالتيار العلماني الذي يتحدث ليلاً نهاراً عن الحُقوق المدنية وضرورة إقامة مجتمع يحترم الرأي والرأي الآخر وتوفير سقفٍ عالٍ من حرية التعبير، يسقط في إختبارٍ بسيطٍ للغاية ويكشف أن كل هذه الشعارات والكلام "المزيون" الذي تخطّه يداه لا يمكن تطبيقه الا على ما يوافق هواه ورغباته، ولا ينطبق أبداً على فرقاء الفكر والسياسة، وهذه بلا شك إشكاليّة خطيرة جداً.

كيف يُعقل أن نشمت في إعتقال أحد المدنيين (بغض النظر عن توجهاته الفكرية والسياسية) ومثوله أمام محكمة أمن الدولة بناءً على رأيه السياسي أو إنتقاده للسلطات في البلاد ؟! سواءً إتفقنا أو إختلفنا مع مضمون رأيه، يجب علينا جميعاً أن نحترم هذا الفِكْر وهذه الجرأة في الطرح وأن نعمل على صيانة حرية التعبير وضمان حوار عقلاني حقيقي بين مؤيد لوجهة نظره ومُعارض لها، بما يخدم مصلحة المجتمع والوطن، أمّا خلط هذه القضية برأينا الشخصي حول خطاب قورشه الديني او اختلافنا معه حول موضوع سوريا، وابداء تأييدنا لإعتقاله بناءً على ذلك، فهو منطق أعوج لا يستقيم مع الأفكار التحرّرية التي يدعو لها كل من أيّد إعتقاله.

وفي ذات الوقت نقول، إذا كان هناك تجاوزات في الخطاب العام لقورشه أو إساءته للديانات والطوائف الأخرى (كما يقول البعض) فقنوات المحاكم المدنية مفتوحة للجميع، والقوانين المسنونة تعاقب على الإساءة للأديان والتعرض للوحدة الوطنية. لماذا لم يقم أحدٌ من مؤيدي إعتقاله بالتقدم بشكوى ضده خلال السنوات الماضية بدلاً من الشماتة لإعتقاله الآن ؟ لماذا لم يتم تنظيم حملة لإغلاق صفحته او مقاطعة برامجه ... الخ القائمة الطويلة من الأعمال التي يمكن القيام بها لإيصال صوت كل من يود الإعتراض على خطابه ؟!

وهذا يقودنا بالتالي الى التساؤل حول مدى نجاح السياسة الإعلامية للسلطات الرسميّة، وتقديرها لردود فعل الشارع؛ إذا كان الهدف هو التخفيض من حدّة إنتقادات قورشه والتقليل من "الشوشرة" التي تصدر عنه، ألم يكن من باب أولى البحث عن مُسوّغات معقولة قد تُرضي شريحة كبيرة من المجتمع وتبدو أنها منطقية بدلاً من إعتقاله على خلفية فيديو قديم تم نشره قبل عامين ؟!

حرية التعبير تُقاس بمقدار هامش الحرية الذي نمنحه للرأي الآخر، هذا هو المقياس الحقيقي لحرية التعبير سواءً لنا كأشخاص أو كمؤسسات وأجهزة رسمية. لا تعنيني شعاراتك وخطاباتك الحماسيّة التي تُلقي بها، ظنّاً منك أنك نبي هذا الزمان الذي بُعث لينادي بالحرية والعدل والمساواة طالما أنك تؤيد الحدّ من الحريات وتكميم الأفواه إذا كان المتضرر هو خصمك في ميدان الفكر والسياسة.

في كتابه الشهير (الذكاء العاطفي) يقول عالم النفس الأمريكي "دانيال جولمان" أن 80% من تصرفاتنا هي ردّات أفعال ناجمة عن العقل اللاواعي، وأن 20% فقط هي تصرفات عقلانية نابعة عن تفكير منطقي محسوب، وأن أي إنسان ناجح عليه أن يُعنى برعاية وتطوير "العقل العاطفي" المسؤول عن 80% من تصرفاته. لو تأملنا في هذه المعلومة وهي مُختصر هذا الكتاب القيّم، لأدركنا حجم الكارثة التي نتسبب بها لمجتمعاتنا جرّاء إنجرارنا العاطفي غير المحسوب في تشكيل مواقف وإتخاذ قرارات متسرعة لا تلبث أن تصبح جزءاً من شخصيتنا وفكرنا، تسيطر علينا وتقودنا الى الهاوية.   

  دعوة للتعقل وإعادة الحسابات في مواقفنا بدلاً من العصبيّة والأهواء الشخصيّة التي تتحكم في أفعالنا وتصرفاتنا.

أيمن يوسف أبولبن
20-6-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الأربعاء، 1 يونيو 2016

أفضل موسوعة أفلام وثائقية عن القضية الفلسطينية‏



أفضل موسوعة أفلام وثائقية عن القضية الفلسطينية للمخرجة الفلسطينية روان الضامن
تضم 4 أفلام وثائقية بمدة 60 دقيقة لكل فيلم، تحكي قصة فلسطين منذ عام 1799وصولاً الى وقتنا الحاضر.

انشروها على قدر المستطاع

الثلاثاء، 24 مايو 2016

بشرى سارة لعُشّاق القراءة


تطبيق (اقرأ لي) يتيح الإستماع إلى مجموعة كبيرة من الروايات والكتب العربية في جميع المجالات وبالمجان.
هذا التطبيق متاح لمستخدمي أجهزة أندرويد، كما انه بالإمكان تحميل المواد ثم الإستماع اليها لاحقاً بدون الحاجة الى انترنت، وبما ان الملفات تكون عبارة عن ملفات صوتية، فيكون من السهل التحكم بتشغيلها أو العودة الى الوراء او عمل توقف مؤقت "Pause" .... الخ
التطبيق يقدم حلولاً لمن يقضي أوقاتاً طويلة في وسائل المواصلات ولربّات البيوت ويعطي حلولاً اضافية للاستمتاع بقراءة الكتب مع تنفيذ نشاطات اخرى مثل المشي، التنزه، أو ممارسة الرياضة بشكل عام.
صحيح ان هذه التطبيقات من وجهة نظري لا تُغني عن القراءة الورقيّة، كما انها لا تناسب جميع انواع الكتب، إلا أنها تُعتبر من أفضل التطبيقات التي تعود بالفائدة على المجتمع إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح، وتُقدّم فائدة جليلة للأطفال والشباب، وكل من يعاني من ضيق الوقت.
التطبيق ما زال في مراحله الأولى ويتم إضافة الكتب بشكل يومي، كما أنه يقدّم نشرات أخبار يومية مسموعة 
ساعدوا على نشر هذا التطبيق لتعم الفائدة




تطبيق إقرأ لي

الأحد، 15 مايو 2016

فلسطين ليست للبيع

في ذكرى النكبة التي لم أعد أحفظ عدد السنوات التي مرّت عليها، فلسطين التاريخية ليست للبيع.
هذه رسالة من الشعب الفلسطيني إلى سلطة أوسلو وإلى كل العربان الذين يعتقدون أن بقاءهم على كرسي السلطة مرهون برضى إسرائيل عنهم. فلسطين باقية، وسيزول الإحتلال وكل من تواطئ معه إن عاجلا أو آجلا.
وهذه رسالة إلى الطغاة، الممانعين بالشعارات، وإلى كهنوت قُم وحزب الله. فلسطين أشرف من أن تتحدثوا عنها، وتدنسوها بخطاباتكم. ولن يكتب لكم التاريخ شرف المشاركة في تحريرها.
فلسطين باقية وهي ليست للبيع او المساومة !

الخميس، 12 مايو 2016

خان في مدينة الضباب، حُجّةً علينا لا لنا


   إختار سُكّان مدينة لندن، البريطاني المُسلم ذا الأصول الباكستانيّة " صادق خان " عُمْدةً لمدينتهم، بعد سباقٍ محموم مع مُنافسه اليهودي " زاك غولدسميث " ليكون بذلك أول مُسلمٍ يفوز بهذا المنصب. وكان خان قد تعرّض لحَمْلةٍ شرسة من حزب المُحافظين المُنافس بسبب ديانته، حيث حاول أعضاء الحزب الحاكم ربطه بالإرهاب والجماعات المُتطرّفة، حتى أن رئيس الوزارء البريطاني "ديفيد كاميرون" إتّهمه بدعم الفكر المُتطرّف.

  يُعدّ فوز أحد المُهاجرين المُسلمين بهذا المنصب الرفيع في أوروبا، دليلاً على حالة التعايش الثقافي والتعدّدية الفكريّة التي تعيشها شعوب أوروبا عموماً - دون إهمال سياسات الدول الأوروبيّة المُجحفة في حق شعوب المُنطقة - ولكن دعونا لا ننسى أن خان هو مواطنٌ بريطاني في البداية، وهو يُشارك باقي سكان لندن موروثهم الثقافي وأهدافهم المُشتركة، وأنه بفوزه هذا إنما كان يُمثّل رؤية حزبه السياسية (حزب العُمّال) ولم يكن ليفوز لولا أن برنامجه الإنتخابي يتوافق مع رغبات وآمال سُكّان مدينته، ويُحاكي مشاكل حياتهم اليوميّة. إذاً ما هي العبرة أو الدرس المُستفاد لنا نحن العرب والمسلمين من النجاحات التي يحققها المسلمون في الغرب على غرار صادق خان، ونجاة بلقاسم وزيرة التعليم في فرنسا ؟

باعتقادي أن الدرس الذي علينا ان نستوعبه جيداً، هو كيفية التعامل مع الآخر بناءً على أفكاره ومنظومة القِيَم التي يُمثّلها، وليس بناءً على أي مرجعيّة أخرى مثل العشائرية والواسطة والمحسوبية كما جرت العادة في بلادنا. يجب على كل مواطنٍ مسؤول عندما يتوجه إلى صناديق الإقتراع، أن يختار الأجدر والأفضل بناءً على برنامجه الإنتخابي وعلى كفاءته، وليس بناءً على عِرْقه أو دينه أو جنسه أو عشيرته، بمعنى تغليب المصلحة العامة والإبتعاد عن " الشَخْصَنة ". عندما نصل في عالمنا العربي إلى هذه الدرجة من التعايش والإنصهار في بوتقة الوطن الواحد، أعتقد أننا سنكون حينها جاهزين للعبور إلى مرحلة البناء والإنجاز. يقول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقِسْط ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ على ألاّ تعدلوا إعدلوا هو أقربُ للتقوى وأتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون )).


   دعونا ننظر الى أحوالنا في العالم العربي ونقارن ذلك بما يحصل في دول أوروبا، عندما سقط حزب البعث في العراق، تم إصدار قانون "إجتثاث" رموز النظام السابق، وانتقلت السلطة إلى أيدي الطائفة الشيعيّة حصراً، والمُفارقة العجيبة أن الأقليّة الشيعيّة التي عانت إبّان حكم حزب البعث، هي ذاتها التي تعيد تكرار نفس تجربة الإقصاء والإنفراد في السُلطة، بل إنها تمارسها بطريقة فجّة، وأكثر بشاعةّ ودمويّة.

 إنظروا إلى حال مصر، بمجرّد أن تم الإطاحة بالرئيس السابق "محمد مرسي" تم إغلاق كافة المحطات الإعلامية التي لا تتوافق مع رؤية السلطة الجديدة، وتم إقصاء الإخوان وكل من تعاون معهم وزجّ قياداتهم في السجون، رغم أن السبب المُعلن لما يُطلق عليه "ثورة يونيو" هو إحباط محاولة الإخوان للإنفراد في السُلطة !! وقِسْ على ذلك ما يحصل في باقي بلداننا العربيّة.

  علينا أن نواجه أنفسنا ونكُفّ عن إلقاء تَبِعات فشلنا في النهوض بحالِ أمتنا، وتدنّي فِكْرنا، وإضمحلال قُدرتنا على التعايش والتعدّدية، على الظُروف المحيطة بنا، والخارجة عن إرادتنا. علينا الكفّ عن استخدام نظرية المؤامرة، شمّاعةً لفشلنا الذريع في تحقيق أدنى فرص التكافؤ والعدل والمساواة في مجتمعاتنا.

  الحديث عن العيش المُشترك، بالتأكيد لا ينحصر في عالم السياسة، بل إن جذوره تعود في الأصل إلى حياتنا الإجتماعية وتربيتنا الأسريّة، وعلاقاتنا الشخصيّة، والدليل على ذلك، أننا لو دقّقنا في أحوالنا الشخصيّة سنجد أن حالة الجفاء والتباعد بين فئات المجتمع على إختلافاتها العمودية والأفقيّة هي ذاتها التي يتم إسقاطُها على عوالمنا الأخرى ومن ضمنها عالمنا السياسي. والحقيقة أن هناك فرقاً واضحاً بين القناعات الشخصيّة لأفراد مجتمعاتنا العربيّة، وبين تنفيذ هذه القناعات أو مجموعة القِيَمْ على أرض الواقع. والأمثلة على ذلك غايةً في الوضوح، سواءً في التعامل مع الأقليّات في المجتمع، أو عدم التكافؤ في فرص التعلّم والعمل، بل حتّى في علاقات النسب والمصاهرة المُعتمدة في أغلبها على تكافؤ النسب، وصولاً إلى العنصريّة في ملاعبنا الرياضيّة.

 جون رولز أحد أهم الفلاسفة الأخلاقيين يطرح مثالاُ غايةً في الروعة للتأمل والتفكير في قضية المساواة والعدالة في المجتمع على النحو التالي:

تخيّل أنك عضوٌ في جمعية عموميّة عُليا مسؤولة عن تشريع كافة القوانين التي تحكم المجتمع، يكون فيها الأعضاء مُجبرين على التفكير بكل شيء لمرة واحدة فقط، وبعد انتهاء مهمتهم سيغادرون موقعهم وينتقلون للعيش في ذلك المجتمع، بمعنى أنهم سيسقطون موتى بمجرد مناقشتهم وإقرارهم لكل القوانين اللازمة للمجتمع ثم يعودون ليستيقظوا في المجتمع ذاته الذي شرّعوا له القوانين والتي أقرّوها هم أنفسهم. علماً بأنه لا توجد لديهم أدنى فكرة عن الموقع الذي سيشغلونه في المجتمع، هل سيستيقظ الواحد منهم في جسد رجل أو إمرأة، متديّنٍ أو غير متديّن، عالمٍ أو جاهل، فقيرٍ أو غني ... الخ. وبما أن كل الإحتمالات واردة فسيكون هناك مجالٌ كبير للإعتقاد بأن هذه الجمعية العمومية ستكون عادلة في حق فئات المجتمع المختلفة، وستعمل جاهدةً على تحقيق فرص العدالة الإجتماعية !

تُرى، لو طبّقنا هذه الرؤية الفلسفيّة في كل تشريعٍ أو قرارٍ نتخذه في حياتنا على إختلاف مواقعنا ومناصبنا، هل سنبقى نعاني من الإجحاف والظلم والعنصرية والطائفيّة والطبقيّة ؟!

عندما ننجح في التصويت لرجلٍ يمثّل الأقليّة في مجتمعاتنا، أو إمرأة دون النظر الى دِينها، وعندما ننجح في توفير فرص النجاح المُتكافئة لأبناء المجتمع بغض النظر عن أصولهم وعِرْقهم وجنسهم أو دينهم، وعندما ينحصر تفكيرنا في تقييم الأشخاص بفِكْرِهم وما يمثلونه من قيمة للمجتمع بعيداً عن حَسَبهم ونَسَبهم، نكون قد استفدنا من الدرس الذي لقّنه لنا سُكّان مدينة الضبّاب.

أيمن يوسف أبولبن
10-5-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن

للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الأحد، 8 مايو 2016

ماذا تعرف عن فرقة "الحشّاشين" ؟



  مؤسسها: حسن الصبّاغ، ولد عام 1048 م قرب طهران. عند ولادته كانت "الدولة الفاطميّة" تحكم مصر وبلاد الشام وكانت سلالة شيعيّة أخرى " البويهيين" تحكم بلاد فارس ولها نفوذ كبير لدى الخليفة العبّاسي، ولكن عند بلوغ حسن سن الشباب إستحوذ السلاجقة الأتراك على المنطقة برُمّتها، مع إنحسار الدولة الفاطميّة في مصر، فقرّر حسن إستعادة السلطة للشيعة؛ لذا اتخذ عام 1090 من قلعة " آلَموت" التي تقع قرب بحر قزوين وكراً له ولإتباعه، وأصبحت مركزاً رئيسياً لترسيخ العقيدة الشيعيّة إلى جانب التدريب البدني.


اتخذّت الحركة مبدأ التصفية الجسديّة لخصومها بطريقة الطعن في مكانٍ عام وبالأخص في المساجد يوم الجمعة، وكان المُنفّذ يقوم بما يشبه العمليّة الفدائيّة لأنه غالباً ما كان يستسلم لقَدَرهِ بعد تنفيذ عمليّة الإغتيال ويلقى حتفه في العادة على أيدي الجموع الغفيرة، لذا سُمّي ب " الفدائي".
ونظراً لإستسلامهم بهذه الطريقة ظنً عامة الناس أنهم يتناولون كميّة من " الحشيش " حتى تسهل مهمتهم وتتبلّد أحاسيسهم، وأُطلق عليهم لقب "الحشّاشين" وتُرجمت إلى Assassin في عدّة لغات، بمعنى " قاتل".

كان الحشّاشون مكروهين من غالبية المسلمين بسبب جرائمهم وتنظيمهم السرّي بالإضافة إلى تعاونهم مع الحَمَلات الصليبيّة، ومن هنا جاءت تسميتهم ب " الباطنيين" أي الذين يعتنقون عقيدة مختلفة عن تلك التي يُجاهرون بها. وقد خلخلت حركة الحشّاشين جبهة المسلمين الداخليّة في وقتٍ حرج إبان الحملات الصليبيّة وإحتلال القدس وساحل بلاد الشام، وتُعد قلعة "بانياس" من أهم القلاع التي سلّمها الحشّاشون للإفرنج خلال تلك الفترة.
الغريب في الأمر، أن فرقة الحشّاشين وبعد سقوط الخلافة الفاطميّة في مصر، استغنت عن حلم الخلافة الشيعيّة وأرسلت رسالة الى قائد الفرنج في القدس تعرض عليه إعتناق الجماعة الديانة المسيحيّة !! إلاّ أن فرسان الهيكل رفضوا تلك المعاهدة ونصبوا كميناً لرُسُل الحشاشين وقتلوهم.

وكانت نهاية فرقة الحشّاشين على يد المغول، حين قاد "هولاكو" حملة على بلاد المسلمين مروراً بقلعة "آلَموت" التي أسقطها وقضى على كل من فيها، ثم أحرقها واتلف كل الكتب والمخطوطات، وكانت هذه هي نهاية الحشاشين أو فرقة الباطنيين.

أيمن أبولبن

17-5-2016

منقول بتصرّف من كتاب (الحروب الصليبيّة كما رآها العرب)

أمين معلوف

الأربعاء، 20 أبريل 2016

الحُب في زمن (أوراق بنما)


   في روايته الخالدة "الحب في زمن الكوليرا" يُمجّد الكاتب الكولومبي الكبير "غابرييل غارسيا ماركيز" مبدأ الحب من أجل الحب، عبر قصة حُب تجمع بين شابٍ فقير من الطبقة الكادحة وفتاة أرستقراطية في بلاد الكاريبي التي تصارع الموت مع مرض الكوليرا وترزح في ذات الوقت تحت وطأة الحرب الأهلية. ويُجسّد بطل الرواية "فلورينتينو" كل معاني الإصرار في سبيل تحقيق هدفه الذي سخّر كل لحظة من حياته لتحقيقه، وهو الظفر بمحبوبته التي هجرته وتزوجت من طبيب ثري ومرموق من علية القوم. ورغم الفراق فإن "فلورينتينو" يحتفظ بكل مشاعر الحب الفيّاضة سراً ولا يكشف ذلك لأحد بل إنه يرفض الزواج ويمضي حياته البائسة في إنتظار موت غريمه الطبيب، غير آبه بإحتمال أن يفارق الحياة هو شخصياً قبله، وبعد إنتظار نصف قرنٍ من الزمان يتحقق مراده في إعادة المياه إلى مجاريها مع محبوبته "الأرملة" التي عاش حياته بطولها وعرضها وهو يتابعها في الخفاء، ولم يكن طيفها يفارقه في صحوه أو نومه.

  في رحلة الخمسين عاماً يعيش "فلورينتينو" في الظل وحيداً منبوذاً لا قيمة له في المجتمع دون أن يلفت الأنظار أو يأبه له أحد، هو (الموجود الذي لا وجود له)، حتى أن ملبسه ومظهره يوحي بالبؤس وواقع حاله يقول "يا لهذا الرجل البائس !" ولكنه يُحدّد لنفسه هدفاً واحداً في الحياة، الكفاح كي يستحق حب فتاة أحلامه والإبقاء على بصيص أمل في أن تبادله نفس المشاعر يوماً وأن يجمعهما سقفٌ واحد ولو كانا على حافة القبر، وهو ما يتحقق له في النهاية بعد ان يتجاوز العقد السابع من العمر !.

"فلورينتينو" هو مثال كل المُحبّين الصامتين، الرابضين على جمر الحب الذي لا ينطفأ. هو نصير العاشقين الغلابا الذين يؤمنون بحظوظهم الى النهاية، حتى لو عاندتهم الحياة، وأختارت أن تُعكّر صفو أحلامهم وقت الكرى.

لا ادري لماذا قفزت شخصية "فلورينتينو" الى ذهني وانا أتابع تسريبات وثائق بنما، التي كشفت عن الثروات الهائلة التي يكدّسها أثرياء العرب في الخفاء بعيداً عن أعين الناس، باستخدام الشركات الوهمية لغايات التهرب الضريبي وغسيل الأموال، ففي الوقت الذي يعتبر فيه عامة الناس أن الحب والمشاعر الإنسانية هما قارب النجاة الوحيد من هموم الحياة وهدفاً سامياً يعيشون من أجله، حيث تمتزج حياتهم بمشاعر الوفاء والتضحية ويشاركون الآخرين أفراحهم وأتراحهم محتفظين بالألم الذي يعتصر في داخلهم - جرّاء تجاربهم الفاشلة ونتيجةً لتضحياتهم التي لا يُلقي لها البعض بالاً – في السر، حتى لا يفضحوا جرحهم وهوانهم على الناس، ويرضىون أن يعيشوا في بؤسٍ على هامش الحياة منبوذين لا وزن لهم. في ذات الوقت نرى رجال الدولة من سياسيين ورجال أعمال ومشاهير يتصدرون المشهد ويستحوذون على إهتمام عدسات الكاميرا، والصفحات الأولى للصحف والمجلات، وفي الخفاء يكرّسون حياتهم لجمع الثروات بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة وتكديسها بعيداً عن أعين الناس.

  لكل من "فلورينتينو" وأصحاب الشركات الوهمية في بنما عالمه السري الخاص النقيض للآخر، ولكل واحد فيهما حُلمه الذي يطمح لتحقيقه ولو كان آخر يوم في حياته، ففي الوقت الذي كان يأمل فيه "فلورينتينو" لقاء محبوبته باعتبارها البلسم الشافي لكل مآسيه وآلامه، كان أمل هؤلاء، الإستمتاع بثرواتهم في حياتهم ولو كانوا على شفا حفرة من النهاية، كانت هذه الثروات المنهوبة هي ما تُبقيهم مُتّقدين مبتهجين في حياتهم. ولكن شتّان بين حب البشر لبعضهم، وحب البشر لجمع المال والثروة على أعناق الآخرين.

لقد جمع هؤلاء ثرواتهم من عرق جبين الشعوب، لقد تاجر معظمهم إلاّ من رحم ربي بمُقدّرات الأوطان وأعطوا لأنفسهم الحق بالتصرف في بيع وشراء كل ما تنفذ له أيديهم من ممتلكات الوطن للحصول على الربح السريع والعيش على ظهر المواطن الغلبان.

لقد رأينا في الغرب كيف أن المؤسسات المدنية والحقوقية قد تحركت في سبيل الكشف عن حقيقة "وثائق بنما" ومحاسبة المتورطين في هذه القضية، في حين أن العالم العربي للأسف يعيش في حالة نُكران لما حصل أو تجاهلٍ تام وكأن الأمر لا يعنيهم، والحقيقة المُرّة أن أياً من بلداننا العربية لا يمتلك نظاماً سياسياً شفافاً يضمن القيام بمحاسبة الفاسدين أو التحقق من ثرواتهم، ناهيك عن عدم إمتلاك مؤسسات مُستقلة تراقب المال العام وتمتلك الصلاحيات اللازمة للقيام بعملها (وانا لا أتحدث عن المؤسسات الشكليّة التي لا تحمل من وظيفتها سوى الإسم). ولهذا فإن كل ما يقال عن السؤال والمحاسبة في عالمنا العربي أو محاولة التحقيق في قضايا الفساد ونهب الأموال العامة، هو أشبه ما يكون بالمعركة التي خاضها دون كيشوت مع طواحين الهواء !.

لقد قبل "فلورينتينو"الذل والهوان في سبيل الحب، فرغم هجر حبيبته له وعدم إلتفاتها إليه طوال خمسين عاماً، إحتفظ بحبها العارم في داخله، وعمل كل ما بمقدوره كي يحوز على رضى محبوبته في النهاية، أما الفاسدين في عالمنا العربي فقد قبلوا الذل والهوان في سبيل جمع ثرواتهم واتخذوا من مناصبهم ومواقعهم الإجتماعية وسيلةً لسرقة أموال الشعوب بدلاً من خدمتهم والعمل على نهضة بلادهم، لقد إكتفوا بالإعتناء بمشاريعهم الخاصة التي ينتفعون بها، والإستثمار في شركات ما وراء البحار، فأصبحت بلادنا العربيّة أشبه ما نكون بمفهوم "البقرة الحلوب" التي يعيش عليها هؤلاء، وتربطها بهم علاقة مليئة بالتناقضات الإنسانية، هي حب من نوع آخر، إنه الحب في زمن أوراق بنما !

لست بصدد إتهام كل من ذُكرت أسماؤهم في هذه الوثائق بالفساد، فلست مخوّلاً بذلك، كما أني لا أرفع التهمة عن أحد، ولكني كنت أتمنى من كل من يمتلك الحق في مساءلة هؤلاء والتحقيق معهم، أن يرفع صوته عالياً ويحاسبهم على الملأ، كم كنت أتمنى أن يكون صوت المواطن عندنا مسموعاً، وأن يكون لدينا نحن المواطنين الجرأة الكافية أن نقف ونسأل مسؤولينا مهما علت مناصبهم (من أين لك هذا ؟! ) ولكن المواطن العربي بكل أسف هو "الموجود الذي لا وجود له !" ، هو الذي ينطبق عليه تماماً حال بطل الرواية " يا لهذا الرجل البائس ! "

أيمن يوسف أبولبن
19-4-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban