الاثنين، 3 يناير 2022

«لا تنظر إلى الأعلى» جهل الشعوب وإرهاصات نظرية المؤامرة


حمل هذا الفيلم "لا تنظر إلى الأعلى" مفاجأة سارة لعشّاق السينما الهادفة، ولمناصري قضايا البيئة والحفاظ على الطبيعة. وعلى عكس المتوقع من شبكة "نت فليكس" وصنّاع السينما بشكل عام، فقد سلّط الفيلم الضوء على تابوهات سياسية واجتماعية وبيئية تم تهميشها عن عمد، وبقيت في طي النسيان لسنوات طويلة.


حبكة الفيلم الظاهرية تدور حول فريق أكاديمي يكتشف نيزكاً عملاقاً متجها إلى الأرض مما يهدد بحدوث تسونامي هائل يهدد وجود البشرية، فيما يكمن محور الفيلم الأساسي في كيفية تعامل البشر على مختلف ثقافاتهم مع هذا التحدي الجديد لوجودهم، وكيفية تعامل "السلطة" مع هذا الأمر ومحاولتها تطويع الرأي العام لخدمة مبتغاها بعيداً عن مصلحة الأرض وأهلها.


يركز الفيلم على السلطات الثلاث الأهم في عصرنا، السلطة السياسية، السلطة الإعلامية، وسلطة التكنولوجيا ورجال الأعمال. ففي حين ترى السلطة السياسية في هذا التحدي فرصة لكسب الأصوات وحشد الجماهير لتقوية مركزها في السلطة عن طريق الاستعراض والتلاعب بالعواطف، يتجه رجال الأعمال إلى تسخير هذه "الفرصة" لزيادة ثرواتها وملكياتها واضعين مصلحة الشعوب والكرة الأرضية في أدنى قائمة اهتماماتهم، فيما تقوم السلطة الإعلامية بخدمة السلطتين الأخريين بما يخدم مصلحتها هي، من خلال التعتيم الإعلامي على القضايا الجوهرية والتركيز على التفاهات الإعلامية وأخبار النجوم، بما يؤدي في النهاية إلى السيطرة على الشعوب من خلال تجهيل البشر وترويج نظريات المؤامرة.


هذه الحالة الفوضوية تنجح في النهاية في إقناع سكان الأرض بعدم وجود أي خطر على حيواتهم أو على الكرة الأرضية، وأن ما يقوله العلماء هو محض هراء نابع من أشخاص مضطربين عقلياً، أو مؤامرة دنيئة تهدف إلى تهديد العيش السلمي.


ويأتي عنوان الفيلم "لا تنظر إلى الأعلى" لتسليط الضوء على المفارقة الكبرى التي يطرحها الفيلم، فحين يطرح العلماء نظريتهم حول وجود المُذنّب، ينقسم البشر بين مشكّك، أولا مبالٍ، أو جاهل غير متابع للتطورات. وعند ظهور المُذنّب واضحاً جلياً في سماء الأرض، يُفترض أن يُحسم الجدل، فكل ما يتطلبه الأمر هو فقط "النظر الى الأعلى" لرؤية الخطر جلياً ووشيكاً، وهذا ما يحاول العلماء قوله للشعوب: بكل بساطة انظروا إلى أعلى، إلا أن السلطات الثلاث تبدأ الترويج لنظرية المؤامرة، وتدعو الشعوب إلى النظر "إلى الأمام" حتى تستمر المسيرة، في حين أن النظر إلى الأعلى سيعيق التقدم البشري!!


على الرغم من أن هذه الصورة الدرامية تحمل من الكوميديا السوداء الشيء الكثير، ورغم أننا نراها مجرد مشهد سينمائي قد يثير الاستغراب أو الضحك، إلا ان الحقيقة المرّة أنها تمثل الواقع بكل تفاصيله، وتعكس حقيقة جهل الشعوب ولا مبالاتها وحالة الإنكار التي تعيشها!


كم منا يتابع أو يهتم بأخبار الكرة الأرضية وما يحدق فيها من أخطار؟ بدءاً من عملية التغيير المناخي وذوبان الجليد وارتفاع منسوب المياه، وحالات التصحّر وانحسار الغابات المطيّرة، وحرائق الغابات؟


كم منّا يكترث لأخبار التسلّح النووي وأسلحة الدمار الشامل؟

كم منّا يكرّس من يومه بعض الوقت لمتابعة أخبار التلوث البيئي واتباع الارشادات للمحافظة على البيئة في المنزل والعمل والسيارة...الخ


من منّا يقوم بتشجيع الصناعات التي تعمل على الطاقة البديلة، أو اقتناء الملابس التي يتم تصنيعها عن طريق إعادة التدوير؟ 

من منّا يشجع الشركات والعلامات التجارية التي تناصر قضايا البيئة وتلتزم بمعايير المحافظة على البيئة؟


من منّا يشجع الصناعات والعلامات التجارية التي تخصص جزءا من ريعها لتشجيع المجتمعات المحلية وتقوم بالخدمات الطوعية والتوعوية للمجتمعات؟


من منّا يحاول ترشيد استهلاك الطاقة والمياه ونشر التوعية حول هذه المواضيع؟


الاجابة بكل اختصار قلة قليلة جداً والأغلبية العظمى إما جاهلة وغير واعية أو غير مبالية البتّة!


نحن بحاجة فقط إلى النظر إلى ما حولنا كي ندرك حجم المعاناة والخطر المحدق فينا وفي الأجيال القادمة، ولكننا كما في شخوص هذا الفيلم لا نكترث!


دعونا لا نذهب بعيداً، انظروا كيف تعاملنا مع جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، فرغم كل ما شهدناه من أزمة صحية وانسانية، إلا ان هناك من لا يزال يُشكّك في وجود الوباء أو خطورته، وهناك من يحرّض على عدم أخذ المطعوم والاستجابة للاجراءات الاحترازية!


في هذا العام وصلت الزيادة في درجات الحرارة الى 1.2 درجة مئوية فوق المعدل، وارتفعت درجة الحرارة في المناطق القطبية بأكثر من ثلاث درجات. يعاني نحو 700 مليون شخص حول العالم من نقص الغذاء، وخلال العقد الماضي نزح أكثر من أربعين مليون شخص بسبب الكوارث الطبيعية.


في العراق وحدها تحولت نحو 160 كم من الأراضي الزراعية إلى صحراء جافة في عام 2021.

أما بالنسبة للمياه فإن نسبة المياه الصالحة للشرب لا تتعدى 0.3 بالمئة من نسبة المياه على سطح الكرة الأرضية، وهناك نحو مليار انسان حول العالم يفتقرون لمصادر مياه عذبة. ورغم أن الشرق الأوسط يشكل نحو 5 بالمائة من سكّان العالم إلا أن حصته المائية لا تتجاوز واحد بالمئة من اجمالي المياه العذبة.


هل تعلم عزيزي القارىء أن هناك يوماً عالمياً لدورات المياه، وأن نصف سكان العالم لا يتمتعون بنظام صرف صحي فعّال، وأن نحو 700 مليون شخص لا يمتلكون نظام صرف صحي خاص أو عام ويقضون حاجاتهم في الغابات والمناطق المهجورة؟


كل هذه المعلومات هي حقائق واقعية تعكسها الأرقام ولا تستدعي منّا سوى "النظر إلى أعلى"، فهل نستمر في النظر إلى الأمام؟!


أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

2-1-2022

الاثنين، 13 ديسمبر 2021

لماذا في كانون؟!


 


لماذا في كانون؟!

أفاق آدم صباح يوم من أيام كانون، ومخيّلته عبقة برائحة الشتاء وأطياف الأحباب وذكريات اللقاءات الجميلة والمشي تحت المطر وأنغام موسيقى "زيديني عشقاً".
صنع فنجان قهوة صباحيةٍ وارتشفها على بطىء، كان يحتضن كوب القهوة، وأنفاسهُ تستنشق عبير الكافيين المتصاعد من الكوب.

يتساءل آدمُ، لماذا يرتبط كانون وموسم الشتاء بتلك الذكريات الحميمية؟ لماذا مع نهاية كل عام تتقافز إلى ذهنه كل تلك الذكريات والمواقف، ويسترجع ذكرى أصدقاء ورفقاء درب قدامى، منهم من فارق الحياه ومنهم من تقاطعت مساراتهم وتباعدت أسفارهم في الحياة، ومنهم من هو باقٍ ولكنه يفتقد لشيءٍ ما، شيٌ ما لم يعد كما كان.
وفي لحظات التساؤل تلك، تقتحم مخيّلته أطياف من الذكريات، ويُعرض أمام ناظريه ألبومُ صورٍ كأنه فيلم ارشيفي لحقبة زمنية ماضية.

لماذا في كانون؟ هل هي غريزة إنسانية في إجراء جرد حساب سنوي، أم محاولةً لتجديد الديكور الداخلي وإعادة ترتيب صفوف مكتبة الذاكرة من جديد، والتخلص من الأعباء الزائدة؟ أم هي حنين نوستاليجي بحت، مرتبط بالطبيعة وبدورات السبات الشتوي؟

في هذا اليوم بالذات كانت مخيلته تسترجع من الذاكرة صور والدته الراحلة وما جمعهما من ذكريات. كان هناك نسيج غير متجانس من الصور يجمع بين طفولته وبين شيخوخة أمه، كانت الصور تنهالُ والذكريات تنساب ولكن الفرق بين الصورتين عظيم!
في الصورة الأولى، كان يرى نفسه وهو طفل صغير في كنف أمه. كانت أمّه تلك الأم القوية الصابرة التي لا يصدر عنها شكوى ولا لوم، شحيحة حتى في العتاب، وكان هو، ذلك الطفل الشقي العنيد.
الصور الأخرى كانت تأتيه من اللحظات الأخيرة التي جمعتهما، في المراحل الأخيرة من مرضها وتعبها وهزالة جسدها.
إلا أن الشيء المشترك بين الصورتين كان شخصية الأم، تلك الأم الحنون المحبة، القوية رغم ضعفها، تلك التي لم تشتكِ يوما حتى وهي في أمس الحاجه للشكوى!

تذكّر آدم كيف كان يمسك يدها ويمسّدها، يحتضن كفّها بين يديه كما يحتضن فنجان القهوه هذا الصباح وكأنه يتلمّس الدفء فيهما. كان يجلس على جانب السرير ويتمتم بأدعية الشفاء وهي تسرق النظر اليه بصمت مشفقة على حاله، أو ربما على حالها!.

أفاقت ذات مساء من قيلولة مرضيّة، نظرت اليه وأشارت بيدها، تساءل عن مبتغاها، أشار لها بالماء، بغطاء السرير، كانت تنفي، تنفي، وترسل يدها نحوه باسترخاء، أمسك بيدها، احتضنها، قبّلها، ومرّرها على خدّه وجبينه ورأسه، أومأت برأسها ثم عادت تسترسل في قيلولتها.

عندما حان موعد سفره الاضطراري، استأذن في تلك الليلة من الكادر الطبي أن يقضي أطول وقت ممكن معها، سمحوا له بالبقاء في العناية المركزة خارج الأوقات المحدّدة، جلس بقربها وبصوت خافت ممتقع بالحزن قال أنا مضطر للرحيل صباح الغد، يجب ان أعود الى العمل، كانت تبتسم وتومىء برأسها، محاولة التخفيف عن حمله التي تعلم كم هو ثقيل عليه، أن يغادرها في هذه الحالة، كانت تحاول أن تشدّ من أزره على عكس واقع الحال!
قال لها مُودّعاً أريدك أن تعلمي بأني أحبك كثيراً، نحن جميعاً نحبك كثيراً، قبّل يدها ورأسها وحبس ما استطاع حبسه من الدموع وغادر. 

هذه الصور كانت تتزاحم في ذهن آدم في ومضات خاطفة، دون سابق إنذار، وكان هذا يدفعه للتساؤل، لماذا يشعر في كانونَ من كل عام بأن الزمن قد تسمّر، وأن عقارب الساعة تتباطىء وكأنها دخلت في حقل مغناطيسي، لماذا يراوده شعورٌ بأنه أصبح خارج هذا الزمن، يستعرض أحداث الماضي وذكرياته وكأنه في بعدٍ زمنيٍ آخر، تتراءى أمامه كل الأحداث، كل الصور وكأنها تحدث الآن، تحدث في هذه اللحظات، تحدث أمامه، ولكنه هو، هو خارج هذا الزمن!

كانت تلك الصور وغيرها من الذكريات تتعربش على جدران الذاكرة، تطلّ برأسها، تحدّق في عيني آدم بصمت، كان يتساءل مع نفسه، هل جاءت هذه الصور لتوجه له اللوم والعتاب، أم لتعويضه عن وجع الحاضر!

ولكنه في قرارة نفسه، كان هو من يوجه اللوم والعتاب، لعدم اكتمال الصور تارةً، ولتلك اللحظات الناقصة تارةً أخرى. لحوار ناقصٍ، سقط مع فوضى الحياة، أو لنص مفقود كان يُمنّي النفس أن يُضاف إلى نصوص الحياة. كان كثيراً ما يسرح في مخيلته محاولاً إعاده ترتيب هذه الصور، كانت مخيّلته تتفتق عن لحظات إبداع، تدعو لتغيير الحبكة الدرامية نفسها.
من أجل كل ذلك، كان آدمُ يوجه اللوم والعتاب ولكنه لا يعلم لمن!


أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
13-12-2021

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

الشعور بالوحدة


 


 

سألَتْه هل تشعر بالوحدة؟ قال: أسافر وحيداً وأكثر من الترحال، ولكني لا أشعر بالوحدة. وأنتِ؟ تنهّدت واسترسلت بالنظر بعيداً ثم قالت: أشعر بوحدة قاتلة!

كان هذا مشهداً من فيلم Heat رائعة المخرج مايكل مان، وفيه إسقاط لمفارقة أن تكون وحيداً، وأن تشعر بالوحدة، فالشعور بالوحدة لا يرتبط ضمنياً بان تعيش او تتنقّل وحيداً، بل هو شعور داخلي يتعاظم بفعل عناصر عديدة. قد تكون موظفاً في بورصة طوكيو على سبيل المثال أو أحد المشاهير المُحاطين بالمعجبين والمرافقين، ورغم ذلك تشعر بالوحدة في داخلك!

 

كنتُ ذات يوم في أحد مقاهي عمّان الغربية، ورافقني على الطاولة صاحب المقهى. أشار لي إلى احدى طاولات المقهى المليئة بالروّاد وسألني هل ميّزت احداً منهم، نظرت نحوها ثم أجبته: تقصدُ صاحب نوفوتيه الملابس المشهور وسط البلد؟ هز رأسه مؤكداً، ثم قال يأتي هنا مساء كل يوم مصحوباً بالرفقاء، ويكون هو صاحب الدعوة دائماً فسألته باستغراب وما الذي يدفعه إلى فعل ذلك، تبسّم في وجهي وقال: ليس لديه أصدقاء!

 

الشعور بالوحدة هو شعور بالخواء الداخلي، بالفراغ القاتل، هو شعورٌ بانتفاء الغاية والهدف والرسالة، شعور باللاانتماء!

لدى الانسان غريزة أساسية بالانتماء إلى مجموعة تشترك بمفاهيم وأفكار وقيم وتعمل مع بعضها البعض، وكثيرٌ من الدراسات الانسانية ركّزت على مفهوم الأنسنة والمجتمعات والعمل الجماعي. خذ على سبيل المثال العقل الجمعي، وسيكولوجية الجماهير...الخ جميعها تشير إلى ميل البشر بطبيعتهم إلى تكوين الصداقات والعلاقات المشتركة والتفاعل الايجابي ضمن مجموعات، ومن هنا جاء مفهوم العشيرة وابن البلد والصداقة والزواج وغيرها. وعندما تنتفي تلك العلاقات المشتركة او تتعطّل تلك الروابط ولو مؤقتاً يبرز الشعور بالوحدة والغربة، والاستنزاف العاطفي.

 

ولعل المفارقة تكمن في أن حياتنا المعاصرة المنفتحة على العالم الخارجي بفضل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي، وتجلّي مفهوم "القرية الصغيرة" و "السوق العالمية المشتركة" ساعدت بشكل سلبي -على غير المتوقع- على شعور الأفراد بالسلام الداخلي والشعور بالأمان والثقة بالذات.

 

لقد انصهرت مفاهيم الذات في مفاهيم أخرى سائدة وطاغية تدوس على ما عداها ولا تجعل متنفساً للأفراد للتعبير عن ذواتهم او ممارسة تلك الحميمية في المشاعر والأحاسيس الصادقة. لقد أصبحنا مجموعة من الغرباء الغارقين في بحر من الظلمات، لا نعرف عن الآخر سوى المظاهر والأشكال الخارجية التي تطفو على السطح.

 

وما يزيد من الطين بلّة انه بات من المستغرب أن يحاول أحدنا كسر ذلك الجمود والتقرّب من الآخر، وكأن ذلك هو المستغرب والشاذ عن القاعدة لا العكس!

نسكن في مجموعة من المباني جذابة المنظر، ولكنها خاوية على عروشها، لا يعلم أحدنا عن جاره أو قريبه أو صديقه، سوى رسائل الصباح والمساء والجمعة المباركة!

 

نحاول جاهدين كسر الصمت والجمود ولا نجد في المقابل سوى استجابات خجولة بل ومتشكّكة في نوايانا تجاه بعضنا البعض. لقد تلاشت مفاهيم التنزه العائلي وقضاء أوقات التسلية مع العائلة الكبيرة ومجموعات الأصدقاء، بتنا مرهونين بأعباء الحياة، ولا نجد الوقت لأنفسنا، كمن يحاول سرقة الزمن على غفلة منه!

 

ولعل أزمة كورونا قد دقّت ناقوس الخطر فينا جميعا، وأرشدتنا إلى ضرورة التواصل والتكاتف الاجتماعي إلا انها سرعان ما تلاشت أصداؤها وعدنا إلى عاداتنا القديمة وكان شيئاً لم يكن!

 

في عالمنا المادي الذي نعيش، طغت المادة فيه على حياتنا بطريقة لا واعية، فأصبحت أعمالنا أهم بكثير من عائلاتنا وأصدقائنا، وبات الفرد فينا رهينة لهاتفه "الذكي" وبريده الالكتروني الذي يقتحم خلوتنا وخصوصياتنا.

 

في الفترة الأخيرة لاحظت أني وأثناء تناولي الطعام أو في الوقت الذي أسرقه من يومي لأموري الخاصة، أقوم وبشكل لا إرادي بتفقد رسائل الواتس وايميلات العمل، بل وحتى ارسال الرسائل وإنجاز أمور العمل!

 

لقد أصبحت شاشات التلفاز ملاذنا، للهروب من هذه العُزلة بمشاهدة المباريات الحماسية والأفلام الشيّقة. لم نعد وحيدين في هذا العالم، نحن كُثُر ولكننا مكبّلون بالشعور بالوحدة!

 

لست وحيداً، أنا مُحاطٌ بالناس ولدي أصدقاء كثر، ومعارف على وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، ولكني أعترف باني لا أستطيع الافتكاك من شعوري بالوحدة، أنا في اشتباك دائم مع الوحدة والارهاق والعزلة. احاول جاهداً ممارسة كل الطقوس الكفيلة بملأ حياتي بكل معاني الحياة، ولكني ما زلت أشعر بتلك الوحدة القاتلة، والحنين، الحنين إلى الماضي، بل الحنين إلى ذاتي!.

جاهداً أحاول الاجابة على أسئلة الطفل الشقيّ في داخلي، فكلما أجبته عن الغاية من مهامي اليومية التي أقوم بها، لاحقني بسؤال تابع عن الغائيّة ذاتها! أسئلة تبدأ ولا تنتهي، ومعها تبدو كل الغايات فوضويّة وعبثيّة!.

 

الوحدة باختصار، هي تلك الفجوة بين حياتنا الواقعيّة، وتصوّراتنا نحن عن تلك الحياة، أو بالأحرى عمّا يجب أن تكون، فالوحدة تبدأ من ذواتنا ولا تنتهي إلا إذا أوجدنا التوازن الداخلي بين تصوراتنا حول "الأنا" وبين الطفل الذي في داخلنا، بين عالمنا الواعي، وذاك الضارب في أعماق اللاوعي.

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

24-11-2021

الاثنين، 18 أكتوبر 2021

"صامويل باتي" ضحية العلمانية اللائكيّة



تُكرّم فرنسا اليوم "صامويل باتي" في ذكرى رحيله الأولى، وتستغل المناسبة للتأكيد على "جمهورية" الدولة ومبادىء الحرية الانسانية.

وصاموئيل باتي مُدرّس في المرحلة الثانوية قام بعرض الصور المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلّم على تلاميذه معللاً ذلك أنه من باب حرية النقد المُصانة بقانون اللائكيّة عام 1905، ثم لقى حتفه على يد شاب من أصول شيشانية.

 

لو عدنا إلى التاريخ، لوجدنا ان فكرة مدنيّة الدولة "اللائكيّة" هي فكرة دينية في الأصل ولا فضل فيها لا لفرنسا ولا لمفكريها إلا بالنقب عنها وتحديثها.

ففي الانجيل قال عيسى "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وفي القرآن الكريم جاءت عدة نصوص تؤسس لفكرة الكرامة الانسانية المبنية على حرية المعتقد " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "

" وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ "

" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً "

 

مع التشديد على أمرين إثنين الأمر الأول أن لكل فعل عواقب " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه " وأن الطريقة المثلى للحياة هي باتباع النهج الرباني العام والاجتهاد في أمور الحياة وتفاصيلها " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "

 

فالتاريخ يقول أن الحضارة الغربية أدركت متأخرة هذه الفضائل والقيم الفلسفية التي جاء بها الاسلام، وقامت بتبنيها وتأسيس مدارس فكرية تدعو لرفع شأن "الفرد" وحقوق الانسان في مواجهة طغمة الدولة الحاكمة وفي مواجهة الكنيسة المتحكمة في أركان الدولة، ولم تنجح الحضارة الغربية بالولوج من نفق الظلم والدمار والدموية والديكتاتورية، إلا بعد إعتناقها هذه المبادىء الانسانية، التي جاء بها الاسلام من قبل.

 

فالانسان خُلق حراً حسب النصوص القرآنية من أجل أداء الرسالة الموكولة له وهي إعمار الأرض، أي أن رسالة الانسان هي "الحياة" بأم عينها، ومن أجل ذلك كان الانسان حرّا في إرادته وفي تصرفاته منذ لحظة خلقه. أضف إلى ذلك أن الانسان كائن متعلّم يتسم بالناحية الأخلاقية وبوسعه أن يتخذ قرارت واعية نابعة من ضميره، ومن هنا اكتسب صفة الكائن الحضاري القادر على بناء المعرفة واكتسابها من الآخرين أو حتى من الطبيعة وقوانينها والبناء عليها لتكوين مجتمع يتسم بالثقافة والفنون ويسعى لسعادة البشر، باختصار "بناء الحضارات". وهذا الفهم توصلت له الحضارة الغربية في القرن الخامس عشر فقط!

 

يقول بيك ديللا ميرندول (توفي عام 1494)  في (مقالة في كرامة الإنسان) إن الكائن البشري هو مخلوق بلا مواهب طبيعية، فهو مخلوق عارٍ ليس له فراء يقيه من البرد، ولا مخالب، لا يستطيع تسلّق الأشجار أو حفر الجحور أو الركض بسرعة مثل باقي المخلوقات ولا يطير مثل باقي الطيور، ولكنه يمتلك المعرفة والقوة والارادة التي تمكّنه من السيادة على الطبيعة وذلك بالتحديد لأنه يمتلك الحرية في صنع مصيره بنفسه.

 

وهذا تفسيرٌ لافت، وإن كان متأخراً لما قاله تعالى في كتابه العزيز " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ "

ومن هنا بدأت حركة الفكر الغربي في إعلاء شأن حرية الفرد في مواجهة نظام الكون والنظام الطبيعي، فالانسان ليس مُلزماً بالامتثال لأي نظام كوني او طبيعي لأنه حر، ولكي ينجح الانسان في بناء الحضارة عليه أن يتخلص من كل الأنظمة التي تقوّض مصير هذا المخلوق.

 

ومن أجل البناء المعرفي السليم، استمرت الحضارة الغربية في نقد الفكر التقليدي، ووضعه موضع الشك حسب نظرية ديكارت، إذ لا يمكن للمعرفة الانسانية التطور إلا بناءً على "اليقين المطلق" من فكر الفرد الخاص، وهنا بدأ الصراع مع السلطة (سلطة الدولة وسلطة الكنيسة) الجاثمة على صدور الأفراد أو الشعب.

 

ثم جاءت حركة الاصلاح البروتستانية في أوروبا لتخليص الدين من الأفكار التقليدية المتوارثة ونسخ كل ما لا يقبله العقل والمنطق، والقائمة على فكرة أن الدين يجب أن يقبله الفرد في قلبه وعقله في آن "اليقين المطلق".  وتوّجت هذه الأفكار من خلال الثورة الفرنسية بإعلان مبادىء حقوق الانسان المبنية على فلسفة جان جاك روسو "العقد الاجتماعي" وكان هذا إعلاناً لفكرة العلمانية أو المجتمع غير الخاضع للكنيسة.

 

وهذه هي المبادىء التي قامت عليها فكرة اللائكية في فرنسا وتوّجت بقانون عام 1905، الذي يشدّد على حق الفرد في الانتماء الى أي مجموعة يختارها في حين تبقى الدولة بلا دين رسمي وليس لها أن تفرض أي انتماء على المجتمع الامر الذي سيقود إلى التعايش السلمي بين مختلف الديانات.

 

ولكن معضلة اللائكيّة الفرنسيّة أنها تحوّلت إلى "إنتماء" بحد ذاتها، أي أنها أصبحت ديناً جديداً غير خاضعٍ للعقل أو للمنطق ولا يقبل النقد، وبالتالي أصبحت فرنسا دولة متدينة تفرض انتماءها على الأفراد، وهذه هي المفارقة الكبرى!!

 

لقد تحوّلت هذه اللائكية الجميلة إلى عقيدة استعمارية تُبرّر الاحتلال والقتل والتدمير بحجة نشر "المعرفة وقيم الحرية"، لقد تحوّلت هذه اللائكيّة إلى سياسات عنصرية تستهدف طائفة بذاتها وتحرمها من التعايش السلمي وأدنى حقوق حرية المعتقد وحرية الأديان!

 

وفي حادثة باتي موضوع مقالنا، تحوّلت اللائكية في أذهان الأفراد بحريتهم وقدرتهم على نقد الأديان والنيل من رموزها الدينية دون أن تخشى العقاب، بل على العكس من ذلك يتم تكريمهم على أنهم أبطال الجمهورية!

 

في الوقت الذي تُكمّم فيه السلطة الحاكمة أفواه المعارضين والمنتقدين للحكومة ولسياسات الرئيس، وتحدّ من حريات الصحافة، تفتح الباب لكل من ينتقد الاسلام ورموزه، بحجة العلمانية التي جاءت في الأساس لحماية حرية المعتقد!!

 

هذه الاشكالية العلمانية لا تخص فرنسا فقط وإن كانت واضحة في أجلى صورها هناك، إلا أن عالمنا العربي لا يخلو أيضاً من هذه المفارقة، فالعلماني ينتقص من دور الأديان ومن رجال الدين، ويدعو إلى نقد التراث وتجديد الفكر، وهي فكرة بالأساس صحيحة ولا غبار عليها، ولكنه في ذات الوقت يرفض التعامل مع المتدينين على أنهم جزء من المجتمع ومُكوّن أساسي في الحياة السياسية والبرلمانية، ويستمر في محاولة شيطنتهم واقصائهم من الحياة السياسية بل ويحاربهم في نشاطاتهم الاجتماعية والفكريّة، وهو بهذا يناقض نفسه ويناقض فكره الذي يدعو في الأساس إلى احترام الآخر، وضمان حرية المعتقد!!

 

صاموئيل باتي لم يكن ضحية الارهاب أو التطرف الديني بقدر ما كان ضحية التطرف اللائكي العلماني، وهذا ما يدعونا إلى إعادة التفكير بما آلت إليه مبادىء اللائكية والحرية الانسانية اليوم، فاستمرارنا في هذا الاتجاه له نتيجة واحدة مؤكدة، هي تعاظم الفردية الانسانوية إلى حد الانفجار على ذاتها!

 

 

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

17-10-2021

الجمعة، 10 سبتمبر 2021

نبوءة الحرية

نبوءة الحرية


ستةٌ حفروا بأظافرهم نفق الحرية، ستةٌ أثبتوا بالتجربة العملية أن العمل الدؤوب والقصير قادرٌ على صنع المعجزات. ستةٌ أثبتوا أن الأمل باقِ وأن التحرير قادمٌ. ستةٌ  أثبتوا أن نهاية النفق المظلم نورٌ ساطعٌ. ستةٌ كسروا المستحيل على شواطئ الإرادة والصمود. ستةٌ حلّقوا بإصرارهم فوق السجون وأمطروا الأرض حريةً وكرامة، وقصفوا بالبرق والرعد سجّانيهم. ستةٌ أثبتوا أن الملعقةَ قادرةٌ أن تنقلب إلى سلاح في يد مقاوم، وأن الأرض على خلاف قرارات الأمم المتحدة تعترف بسيادة أهلها!

 

في علم الإدارة نقول إن الافعال تتحول الى تصرفات، والتصرفات إلى سلوك، والسلوك يتحول الى عادة، والعادات الناجحة تصبح منجزات. وفي علم الإرادة -لم أخطىء في الاملاء- الذي اخترعه الشعب الفلسطيني فإن الأعمال الصغيرة اليومية قادرة في النهاية على فك الحصار، ونيل الحرية من براثن العدو وعلى تحطيم خرافة الجيش الذي لا يقهر وقلعة السجون الحصينة.

في فن الإرادة الفلسطينية، صنع أبناء غزه من مخلفات القاذفات صواريخ تؤرق مهاجع سجانيهم وأشاوس جيوش العدو. في فن الإرادة الفلسطينيه ورغم الحصار والاستعمار تراجعت نسب الأمية وتبوأ الطلاب أعلى الدرجات في المسابقات العالمية، ورغم كل التجييش ومسلسلات القهر والظلم، مازال الأطفال يحلمون بالمقاومة والرجالُ يتسامرون تحت وابل الرصاص، والفتيات يتفاخرن ببطولات أقرانهن من الشباب، وما زالت الزغاريد تنطلق في جنائز الشهداء. هذا هو فن الإرادة الفلسطينية الذي سيصبح عما قريب مادة تُدرّس في التاريخ.

 

ما يزال جيش الاحتلال يحاول جاهداً البرهنة على أن الجحيم وظروف المعيشة الصعبة التي يزاولها كل يوم على المواطنين الفلسطينيين وعلى الأسرى في السجون -وكل مواطن فلسطيني في النهاية هو أسيرٌ لهذا الاحتلال- قادرة على ترويض هذا الشعب، قادرةٌ على جعله راغباً في طرح خيار المقاومة أرضاً، وأن يصبح من أشد المطالبين بالسلامة والأمن والأمان، والقبول بالواقع والانبطاح أمام السيل العارم. ولكن كل هذه المحاولات تثبتُ فشلها يوما بعد يوم ليس فشلها بالنسبه للفلسطيني او للعربي فقط، بل فشلها أمام المحتل وأمام العالم أجمع.

تزداد ثقةُ المقاوم بنفسه وبالقضية كل يوم، ويزداد المُطبّع والمُهادن وكل من تنطبق عليه صفة "الأوسلويّون" يزداد خيبةً وانكسارا!

اشهد يا تاريخ أن هولاء الفتية دوّخوا أكثر الأنظمة فاشيةً ونازيةً في التاريخ، وأن هذا الشعب بدون دولة وبدون جيش استطاع أن يسطّر اسم فلسطين والدولة الفلسطينية في كتب التاريخ وفي أروقة دول العالم وأمام النخب الثقافية والسياسيه وفي أذهان الثوار والأحرار في العالم.

 

لا يضر ما نسمعه من مناوشات إعلامية من هنا وهناك أو محاولات للتقليل من الانجازات وتصوير نتائج أفعال المقاومة وكأنها خسارة للشعب الفلسطيني و للمدنيين الى آخر الأسطوانة المشروخة. جميعنا يعلم بأن للحرية ثمن ولكن من يقولون هذا الكلام لا يفهمون مآل الحرية لانهم دفعوا ثمن عبوديتهم، والثمن كان أنفسهم!

 

علينا أن نثق بأنفسنا وقدرتنا على النصر، بدون هذه الثقة لن ننتصر وما انتصر هؤلاء الستة الا بهذه الثقة، وما انتصرت غزه من قبل الا بهذه الثقة فعلينا أن نستمر وان نثق بقدرتنا على النصر وبأن هذه الدولة المزعومة هشّة بل هي أقرب للدمار وإلى الفشل أكثر مما نتصور.

وأريد ان استشهد هنا بخلاصة تجربة سيكولوجية، أجريت في الولايات المتحدة في إحدى المدارس الابتدائية حيث قامت مجموعة من الخبراء بزياره إدارة هذه المدرسة، وطلبوا منهم اجراء لقاءات مباشرة وشخصية مع الطلاب لدراسة معدلات الذكاء وقياس قدرات هؤلاء الطلاب على التميزّ والتفوق، وبالفعل قامت المدرسة بالتعاون مع هذه اللجنة. وبعد الانتهاء من مقابلة كل الطلاب على حدة قامت هذه اللجنة بمشاركة تقريرها النهائي وتم اختيار عدد من الطلاب " عشوائيا" ولكن اللجنة أخبرت إدارة المدرسة بأن هؤلاء الطلاب قد حصلوا على أعلى العلامات وأن هذه اللجنة المختصة تؤمن وتؤكد أن هؤلاء الطلاب هم الطلاب المحتملون للتفوق ليس فقط في المدرسة وإنما في المجالات العلمية المستقبلية.

 وبعد مشاركة هذه النتائج مع المُدرّسين والفريق الأكاديمي نشأ وبشكل لا واعِ في أذهان جميع المدرسين والمشرفين حقيقةً خفيةً تقول لهم أن هذا الطفل مميز وأن عليك أن تشجعه وتكتشف مواهبه وتحفز قدراته وتساعده على البزوغ، في حين أدّت أيضا وبشكل موازِ الى رسوخ قناعة في أذهان المدرّسين أن بقية الطلاب هم طلاب عاديون وأنه مهما تواجد لديهم من قدرات فان هذه القدرات هي قدرات عادية. وبالتالي بدأ المدرسون التعامل مع هؤلاء الطلاب المختارون بشكل مميز بحيث أن كل سؤال يسألونه حتى وان بدا سخيفا او غبيا كان ذاك المدرس أو المشرف يحاول البحث في أعماق هذا السؤال عن شيء خفيّ متواريِ عن الأنظار ثم البدء بكيل المديح والثناء للطالب، وتشجيعه على الاستمرار، وعلى العكس من ذلك كانوا يجدون في كل الاسئلة التي يسألها الطلاب الآخرون مهما كانت ذكية أنها في النهاية أسئلة عادية أو لربما غبية!

وفي نهايه العام الدراسي كانت المفاجأة بأن هؤلاء الطلاب الذين تم تحديدهم بشكل عشوائي قد تفوّقوا بالفعل وحصلوا على أعلى العلامات والنتائج وكان أداؤهم لافتاً. وبعد نشر نتائج هذه الدراسة تم تبني نظرية  "النبوءة التي تحقق ذاتها".

 فالانسان قادر على الإيمان بأفكاره أو حتى بالأفكار المزروعة في عقله حتى وإن لم يكن صاحبها، وأن هذا الايمان بشكل او بآخر سيعمل على تحفيز كل الحواس وكل المشاعر من أجل تحقيق هدف واحد، تحقيق هذه النبوءة، ونكون نحن البشر في هذه الحالة المُنفّذ الواعي أو غير الواعي لهذه النبوءة.

 

أيها المقاومون في كل مكان على أرض فلسطين المقدسة أنتم من تحملون شعلة الحرية في العالم أجمع وليس في العالم العربي فقط، الأنظار موجهة لكم أنتم، أنتم اليوم أمام تحدِ قديمِ متجدد، رفع راية الحرية على أرض فلسطين، أما ما عداكم من البشر، أما نحن جميعا، فبشرٌ "عاديون"!

 

باسم الفدائيَّ الذي خَلَقَا

مِن جُرْحِهِ شَفَقا

سَنُدمِّرُ الهيكلْ

باسم الفدائيِّ الذي يبدأْ

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

9-9-2021

الجمعة، 20 أغسطس 2021

مقاهي الفلاسفة والديكتاتوريون الجُدد


 من المعضلات الأخلاقية التي فرضتها علينا الحياة البشرية، منذ عهد قابيل وهابيل، هي الخيار بين المواقف الصداميّة التي تقود إلى العنف، وكل أشكال التطرّف والانقسام، وبين أن تكوّن ليّنا ديبلوماسيّاً، وتختار التعايش والسلام.

وفي خضم صراعات كثيرة ومريرة طويلة مرّت علي في حياتي الشخصية والعمليّة، كنت دائماً ما أجد نفسي بين هذين الخيارين، أن تكون حليماً ليّناً أو أن تثأر لرغباتك الأساسية وتكون صدامياً نزقاً. وباستثناء حالات نادرة ومعدودة كنت أختار ان أكون هابيل.

وهذه المعضلة، عادة ما يتبعها تقييم متأخر بعد شهور أو سنوات، أو لعله يتأخر إلى مرحلة الحكمة الأربعينيّة، إلا أن الملاحظ أنني كلما مارست ذلك التقييم وسألت نفسي إن كنت قد ندمت على ما فعلته من لين وتغاضٍ، أو إن كنت قد ندمت على ما لم أفعله من حسم وتصعيد، كانت النتيجة دوماً ما تميل إلى رضاي التام عن اتخاذي سبيل اللين والسلاسة.

 

ترشدنا الفلسفة أيضاً، إلى ضرورة أن يتحكم الفرد بمشاعره السلبية؛ الخوف والغضب والكره والبغض، والانحياز والتكبّر....الخ. فإذا أفلح في ذلك كان هو هو، وبات المسيطر على تصرفاته وسماته الشخصية، وإن فشل ولو جزئيا فقد السيطرة على ذاته وبات رهينة لتلك المشاعر التي تسوقه دون عناء!

 

أما في علم النفس، فإن الانسان مسؤول عن تصرفاته في الأساس، وعن شخصيته "الواعية"، ولكن الانسان مسؤول أيضاً بشكل أو بآخر، عن أفكاره اللاواعية، أي عن مشاعره السلبية التي يكتمها، فإن فشل في كتمها وظهرت للعلن، فهي مسؤوليته وحده، ولن يُقبل منه أن يلومنّ أحدا!

 

كان لا بد من هذه المقدمة، كي أدخل في صلب الموضوع، وهو ما بات لافتاً في السنوات الأخيرة من سجال وخصام، واستقطاب غير مسبوق، في عالمنا العربي، وعلى كافة الأصعدة، وكأنه داء معدٍ لا سبيل لوقف زحفه، ولا حتى بالمطاعيم المحسنة!

 

في تونس، إنقلابٌ على الديمقراطية، وأجراسٌ تقرع منذرة بانتكاسة أخرى لكل ما اكتسبه الشارع التونسي في ثورته ضد الديكتاتورية، تماهياً مع ما حصل في بلدان أخرى، ومع ذلك ترى النشطاء والمثقفين الذين كانوا يمجدون الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر، يرقصون في الشوارع والميادين وعلى أسطح العالم الافتراضي احتفاءّ بالثورة ضد الديمقراطية والحرية!

وما هذا إلا نكايةً بالآخر، واستشفاءّ به!

 

وفي مصر، محاكمات واقصاء وتكفير لجماعة معينة، ذنبها أنها وصلت للحكم من خلال الصناديق، وتلك جريمة لا تغتفر، فباتت هي الشمّاعة لكل فشل، والمعوّق للتقدم والتطور وتحقيق العدالة والديمقراطية!

ومع ذلك ترى الثورجيين والأحرار سعداء، يدقّون الكؤوس على مذبحة التعددية والحوار والوفاق الوطني!

 

أما عن اليسار التائه، فحدّث ولا حرج، فكل ما يمت بصلة للتيار الديني فهو رجعي متخلّف يريد أن يعيدنا إلى عصور الجهل والظلام، وهو تبسيط لا يقع فيه إلا جاهل أو متحامل. وما هذا سوى تعبير عن مواقف بائدة عفا عنها الزمن ما زلنا نلوكها ونستمرىء اجترارها!

 

وفي سوريا، إما أن تؤمّن على بركات الرئيس والصورة المقزّمة للتعددية وتلك المسرحية الساخرة التي تُعرض على شاشات التلفزيون ليل نهار، وإما أن تكون عدوّا للوطنية والقوميّة، مأجوراً أو أفاقاً.

وفي سبيل الوقوف ضد الامبريالية، لا بأس من الخوض في مستنقعات الدم، ودهس جماجم الأطفال، وحرق جثث المعارضين الفائضة عن مساحة السجون، وسط تهليلات المُناصرين الوطنيين!

 

هناك فرق كبير بين الاختلاف والحوار، وبين الاقصاء والصدام. ما يحصل اليوم هو نتيجة لكل مشاعرنا السلبية الدفينة فينا من سنوات خلت، هي نتاج لعقلنا اللاواعي، الذي نرفض مواجهته، ونرفض كذلك تحمّل مسؤولياتنا في السيطرة عليه، أو على الأقل تهذيبه، وبدلاً من ذلك نقوم بتحميل ذنب مشاعرنا السلبية تلك للطرف الأخر، فنتهمه بالاقصاء والتشدّد والنفاق والخداع واستغلال السلطة...الخ المسلسل الطويل، بينما في الحقيقة نحن الذين ننقض كل مفاهيم التعددية والديمقراطية ونرفض الحوار، ونتشدد في أحكامنا، ونطلق التعميمات، ونعقد المقارنات، دون أن نأخذ دقيقة واحدة لمراجعة أفكارنا أو التروّي بالحكم، أو ان نعدّ إلى العشرة قبل أن نطلق الرصاص!

 

لم يعد مقبولاً أن نرى طبقة الناشطين والمؤثرين والمثقفين في مجتمعاتنا يمارسون لغة الردح والمماحكة بدلاُ من الوقوف معاُ ضد الظلم والفساد. ولم يعد من المستساغ تبرير الديكتاتورية والقمع وسوء استغلال السلطة، لأن المتضرر هو خصمنا في السياسة.

 

معركتنا نحو الحرية وتحقيق مبادىء العدالة واحترام حقوق الانسان، هي غاية وليست وسيلة لاظهار الذات وتسجيل الانتصارات. وطريقنا طويلة، بل إنها ستطول إلى الأبد إذا ما بقينا نركّز على معاركنا الجانبية بدلاً من التركيز على الهدف!

 

من أساسيات الحضارة والرقي الفكري أن تُبنى ثقافة الانسان على اكتساب العلم والمعرفة، ثم البحث والتقصّي عن الوقائع والحقائق بالمنطق والجدل الفكري، دون التخلّي عن الأخلاق والمحافظة على المثل العليا والقيم الانسانية، وصولاً إلى الحكمة والفلسفة وامتلاك الفكر النقدي البناء. ولعلّي أقول جازماً أن عصر الثورة الالكترونية التي نعيش، وقفزة "مقاهي الفلاسفة الافتراضية" جعلتنا نبني ثورتنا الفكرية بالمقلوب، فجعلت منا رُعاعاً في زمن غابر، إذ لا يكفي أن نتناقش على طاولة في مقهى كي نصبح فلاسفة!

 

قالها من قبل بنجامين فرانكلين Either we hang together or we will hang alone إما أن نتعايش معاً او نُشنق فرادى!. واليوم لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تتمخض أحوالنا المُترعة بالشقاق وإعلاء الذات، سوى إلى الغرق في دوامة الأنظمة السلطوية والديكتاتوريين الجدد!

 

 

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

17-8-2021

الاثنين، 7 يونيو 2021

كيف اقترب حلم التحرير؟

بات حلم التحرير أقرب من أي وقت مضى، وباتت بشائره تلوح في الأفق، حتى أن نشطاء تويتر أطلقوا وسماً (غرّد كأنها حرّة) لوصف مشاعرهم لمرحلة "ما بعد التحرير" في خطوة رمزية عميقة المعنى والتأثير.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا كل هذه المشاعر الايجابية وماذا تغيّر؟
لكي نستوعب ما يحصل حالياً علينا أن نعود إلى جذور الأزمة ونفهم أسباب نشوئها بعيداً عن العواطف وإرهاصات نظريات المؤامرة والخيانة.
منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وإطلاق وعد بلفور بدأت الحركة الصهيونية بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود مستفيدة من الصراعات السياسية الدولية، والتحالفات الاقليمية. ليس هذا فحسب بل واستغلال التعاطف الشعبي واللعب على وتر الدين -الكتاب المقدس، والهجرة الأولى للعبرانيين إلى الأرض المقدسة. بل إن الدعاية الصهيونية كانت تتعمد استخدام مصطلح العبرانيين وليس اليهود في حملتها.
وبذلك استطاعوا نشر كل أكاذيبهم وادعاءاتهم من خلال كل الوسائل المتاحة، ومن خلال استغلال المشاهير والنجوم للدعاية لمشروعهم الصهيوني.
أين كنا نحن؟
في تلك المرحلة ووسط إزدهار المشروع الصهيوني، كان الشرق العربي في أدنى مراحل الحضارة الاسلامية ونفوق الدولة العثمانية، وكان العرب قد دخلوا للتو معركتهم نحو الاستقلال، فخرجوا من عباءة الخلافة العثمانية ليستظلوا بظل الانتداب الاستعماري للمنطقة.
تلك اللحظة الفارقة في تاريخ بلادنا العربية شهدت صراعاً سياسياً بين قوتين عظمتين بريطانيا وفرنسا، وللأسف فإننا ولغاية هذه اللحظة لم نستطع أن نقرأ تلك المرحلة التاريخية الفارقة، ونستوعبها على شكلها الصحيح، وبدلاً من ذلك تقوقعنا خلف متاريس نظرية المؤامرة والخيانة كي نبعد عن أنفسنا شُبهة الفشل والهزيمة!
لقد خسرنا المعركة السياسية والعسكرية ولكن الأهم من ذلك أننا خسرنا المعركة الثقافية والحضارية، وهذا ما نخجل من قوله إلى يومنا هذا!
لكم أن تتخيلوا أن الوكالة اليهودية قد أنشأت لها أذرعاً إعلامية ومكاتب ميدانية في معظم العواصم الغربية وبدأت بنشر أفكارها باستخدام رموز ثقافية ومشاهير من الغرب، حيث كان لها من الداعمين والمتعاطفين ما يكفي لهزم كل المثقفين والساسة العرب مجتمعين، حتى أن أحد السياسيين البريطانيين وصف الساسة العرب على خلفية مناقشة قرار التقسيم عام 1947 ب "الدرجة الثانية" مقارنة بالوفد الصهيوني.
ولكم أن تتخيلوا الزخم الثقافي للحركة الصهيونية إذا علمت أن فيلسوفا وأديباً بحجم "سارتر" كان من أشد الداعمين والمدافعين عن ذلك المشروع في فرنسا، ولك أن تستوعب مقدار العجز العربي، حين يخاطب الرئيس ترومان الوفد العربي الذي حاول أن يثنيه عن دعم قرار التقسيم بقوله: (آسف، لستم من صناع القرار في الانتخابات الأمريكية وعلي أن أقلق على مئات الآلاف من الأصوات اليهودية والمتعاطفين معهم!)، ثم أضف إلى ذلك أن مُمّثلاً بحجم مارلون براندو قد تم تسخيره لبطولة مسرحية للتبشير بعودة العبرانيين إلى أرض أجدادهم وجمع التبرعات لدعم الهجرة اليهودية، جمعت من خلالها الوكالة اليهودية ملايين الدولارات في ذلك الوقت.
 عندما نشبت حرب عام 48 كانت البلدان العربية قد استقلت عن الانتدابين البريطاني والفرنسي لتوها، ولم يكن هناك ما يمكن تسميته بالجيوش العربية باستثناء الجيش الأردني (الجيش العربي) الذي حرصت بريطانيا على تسليحه وتدريبه، وهذا ما أهله للحفاظ على أراضي الضفة الغربية عام 1948 في حين تآلفت الوكالة اليهودية مع العصابات الصهيونية وكانت قد بدأت بالفعل حرب عصابات ضد القوات البريطانية بغية إجبارها على الانسحاب من فلسطين في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا "على عكس ما نتداوله" حريصة على استمرار نفوذها في فلسطين بالذات وعدم الانسحاب منها.
وقد عملت الوكالة اليهودية على الائتلاف مع فرنسا الجديدة (فرنسا الحرة بقيادة ديغول) للقضاء على نفوذ بريطانيا في المنطقة وكانت تتمتع بالتنسيق الأمني والدعم اللوجستي والتسليح طوال تلك الفترة واستمرت صفقات الأسلحة الفرنسية لعقد من الزمان بعد نشوء دولة الاحتلال، بالتزامن مع الدعم الأمريكي المستمر لهذه اللحظة، وحين شدّدت بريطانيا من إجراءاتها للحد من الهجرة اليهودية، طرقت الوكالة اليهودية أبواب فرنسا وأمريكا وكان لها ما أرادت.
فمن خلال ما يعرف باللوبي الصهيوني استطاعت الوكالة الضغط على الرئيس الأمريكي ووزارة الخارجية لدعم المشروع الصهيوني في فلسطين، إلى الحد الذي فقد فيه الرئيس ترومان صبره وصرّح للمقربين منه (إذا كان المسيح نفسه قد عجز عن إرضاء اليهود فكيف سأتمكن أنا من إرضائهم!).
باختصار هذه هي الحالة التي كنا عليها وقت احتلال فلسطين وما تلا ذلك من نكسات كان استمراراً لذات النهج الفاشل ولم يكن بأفضل حال على الاطلاق.
ومنذ ذلك الوقت وإلى هذه اللحظة ونحن نعيش في كذبة كبرى من النضال والكفاح المسلح وشعارات قومية كاذبة وإدعاءات بمؤامرة كبرى بدلاً من الاعتراف بفشلنا على كافة الأصعدة السياسية والثقافية والحضارية والعسكرية، وعلى كل المستويات من القيادة إلى المواطن البسيط.
ومن هنا نستطيع القول عملياً وبعيداً عن العاطفة وتضخيم الأمور، إن ما حصل خلال العقد الماضي بدءاً من الربيع العربي الذي حاول نفس التيار الفكري الذي قاد الأمة للفشل بتصويره على أنه ربيع عبري ومؤامرة أخرى، وانتهاءً بأحداث القدس وغزة مؤخراً، نقول إن ما حصل هو تغيير حقيقي لوجه العالم العربي، وإعادة صياغة لمفاهيم الحرية والوطنية والشرف والكرامة وصولاً إلى رسم طريق التحرير على أرض الواقع.
الثورة تبدأ من الفكر وبدون فكر وثقافة داعمة، وحضارة قادرة على رفد المعركة بالأسلحة اللازمة، ستقف الجيوش عاجزة، وستصاب العملية السياسية بالشلل.
لقد بدأ مشروع تحرير فلسطين من ميدان التحرير وميادين تونس والجزائر وحمص وسرت والدوار الرابع، وأخذ بعده الثقافي والحضاري من خلال جيل جديد واع استطاع خلال أيام معدودة وبفضل زخم مقاومة أهل فلسطين في الداخل، من غزو الفضاء الاعلامي وكسب المشاهير في صف القضية الفلسطينية وإعادة تعريف القضية الفلسطينية، وإثبات الحق الذي لا يقف في وجهه كذب أو إدعاء.
لقد كان للمحتوى الفلسطيني فعل السحر ليس فقط في التأثير على الشعوب العالمية والتعاطف مع أهل القدس وغزة، بل وفي تغيير المواقف السياسية الداعمة للكيان الصهيوني، والتأثير على صناع القرار، وهذا ما آلم الكيان الغاشم وقيادته.
إن أصداء الهزيمة المدوية للدعاية اليهودية ولعصبة اللوبي الصهيوني ما زالت تدق أجراسها في أصداء دولة الاحتلال.
وعلى صعيد آخر، لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها العسكرية على الوقوف في وجه العدو وهزيمته من الداخل، دون جيوش أو خطط كلاسيكية، وكما هزمونا أول مرة نستطيع هزيمتهم وقض مضاجعهم، وسيرحلون كما جاءوا على متن سفنهم البحرية وطائراتهم الجوية.
ما نحتاج إليه اليوم هو المزيد من الايمان بأنفسنا وقدراتنا، والتخلي عن فكر نظرية المؤامرة وعن فكرة المُنقذ الأسطوري، فالأسطورة هو هذا الشعب.
وكما هزمونا في مجال القانون الدولي وأروقة الصالونات السياسية، علينا أن نرتقي بأدواتنا وعلومنا لنهزمهم في ذات المجال.
اما كلمة السر فتكمن في الحرية والديمقراطية ودعمها في كل الدول العربية، فلن ننصر القدس ونهزم العدو، بسلطة أوسلو ولا بالطغاة العرب أو بميليشيات إيران، بل سنهزمها بسواعد عربية حرة.
أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
6-6-2021