الثلاثاء، 4 فبراير 2020

جيل الدراويش وفيروس كورونا!




نحن شعوبٌ عاطفية ما زالت تؤمن بالخرافة، وتنسج في خيالاتها الثقافية قصص الأساطير والقوى الخفية، وتربط كل حدث كوني أو ظاهرة طبيعية بغضب إلهي، أو معجزة لنصرة الحق واستعادة حقوق المستضعفين.

وهذا يجري أيضاً على تفاعلنا مع قضايا الشأن العام، وغالب القضايا العالمية، فنعتمد في الحكم عليها، على ردة فعلنا العاطفية وأحاسيسنا التي غالباً ما تخطىء كونها مليئة بالافتراضات الانفعالية والمخزونات الثقافية والمرجعيات المُضلّلة.
 
بعد انتشار فيروس كورونا في الصين، تسابق الناشطون في العالم العربي على التذكير بجرائم الصين في حق الأقلية المسلمة في الايغور، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها السلطات الصينية في حقهم، وهي لا شك، جرائم شنيعة تستدعي أكثر بكثير من الاحتجاجات الخجولة على شبكات التواصل، والمنشورات التي تستدر العواطف وتذكر بضعف الشعوب المسلمة واستهدافها فوق كل أرض وتحت كل سماء.

ولكن الجديد اليوم، هو ربط انتشار فيروس كورونا باقتراف تلك الجرائم في حق المسلمين والخروج بنتيجة أن الله سبحانه وتعالى يعاقب السلطات الصينية بفيروس قاتل لا علاج له.
في ليلة وضحاها أصبح فيروس كورونا جنداً من جنود الله، يخوض معركة وجودية، بالنيابة عن المسلمين في الأرض! هل لكم أن تتخيلوا مقدار العجز الذي يختبىء خلف هذا الإدعاء أو الاستنتاج التحليلي الصادم!

هناك نشوة خفية، وشعور بالانتصار والزهو، تكاد تشعر به يفوح من كل كلمة تقرأها في هذا الخصوص، وكأن صاحبها اكتشف أو تحقق من أن وراء كل مسلم ضعيف قوّة عظمى قادرة على نصرته حتى لو كان الطرف الأضعف، أو استكان أو تخاذل.

ولكن هذا المنتشي بنصر الله على السلطات الصينية تناسى أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن الله لم يدعنا يوماً إلى الاستكانة أو الركون إلى نصر الله، بل دعانا إلى العمل والتغيير.

ليس هذا فحسب، بل إن مجرد التشفّي بمأساة إنسانية مثل فيروس كورونا هي أبعد ما يكون عن خلق المسلم القويم، والأدعى أن نتكاتف سويةً ونقدّم العون لأخينا الانسان في محنته إن استطعنا، أو على أقل تقدير أن نواسيه ونشاركه بمشاعرنا ووجداننا، وهذا أضعف الايمان.

إن هذه العقلية والمرجعية المعطوبة التي نشأنا عليها (مع فرض حسن النية) لن تجلب نصراً ولن تحقق تقدماً فكرياً أو قفزة حضارية، بل ستجلب مزيداً من الرجعية والتخلّف.

ذات يوم بعيد، سبق أحداث الربيع العربي كنت معتكفاً في إحدى ليالي رمضان، في أحد المساجد الكبيرة والمعروفة في العاصمة عمّان، وكان المسجد يفيض بمرتاديه، والجميع ينصت باهتمام لدرس ديني عن ظهور المهدي المنتظر، والمواجهة مع أعداء الأمة، وبعد انتهاء الدرس سأل أحدهم عن واجب المسلمين والتحضيرات التي عليهم عملها للاستعداد لتلك المرحلة، سيما أن الدرس يشير إلى قربها، فكان جواب الشيخ حرفياً (لا شيء، سوى الانتظار!).

لم تغادر هذه الاجابة تفكيري منذ تلك اللحظة، وأنا دائم التفكير في الرسالات المُبطّنة التي نوصلها لأتباع هذا الدين (رغم كل ما أحمله من احترام وتقدير لرجال الدين والدعوة) والتي لا تُعبّر سوى عن الاستكانة وقلّة الحيلة وانتظار المعجزات. لا شيء عليك فعله، إنه عمل الله سبحانه وتعالى، وما عليك سوى الايمان والانتظار!

وهذا في الحقيقة هو أحد الأسباب التي أنتجت في النهاية جيلاً من "الدراويش" الذين لا يستيطعون ربط الايمان بالعمل أو بالعلم والثقافة، والتقدّم الحضاري، ودليل ذلك أنهم يؤمنون أشد الايمان بأن مجرد الايمان والتعبّد كفيل بنصرة أحدهم على مشاكله، وتقدم شأنه في العمل والمجتمع، بل ونصرة الأمة كلها عسكريا وحضاريا، وعلميا أيضاً.

هذه المفارقة في التفاعل مع الأحداث، تكرّرت مع إعلات ترامب لتفاصيل بنود صفقة القرن، والتي تحولت فيها فلسطين التاريخية إلى مجرد كانتونات متفرقة يجمعها نظام حكم محلي منزوع الجسد، خالٍ من السيادة، أو بمعنى آخر وطن "لايت" يسهل حمله في شنطة السفر، أو وضعه جانب السرير في أحد الموتيلات.

لقد كانت ردة فعلنا عاطفية كالعادة: مهما حدث فالله قد وعدنا بتحرير الأقصى!

نتناسى أن وعد الله سبق الحملة الصليبية على القدس وحرب المغول والاحتلال البريطاني قبل أن يسبق أيضاً، الاحتلال الصهيوني، لقد احتل الصليبيون القدس مئة عام وجعلوا من المسجد الأقصى حظيرة لدوابهم، فهل سننتظر حتى يهدم الصهاينة المسجد الأقصى ويبنوا هيكلهم المزعوم ولا نرد عليهم سوى بوعد الله!

هذا التناقض بين التخطيط والعمل من قبل أعدائنا، في مقابل الاستكانة وعقلية النصر الالهي المزروعة في عقلنا الجمعي، هو في الحقيقة ما أدى إلى هذا الانحدار غير المسبوق في قبول الشعوب للأمر الواقع وتقبلهم لأحوالهم السيئة.

أنا لا أستثني دور الأنظمة القمعية والخيانات، ولا أتغاضى عن فساد السلطة وإرهاصات أوسلو، وعملية السلام التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، ولكني أتحدث عمّا يخص الشعوب، ودور المثقفين والناشطين، وعن ردة الفعل الشعبية الخجولة على كل ما يحصل، وعن تلك الاستكانة التي تجعل منا نسخة إنسانية عطنةً مهزومة.

تبجّح ترامب بعد إعلان القدس عاصمةً لاسرائيل بأن شيئا مهولاً لم يحدث، وأن السماء لم تسقط!، وهو اليوم يتحدى استكانتنا، وسيقول بعد أيام، إن السماء لم تسقط أيضاً.

أرى من واجبي أن أقول اليوم، احذروا من النسخة المستكينة التي زرعوها في داخلنا (بحسن نية)، وأحذروا من تكرار هذا الخطأ مع أبنائكم، علّموهم أن الجندي الذي ينتصر في المعركة هو الجندي الأقوى والأذكى والأكثر استعداداً، وأن الرجل الذي ينجو من الغرق هو الرجل الذي يعرف السباحة، وأن من يقود المجتمع للتقدم والحضارة هو المُفكّرُ والعالِمُ والمثقف، وبعد هذا كله يأتي توفيق الله، فالله اشترط العمل قبل النصر.

وعلموهم أن ديننا يذمّ الوهن والضعف والكسل والذل وقلة الارادة وضعف العزيمة، يقول الله سبحانه وتعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
3-2-2020

الأحد، 19 يناير 2020

هل سينجح مدرب برشلونة الجديد سيتيان في مهمته؟




للإجابة عن هذا السؤال علينا ان نحدد أولا ما هي المشاكل الحالية للفريق والتي تسبب بها المدرب المُقال فالفيردي، كما علينا ان نحدد معايير النجاح التي سيتم تقييم أداء المدرب الجديد بناءً عليها.

مشاكل برشلونة


يعاني فريق برشلونة الحالي من مشاكل رئيسية الاولى هي غياب روح الفريق أو بمعنى آخر شخصية الفريق في الملعب وروحه القتالية وقوته الذهنية. وهذا يبدو واضحا في الهزائم الكبيرة التي تلقاها الفريق ومثال ذلك الخسارة القاسية امام ليفربول وخسارته في نهائي الكاس امام فالنسيا، بالإضافة إلى أدائه الضعيف أمام ريال مدريد رغم أنه لعب أمام جماهيره وعلى أرضه، يضاف إلى ذلك تلقيه أربعة هزائم في مرحلة الذهاب من الدوري المحلي، ولعلّ السمة المميزة للفريق في الفترة الأخيرة هي الأداء الضعيف جدا في المباريات التي يخوضها خارج أرضه.

ثانيا الأداء البدني وضعف الحالة البدنية للاعبين مما يفقدهم القدرة على مجاراة الخصم في الضغط على المنافس والاستحواذ والقدرة على التمرير الدقيق، أو حتى القدرة على إنهاء المباراة بشكل جيد نتيجة عدم القدرة على الاستمرار بنفس الأداء العالي لفترات طويلة في المباراة الواحدة.
المشكلة الثالثة التي يعاني منها الفريق هو عدم الاعتماد على المواهب الشابة ورحيل الكثير من المواهب من فرق الناشئين نتيجة عدم استغلالها وعدم تصعيدها للفريق الأول. وهذا تسبب في إرهاق خزينة النادي، وتواجد أكثر من نجم في الفريق مع عدم وجود بديل مناسب وجاهز، وكذلك فقدان روح المغامرة و فقدان روح التنافس.

المشكلة الرابعة والأخيرة هي سوء توظيف اللاعبين داخل الملعب وسوء التنظيم الدفاعي، وعدم استغلال إمكانيات اللاعبين.

جميع هذه المشاكل أدت الى عدم تقديم فريق برشلونة للمستوى المتوقع و تقديم مستويات متذبذبة وضعيفة بعيدة عن المتعة.

المدرب الجديد

سيتيان كان مدربا لريال بيتيس وقدم معه مستويات رائعة وما يميز هذا المدرب بأن لديه ال DNA الخاصة بفريق برشلونة إذ أنه من أكثر المعجبين بالأسطورة يوهان كرويف وسبق أن قال بإن كره القدم التي قدمها يوهان كرويف كمدرب هي أفضل نسخة لكره القدم الحديثة.
 ومن المعروف أن هذا المدرب قوي الشخصية ويتعامل مع اللاعبين باحترافية كبيرة ويهتم كثيرا بالناحية البدنية، ولديه شخصية قوية أيضا في التعامل مع الإدارة، وهذا بالضبط ما يحتاجه فريق برشلونة في الوقت الحالي: إعادة ضبط غرفة الملابس وسلوك اللاعبين خارج وداخل الملعب، مع رفع الجاهزية البدنية وإعادة الاحترام الى أسلوب برشلونة المعهود في اللعب الهجومي والضغط في كل أنحاء الملعب.

ما هو الجديد؟

سيتيان لديه تنوع تكتيكي في خطط اللعب فهو يلعب بأكثر من طريقة 4-3-3 و 3-4-3 و 3-5-2
وهو يعشق اللعب الهجومي والأداء الممتع وبعد تعيينه كمدرب لبرشلونة قال للصحفيين (أستطيع ان أعدكم بشيء واحد، الأداء الممتع)
ومنذ تسلمه مهامه قبل أيام قام سيتيان بمضاعفة تدريبات الفريق والغاء أيام الاستراحة التي كان قد أقرها فالفيردي، وهذا مؤشر على عدم رضاه عن الحالة البدنية للاعبين.

أما الشيء الآخر الذي فعله سيتيان في الأيام القليلة الماضية، هو تصعيد بعض المواهب من فريق الناشئين مثل لاعب الوسط الموهوب ريكي الذي ينتظره مستقبل باهر كخليفة لانيستا، ولكنه للأسف لم يأخذ فرصته في عهد فالفيردي.
وقد طالب سيتيان إدارة النادي باستعادة اللاعب البرازيلي الناشئ إيميرسون الذي تم اعارته الى ريال بيتيس بداية الموسم، وهو مؤهل لسد الثغرة الكبيرة في يمين الدفاع.
أمام سيتيان ملفات أخرى كثيرة، تتلخص في ضبط سلوك اللاعبين داخل الملعب وخارجه مثال ذلك ما يقوم به ديمبيلي من تصرفات صبيانية، إضافة إلى إعادة تأهيل سواريز الذي يعاني من الإصابة وسوء حالته البدنية إضافة إلى كثرة اعتراضاته على الحكم ناهيك عن تصرفاته المسيئة بحق لاعبي الخصم.

سيتيان وقع على عقد مدته عامين ونصف ولكن إدارة النادي اشترطت إعادة تقييم مستوى المدرب مع نهاية الموسم وخصوصا بأنه سيكون هناك انتخابات جديدة لإدارة النادي، ولذلك تم ترك الباب مفتوحا أمام إدارة الفريق الجديدة للتصرف في الجهاز الفني.
قد تكون هذه نقطة لصالح سيتيان وقد تكون سلبية، فمن ناحية يشعر سيتيان أن عليه أن يقدم الأفضل حتى يستمر مع الفريق، ومن ناحية أخرى قد يشكل ذلك عبئاً كبيراً عليه نتيجة قصر الفترة الزمنية.
في النهاية سيتيان لم يكن المرشح الأول لقيادة الفريق، ولكنه الأنسب حالياً، نتيجة سوء تصرف الإدارة وعدم اتخاذها قرار إقالة فالفيردي مع نهاية الموسم الماضي، بالرغم من خسارة دوري الأبطال ونهائي الكأس، وهذا يجعلنا بانتظار رؤية ما سيفعله سيتيان، هل سيفرض نفسه ويثبت وجوده فيما تبقى من الموسم وهل سيقوم بتقديم الأداء الممتع المعهود و السؤال الأهم هل سيحقق البطولات؟

أيمن يوسف أبولبن
19-1-2020



ملخص كتاب (اثنتا عشر قاعدة للحياة)

انتهيت من قراءة كتاب (اثنتا عشر قاعدة للحياة) للكاتب الكندي جوردان بيترسون، وقمت بتلخيص هذه القواعد (مع بعض التصرف) في الملف المرفق للفائدة


لتحميل ملخص كتاب (اثنتا عشر قاعدة للحياة)


الأربعاء، 8 يناير 2020

القومجيون… وحماس… والبوصلة

بعد اندلاع الثورة السورية، وقمع النظام السوري للمظاهرات السلمية، اختلفت حماس مع النظام السوري وما يعرف بمحور المقاومة والممانعة، بسبب موقف حماس المُساند لمطالبات الشعب السوري بالحرية والتعددية الديمقراطية.
وحينها انبرى تيار الناشطين المؤيد لحلف المقاومة والممانعة –أو ما يعرف بالقومجيين العرب- بشجب موقف حماس وتوبيخ مؤيديها، مردّدين عبارة الشجب الرنّانة (لقد ضلّت حماس عن البوصلة!).
وللبوصلة قصةٌ أخرى، إذ أنها تشير إلى الموقف الثابت من دعم القضية الفلسطينية «برأيهم»، وهي مأخوذة من قصيدة لمظفر النواب قال فيها (بوصلة لا تُشير إلى القدس مشبوهة!) ثم تم استخدام هذا الشعار للإشارة إلى وجوب توحيد المواقف والرؤى باتجاه القدس، والقدس فقط، وكل ما لا يتوافق مع هذه «الرؤية» يكون قد ضلّ عن البوصلة!.
ونتيجة اختلاف الرؤى والمواقف واختلاف البوصلات، ساد بعض البرود بين القومجيين من جهة والمتعاطفين مع حماس والثورة السورية من جهة أخرى، رغم اتفاقهم المبدئي على قضية فلسطين.
قبل أيام، نشرت حركة حماس رثاءً وتعزية لقاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني الذي تم اغتياله من قبل القوات الأمريكية في العراق مؤخراً.
وقاسم سليماني هذا هو السلاح الذي تستخدمه طهران في مواجهاتها في المنطقة، وهو بلغة الصنعة العسكرية «جندي إيران في المنطقة». ونظرا لتشابك العلاقات وتناقضات التحالفات في المنطقة بسبب الربيع العربي، فقد اضطر هذا الجندي لأن يدوس على جماجم أطفال العراق وسوريا وكل من تسوّل له نفسه الوقوف في وجه المصالح الإيرانية-السورية-الروسية في المنطقة وبالطبع مصالح حزب الله الذراع العسكرية لإيران.

وبكل تأكيد كان المبرر لكل تلك المجازر التي ارتكبت هو شيء واحد، المقاومة والممانعة أو بمعنى آخر المحافظة على البوصلة!
وبعد أن شعر القومجيون العرب بنشوة تعاطف حماس وشجبها لاغتيال قاسم سليماني بدأوا بشتم ولعن كل من ابتهج بمقتل سليماني بل وكل من لم يشجب ويستنكر مقتله، قائلين هذه المرة، هل تريدون أن تختلفوا مع حماس أيقونة المقاومة والبوصلة الحقيقية لنا!
لقد نسي هؤلاء أو تناسوا أنهم اختلفوا مع ذات حماس وأن بوصلتهم لم تلتق مع بوصلتها من قبل، ولكن عذرهم الوحيد هو نشوتهم بتعاطف حماس (المفاجئ نوعاً ما) والذي لربما أسكر عقولهم!
حين رثت حماس قاسم سليماني وضعت في اعتبارها مصلحتها السياسية في المنطقة، مستذكرةً الدعم العسكري واللوجستي الذي قدمه لها. صحيح أن حماس تعي مصالح إيران في المنطقة، ولكنها تعي أيضاً أنها تعاني من حصار عربي وأن خياراتها في المنطقة أصبحت محدودة، ولا يمكنها في أي حال من الأحوال نكران الدعم الذي حصلت عليه، كما أنها تعي أيضاً أن أمريكا لم تُقدم على اغتيال قاسم سليماني من أجل عيون العرب.
ولكن مشكلة هؤلاء الناشطين «القومجيين»، أنهم يعتقدون ان الحياة أبيض وأسود، وأن المواقف ثابتة بثبات أصحابها، لذلك تراهم يتخذون مواقف لا تحتمل المساءلة الفكرية او إعادة الاعتبار، فكل من هو معي هو مع الحق، وكل من يختلف معي هو مع الباطل، او بلغتهم عميل ونذل، أو إرهابي وداعم للتطرف!
فقاسم سليماني في نظرهم، هو مقاوم وشهيد وأحد رموز النضال ضد الإمبريالية، فقط لأنه جندي في خندق نظام الأسد وحزب الله.
غاب عنهم أن قاسم سليماني هو سفّاح في النهاية بغض النظر عن تموضعه في هذا الخندق أو ذاك، لقد فتك بالآلاف من المدنيين والأبرياء في سوريا والعراق واليمن وغيرها من المناطق بحجّة المقاومة والممانعة، وغاب عنهم أيضاً، أنه في النهاية كان ينفذ أجندة بلاده إيران، التي صدف أن اتفقت مع أجندة بشار وحسن نصر الله، وفي بعض الأحيان المقاومة حماس، رغم أن هذا يُعدّ في عالم السياسة (تحالفُ مصالح) لا أكثر، ولا يُعبّر بالضرورة عن أجندة وطنية أو أخلاقية، والدليل هو تحالف ذات الأنظمة والقيادات بل وذات الشخوص مع الإدارة الأمريكية عندما قررت احتلال العراق والقضاء على النظام هناك.
أما محاولة استجداء التعاطف لأن من نفذ العملية هي القوات الأمريكية، فهي حجة واهية لا تؤكد سوى سذاجة منطق هؤلاء، والذي يتمثل في ثبات البوصلة مع الأشخاص لا مع الحق، فمن يُقتل بواسطة «درون» أمريكي هو شهيدٌ ومقاوم، ومن يُقتل على يد ميليشيات إيران في المنطقة هو إرهابي ملعون!
سُئل الامام علي ابن أبي طالب في زمن الفتنة عن أصحاب الحق، فقد أصابت أتباعَه الحيرةُ وسرى الشكُ في نفوسهم حين وجدوا أنفسهم في مواجهة أتباع معاوية وهم يرفعون المصاحف وفيهم حفظة القرآن وصحابة الرسول، فقال لهم سيدنا علي بكل ثقة وسكينة بما مفاده: ابحثوا عن الحق واتبعوه تكونوا أصحابه، ولا تنحازوا للأشخاص بحثاً عن الحق.
فالبوصلة الحقيقية في النهاية، تعبّر عن الضمير الإنساني الذي يعتمد في الأصل على معايير الحق والباطل والقيم الإنسانية العليا، ومحلّها العقل والفؤاد والقلب وليس مع هذا الشخص أو ذاك.
يقول الله تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْـمَى الْقـُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّـدُورِ).
ومن السذاجة الاعتقاد أن أحداً أو جماعةً ما تحتكر الحق في جعبتها، وتمنح الصلاحية لأتباعها بدمغ الناس بختم الحق والباطل، كمن يمهر توقيعه على شيكات الصرف!

لقد ضل صاحبكم سليماني طريقه، فقائد فيلق «القدس» قُتل في العراق البلد العربي المسلم الذي احتلته إيران وميليشياتها بمساعدة الأمريكان أنفسهم، ولم يُقتل على أبواب القدس أو موانئ غزة، وبدلاً من العمل على تحرير القدس، قام بقمع المظاهرات الشعبية التي طالبت بحقوقها الأساسية، والتحرّر من قمع الأنظمة السلطوية، إذ شاءت الأقدار أن تلتقي مصالح أسياد هذا الجندي مع تلك الأنظمة السلطوية.
أرجوكم، احترموا عقولكم أولاً ثم عقولنا ثانياً ودعوكم من محاولات احتكار الحق، وتوزيع صكوك الغفران ومفاتيح الجنة، ومن باب أولى دعوكم من وصم من يختلف معكم بالعمالة والضلال عن البوصلة المقدّسة التي تعطّل مغناطيسها منذ أن قررتم الدوس على أحلام الشعوب إرضاءً لتحالفاتكم العبثيّة!

أيمن يوسف أبولبن

كاتب ومُدوّن من الأردن

7-1-2020

الأحد، 5 يناير 2020

عام 2019 في صور


أفضل الصور المؤثرة لعام 2019


تمثال الحرية السوداني، الطالبة السودانية آلاء صالح صاحبة ال 22 عاماً والتي أصبحت رمزاً للثورة السودانية


تنحي الرئيس الجزائري بوتفليقة إثر استمرار الاحتجاجات في الجزائر

مأساة اليمن ما زالت مستمرة


بيل غيتس أغنى أغنياء العالم التقط له أحد العاملين في مطعم للهامبرجر هذه الصورة وهو يقف في الطابور من أجل شراء وجبة لا يتعدى ثمنها سبعة دولارات


وفاة الرئيس التونسي السابق بن علي، وتداعيات الربيع العربي التي اطاحت بالرؤساء العرب الظاهرين في الصورة


رشيدة طليب الفلسطينية الأصل تقسم اليمين في الكونغرس الأمريكي مرتدية الثوب الفلسطيني التقليدي

مشاكل البيئة تزايدت عام 2019 ومن أهمها المخلفات البلاستيكية في المحيطات والبحار، صورة لسرطان بحر عالق في كيس بلاستيكي


دفن ضحايا الهجوم الارهابي في سيريلانكا والذي أودى بحياة نحو 250 شخصاً


اعتقال كارلوس غصن رئيس شركة نيسان السابق على خلفية فساد مالي



اللقاء التاريخي الذي جمع بين الرئيسين الأكثر حماقة في العالم


رغم فظاعة العمل الارهابي الذي أودى بحياة العشرات من المصلين في نيوزلندا إلا أن تعاطف المواطنين والمسؤولين وعلى رأسهم رئيسة الوزراء ونبذهم للتطرف غطّى على فظاعة المشهد


احتراق كاتدرائية نوتردام في فرنسا


الناشطة البيئية السويدية جريتا تنبيرغ الحائزة على لقب شخصية العام رغم صغر سنها (16 عاماً)


مصافحة باردة بين رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي والرئيس الروسي بوتين على خلفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي


جنون العظمة وصور غير معتادة للرئيس الكوري الشمالي


حرائق الأمازون الحدث الأكثر مأساوية في مجال البيئة لعام 2019


التصفيق الساخر لرئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بلوسي على خطاب الرئيس ترامب والتي لاقت تداولاً واسعاً خصوصاً بعد اجراءات عزل ترامب



صورة مميزة من المغرب لأحد مهرجانات الخيول


ليدي غاغا وصورة مؤثرة عقب فوزها بأوسكار أفضل أغنية


مأساة المهاجرين في قارة أمريكا، أحد المهاجرين من السلفادور يلقى مصرعه غرقاً رفقة طفلته التي لم تتجاوز الثانية من العمر



الفن وسط الأطلال
فنان أمريكي يرسم لوحات فنية على أنقاض منازل هدمت من الأعاصير في ولاية كاليفورنيا


صورة ميدان التحرير عام 2011 تم اختيارها ضمن أفضل 10 صور في لعقد الماضي



أيمن يوسف أبولبن
4-1-2020