الأربعاء، 8 مارس 2017

قصة كتاب -مذكرات الأرقش لميخائيل نعيمة

اعتاد ميخائيل نعيمة أن يرتاد أحد المقاهي البسيطة والمتناثرة في بيروت العتيقة
لم يكن يهتم بفخامة المكان ولم يكن يأبه لشريحة مرتاديه فهو المكان الذي ارتاده لأول مرة وألفه واصبحت عادة لا يمكن الفكاك منها
لايوجد شيء غريب أو مخالف للعادة أو التصور في هذا المقهى الشعبي
فقد كان كغيره من المقاهي.. مايمكن أن تلاحظه بعد عدة زيارات متكرره وتستغربه هو النادل
فلم يكن ينطق بكلمة واحدة.. بل ينفذ فقط
وبعد عدة زيارات ينفذ قبل أن تطلب منه حتى ظن ميخائيل أن هذا النادل مخبول طيلة الأربع سنوات التي كان يرى بها هذا النادل حتى أنه سأل صاحب المقهى عنه بعد أن أكله الفضول
فأخبره صاحب المقهى بأنه لايذكر أنه سمع صوته ولايذكر إلا أنه حضر يوما ليعمل لديه ومن ذلك اليوم وهو يعمل.. ولايذكر أنه سأله عن أجره يوما حتى وأن تأخر بل أنه لم يطلب يوما زيادة أو يلمح لها
الأدهى أنه لايذكر أنه تذمر من العمل في يوم
*******
في يوم زار ميخائيل المقهى كعادته وتفاجئ لعدم وجود هذا النادل أو الأرقش كما أطلقوا عليه
وذهب يسأل صاحب المقهى عنه ليجده حزينا ومهموما
فقد رحل الأرقش فجأة كما حضر
*******
ذهب ميخائيل ليفتش عن الأرقش وفي نهاية رحلة بحثه وصل إلى الغرفة التي كان يقطن بها
وهناك تفاجئ حين فضحت له الغرفة أمر الأرقش
فقد وجد مذكرات دونها الأرقش بيده ووجده قد كتب بعدة لغات لايعرف منها ميخائيل إلا واحدة
لقد كان الأرقش شخص غير مخبول.. بل شخص يقرأ ويتكلم ويكتب
*******
بعد سنوات أصدر ميخائيل كتابا بعنوان: مذكرات الأرقش
وهي الأوراق التي دونها الأرقش وتركها في غرفته بعد رحيله
كانت هذه المدونات البسيطة أبواب واسعة في الفلسفة لم ولن يستطيع ميخائيل فهمها
في أحدها يقول الأرقش: جميع الناس يتحدثون.. بسبب أو دون سبب.. إنهم يتحدثون بكل شيء ولكل شيء ولأي شيء.. إنهم يتحدثون في الشارع وفي المقهى وفي العمل وقبل النوم وبعده.. ولا أعلم من منهم يستمع.. من منهم لايتحدث..
أنا سوف أصمت رغبة مني وهربا من هذا العالم.. لم تعد لدي رغبة بالحديث والجميع يتحدث
------------------
مقتطفات من الكتاب
الناس قسمان : متكلمون وساكتون
انا قسم الانسانية الساكت و مابقي فمتكلمون
الناس يدعون المكان الذي يولدون فيه وطناً .. وهذه الكلمة مقدسة في عرفهم . فهم يذرفون الدمع لفراق اوطانهم ويذوبون حنيناً اليها ولماذا ؟ لانهم الفوها فالوطن ليس اكثر من عادة و البشر عبيد عاداتهم ولانهم عبيد عاداتهم تراهم قسموا الارض الى مناطق صغيرة يدعونها اوطانهم
ليس العبد من يباع و يشرى في سوق النخاسة . انما العبد من قلبه سوق للنخاسة
اربعة هم الناس : انسان جله بهيمة و بعضه انسان , و انسان نصفه بهيمة ونصفه انسان , وانسان جله انسان وبعضه بهيمة و انسان كله انسان , اما الاول فما لفكرة الكمال اقل سلطان عليه , و اما الثاني فيحلم بالكمال ولكنه لا يسعى اليه , و اما الثالث فيحلم ويفكر ويؤمن ويشتاق ويسعى بكل واسطة لديه , واما الرابع فقد وصل الى ما وراء الحلم والفكر والايمان والشوق و السعي فلا يغريه تصفيق ولا يؤذيه تصفير
اتكون للناس نعمة العمل الخلاق ويتمنون لو كانوا لا يعملون ؟ اما عرفوا انها النعمة المثلى التي خص بها الانسان دون باقي الكائنات و انها السلم التي بها يرقى الانسان الى الله

أيمن أبولبن
8-3-2015

الثلاثاء، 7 مارس 2017

السلطة الفلسطينية و آراب أيدول وفلسطينيو الخارج



  خلال الأسبوع الماضي تفاعلت السلطة الفلسطينية بشكل لافت مع موضوعين منفصلين، أولهما مسابقة آراب أيدول التي تابعها من مسرح بيروت نجل الرئيس محمود عباس، كما قام رئيس السلطة نفسه بزيارة المتنافسين الثلاثة وشدّ من أزرهم قبل الحلقة النهائية التي تُوّج على إثرها الشاب الفلسطيني (يعقوب شاهين) باللقب.

  أما الحدث الثاني فكان مؤتمر فلسطينيي الخارج الذي عُقد في تركيا، ولاقى استنكاراً عريضاً من السلطة الفلسطينية وممثليها، وصل إلى حد وصفه بمؤتمر الشيطان، كما انبرت مجموعة من السحّيجة المتبرعين من تلقاء أنفسهم (وما أكثرهم) للدفاع عن مؤازرة السلطة لنجوم آراب أيدول وفي الوقت نفسه مهاجمة مؤتمر فلسطينيي الخارج، وكعادة كل سحّيجة الأنظمة العربيّة تحوّل النقاش إلى تناول موضوع نظرية المؤامرة والتآمر الخارجي والتفرقة بدلاً من جمع الكلمة في قضية فلسطينيي الخارج، أما في موضوع آراب أيدول فتحوّل النقاش إلى دعم الفن والقضية الفلسطينية، وكأن السلطة قد استنفذت كل وسائل المقاومة والدفاع عن الوطن وبقي سلاح الفن لتضمه إلى ترسانتها العظيمة الرهيبة التي يرتعد الأعداء خوفاً منها!

   لا شك أن الفن والنضال لا ينفصلان، وللمقاومة الحق في استخدام كل الوسائل والأدوات لإيصال صوتها ودعم قضيتها، فالصحافة والإعلام والموسيقى والفن والرياضة والأدب وسائل فعّالة وتصل بكل سهولة الى العالم اجمع وتستطيع التأثير على الرأي العام وشحذ الهمم ورفع المعنويات ونشر التوعية بالقضايا الوطنيّة، ولكن المثير للاستهجان هو محاولة السلطة تسييس هذا الفن وتجييره لصالحها، في الوقت الذي تفرّط فيه بالقضايا الوطنيّة الأساسية، مما يزيد من ضبابيّة المشهد الفلسطيني الداخلي.

   دعوتي لكل من يمثل السلطة الفلسطينية، أن اتركوا الفن لأصحاب الفن وأبناء الشعب الغلابة الذين يطربون للأوف والموّال وتدغدغ مشاعرهم كلمة "فلسطين" أينما ذكرت، لا تحاولوا زجّ أنفسكم في هذا المجال لتعويض خذلانكم في قضايا الوطن، فوجودكم في هذا الإطار لن يضيف الا نشازاً للأغنية وإساءة للفن الفلسطيني الأصيل، وبدلاً من متابعة احداث آراب أيدول في بيروت، حبذا لو تابعتم قضايا الأسرى والمعتقلين وحصار غزة ومحطة كهرباء غزة .... الخ القائمة الطويلة من قائمة معاناة شعبكم، أو على الأقل تفضلوا بزيارة عائلات الضحايا الفلسطينيين وشدّوا من أزرهم أمام الكاميرات كما فعلتم مع متسابقي آراب أيدول.

دعوا متابعة آراب أيدول للبسطاء الذين يفرحون لرؤية شباب فلسطين وهم يثيرون الحماس وينشرون الفرح على المسرح ويرسمون الابتسامة على مُحيّى متابعيهم، دعوا الفن لنا كي نتنفس من خلاله ونفرّج عن هموم الغربة وثقل حياتنا اليومية، دعوا آراب أيدول لأبناء المخيمات الذين نجحوا في الإبقاء على عزيمتهم في التنافس والنجاح وراهنوا على موهبتهم للوقوف في وجه القمع والاحتلال والظلم، لا تحاولوا أن تسيّسوا الفن وتجيروه لصالحكم.
وبدلاً من ان يتبجح الرئيس محمود عباس بمتابعته للمطربين الإسرائيليين أمثال (موشيه إالياهو) حبذا لو توقّف عن وصف عمليات المقاومة بالوقحة والحقيرة، وحبذا لو اعترف أمام التاريخ أن اتفاقية أوسلو التي أنتجت ما يُسمّى بالسلطة الفلسطينية، هي الخطيئة التي لا تغتفر في سيرة النضال الفلسطيني.

اما الحديث عن "مؤامرة" فلسطينيي الخارج، و "مؤتمر الشيطان" فهو حديث يثير الضحك على رأي المثل (همّ يضحّك وهمّ يبكّي) فمن المستغرب أن يصدر هذا الحديث عن سلطة "وطنية" تم استحداثها لضبط فصائل المقاومة وردع كل شكل من أشكال العداء للدولة الإسرائيلية، وحماية حدود دولة إسرائيل والعمل الدؤوب للحفاظ على أمنها، بل والتواصل مع قياداتها الأمنية بما يضمن إفشال أية محاولة لمس أمن إسرائيل، في الوقت الذي لا تملك فيه هذه السلطة أية أدوات ضغط أو خطة واضحة لتحقيق أهدافها المعلنة وتطبيق القرارات الدولية التي تستند عليها القضية الفلسطينية، ومع ذلك تصر هذه السلطة على الإلتزام بكل مسؤولياتها، وإبداء الاستعداد التام للتعاون الكامل دون مقابل، ثم لا تجد حرجاً من الحديث عن الوطنيّة والخيانة!

في الحقيقة والواقع، باتت السلطة الفلسطينية لا تختلف عن الأنظمة الشمولية العربية في شيء، فكُلّهم (قاريين على إيد شيخ واحد). من ناحية الفساد حدّث ولا حرج، فساد وإفساد سياسي وتلاعب بالحقوق التاريخية لبلد عظيم، يضاف إليه فساد إداري قلّ نظيره في العالم، مقترنٌ بفساد مالي وتزاوج بين السلطة والمال، فيما تستخدم قضية فلسطين والدفاع عن المقدّسات كغطاءً لشرعنة كل هذا الفساد، ومؤخراً بدأت السلطة في محاولة إضفاء صبغة الشرعية الدينية أيضاً من خلال أبواق وُعّاظ السلاطين.

إن أكبر مؤامرة على الشعب الفلسطيني هو استمرار العمل ببنود اتفاقية أوسلو، والقبول بالدور الحالي للسلطة الفلسطينية، وإن الدعوة لإسقاط اتفاقية أوسلو وكل ما انبثق عنها، وإعادة إحياء المؤسسات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية مع ضم فلسطينيي الشتات والعودة إلى ميثاق الثوابت الوطنية 1968 هو أول الطريق الصحيح لعودة القضية الفلسطينية إلى مسارها الأساسي، فهل باتت هذه هي الخيانة برأيكم ؟!
 قال جمال الدين الأفغاني (من يدع قدمَيْ العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، في أي لباس ظهر، وعلى أي وجه انقلب).

أيمن أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن

3-3-2017 

الخميس، 2 مارس 2017

الذكاء العاطفي



أخذ مصطلح الذكاء العاطفي في الانتشار وازداد تسليط الأضواء عليه في الأعوام العشرة الأخيرة، وقد تم تأليف العديد من الكتب حوله من أشهرها كتاب *(الذكاء العاطفي Emotional Intelligence)* لدانيال جولمان.

إذا أردنا تعريف مفهوم الذكاء العاطفي باختصار، يمكن القول إنه قدرتك على فهم مشاعرك وأحاسيسك الداخلية، وانفعالاتك وعواطفك والسيطرة عليها، ومن ثم التحكّم بها وتوظيفها للاستخدام في الوقت والشكل المناسبين بمعزل عن الظروف المحيطة وخصوصاً في حالات الخوف والغضب والحب أو الفرح، وكذلك تفهّم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم العاطفية وسلوكياتهم، والتوافق معها من خلال وسائل الاتصال، لخلق جو من الود المتبادل وضمان نجاح علاقاتك الاجتماعية، والمهنية العملية.

 وبما ان هذا النوع من "الذكاء" لا يعتمد على التفكير المنطقي العقلاني، بل يحتاج الى استخدام المشاعر والأحاسيس بل والذكاء الفطري أيضاً، أُطلق عليه مصطلح " الذكاء العاطفي " وهذا يفسر فشل كثير من العباقرة والعلماء في التكيف مع مجتمعاتهم والتواصل مع الآخرين ومعاناتهم من العزلة بسبب فقدانهم لهذا الجانب من الذكاء العاطفي وعدم اهتمامهم به، وتركيزهم على البحوث العلمية والحسابات المنطقية واهمالهم جانب المشاعر والأحاسيس والتوافق مع المجتمع.

يذكر أن الذكاء العاطفي، هو موهبة فطرية يتقنه البعض دون عناء، ويساعدهم ذلك كثيراً في الانسجام مع الآخرين وجعلهم محبوبين ومقبولين لديهم، مما يزيد من فرص نجاحهم في الحياة، إلا أنه بالإمكان أيضاً تعلّم هذه المهارات بالاطلاع والمعرفة والممارسة.

أرجو ان أكون قد شجّعتكم على البحث وزيادة المعرفة بهذا النوع من الذكاء.

أيمن أبولبن
2-3-2017

الأربعاء، 22 فبراير 2017

ضغوط حكومية على حملات المُقاطعة




      مما يثلج الصدر، بعد انتكاسات "الربيع العربي" المتعددة (والتي حوّلت الربيع إلى كابوس مُفزع) زيادةُ الوعي لدى الشعوب العربية، وتحركها الواعي ضمن مبادرات جماعيّة تهدف إلى معالجة مشاكلهم الراهنة ضمن إطار اجتماعي حضاري واضح الرؤية والهدف، ولديه من التصميم الشيء الكثير. من هذه المبادرات ما تشهده الساحة الأردنية من حملات مقاطعة متتالية تهدف إلى إعلان رفض الشعب الأردني لسياسة "الجباية" التي تنتهجها الحكومة تحت بند معالجة النقص في الميزانية.

حملات المقاطعة الأردنية بدأت بالبطاطا والبيض لارتفاع أسعارهما، وهناك للمصادفة أكلة شعبية تُدعى "المفرّكة" تتكون من البيض والبطاطا، لذا أطلق على هذه الحملة "مقاطعة المفرّكة"، وانتقلت إلى حملة "سَكّر خطّك" للاعتراض على فرض ضرائب إضافية على خطوط الاتصال والانترنت، وأخيراً حملة "صُفْ سيارتك" لمواجهة ارتفاع الضريبة على المحروقات.

اللافت أن حملات المقاطعة انتشرت بين فئات المجتمع، ولاقت رواجاً ومؤازرة بعد تدشين مواقع الكترونية وصفحات فيسبوك تدعو للمقاطعة، وكانت حملات المقاطعة الأردنية قد بدأت قبل عدة أشهر بحملة "طفّي الضو" التي دشّنها النشامى اعتراضا على عقود الغاز الإسرائيلي، ولاقت استجابة طيبة.

وخلال الفترة الأخيرة عبّر الأردنيون عن درجة عالية من الوعي، والرغبة في تغيير الأوضاع "بيدي لا بيد عمرو" بعد سلسلة مخاض طويلة خاضها نشطاء أردنيون منذ انطلاقة الربيع العربي، وسلسلة طويلة من الوعود الاصلاحيّة عبر عدّة حكومات متعاقبة، لم تؤتِ أُكلها ولم يتجاوز أثرها مفعول المخدّر والمهدئ لغضب الشارع، وهذا بحد ذاته مؤشر ذو حدين فهو من ناحية يشير إلى إيجابية المواطنين وأخذهم زمام المبادرة، ولكنه يشير من ناحية أخرى إلى حالة فقدان الأمل، واليأس من أركان اللعبة السياسية، الحكومية منها والحزبية بل وممثلي الشعب كذلك.

على الجانب الآخر، يبرز خلو الساحة من الأحزاب السياسية والهيئات المستقلة، فجميع المبادرات هي مبادرات فردية نابعة من المواطنين بعيداً عن الصبغة الحزبية، أو عن دعم أي من المؤسسات الأهلية، ويبرز أيضاً عدم تفاعل مجلس النواب الأردني مع هذه الحملات، أو طرح أية مبادرات حقيقية للحل، بعد أن قام المجلس بإقرار الموازنة العامة (والتي تشمل حزمة التعديلات الضريبية).

ولكن المثير للاستغراب كان ردة فعل الحكومة، التي يُفترض بها أن تستثني نفسها من لعب أي دور للتأثير على الشارع في خياراته، وعدم التأثير على الأسواق التزاماً بما كانت تدّعيه من دعم حرية الأسواق، ففي الوقت الذي كان المواطن الأردني يستجدي فيه الحكومة للوقوف في وجه جشع بعض التجار والحد من الارتفاع غير المبرر للأسعار، خصوصا في الأعياد والمواسم، كان المسؤولون ينأون بأنفسهم ويبررون سلبيتهم باقتصاد السوق وعدم إمكانية التأثير عليه، داعين في الوقت نفسه المواطنين القيام بتقنين احتياجاتهم واستخدام البدائل، أي ممارسة لعبة العرض والطلب، أما حين استنجدت الشركات واستخدم رجال الأعمال علاقتهم بالمسؤولين الحكوميين، بدأنا نرى مبادرات حكومية لاستيعاب حملات المقاطعة وتحديدها والتدخل فيها، وظهر ذلك واضحاً في حملة الاعتقالات وإغلاق صفحات المقاطعة، وتصريحات المسؤولين أن حملات المقاطعة قد انحرفت عن أهدافها وأنها تشهد أصواتاً "نشازاً" هنا وهناك.

وما زاد من سخونة الموقف مؤخرا أن الحكومة الأردنية وفي ظل حملات المقاطعة، أقرّت زيادات كبيرة على قطاع الاتصالات والانترنت، ضاربة بعرض الحائط كل الرسائل التي بعثها المواطنون إن الحل لا يجب أن يكون جيب المواطن، وأثبتت أنها تبحث عن الحلول الآنية والسهلة (المهدئات و ليس العلاج)، بل إنها وقعت في تعارض صريح وواضح مع التوجهات الاستراتيجية المتمثلة في سياسة توفير المعرفة للجميع، وإيصال الانترنت لكل بيت، وانتهاج الاقتصاد الرقمي الذي يفترض "أتمتة" القطاعات واعتمادها الكلي على قطاع الاتصالات والانترنت، في الوقت الذي كان من المؤمّل فيه من هذه الحكومة اتخاذ خطوات جريئة لدعم قطاع الاتصالات ورفع مستوى الخدمة، وتحريره من الرسوم والضرائب لرفع كفاءته وضمان توفير الخدمة بأسعار منافسة.

  ومما يثير الحنق أن تتعامل الحكومة مع خدمة الاتصالات والانترنت على أنها وسيلة جديدة للجباية بدلاً من اعتبارها باباً للمعرفة، وأن تتعامل معها على أنها من الكماليّات الترفيهية، في حين أنها أصبحت في عصرنا الحالي من أساسيات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها. في بعض البلدان الخليجية تقوم شركات الاتصال بتوفير خدمات الإنترنت المجانية في مواسم الأعياد والمناسبات الوطنية، كما تنتشر كابينات انترنت مجانية على الطرق الدولية، وفي المطارات، كما تقدم دولة رومانيا خدمة الإنترنت المجانية في كافة وسائل المواصلات في البلد، ويحذو حذوها العديد من الدول المتقدمة الأخرى، في الوقت الذي تفكر فيه الحكومة الأردنية بكيفية فرض رسوم على التطبيقات المجانية للمستخدمين!، وهذا يدفعنا إلى التساؤل: هل هذه الحكومة تشاركنا العيش على نفس الكوكب؟

عندما توالت الانتقادات على الانفتاح الاقتصادي مع العدو الصهيوني وفتح باب استيراد البضائع الإسرائيلية، كان رد المسؤولين الحكوميين واضحاً وصريحاً بأن اقتصاد السوق هو الذي يحكم وأن التدخل الحكومي لم يعد ممكناً، وببساطة بإمكان المواطن الأردني أن يشتري البضاعة الإسرائيلية او أن يتركها ويشتري غيرها (وهذه تصريحات رسمية موثقة) ولكن الذي حصل أن التجار و بمعاونة المسؤولين أو على الأقل بغض الطرف من قبلهم، عمدوا إلى طمس معالم كل ما يشير إلى مصدر المنتوجات الإسرائيلية بعد أن كسدت بضاعتهم وأُتهموا بالخيانة، أليس هذا نوع من أنواع الغش والاحتيال ومحاولة التدخل في اقتصاد السوق ؟! وعلى نفس المنوال وقف المسؤولون الحكوميين على الحياد حين كان المواطن الأردني يجأر بالشكوى من ارتفاع الأسعار وجشع التجار واستخدموا ذات المبررات، فلماذا تمارس الحكومة الضغوطات الآن على حملات المقاطعة وتحاول التدخل في اقتصاد السوق ولسان حالها يقول (صحيح لا تِقْسم، ومقسوم لا تاكل، وكُلْ لمّا تشبع!)

عزيزتي الحكومة: خير مش طالبين، بس كُفّي شرّك عنا!


أيمن يوسف أبولبن
21-2-2017
كاتب ومُدوّن من الأردن


الاثنين، 13 فبراير 2017

ماذا يريد العلماني العربي ؟!



مع بدء أي نقاش سياسي مع العلمانيين العرب، يبادرون بالكشف عن رغبتهم بدولة مدنية تعتمد على التعددية الفكرية وبعيدة عن فرض المعتقدات من قبل السلطة.

يقول الكاتب السوري "هاشم صالح" وهو كاتب علماني معروف ، بما معناه (( نريد أن نستمتع بحريتنا في شرب كأس من المشروبات الروحية دون رقابة وأن تبقى أبواب نوادي الترفيه مفتوحة وأن لا تُجبر نساؤنا على لبس الجلباب أو أن نُقاد إلى دور العبادة رغماً عنا ، وسنقبل حينها بأن يحكمنا الإسلام السياسي ))

هناك كلام كثير يمكن أن يقال حول رأيه، ولكني شخصياً أتفق معه حول الفكرة من ناحية المبدأ وإن اختلفت معه في بعض التفاصيل، ولكن ليس هذا هو بيت القصيد.

إذا كان هذا ما يريده العلماني العربي، فلماذا عارض حكم الاخوان المسلمين في مصر علماً بأن مرسي لم يغلق النوادي الليلية والمراقص، ولا المسارح والسينمات ولم يفرض الحجاب، ولم يمنع الإختلاط !!

لماذا يعارض العلماني أي حاكم أو حزب متديّن بغض النظر عن كونه (علماني – مدني) مثل أردوغان ، أو إخوان مسلمين مثل مرسي أو حتى (براغماتي) مثل حزب النهضة في تونس ؟!

الحقيقة ان تجربتي الخاصة مع العلمانيين العرب، قادتني لنتيجة مفادها أنهم ينقسمون إلى قسمين:
 قسم يتحدث عن التعايش ولكنه إقصائي إلى أبعد الحدود، يعتمد على المراوغة والجدال من أجل الجدال فقط


والقسم الثاني، لا يعلم ماذا يريد فهو يحلم بعالم خاص من الأفكار الغربية غير القابلة للتطبيق في مجتمعاتنا الشرق أوسطية أو العربية الإسلامية بشكل عام، ولذلك فهو يرفض أي شيء وكل شيء، وينتقد الغرب والشرق معاً !!

خلاصة الحديث : العلمانيّة والعلمانيّون العرب عليهم تحديد رؤيتهم أولاً وتحديد أهدافهم ثانياً ليتم إدماجهم في الرؤية المستقبلية للعالم العربي، لأن من الواضح حتى الآن أنهم يجيدون النقاش والجدال والمعارضة وهدم كل المشروعات الفكرية الأخرى في حين أنهم لا يقدمون أي تصوّر عملي لما سيكون عليه حال البلاد العربية وجلّ ما يقدّمونه هو (كلام في كلام) 

بس بصراحة كلامهم حلو!
 
أيمن أبولبن

15-2-2015

الأحد، 12 فبراير 2017

(ملفات الأسد) أضخم وثائق سرية مُسرّبة تفضح النظام السوري

الثورة السورية -البدايات و الحقيقة المطموسة (8)
(ملفات الأسد) أضخم وثائق سرية مُسرّبة تفضح النظام السوري

نشرت صحيفة نيويوركر الأميركية في أبريل 2016، تحقيقًا استقصائيًا تحت عنوان “ملفات الأسد” يُدين النظام السوري بإدارة عمليات الاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية للمعارضين السياسيين، ويثبت ارتباط رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعمليات التعذيب والقتل الجماعي.

رابط نيويوركر - تقرير ملفات الأسد (بالعربية)

ويتكوّن هذا الملف القانوني من 400 صفحة تربط التعذيب المنهجي وقتل عشرات آلاف السوريين بسياسة مكتوبة وافق عليها الرئيس السوري بشار الأسد، ونسّقتها الوكالات الأمنية-الاستخباراتية، ونفّذها عملاء للنظام كانوا يرفعون تقارير عن عملياتهم إلى دمشق. كل ذلك كان يتم عبر لجنة سرية أمنية، أسسها الأسد تحت مُسمّى “خلية إدارة الأزمة المركزية” برئاسة محمد سعيد بختيان، الرجل الثاني في حزب البعث بعد الأسد.

وقد أشرف على هذا التقرير الخبير الكندي بيل ويلي (دكتوراه في القانون الجنائي الدولي) ومحقق أول في محكمة الجنايات الدولية وسبق له أن شارك في تحقيقات جرائم حرب في يوغسلافيا ورواندا والكونغو.

ويشكّل هذا الملف مع الصور التي التقطها “قيصر”، الضابط المنشق عن النظام السوري، لضحايا التعذيب في المعتقلات، أكبر ملف قضائي منذ محاكمات نورمبيرغ) الخاصة بمقاضاة رجالات الزعيم النازي أدولف هتلر، إبان الحرب العالمية الثانية ( إلا أن لجنة العدالة الدولية فشلت في تمرير هذا الملف الى المحكمة الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن، بسبب تهديد روسيا باستخدام الفيتو الروسي.

وقد ناقشت قناة الجزيرة مؤخراً في أحد برامجها الوثائقية (للقصّة بقيّة) تفاصيل تسريب هذه الوثائق وعقدت لقاءات مع بعض الذين قاموا بالتسريب، كما عرضت بعض الوثائق التي تضمنها الملف.

ومع نشر منظمة العفو الدولية (وهي منظمة حقوقية مستقلة) تقريرها قبل أيام عن جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015 يتوضّح لنا حجم الانتهاكات و الفظاعات التي يقوم بها هذا النظام تحت غطاء مكافحة الإرهاب وبمباركة مجموعة كبيرة من مثقفي هذه الأمة بذريعة نظرية المؤامرة. مع ملاحظة أن تقرير العفو الدولية يشير الى أن معظم هذه الانتهاكات كانت في حق المعارضين السياسيين وأن المعتقلين من المقاتلين هم أقليّة.

رابط تحميل تقرير العفو الدولية (بالعربية)


هذه حملة تذكير بقصة الثورة التي نجح النظام السوري وزبانيته وشبيحته بطمس معالمها واستبدالها بخدعة نظرية المؤامرة والمشروع الأمريكي الاستعماري في المنطقة.

وللحديث بقية

أيمن أبولبن
12-2-2017


#بشارالأسد #الثورةالسورية #النظامالسوري #الشبيحة #نظريةالمؤامرة #ملفاتالأسد #سجن_صيدنايا

الخميس، 9 فبراير 2017

نظرية المؤامرة – قراءة مغايرة


بوست قديم يعود إلى عام 2013 قبل الانقلاب العسكري في مصر وقبل ظهور داعش. وفيه أتحدث عن نظرية المؤامرة من وجهة نظري، والتي على ما أظن قد حققت الهدف منها. للأسف!
---------------
المفكر الأمريكي تشومسكي يتحدث عن دعم أمريكا للديكتاتوريات في المنطقة
أنا شخصياً أرى هذا النهج واضحاً تماماً وبدون اي رتوش، قد يفهم البعض كلامه بمنحى آخر، ولكن الحقيقة أن أمريكا لم تدعم الثورات العربية إطلاقاً. أمريكا حاولت فقط تجيير النتائج لمصلحتها، وحاولت التأثير على مجرى هذه الثورات، وما يحصل الآن في مصر على سبيل المثال هو بالضبط ما ترغب به الإدارة الأمريكية.
يخطئ من يظن أن أمريكا سترضى يوما بحكم الإخوان او بحكم أي تيار إسلامي، مهما كان هذا التيار معتدلاً او وسطياً، ومخطئ من يظن أن أمريكا تؤيد إقامة حكم ديمقراطي في بلادنا وعلى الأخص البلاد النفطية أو البلاد التي لها تأثير على أمن اسرائيل.
ما يحصل من ثورة مضادة في مصر هو مخطط أمريكي، صحيح أن بعض القوى المدنية (أقول البعض منها) قد تكون لها بالفعل مطالب حقيقية ومنطقية، ولكن التيار العام الذي يقود شحن الناس، ويحظى بتغطية قانونية وقضائية وسياسية، ويحظى بدعم رجال الأعمال هناك، تحت غطاء إعلامي ضخم، تم تكريسه فقط من أجل هذه الغاية، هذا التيار لا يخدم سوى مصلحة أمريكا واسرائيل في إفشال الثورة والعودة الى النظام السابق ولكن بوجوه جديدة.
انا لا أقول إن الإخوان على حق في كل ما فعلوه، أو إنهم لم يخطئوا في بعض القرارات والسياسات، ولكني أقول إننا نفتقد للمعارضة الوطنية السليمة، وأقول إن الأصوات التي تعلو الآن في الساحة المصرية أصوات غير بريئة.
وعلى نفس المنوال في سوريا ، ما يحصل على ارض الواقع هناك ، أن أمريكا  كانت وما تزال على ثقة تامة أن سقوط النظام الحاكم سيضر بمصلحتها وبمصلحة اسرائيل ، وكان المخرج الوحيد هو إيجاد نظام بديل يخدم مصالحها ، أو استمرار النظام الحالي وتقديم بشار كبش فداء ، وعندما فشلت أمريكا  في إيجاد البديل المناسب ، وعارضت روسيا تنحّي الأسد ، قررت أمريكا  ان تضع البلاد في آتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ، بحيث تضمن أن أي نظام قادم يأتي من بعد الأسد لن يقف على قدميه وسيبقى خاضعاً للغرب اقتصادياً من ناحية المديونية ، وبالنتيجة سيكون تابعاً لأمريكا  في كافة قراراته.
هذه هي المؤامرة الحقيقية كما أراها أنا.
وهنا يأتي دور المثقفين، في فلترة الأمور وتكوين وجهة نظر موحدة تخدم مصالحنا نحن. بالمختصر المفيد، إفشال الإخوان والحركات الاسلامية في بلاد الثورات العربية لا يخدم سوى مصالح أمريكا، وبقاء نظام الأسد واستمرار الحرب الأهلية هناك لا يخدم سوى مصالح أمريكا.
دورنا أن ننتقد الأنظمة القائمة حالياً من خلال الوسائل الديمقراطية ومن خلال المعارضة الوطنية البناءة، على أن يتم السماح باستمرار عمليات إعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد، وعبور هذه المرحلة الصعبة.

أيمن أبولبن
 9-2-2013