السبت، 5 نوفمبر 2016

قناديل ملك الجليل



رواية لإبراهيم نصرالله

رواية تسرد أحوال فلسطين وبلاد الشام في نهاية العهد العثماني من خلال سرد سيرة " ظاهر العمر " أحد القياديين الذي حمل حلم الإستقلال العربي ورفع الظلم عن السكان العرب والدفع نحو كيان عربي موحد مستقل يدير شؤؤونه الخاصة ويحقق الأمان لسكانه .
الرواية مليئة بحكايا الأجداد والوطن ورائحة البحر والتراب، وضاربة في تحليل الشخصيات ووصف الأرض والربط بين الإنسان والطبيعة، تحمل بين ثناياها الكثير من القصص والقيم الإنسانية .
المثير في هذه الرواية أن الكاتب إبراهيم نصر الله، إستطاع الحفاظ على الموروث التاريخي وبناء حبكة درامية متجانسة دون المساس بواقعية الرواية وحفاظها على نسقها الأدبي.
الرواية كغيرها من الروايات التاريخية تحمل في ثناياها الكثير من المآسي والقصص المؤلمة، من خيانة ومؤامرات وظلم وبطش، كما انها تحتوي على لحظات سعادة وحب، انتصارات وأحلام تتحقق، وهي بالتالي تكتسب صفة الرواية الأدبية الواقعية.
(الإنسان قضية) كما قال غسان كنفاني، وفي هذه الرواية يتمثل لنا القائد العربي الذي حمل همّ الوطن على كتفيه وعاش من أجله فاتحاً الباب على مصراعيه للأجيال القادمة لإكمال المسيرة.

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

الإنتخابات الأمريكية...أمريكا تخسر !


أثار السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض هذا العام لغطاً وجدلاً لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنتخابات الأمريكية التي يمتد تاريخها الى ما يقرب من 200 عام، ولا يقتصر هذا اللغط على ما أثاره المُرشّح الجمهوري "دونالد ترامب" من مواضيع مثيرة للجدل أحياناً وللسخرية أحياناً كثيرة، بل يشمل كذلك المُرشّحة الديمقراطية "هيلاري كلينتون"، التي أثارت هفواتُها الأمنية الرأي العام في أمريكا، بدءاً من تقصيرها في حادثة إقتحام السفارة الأمريكية في بنغازي وصولاً الى تسريبات بريدها الإلكتروني. هذه الحالة غير المسبوقة في تاريخ الإنتخابات الأمريكية أثارت العديد من الشكوك حول سلامة ونجاعة النظام السياسي في البلاد، الذي فشل في فرز أي مرشح قوي يُمثّل المبادىء التي تزعم البلاد الإلتزام بها من جهة، ويُلبّي طموحات وتطلعات المجتمع الأمريكي من جهة اخرى.

  بالعودة الى مرحلة ما قبل الإنتخابات، نجد أن شعبية الرئيس أوباما قد انخفضت مع قرب إنتهاء ولايته الثانية، وتنامت حالة من عدم الرضا عن السياسة الخارجية للبيت الأبيض خصوصاً مع عودة الدُبّ الروسي الى الواجهة العالمية من جديد وتنامي صعود نجم "بوتين"؛ فبات المزاج العام في الولايات المتحدة مُهيئاً أكثر من ذي قبل لإستقبال رئيس جمهوري "قوي" يُعيد الأمور الى نصابها، وظهر ذلك جلياً في فوز الحزب الجمهوري بالإنتخابات التشريعية عام 2014 وسيطرته على الكونغرس، ولكن من سوء حظ الجمهوريين أن مُرشّح هذا العام كان "دونالد ترامب"!، في حين كان من المُتوقع لأي مُرشّحٍ جمهوري متوسط الإمكانيات أن يستغل الظروف السياسية ويستثمر سلبية أداء الإدارة الحالية لحسم الإنتخابات، وهنا يبرز السؤال لماذا ترامب ؟

   دونالد ترامب الذي أثارت حركات جسده وتعابير وجهه موجات من السخرية في وسائل الإعلام، وأصبح على أثرها مادة دسمة لبرامج الترفيه والتسلية، وأثار الجدل بتصريحاته العنصرية تارةً وهجومه على النساء تارةً أخرى، هو في الحقيقة الإبن "اللقيط" للزواج غير الشرعي بين السلطة والمال !، فدونالد ترامب هو رجل أعمال ناجح وملياردير يمتلك العديد من الأبراج التجارية والفنادق والمنتجعات السياحية بالإضافة الى إمتلاكه العديد من الكازينوهات كما أنه عمل في مجال الإعلام كمُنتج ومُقدّم برامج، اقتحم عالم السياسة مدعوماً بثروته وبسلطة المال واستطاع اختراق الصفوف صعوداً الى أعلى وكأنه لاعب محترف في لعبة "السُلّم والثعبان" حيث أصبح في يوم وليلة المرشح الأقوى في الحزب الجمهوري في الوقت الذي تراجع فيه عديد من السياسيين في الحزب لا لنقصٍ في مؤهلاتهم ولكن خضوعاً لسلطة المال وكما يقال في أمريكا Money Talks.

وبالنظر الى الجهة المقابلة، نجد أن هيلاري كلينتون رغم أنها باتت على وشك الفوز بالرئاسة الأمريكية بعد ان استفادت من ضعف مُنافسها وهفواته المتكررة في مجال حقوق المرأة والأقليّات وتهرّبه الضريبي، إلا أنها لم تكن المُرشّحة المثالية أيضاً، فوزيرة الخارجية السابقة عانت من فضيحة هجوم بنغازي والتقصير الواضح في قيام الخارجية الأمريكية بواجباتها، كما أنها أبدت عدم مسؤولية قلّ أن تتكرر في استخدامها لبريدها الشخصي في مراسلات رسمية وحساسة مما عرّض العديد من الوثائق الرسمية والسرية للتسريب، ناهيك عن حالتها الصحية المُثيرة لكثيرٍ من التساؤلات بعد أن تعرضت لموجة من الوعكات الصحية مؤخراً بل لحالات إغماء متكررة كذلك، دون الإعلان عن حقيقة مرضها، وبات الشك قائماً حول قدرتها على النهوض بمسؤولياتها وإمكانية تفاقم أزمتها الصحية مما يضع البلاد في حالة قلق وتوتر هي في غنى عنها.

بالنظر الى وضع المُرشّحين الرئيسيين للإنتخابات الأمريكية لهذا العام، يبدو واضحاً أن السباق الرئاسي قد أزاح الستار عن التصدّع الداخلي للنظام السياسي في أمريكا وأماط اللثام عن عيوب المجتمع الأمريكي الذي أفرز هذا النظام، ويبدو أن تنافس مُرشّحة (آيلة للسقوط) تفتقد للحِس الأمني، ضد مُرشّح لا يتورّع عن المُجاهرة بعُنصريّته وعِدائه لكل ما هو ليس "أنجلوساكسوني"، في أعرق الديمقراطيات في العالم، وفي الدولة التي تتربع على عرش قيادة العالم، ما هو إلا رأس جبل الجليد الذي يُخفي تحته ماهو أعظم!

بغض النظر عمّن يفوز الأسبوع القادم، فالخاسر في الحالتين هو الشعب الأمريكي، الذي سيجد نفسه وجهاً لوجه مع الحقيقة المُرّة، وسيكون مُرغماً على إجابة أسئلة شديدة الحرج عن الأسباب التي أدت إلى فشل النظام السياسي في إيصال النخبة السياسية الى البيت الأبيض وترشيح قادة حقيقيين يمثلون طموحات المجتمع الأمريكي، وهذا سيقوده بالتالي الى مراجعة مُدخلات هذا النظام السياسي وأهمها المجتمع الأمريكي نفسه ! فإذا أضفنا الى ما سبق، الجدل القائم حول قِدَم الأجهزة المُخصصة للتصويت واحتمالية خطأها، ومحاولات القرصنة الروسية لنظام الإنتخابات، وتشكيك المرشح دونالد ترامب في نزاهة نظام الإنتخابات نفسه، وإذا استرجعنا الشكوك التي حامت حول الكيفيّة التي خسر فيها "آل جور" إنتخابات عام 2000 لصالح "بوش الإبن"، حينها سيبدو من الواضح للعيان مدى سريالية المشهد الإنتخابي في أمريكا هذا العام !.

 في الوقت الذي أثبت خيار "أوباما" (إمساك العصا من الوسط) فَشَلهُ وعدم تحقيق المأمول منه (على صعيد السياسة الخارجية على أقل تقدير)، يبدو أن الإدارة الأمريكية القادمة ستكون على مفترق طرق، إما الإستمرار في تبنّي سياسة "الكاوبوي" التي أسّس لها "رونالد ريغان" في بداية الثمانينات، وعزّزها "بوش الإبن" في العقد الماضي أو أن يتحول من النظرة التوسعيّة لإمبراطوريته العالمية الى إعادة بناء بيته الداخلي والإنكفاء على ذاته، وفي الحالتين تبدو الإدارة الأمريكيّة أنها تُخاطر بمكانتها وأسباب إستمرارها، فهل سيكون التاريخ على موعد مع كتابة الأسطر الأخيرة في كتاب هذه الإمبراطورية لتلحق بسابقاتها، وتُفسح المجال بالتالي لإمبراطورية جديدة ناشئة ؟!.  

أيمن يوسف أبولبن
30-10-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن
للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban


الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

الفساد في الأردن

الأردن حاليا للأسف يحاكي تجربة الفساد في مصر و سوريا في ثمانينات القرن الماضي والتي كبرت وانتشرت وتمددت في هذين البلدين وبعد أن انتفخت انتقلت إلى بلاد أخرى مجاورة.

من يتذكر المسلسلات المصرية التي كانت تنتقد واقع الفساد في المجتمع المصري في بداية الثمانينات وبالخصوص ما كتبه أسامة أنور عكاشة، ومن تابع عن قرب تطور حالة الفساد هذه وانتشارها في مصر أفقيا وعموديا، يدرك للأسف حقيقة أننا نعيش في الأردن حالة فساد مشابهة.


ومن زار سوريا في ثمانينات القرن الماضي، وأبصر حالة الفساد المستشري والناخر في عظم النظام والمجتمع على حد سواء، ومن تابع أعمال محمد الماغوط وشخصية غوار المواطن الغلبان الذي يحاول مجاراة الوضع العام بالفهلوة أحيانا وبافتعال المشاكل أحيانا أخرى، وبالخنوع أحيانا كثيرة، يدرك تماما أننا فرخنا غوارات كثر، وأصبحنا نعيش في "حارة كل من إيدو إلو" في نطاقها الواسع.

أيمن أبولبن
16-10-2016

السبت، 8 أكتوبر 2016

سيبيريا (الموت حلاّل المشاكل)



أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية قام ستالين بإجلاء الملايين من الأقليات المتعاونة مع النازيين بالإضافة الى معارضيه السياسيين من الاتحاد السوفياتي الى سيبيريا.

وقد أختلف المؤرخون حول أعداد المُبعدين، ولكن الأرقام تُقدّر بعشرة ملايين شخص، قضى منهم نصف مليون نحبه أثناء رحلة الترحيل الطويلة، فما بالكم بالأعداد التي لقت حتفها من جراء الإقامة في المعتقلات في ظروف صحية وجوية سيئة للغاية تفتقر لأدنى شروط حقوق الانسان ؟!

يُذكر أن ستالين نفسه كان قد تم ابعاده الى سيبيريا عندما كان مُعارضا لروسيا القيصرية، وحين وصل الى الحُكم وبدلاً من تصحيح أخطاء الماضي، قام بتكرار نفس التجربة مع معارضيه، وبشكل أقسى وأشد.

يُعرف عن ستالين تبنيه فلسفة: "الموت يمكن أن يكون حلاً لكل المشاكل"!


#لينين

#الحرب_العالمية_الثانية


أيمن أبولبن

8-10-2016

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

الناخب الأردني ما زال يحلم بدولة مدنية !


بعد صدور قانون الإنتخابات الجديد بديلاً لقانون "الصوت الواحد" سيء الذكر، أدركت تماماً – ومثلي كثيرون – أن القانون الجديد لا يواكب تطلّعات القوى المدنيّة والأحزاب السياسيّة الداعية للمشاركة الفعلية في إدارة البلاد والنهوض بمسؤولياتها ومعالجة القصور في الأداء الحكومي على مدى عقود من الحكومات المتعاقبة، فالقانون الجديد لا يعالج المشاكل التي أفرزها قانون الصوت الواحد الا سطحياً، ولا يُعزّز دور الأحزاب السياسية ولا يؤسس لتشكيل لحكومة برلمانيّة كما إدّعى القائمون عليه، وجاءت نتائج الإنتخابات البرلمانية الأسبوع الفائت لتؤكد ذلك.

  القانون الجديد وإن حمل صفة العمل الحزبي باعتماده التصويت لقوائم انتخابية، ومنَحَ الناخب حق التصويت لقائمة إنتخابية ولمرشح أو أكثر ضمن نفس القائمة، إلا أنه أجهض فكرة التكتلات البرلمانيّة والعمل المؤسسي داخل البرلمان باعتماده فوز القائمة بنسبة من المقاعد تبعاً لنسبة التصويت التي حصلت عليها بدلاً من فوز القائمة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات بمقاعد الدائرة كاملةً، وبهذا توزّعت المقاعد النيابية على القوائم الفائزة بواقع مقعد واحد لكل قائمة، مما أعاد العمل بقانون الصوت الواحد ولكن بطريقة أخرى!

  وكان ملاحظاً أن القوائم الإنتخابية لم تُجهد نفسها كثيراً في تقديم برنامج إنتخابي يرقى لمستوى طموحات الناخبين لعلمهم التام بعدم قدرتهم على الإلتزام بتنفيذ هذا البرنامج لإنعدام آلية التنفيذ أصلاً! والأدهى من ذلك أن مرشحي القائمة الإنتخابية ذاتها أصبحوا يتنافسون فيما بينهم للحصول على هذا المقعد اليتيم، فكان لكل مرشح مقر إنتخابي خاص به ومؤتمرات وتصريحات خاصة وانتفى بذلك العمل المؤسسي الحزبي، باستثناء قلة قليلة من القوائم وبالأخص الإخوان المسلمون (التحالف الوطني من أجل الإصلاح).

  ومن نواقص هذا القانون أيضاً أنه لم يقدّم علاجاً للتباين الواضح بين الكثافة السكانية للمُدُن وعدد مقاعد البرلمان الممنوحة لها (وزن المقعد النيابي)، حيث يلاحظ أن المدن الرئيسية في الأردن (العاصمة عمّان،  إربد، والزرقاء) لا تحظى بتمثيل نيابي يتناسب مع عدد سكانها مُقارنةً ببقية المحافظات، مما يؤشر على إهتمام القائمين على قانون الإنتخاب بالتوزيع الديمغرافي لمقاعد البرلمان على حساب العدالة وعلى حساب العمل الحزبي، بالإضافة الى عدم اشتراط حد أدنى من التحصيل العلمي للمرشحين، في الوقت الذي أصبح من المتعارف عليه وجود حد أدنى من الدرجة العلمية والخبرة الملائمة لأي وظيفة حكوميّة، فما بالكم بنائب في البرلمان يُفترض به أن ينظر في تشريعات تُسنّ للدولة، ويمارس دوراً رقابياً على السلطة التنفيذية ؟!


كما أن القائمين على العمليّة الإنتخابيّة لم يأخذوا بعين الإعتبار ضمان مشاركة المُغتربين والأردنيين المتواجدين خارج البلاد والذين يبلغ مجموعهم أكثر من مليون مواطن حسب آخر الدراسات، وهو ما يشكل بحدود 20% من إجمالي الناخبين ! وهذا يثير الكثير من التساؤلات خصوصاً أننا نعيش في عصر التكنولوجيا ووسائل الإتصالات الحديثة والتي تجعل من عملية التصويت عبر السفارات في الخارج أو عبر تطبيقات إلكترونية مخصصة، متاحاً بيسر وقابلاً للمراقبة والتحكم.

بعد أن إنفضّ العرس الإنتخابي في الأردن وظهرت النتائج النهائية، وجد الناخب الأردني نفسه في مواجهة الحقيقة المٌرّة، فبالنظر الى توزيع مقاعد البرلمان بواقع مقعد واحد لكل قائمة وتبعثر الأحزاب السياسية وفقدانها بالتالي الفرصة لتشكيل نواة عمل مؤسسي داخل البرلمان، يبدو من المؤكد أن هذا البرلمان لن يختلف عن سابقيه وسيكون ذا نزعة خدماتيّة، وفاقداً لكل الأدوات اللازمة لممارسة دوره التشريعي ودوره الرقابي على أداء الحكومة، ناهيك عن المشاركة في الحُكم !

هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
 دون شك فإن هناك عدّة إقتراحات وأفكار لتبنّي وتنظيم قانون إنتخابات عصري يُؤسس لمشاركة حقيقية بين القوى الوطنية المدنية، ويساعد على توفير الأجواء لتنشيط العمل الحزبي والدفع باتجاه "مأسَسَة" الدولة، وذلك بالإعتماد على قوائم حزبية تضم عدداً من المرشحين مساوياً لعدد مقاعد الدائرة الإنتخابيّة بحيث تعمل كل قائمة تحت مظلة حزبية واحدة ويكون لها أجندة وبرنامج إنتخابي ثابت ومُعلن، تعرضه على الناخب لنيل ثقته، وتفوز القائمة التي تحصل على أعلى عدد من الأصوات بمقاعد تلك الدائرة "كاملةً". وبالنظر الى إمكانية أن تقوم الأحزاب بإعداد وتسجيل قوائمها الإنتخابية في جميع محافظات البلاد، تصبح الفرصة متاحة للأحزاب الرئيسية في البلد لتشكيل البرلمان ونيل الحق في تشكيل الحكومة، ثم العمل بعد ذلك على تنفيذ وعودها الإنتخابيّة.

أما بالنسبة للكوتا المعمول بها حالياً، فالأجدى استبدالها بتخصيص رُبْع مقاعد البرلمان للمرشحين المستقلين خارج قوائم الإحزاب، في منافسة مفتوحة عبر جميع المحافظات، بحيث يكون لكل ناخب الحق في التصويت لقائمة انتخابية ضمن دائرته ومرشح مستقل آخر دون الإلتزام بدائرة معينة، مما يعطي للقوى الشبابية والمرأة وباقي الأقليات فرصة أكبر للفوز والإحتكاك بالعمل المؤسساتي تمهيداً لإنخراطهم في العمل الحزبي في المستقبل.

رغم ثقتي الكبيرة أن العمل بهذه الإقتراحات سيكون له دورٌ كبير في تحقيق ما يصبو اليه الشارع الأردني من تحقيق الخطوة الأولى لبناء دولتهم المدنية الحديثة في ظل الملكية الدستورية المنشودة، إلا أني أعتقد جازماً أن هذه الإقتراحات وغيرها، لا يخفى على القائمين على القانون الإنتخابي، وأن صُنّاع القرار في الأردن لا يُحبّذون قيام دولة مدنيّة لها مؤسسات دستورية قادرة على إدارة البلاد ضمن منظومة ديمقراطيّة متكاملة، حيث يظن هؤلاء أنهم أوصياء على هذا البلد وعلى شعبه وأن بمقدورهم هم وحدهم إدارة البلاد بما يضمن مصلحة الوطن والمواطن، متناسين أن هذه العقليّة هي ذاتها التي أدّت إلى خراب الدول المجاورة وغرقها في مستنقع الفوضى، وأن لا بديل عن المشاركة الحقيقية الفاعلة والكاملة لجميع القوى المدنية والسياسية في البلاد، لتحقيق الغاية الدستورية (الشعب مصدر السلطات)، فمتى تصل هذه الرسالة ؟!


أيمن يوسف أبولبن
26-9-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن

للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

عن اغتيال ناهض حتر



إلقاء اللوم على الفكر الداعشي "لوحده" بالتسبّب بالعنف والوقوف وراء التصفية الجسدية (ناهض حتر مثالاً) ليس دقيقاً

·        التطرّف اليساري والتحريض على قتل المدنيين في سوريا والعراق وباقي الدول بحجة مكافحة الإرهاب، هو جزء من المشكلة
·        كل من يهاجم أو يسخر من رموز الإسلام ومعتقداته، من اليساريين والعلمانيين بحجة مكافحة التطرف أو الحريّة الشخصية، هو سبب في المشكلة (الفرق شاسع بين النقد الإيجابي وبين التهجم والسخرية)، وهو لا يقل عن خطورة مهاجمة المتشددين الإسلاميين للأديان الأخرى
·        كل من يجمع المعارضين للنظام السوري في سلّة واحدة ويدمغها بالإرهاب والتطرّف والعمالة ويحرّض على القضاء عليها وسحقها هو سبب رئيسي في إذكاء العنف والتطرّف 
·        كل من يعتقد بداخله أن الإسلام هو داعش ويتعامل مع المسلمين على هذا الأساس فهو جزء من المشكلة
·        كل من يفرّق بين الأردنيين (أو أي شعب آخر) بناءً على دينهم أو انتمائهم السياسي أو أصولهم، فهو شريك في العنف
·        كل من يجاهر بدعمه للطغاة العرب ووقوفه ضد المطالبات الشعبية "الشرعية" بنيل الحرية والعدالة والمساواة هو سبب رئيسي في العنف
·        وكل من يقوم بإقصاء الآخر ويمنعه من المشاركة في الحياة السياسية، هو مشارك بشكل أو بآخر في تحوّل هؤلاء الى دواعش ( من اليمين واليسار)

باختصار: كل من يعتقد أن فكره ومبادئه هي المبادئ الصحيحة المطلقة وأنه على حق والبقية على ضلال، فهو داعشي بامتياز وإن اختلفت الضفة التي يقف عليها  !


أيمن يوسف أبولبن

26-9-2016

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

ولنا في البرازيل عِبْرة


في البلاد التي تحتكم لنظام ديمقراطي، وتمتلك مؤسسات دولة مستقلة، تعمل جنباً إلى جنب لخدمة المجتمع والمواطن وتحقيق مصلحة الوطن على حد سواء، تكون الكلمة العليا للقانون والأنظمة والتشريعات، التي تنظم العلاقة بين مؤسسات الدولة بعضها ببعض وبين تنظيمات المجتمع المختلفة وتخضع لها مؤسسات الدولة ومسؤوليها وأفرادها، فتنعدم بالتالي سُبُل خرق هذه القوانين والأنظمة لأيٍ كان، بما في ذلك "أكبر راس في البلد".

   تمثّل لنا هذا النموذج قبل يومين في "البرازيل" حيث تم إقالة رئيسة البلاد "ديلما روسيف" من منصبها بطريقة قانونية وعن طريق تفعيل دَوْر مؤسسات الدولة، دون تشنّجات ولا ردّات فعل غاضبة، رغم إنقسام البلاد بين مؤيد ومعارض، علماً بأن الجُرْم الذي اقترفته لا يتعدى إخفاء معلومات عن قروض دولية وعدم الإفصاح عن موازنة الدولة الحقيقية (عدم الشفافيّة فيما يتعلق بالمصاريف والمديونيّة). وكانت روسيف قد تعرّضت لإنتقادات شديدة بالرغم من إعادة انتخابها عام 2014 وذلك بسبب فشلها في إنهاء الأزمة الإقتصادية في البلاد مع أنها حقّقت نجاحات قياسية في هذا المجال خلال فترة حكمها.

التيار المؤيد لروسيف يقول أن ثمّة مؤامرة سياسيّة تقف خلفها المُعارضة وتؤيدها بعض الدوائر الفاسدة في مؤسسات الدولة نجحت في "الإنقلاب السلمي" على رئيسة البلاد، ولكن الشاهد في الموضوع أن ثمّ نظام سياسي قانوني يخضع له الجميع ويلتزم بقوانينه، وأن هذا القانون يعلو ولا يُعلى عليه.

 في هذه الدول، يأتي رئيس البلاد لخدمة البلد والمواطن لفترة مُحدّدة ومعلومة يلتزم خلالها بالقانون دون أن يحصل على استثناءات أو معاملة خاصة، ويكون عُرضةً للمُساءلة والمُحاججة بل والمُثول أمام القضاء إذا إقتضت الحاجة، ثم يغادر منصبه بعد أن تنتهي ولايته ليعود إلى صفوف المواطنين العاديين، متساوياً في الحقوق والواجبات مع باقي فئات الشعب، في حين يتم تسخير كل مؤسسات الدولة في عالمنا العربي لخدمة السلطة وحاشيتها وتنفيذ مشاريعها الخاصة على حساب مُقدّرات البلاد، وتصبح الدولة بما فيها مُلكاً لشخص ما أو جماعة تتحكم في مصائر البشر عملاً بالقول المأثور "أنت ومالِكَ لأبيك" ويتم تفصيل القوانين والدساتير بشكلٍ مرن وقابل لاستيعاب كل الخروقات والتجاوزات "الشرعيّة" وهو ما يُعرف اصطلاحاً في شارعنا العربي بالقوانين "المطّاطة". المُضحك المُبكي أن الطبقة الحاكمة هذه تتمتع بحصانة ضد النقد والإختلاف في الرأي وكأنها معصومة عن الخطأ !. 


المُفارقة فيما جرى في البرازيل مؤخراً، أن هذه التهم التي تسببت بإقالة رئيسة البلاد بعد أن تم عزلها ومنعها من ممارسة صلاحياتها في أيار الماضي، لا تصلح لمجرد النقاش في المؤسسات القضائية واللجان المُختصّة في دولنا العربية، ولو حاولنا تخيّل هذا المشهد البرازيلي في أحد بلداننا العربية لكان أشبه بالكوميديا السوداء، فالذين وصلوا الى سدّة الحكم على ظهور الدبابات يعيشون في بلادنا آمنين سالمين وتلهج ألسنة الإعلام لهم بالتلبية والفداء ليلاً نهاراً، ناهيك عمّن يذبح أبناء شعبه قرباناً لكرسي الحكم، ومن نهب خيرات البلاد بحُجّة الخصخصة وجلب الإستثمارات..... الخ القائمة الطويلة من خطايا حكامنا ومسؤولينا، فيما تبدو هذه التهم من أنواع الترف السياسي المُبالغ فيه والذي لا يليق بنا !

البرازيل تلك الدولة القابعة في أمريكا الجنوبية التي تعاني الفقر وما زالت تُصنّف من ضمن الدول النامية رغم انها من البلاد الصناعيّة الصاعدة، استطاعت رغم كل الظروف الإقتصادية والسياسية الصعبة، المحافظة على التعددية الفكرية والحزبيّة، وارساء قواعد للعيش المشترك رغم تعدّد العقائد والأعراق لأكثر من 200 مليون نسمة يقطنون البلاد ويعيشون ضمن 27 ولاية مختلفة، فيما ضاقت بنا بلادنا، وعجزنا عن استيعاب إختلافاتنا البسيطة وتناسينا القواسم المشتركة العُظمى التي تجمعنا، فهنيئاً للشعب البرازيلي.

عندما نقول أننا نحلمُ بوطنٍ يقوم على التعدّدية الفكرية ويحقق الحرية لمواطنيه ويضمن المساواة والعدالة لكافة فئات الشعب؛ عندما نقول أننا نحلمُ بدولة مؤسّساتيّة تُعنى بتعزيز النظام الديمقراطي وضمان عدم تجاوز أي مؤسسة لصلاحياتها المنصوص عليها في الدستور، حتى لو كانت هذه المؤسسة هي أعلى هرم في السلطة، وضمان عدم تجاوز أي فرد للقانون حتى لو كان هذا الفرد هو الحاكم ذاته، فنحن لا نطمح في الحقيقة بأكثر مما حققته شعوب دول العالم الثالث خارج منطقتنا الإقليمية، وليس أكثر مما ورد في الأديان السماوية وما وصّى به الأنبياء وبشّر به الفلاسفة وعظماء التاريخ. هذا الحُلم ليس خارجاً عن المألوف وما هو ببدعة، ولا يتطلب منا سوى الإيمان به وبأنفسنا وقدرتنا على تحقيقه.

مارتن لوثر كينج قال ذات يوم ( لدي حُلْم( I have a dream ! ، أحلم أن أرى أبناء هذا البلد من سودٍ وبيض يتشاركون العيش بحرية ومساواة وتجانس. إغتيل مارتن لوثر كينج ولكن حُلْمه لم يُغتال، بل عاش وتحقّق وأصبح واقعاً ملموساً.
شعوبنا العربية قالت ذات يوم أن لديها حُلْماً، ( حرية عدالة ومساواة ) شكّك البعض في الحُلْم وشكّك البعض الآخر في الشعوب نفسها ولم تؤمن سوى فئة قليلة بنفسها وبالحُلْم، وشعارها (إذا أردت أن تأخذ شيئاً فعليك أن تأخذه بذراعيك وكفّيك وأصابعك).

 هذا الحلم سيعيش وسيتحقق، رُغم تشكيك المُشكّكين ورغم تآمر المتآمرين، ورُغم أنف الفاسدين، ولو بعد حين، كونوا واثقين. 

أيمن يوسف أبولبن
4-9-2016
كاتب ومُدوّن من الأردن


للتواصل عبر تويتر @ayman_abulaban