الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

المعجزة الكبرى 2



 القرآن والسنة

   الحلقات الاولى من البرنامج تتحدث عن القرآن الكريم كمعجزة كبرى، وتوضح المنهج الذي يعتمده ضيف البرنامج في فهم القرآن والاعتماد عليه كمنهج مستقل للدين، ومن أهم النقاط التي تم الحديث عنها هو ان القرآن الكريم هو المعجزة المستمرة الى قيام الساعة وهي معجزة الله المكتوبة، والقرآن هو كتاب الله الوحيد الذي نزل بقول الله، واحتوت الحلقات على مواضيع غاية في الاهمية، من الصعب سردها هنا، من أهمها موضوع القرآن والسنة، حيث تناولت الحلقة الرابعة هذا الموضوع بالتفصيل. أنصح الجميع بمشاهدة هذه الحلقات كاملة ، والاستفادة منها .
وهذا هو رابط الحلقات الاربعة الاولى :

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

المعجزة الكبرى 1




 السلام عليكم

     يذاع على قناة دريم المصرية برنامج ديني بعنوان " المعجزة الكبرى " ، ضيف البرنامج هو المهندس عدنان الرفاعي ، سوري الجنسية ، وهو أحد المفكرين المعاصرين.

   البرنامج يتحدث عن القرآن الكريم وإعجازه ، ويتناول عدة مواضيع جوهرية وهامة جدا ، تخص كل مسلم حريص على التفقه في الدين ، عملا بالحديث النبوي الشريف ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )

   البرنامج  تناول عدة قضايا حساسة مثل القرآن والسنة ، و ضرورة مراجعة جميع الروايات والاحاديث الشريفة 
 الروح والنفس 
 خصوصية خلق عيسى 
 حقيقة الموت 
 الناسخ والمنسوخ 
تعدد الزوجات
الشفاعة
 الارادة والمشيئة

   الطرح الذي يطرحه هذا الداعية هو طرح جديد ومعاصر لكيفية استقراء القرآن وإعادة إحياء المفاهيم المتوارثة لدى المسلمين ، وهذا الخطاب هو خطاب خطير جدا و سلاح ذو حدين.

اولا هذا الخطاب يحتاج الى فهم عميق في الدين ، من المتحدث والمتلقي على حد سواء ، وأنا لا أنصح أي شخص غير متعمق في الدين ، في الخوض في هذه القضايا الشائكة ، عليه أن يرتقي أولا بفكره الى مستوى الخطاب كي يتمكن من استيعاب المراد من هذا الخطاب.

هذا أولاً / أما ثانيا ، فإن هدم معتقدات موروثة قديمة ومتأصلة عند أي أمة ليس بالأمر السهل ، وزعزعة الاستقرار الداخلي للنفس البشرية فيما يخص الموروث الديني ، هو أمر خطير جد.
    
ولكن لو نظرنا الى الموضوع من الناحية العقلية ، نظرة تجردية ، فإن الإيمان الحق ينبع من الفهم والإقتناع ومن ثم العمل ، يقول الله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) فالبحث والتجرد والإسهاب في فهم مراد الله ، هو مطلب أساسي كي نستطيع الوصول الى أعلى درجات الإيمان.
    
ولا أجد أبلغ من مقولة سيدنا علي للاستدلال على درجات الايمان العليا:  "لو كشف لي الله الغطاء، فرأيت الجنة والنار ، ما زاد ما عندي من إيمان مثقال ذرة" 
 أي درجة إيمانية وصل لها !؟
   
هذه دعوة لمشاهدة هذا البرنامج ، وفتح حوار نقاشي حول محتوى كل مجموعة من الحلقات.
      
    هدفنا هو الحوار للوصول الى أكبر قدر من الحقيقة والحق ، على أن نتفق ان الحق ليس بحوزة أحد دون آخر ، والحقيقة ليست ملكا لشخص او لجماعة دون الآخرين ، كل منا يمتلك جزءا من الحق ، وعلى الباحثين عن الحق ، فهم الآخر واستيعابه والاستفادة مما لديه من الحق .

   يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج كاملة على الرابط التالي :

السبت، 21 أغسطس 2010

عندما تنظر الى المرآة ماذا ترى ؟



   عندما تنظر الى المرآة، مرآتك الداخلية، تلك التي ترى فيها ما بداخلك، ولا يراه أحدٌ سواك، ماذا تجد ؟ ماذا تَرى ؟ هل ترى انساناً ناجحاً ؟ هل ترى انساناً مبتسماً مقبلاً على الحياة، أم انساناً مُثقلاً بالهمومِ، يفيقُ من نومهِ لأنه ملَّ من كثرةِ النوم، لا ليضيءَ شمعةَ يومٍ جديد.
     
هل ترى انساناً عَرَك هذه الحياة، وأثّر فيها، كان فعّالاً و مؤثراً، أم أنك ترى انساناً عاش على الهامش، على هوامشِ هذه الحياة، وسيبقى إسمه يُذكرُ ، ...... في فهرسِ الهوامشِ بالطبع.

  هل ترى انساناً  راضياً سعيداً بما حقّقه، أم أنك ترى انساناً حزيناً، فَشِل في مُحاورة مرآته الخاصة، وعاش دون أن يفكر يوماً في فتح حوارٍ مع الذات، فشل في أن يُدرِكَ كنائنَ نفسهِ، هل ترى ما يُشبه الإنسانَ، ام تراك تنظر الى شبحٍ  قابعٍ في داخلك، لا تكاد تُظهره، كم من العيوبِ ترى، وكم من العيوبِ تُخفي داخلَ تلك المرآة، هل تستغرق وقتاً طويلاً في الصباح، لتضع الماكياج الخاص بك  !!؟؟
    
هل فكرت يوماً، أن تنزل الى الشارع، بدون ماكياج، حاملاً معك مرآتك الخاصة، عارياً، شاهراً ما بداخلك، ومعلناً لكلِّ الناس عن أعماقك، وكنائنك،عن ضعفك، وفشلك، وخطاياك، هل فكرت في ذلك ؟ تُرى لو فعلنا هذا، لو فعلناهُ جميعاً، تُرى هل سنتقبّل أنفسنا والآخرين، تُرى هل سنُدرك يوماً ولو متأخرين، أننا مجموعة إنسان، لنا ما لنا و علينا ما علينا، و نتقبل أنفسنا بأخطائنا وعثراتنا ونواقصنا، كما ذكر الله في كتابه الكريم في سورة التوبة :
  
"وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102)"

      عندما تأوي الى فِراشك ليلاً، بعد عَناء يومٍ طويل، وتخلو الى نفسك، بماذا تفكر !؟ ما الذي يخطرُ ببالكَ، هل تستعرضُ نشاطات ذلك اليوم، هل تـأتيك الأطيافُ من كل حدبٍ وصوب، لتُعيد الى ذاكِرتك، أحداثَ ذلك اليوم ؟ هل تقومُ بعمليةِ تقييمٍ سريعة وشاملة لما حصل لك في ذلك اليوم، هل تَسعد بالأعمالِ المفيدة التي قدّمتها، و تحزن على هفواتك وعثراتك، هل يستيقظُ ذلك الضميرُ الذي بداخِلك ويؤنّبك، على كل فعلٍ مسيءٍ قُمتَ به، أم تراه يؤنبك على ضياع يومٍ من عُمرك، دون القيام بشيءٍ مفيد، هل تحاكم نفسك يومياً ؟ هل تخيّلت يوماً انك تُحاكم نفسك، بتُهمة إهدار عُمرك !؟ هل وجدتَ نفسك مذنباً بتُهمة " العُمر الضائع " !!؟؟

    ذاتَ يومٍ، بينما كنت أُلملمُ أغراضي أنا وزملائي في العمل إستعداداً لقضاء عُطلة نهاية الأسبوع، قلت لإحدى زميلاتي في العمل، حاولي أن تفعلي شيئاً مفيداً في هذه العطلة، إبتسمت، وقالت ان شاء الله، ولمّا عُدنا إلى العمل في الأسبوع التالي، بادرتُها في السؤال، هل فعلتِ شيئاً مفيداً ؟ فقالت لي : أتدري ، ظللتُ أفكرُ في كلامِكَ، طوال العطلةِ الأسبوعية، وظلَّ الكلامُ يترددُ في ذِهني، وفكّرتُ في عِدة أشياءٍ مفيدة أفعلها، ثم لم أدري ماذا أفعلُ، و قرّرت في النهايةِ، أن أقوم بإعادة ترتيب غرفتي وأشيائي، وقضيتُ يوماً كاملاً في ذلك، قلتُ لها، اذاً قد فعلت شيئاً مفيداً، وقد كان لذلك اليوم معنى لديك، أليس كذلك؟.

    عندما تأوي الى فِراشكَ هذه الليلة بماذا ستفكر ؟؟!! .
  

قالت مـن انت ؟ وقلت مجمـوعة انـسـان
من كل ضـد و ضـد تـلقـيـن فـينـي

فـيـنـي نـهـار وليـل وافراح وأحـزان
اضحك ودمـعـي حـايـر وسـط عينـي

وفينـي بدابة وقـت و نـهــا ية أزمـان
أشـتاق بـاكـر واعـطي أمسـي حنيـني

وأسـقي قلوب النـاس عـشـقٍ وظميـان
وأهـدي حيارى الـدرب واحتـار ويـنـي

واحـاوم صـقور الـهـوا حـوم نشـوان
وأســيّـل الوديـان دمـع حــزيــنِ

فـي عيـني اليمنـى من الورد بـسـتـان
وفـي عـيني اليـسـرا عجـاج الـسـنينِ

تـهـزمنـي النجلا وانـا نـد فـرسـان
واخـفي طـعوني والـمحـبـه تـبـيـنِي

ان مـا عـرفتـيني فــلا نـي بـزعـلان
حتـى انـا تــرانـي احـتـرت فــيني

مجموعة انسان ، شعر الامير خالد الفيصل

أيمن أبو لبن
21-8-2010

الخميس، 15 يوليو 2010

ما رأيك ب " السيستيم " ؟!



   قبل عدة أيام من عودتي الى الوطن، لقضاء إجازتي الصيفية، حاولت كسرَ حالة الملل التي أعانيها، بمشاهدة أحد أفلام هوليوود الحديثة -وما أكثرها-  ووجدت ضالتي في فيلم للمثل الأسمر (صامويل جاكسون) يحمل عنوان Unthinkable ، ولكم أن تختاروا الترجمة المناسبة لعنوان الفيلم، هم أحد أفلام "الأكشن" المثيرة ،وبالفعل كان الفيلم مشيقاً ومثيراً ونجح في كسر حالة الملل التي أعيشها، بل أنه قضّ مضاجعي في تلك الليلة !!!!
 
 تبيّن أن الفيلم الذي وقع عليه اختياري، هو فيلمٌ مُوجّهٌ سياسياً، ويحملُ فكرةً غايةً في الخطورة، لا أريد أن أتعمق في التفاصيل حتى لا (أحرق) الفيلم ،تاركاً لكم فرصة متابعته، ولكنه بإختصار يتناول قضية التعذيب في المعتقلات و السجون، ويطرح وجهتي نظر، متناقضتين تماماً، وجهة النظر الأولى، والتي تتبناها الممثلةُ المساعدة في دور محققة في المباحث الفيدرالية  وهي محققة نزيهة ومتزنة وملتزمة بالقوانين، وتتبنّى مبدأ إحترام حقوق الإنسان، وعدم إستخدام التعذيب في التحقيقات.

   أما وجهة النظر الأخرى فيُجسّدها البطل الريئسي في دور المحقق ذو المهمات الصعبة، وهو أحد المحققين التي تلجأ إليهم المخابرات الأمريكية في القضايا المعقدة، للحصول على المعلومات اللازمة من المعتقلين، بغض النظر عن الوسيلة المتّبعة، بحيث لا تتحمل مؤسسة المخابرات المركزية أية مسؤولية في حالة خرق القوانين، لسببٍ بسيط، يكمن في أن هذا المحقق لا ينتمي بأي حالٍ من الأحوال إلى هذه المؤسسة ولا تربطه أية صلة قانونية بها، فهو محقق مستقل، ويعمل في الخفاء !!

   لا قيود، لا محظور، ولا حدود للتعامل مع هؤلاء المجرمين الإرهابيين (المسلمين)، المهم هو الحصول على المعلومات وبأية طريقةٍ كانت، سواءً بتقطيع الأصابع، أو قلع العيون، أو بإستخدام الكهرباء، أو بقلع الأسنان، أو حتى بتعذيب زوجة و أطفال المتهمين امام أعينهم!! كلُّ شيءٍ مُباح، ما دام ذلك يصب في مصلحة الوطن، وحماية أبناء الوطن !! والمثير للدهشة هو تعايش هذا المحقق مع وظيفته، وتقبّله لها بكل أريحية، بل وإيمانه المطلق بما يفعل !!!

   ونظراً للإبداع الذي يحتويه الفيلم من ناحية الإتقان والحبكة، وهو ما تتميز به السينما الأمريكية عادةً عن غيرها، فإن الفيلم يترك المشاهد حائراً بين وجهتي النظر، ولا يُزيل الغمامةَ سوى في اللحظات الأخيرة من الفيلم، ونظراً لمتابعتي وشغفي بالأفلام الأجنبية، فقد تنبأت بالسيناريو المحتمل للفيلم بعد مشاهدتي للمشاهد الأولى منه، ورأيت أنه سيكون سيناريو رائعاً إن صدق حدسي السينمائي، ويتلخص هذا السيناريو –المفترض- بأن المشتبه به، وهو مسلم أمريكي الجنسية، قد قرر أن يخوض هذه التجربة موهماً السلطات أنه مصدرُ تهديد لأمن أمريكا، دون أن يكون هناك أي تهديد، أو أي عمل ارهابي، مدركاً أنه سيتعرض لكمٍّ هائل من التعذيب والإهانة، وقد يصل به الأمر الى الموت تحت التعذيب، بغرض إيصال رسالة للسلطات الأمنية في البلاد، ولوسائل الإعلام، مفادها أن إحترام القوانين، وإحترام كرامة الإنسان، هو أحد أركان هذا البلد، وهذا الحلم الأمريكي، يجب الإلتزام به، مهما كانت الظروف، ومهما كانت الشكوك والتي قد تصل الى درجة اليقين، وأن الإنسانية يجب أن تبقى هي السمة الغالبة في المجتمع.

   ولكن صانعو الفيلم خذلوني في النهاية، وكرّسوا هذا  للفيلم، لإيصال رسالة غاية في الخطورة، رسالة موجهة للشعب الأمريكي، ولوسائل الإعلام التي ضغطت على الحكومة والمخابرات، ونشرت غسيلهم "الوسخ"، أبان قضية سجن أبو غريب، وأبان فضائح سجن غوانتانامو، ونادت وما تزال تنادي بمحاكمة المتسببين، وبإغلاق سجن غوانتانامو. الرسالة مفادها :
   نحن لا نختار أن نقوم بهذه الأفعال، ولا نحبذ أن نقوم بها، ولكننا نزاولها عند الحاجة فقط، بل ومُرغمين، ولولا هذه الأفعال القذرة التي نقوم بها من أجلكم، لما كنتم تعيشون في أمن وسلام الآن، مستمتعين بأشعة الشمس على شواطىء البحر، وما كان أولادكم يلهون في أمان . لا تدعوا عواطفكم تتحكم بأفعالكم، ولا تصدقوا دموع التماسيح !!!!، فمهما بلغت قساوتنا ووحشيتنا، فأنها لن تصل أبداً الى وحشية هؤلاء الإرهابيين.

   هي محاولة لتبرير الجرائم والوحشية بإسم الوطن، محاولة لتقنين التعذيب، وإستخدام ما لا يخطر بالبال تحت مسمّى " الأمن القومي" .
   الحلم الأمريكي القائم على اساس الحرية والديمقراطية، العدالة و المساواة، القانون الذي لا يتجاوزه أحد، وصيانة الدستور، أثبت خلال السنوات الماضية أنه لا يتعدى مرحلة "الحلم" بل هو وَهمٌ صدقناه، وأقنعنا أنفسنا به، فالحرية يتم إختراقها من أجل الوطن، لا عدالة ولا مساواة، سوى ما تحتويه الكتب والقوانين من كلام موضوع على الرف، والقانون يتم إعادة صياغته لمصلحة الساسة والمتنفذين، والمبررات لكل الأخطاء جاهزة دوماً، والديمقراطية أصبحت وجهة نظر !!!  أما الدعاية الأمريكية، فهي ماكياج زائف، تضعه الإدارة الأمريكية على وجهها كي تخفي قباحتها، تماماً كما تفعل الفنانات في زماننا هذا !!.

   يذكرني هذا بقصةٍ رمزيةٍ وطريفةٍ للغاية، حيث تقوم إحدى كبرى الشركات بإفتتاح مول تجاري ضخم، مختص ببيع الدجاج، وتخصص له ميزانيات ضخمة، ودعاية كبيرة جداً بحيث يصبح حديث الشارع، مما يدفع أحد المواطنين العاديين للذهاب الى المول، وعند دخوله يتفاجأ بروعة المكان ومدى الحرص على النظافة، وأناقة الموظفين، يندفع هذا المواطن نحو أحد الموظفين قائلاً له : أريد شراء دجاجة لو سمحت، فيجيبه الموظف : عفواً سيدي، عندنا هنا نظام لكل شيء، هل تريد دجاجة كاملة أم دجاجة منظّفة ومقطّعة ؟ أبدى المواطن سروره وأجاب : بل دجاجة منظفة ومقطعة، فما كان من الموظف إلا أن ابتسم ابتسامة عريضة وقال : تفضل سيدي الى الطابق العلوي، فنحن هنا نبيع الدجاج الكامل فقط، صعد المواطن الى الطابق الأعلى سعيداً بهذا التنظيم وبهذه الخيارات المتاحة، وتوجه نحو أحد الموظفين قائلاً له : أريد شراء دجاجة منظفة ومقطعة لو سمحت، فأجابه الموظف : عفواً سيدي، عندنا هنا نظام لكل شيء، هل تريد صدر دجاج أم فخذ دجاج ؟ ففرح المواطن وأجاب : بل صدر دجاج، فما كان من الموظف إلا أن ابتسم ابتسامة عريضة وقال : تفضل سيدي الى الطابق العلوي، فنحن هنا نبيع فخذ الدجاج فقط، صعد المواطن الى الطابق الأعلى سعيداً بهذا التنظيم وبهذه الخيارات المتاحة، ظاناً منه أن كل مشاكله مع الدجاج قد ولّت إلى الأبد، وتوجه نحو أحد الموظفين جازما هذه المرة  : أريد 4 قطع صدر دجاج لو سمحت، فيجيبه الموظف : عفواً سيدي ، نحن هنا لا يوجد لدينا صدر دجاج، في الواقع نحن لا نقدم الدجاج إطلاقاً ، ولكن أود أن أسألك : هل أعجبك النظام المتبع لدينا ؟ ما هو رأيك ب " السيستم " ؟؟؟؟!!!!

أيمن أبو لبن
2010-07-15


  

الثلاثاء، 13 يوليو 2010

ذكريات من وحي المونديال



   لمونديال كأس العالم ، طعمٌ خاص، حيث تجتمع أقوى المنتخبات من كافة القارات، لتتنافس على لقب ( بطل العالم )، ورفع الكأس الذهبية الجميلة الخاصة بهذه البطولة، وهي فرصة رائعة  لعشاق كرة القدم لا تتكرر سوى مرة واحدة كل اربع سنوات، للتجمع حول شاشة التلفاز، وممارسة طقوس المشاهدة الجماعية اليومية للمباريات مع الأحباء والمقربين ومتابعة العديد من المباريات الممتعة التي لا تخلو من الإثارة والتشويق وحبس الأنفاس، وهي فرصة أيضاً لتذوق نشوة الانتصار ، ومناكفة الأصدقاء المهزومين !! .

   سأحاول من خلال هذه السطور، المرور سريعا وبشكل موجز، على أهم المحطات، واللحظات المميزة و المواقف الطريفة والنادرة، التي اختزنتها في ذاكرتي، لبطولات كأس العالم التي شاهدتها وتابعتها.

   بدأت معرفتي بكأس العالم مع انطلاقة مونديال عام 1982 في اسبانيا ، كان ذلك اول حفل كروي أتابعه عبر شاشة تلفازنا الملوّن الجديد، حيث استطاع هذا المونديال ان يجذبني اليه بشكل غير مسبوق، وأذكر اني تابعت معظم المباريات حينها، وخصوصا مباريات فريقي المفضل البرازيل، ومباريات الفرق العربية الجزائر و الكويت،  لتصبح متابعة مونديال كأس العالم عادة لصيقة بي منذ ذلك اليوم وحتى الآن، حيث أصبحت مباريات كأس العالم أحد أهم الأحداث الرياضية في حياتي.

  • قبل انطلاقة هذا المونديال شاهدت تقريراً عن مهاجم المنتخب الايطالي باولو روسي، ولم أكن قد سمعت عن هذا اللاعب من قبل، كان التقريرغريباً بعض الشيء، لأن التقرير أشار الى أن اللاعب الايطالي روسي كان عائداً حديثاً من فترة ايقاف لمدة سنتين بسبب ضلوعه في فضيحة تلاعب بنتائج إحدى المباريات في الدوري المحلي، وتم ضمه الى المنتخب الايطالي نظراً للموهبة التي يتمتع بها وبغض النظر عن ماضيه، وتساءل مُعدّ التقرير عما اذا كان نجم هذا اللاعب سيسطع في المونديال ام انه سيكون نقمة على المنتخب؟  وكان باولو روسي نجم المونديال بلا منازع، وكان السبب الرئيسي في فوز ايطاليا بكأس العالم ( برغم جميع سوابقه) ونال لقب هداف البطولة ايضا ليتحول من مُدان الى بطلٍ قومي.
  • قام المنتخب البرازيلي بجولة في قارة اوروبا تحضيراً لمباريات كأس العالم، والتقى فيها بأقوى الفرق الاوروبية وأذكر منها المنتخب الانجليزي، وفاز المنتخب البرازيلي في جميع المباريات وبفارق كبير من الأهداف، وكان هو الفريق المرشح من قبل جميع النقاد للفوز بالبطولة، وكان يضم في صفوفه أفضل النجوم على الإطلاق أمثال زيكو وفالكاو وسقراط وجونيور وايدر.
  • تزامنت البطولة مع شهر رمضان الكريم، ومع الغزو الاسرائيلي للبنان، وكان النهار مقسوما بين نشرات الأخبار الإذاعية، وبين متابعة المونديال، والإعداد لوجبة الإفطار، وكانت السهرات الرمضانية عامرة بالحديث عن السياسة والحرب، وأخبار المونديال، وارتفاع درجة الحرارة، ومعاناة الصائمين.
  • شارك في هذا المونديال 24 فريقا لأول مرة في تاريخ كأس العالم بدلا من 16 فريقا، مما أضفى جمالاً للبطولة والتي تعد من أفضل بطولات كأس العالم على الأطلاق.
  • كنا نتابع المباريات عبر محطات التلفزيون الارضية، التلفزيون الأردني والسوري، وكان نقل المباريات مجانياً مما سهل عملية انتشار اللعبة، وارتفاع شعبيتها ووصولها الى بيت كل مواطن بيسر وسهولة، لا أذكر ان كان هناك تعليقاً عربياً مباشراً من أرض الملعب، ولكني أذكر صوت المعلق السوري الراحل عدنان بوظو الذي كان مميزا للغاية ، وكان من عشاق السامبا البرازيلية.
  • المباراة الاولى للفريق البرازيلي كانت ضد الاتحاد السوفياتي، وأذكر أن والدي رحمه الله، كان متحمساً جداً للفريق السوفياتي، برغم انه من المناصرين للفريق البرازيلي ( بالفطرة )، ويعود السبب في ذلك الى أن الاتحاد السوفياتي كان متعاطفا مع قضية فلسطين والعرب وخصوصا في حرب لبنان، وكان قد طالب اسرائيل بوقف الحرب على لبنان والانسحاب منها، بل أنه هدد اسرائيل بأنه سيستخدم القوة ان لزم الأمر لإجبار اسرائيل على انهاء الحرب، وكان لهذا الأمر مفعول السحر على عواطف الناس حينها، لينعكس ذلك على تشجيع الفريق السوفياتي بحرارة، ولكن البرازيل فازت في النهاية 1 – 2.
  • الفريق البرازيلي لعب بدون حارس مرمى، بمعنى أن وجوده وعدم وجوده سيّان، حيث كان مستوى حارس المرمى لا يتعدى مستوى لاعب هاوي في حارات أي بلد ( هاوٍ )، وكانت الكرات المسددة على المرمى البرازيلي جميعها خطيرة، ان لم تترجم الى هدف، بسبب أخطاء حارس المرمى، وكان مركز حارس المرمى غير مرغوب فيه من قبل اللاعبين البرازيليين آنذاك، حيث كانوا يفضلون اللعب في مركز خط الهجوم او الوسط، وكان سوء مستوى حارس المرمى هو السبب الحقيقي لخروج البرازيل من المونديال بدون تتويج، بالاضافة الى تواضع الأداء الدفاعي، رغم التفوق الهجومي الواضح للبرازيل وقتها.
  • الفريق الجزائري قدم مستويات رائعة وفاز في الافتتاح على الفريق الألماني، ولكنه تعرض لمؤامرة من قبل الجارتين (المانيا والنمسا)، أدت الى خروجه من الدور الأول، لتقوم الفيفا لاحقاً بتعديل توقيت المباريات الأخيرة في الدور الأول لتقام في نفس الوقت، في محاولة لمنع التلاعب بالنتائج، وكانت هذه واحدة من أكبر فضائح بطولات كأس العالم.
  • فوز الجزائر في المباراة الاولى أمام المانيا كان مفاجأة البطولة وحديث الشارع، وتحول نجوم المنتخب الجزائري الى أبطال حقيقيين في الشارع العربي، ومنهم رابح مادجر والأخضر بللومي، والحارس سرباح. عموماً الجزائر قدمت أداءاً مشرفاً ، فازت في مباراتين وخسرت واحدة امام النمسا.
  • فريق الكويت كان اداؤه سيئاً في البطولة، وتعرض لخسارتين امام انجلترا وفرنسا، وحقق تعادلا وحيدا مع تشيكوسلوفاكيا، ومن المواقف الطريفة في مباراة الكويت وفرنسا، التي كان حاضراً فيها وزير الرياضة الكويتي الشيخ فهد الأحمد الصباح، حيث كانت النتيجة تشير الى تقدم فرنسا 1 – 3، وما لبثت ان سجلت فرنسا هدفاً رابعاً، احتج اللاعبون الكويتيون على هذا الهدف بحجة أنهم سمعوا صافرة من المدرجات قبل انطلاقة اللاعب الفرنسي بالكرة وتسجيله للهدف، حيث اعتقدوا انها صافرة الحكم، وتوقفوا عن اللعب معتقدين ان اللاعب الفرنسي في موقف تسلل، الا انه تابع الكرة وسجل هدفا، وقام الحكم باحتسابه، وتوقفت المباراة نتيجة الإعتراض، وانسحب اللاعبون من أرض الملعب، ونزل الشيخ فهد الى أرض الملعب في حادثة فريدة من نوعها، وأعترض على الهدف بشدة، وبعد التشاور، قرر الحكم الغاء الهدف مُسجلاً سابقة فريدة في تاريخ كأس العالم لتنتهي المباراة 3 – 1 !!!، الا أن الفيفا بعد ذلك ثبّت الهدف في نتائجه الرسمية وغرّم الاتحاد الكويتي، وطرد الحكم من المونديال ....... لا تعليق !!!.
  • كان الجميع يترقب مارادونا، وماذا سيفعل في هذه البطولة، الا أن الارجنتين "بطلة النسخة السابقة" خسرت في الافتتاح امام بلجيكا، وتأهلت الى الدور الثاني بصعوبة، وخرجت دون ان تقدم شيئاً يُذكر، وكذلك فعل نجمها مارادونا، الذي ودّع المونديال بالكرت الأحمر في مباراة البرازيل و الارجنتين لتعمده الخشونة، والطريف في الأمر أن مدرب البرازيل ( تيلي سانتانا ) وهو أحد أفضل المدربين على مستوى العالم في القرن الماضي، عندما سأله أحد الصحفيين قبل المباراة عن اسم اللاعب الذي سيوكل له مهمة مراقبة مارادونا، اجاب انه لن يخسر مجهود لاعب برازيلي من أجل مراقبة مارادونا، وأضاف أن مارادونا لن يخضع لمراقبة استثنائية، واذا كان مارادونا لديه ما يقدمه فليقدمه، فنحن لدينا ما نقدمه ايضاً، وبالفعل كان ذلك، حيث سحقت البرازيل غريمتها الارجنتين بالثلاثة في واحدة من أجمل مباريات البطولة.
  • مباراة البرازيل وايطاليا ، والتي فاز فيها الطليان 2 – 3 وأدت الى خروج البرازيل بفضل ثلاثية باولو روسي، لم تُبث على شاشات التلفزيون العربية، سواءً على تلفزيوننا الأردني، او تلفزيون جارتنا سوريا، لأن حكم المباراة يحمل الجنسية الاسرائيلية، واضطررنا حينها أن نتابع المباراة على شاشة التلفزيون الاسرائيلي، كان ذلك أبان المقاطعة العربية لاسرائيل ، قبل ان نتحول الى التطبيع !!!!
  • مباراة ايطاليا والبرازيل بدأت بدايةً نارية، تقدمت ايطاليا سريعاً بهدف لروسي من خطأ مشترك بين الدفاع والحارس في الدقائق الأولى للمباراة، وبعد عشرة دقائق حقق سقراط ( الطبيب ) هدف التعادل من كرة زاحفة وضعها على يسار زوف من زاوية صعبة، ثم ما لبث الدفاع البرازيلي أن أهدى ايطاليا هدفاً ثانياً لينتهي الشوط الاول بتقدم ايطاليا 1 – 2. بدأ الشوط الثاني بهجوم كاسح من الفريق البرازيلي لتحقيق التعادل الذي يكفيه للانتقال الى المباراة نصف النهائية، قابله دفاع مستميت من ايطاليا وتألق كبير لحارسها زوف الذي تصدى لأكثر من هدف محقق للبرازيل، ناهيك عن مساعدة القائم والعارضة، وكان هذا الشوط أشبه بلعبة ( الجول الانجليزي ) التي كنا نلعبها في الحارات الشعبية، والتي يكون فيها مرمى واحد فقط، وبالفعل كانت الكرة لا تغادر ملعب الطليان، ولم يكن الطليان قادرين على الاحتفاظ بالكرة، وكل كراتهم كانت مشتتة. استطاع فالكاو أن يسجل هدفاً رائعاً من تسديدة بعيدة ليضع البرازيل على بعد لحظات من التأهل، وفي الدقائق العشر الأخيرة ومن ضربة ركنية ، أخطأ حارس المرمى البرازيلي في التقاط الكرة لتصل سهلة الى باولو روسي غير المراقب ليضعها في الشباك هدف الفوز لايطاليا.
  • دينو زوف الايطالي كان أفضل حارس في البطولة، وكان قد بلغ الأربعين من العمر، وكان ينافسه الحارس الألماني شوماخر.
  • حصان البطولة كان الفريق الفرنسي، برغم خسارته في مباراته الاولى مع انجلترا، الا انه انتفض وقدم مستويات رائعة، ولمع نجم ميشيل بلاتيني، وجيريس وتيجانا، وكانت هذه البطولة بمثابة مولد مُنافس جديد على مستوى الكرة العالمية، منتخب اوروبي أنيق للغاية في أدائه، واستطاع الفرنسيون الوصول الى نصف النهائي حيث التقوا مع المانشافت الألماني الذي كان يضم رومينجه و روبيش وليتبارسكي، في واحدة من امتع مباريات البطولة، وبعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل بهدف، تقدم الفرنسيون بثلاثة أهداف لهدف في الوقت الإضافي، وعندما شعر الجميع أن المباراة انتهت لصالح فرنسا، عاد الألمان من بعيد وحققوا التعادل، ليقف الحظ الى جانبهم في ركلات الترجيح ويتمكنوا من بلوغ الدور النهائي، وشهدت هذه المباراة حادثة مؤسفة تمثلت في التحام الحارس الآلماني ( شوماخر ) مع أحد المهاجمين الفرنسيين بطريقة عنيفة جداً ومتعمدة أدت الى غياب اللاعب الفرنسي عن الوعي وكادت أن تودي بحياته، ولم يتخد الحكم أي إجراء بحق الحارس برغم اعتراضات اللاعبين الفرنسيين وأعضاء الجهاز الفني، واستهجان الجمهور، وأحتلت صور هذه الحادثة مساحات كبيرة في وسائل الإعلام بعد المباراة .
  • الفريق الفرنسي المشارك في هذه البطولة واصل تألقه بحصوله على بطولة اوروبا بعد عامين، بفضل تألق لاعبه ميشيل بلاتيني، اللاعب الأنيق، رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم حاليا.
  • البطولة شهدت أسرع هدف في مباريات كأس العالم، وكان هدف انجلترا الأول في مرمى فرنسا في الدقيقة الاولى من المباراة، والتي انتهت بفوز انجلترا 1 – 3.
  • الفريق الانجليزي الذي ضم العديد من النجوم على رأسهم النجم كيفن كيجان خرج من البطولة برغم أنه لم يتعرض الى أي هزيمة، هل تصدقون !!! الدور الثاني كان يقام على نظام المجموعات، حيث تضم كل مجموعة ثلاثة فرق، وقعت انجلترا في مجموعة واحدة مع المانيا واسبانيا، وانتهت مباراتي انجلترا بالتعادل، الا أن الفريق الألماني تأهل بسبب فوزه على الفريق الاسباني المضيف.
  • الغائب الأكبر عن هذه البطولة كان الفريق الهولندي صاحب الكرة الشاملة، الذي أبدع في البطولتين السابقتين وأبهر العالم بادائه الجميل، حيث وصل الى المباراة النهائية في البطولتين وخسر مرتين متتاليتين أمام مسضيف البطولة، واحتاج الفريق الهولندي الى عشرة سنوات كاملة لإعادة بناء فريقه من جديد بعد انجاب جيل جديد من اللاعبين المبدعين أمثال فان باستن، خوليت، رايكارد، وكويمان الذين استطاعوا تحقيق اول بطولة كبرى لبلادهم عام 1988 الا وهي بطولة اوروبا.
  • برغم الأداء الباهت لايطاليا في الدور الأول وتأهلها بفارق الأهداف عن الكاميرون في أضعف مجموعات البطولة فنياً، والتي انتهت جميع مبارياتها بالتعادل ، تخيلوا !!! الا أن ايطاليا فجرت مفاجأة بفوزها على الارجنتين في الدور الثاني، واكملت المفاجأة بالفوز على البرازيل، لتصل الى المباراة النهائية بعد تفوقها على بولندا الضعيفة، وتحرز اللقب على حساب الألمان، وضم المنتخب الايطالي نجوماً عدة أبرزهم تاراديللي، وبيرغومي، وجنتيللي، وانطونيوني، والتوبيللي.
  • المباراة النهائية شهدت تفوقاً واضحاً للطليان على حساب الألمان، وأنتهت بفوز الطليان 1 – 3، والمُفرح في الموضوع، أن المنتخب الإيطالي أهدى كأس العالم للشعب الفلسطيني بسبب العدوان الاسرائيلي عليه والذي تزامن مع اقامة بطولة كأس العالم ، شكراً لايطاليا.
  • فرحة اللاعب تاراديللي بتسجيله هدفاً جميلاً في المباراة النهائية، كانت شيئاً مميزاً للغاية، حيث انطلق في أرجاء الملعب صارخاً فاتحاً ذراعيه، وتعابير الفرح والبكاء على وجهه، كانت هذه بالفعل لقطة المونديال.
  • كانت البرازيل الأفضل أداءاً والأمتع والأحلى، وكانت فاكهة البطولة بالفعل، سجلت خمسة عشر هدفاً من أجمل أهداف كأس العالم على الإطلاق، في خمسة مباريات لعبتها، وحققت معدلاً تهديفياً وصل الى ثلاثة اهداف في المباراة الواحدة، وما زالت هذه الأهداف عالقة في ذهني، كما هو الحال مع جميع من تابع هذه البطولة الرائعة بالفعل.

أيمن أبو لبن
13-7-2010